هذا الحبيب 122 – معركة بدر الكبرى – الجزء الثاني
___
بعد أن صف صلى الله عليه وسلم أصحابه ، صفوف متراصة و ربط المعسكر بالسماء لا بقيادات الأرض
قال لأصحابه : لا تحملوا عليهم حتى آمركم
[[ أي لاتقاتلوهم حتى آمركم ]]
فإن أكتنفوكم
[[ أي باغتكوم هجوم عليكم فجأة ]]
فانضحوهم النبل فإن الخيل لا تُقبل على النبل ، ولا تسل السيوف حتى آمركم
__
ثم دخل على العريش يدعو ويناجي ربه
فمازل يدعو ، اللهم وعدك الذي وعدتني
إن تغلب هذه الفئة بالأرض ، لن تعبد فمازل يدعو حتى رأى جبريل على رأس الملائكة ، يقود عنان فرسه قد نزل إلى أرض المعركة بألف من الملائكة
قال تعالى :
{{ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ ۚ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }}
أرءيتم
( وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ )
صحيح الملائكة نزلت
ولكن مع ذلك النصر من عند الله
[[ أي من غير الملائكة الله قادر على نصركم ، ولكنكم بشر تعتمدون على المحسوس والملموس فرؤية النبي للملائكة وقد أخبر أصحابه والصحابة يثقون بنبيهم محمد ، زاد ذلك في عزيمة المسلمين في المعركة وثبت أقدامهم وكانت بشرى لهم لتطمئن قلوبهم ]]
____
بدأت المعركة
وقد بدأ الهجوم من قبل المشركين ، وكان تحكم المسلمين في مصدر الماء يغيظ المشركين جدا
فخرج من قريش أحد فرسانهم المشهورين وهو
{{ الأسود بن عبد الأسد}}
وكان رجلا شرسا سيء الخلق
وكان شديد العداوة لرسول الله
[[ وجاء أنه أول واحد يوم القيامة يعطى كتابه بشماله هو الأسود بن عبد الأسد ]]
وأقسم ليشرب من الحوض أو أن يهدمه
فصرخ وقال: أعاهد الله لأشربن من حوضهم ، أو لأهدمنه ، أو لأموتن دونه
فانطلق إلى اتجاه حوض المسلمين
فتصدى له
{{ حمزة اسد الله ورسوله }}
وتبارزا ، وضربهُ حمزة ضربة أطاحت ساقه فطارت ساقه قبل أن يصل للحوض
فوقع على ظهره وساقه تنزف دماً ، فأخذ
{{ الأسود}} يزحف حتى يصل إلى الحوض ، ويبر بقسمه ، فضربه حمزة ضربة أخرى قضت عليه ، قبل أن يصل إلى الحوض
وأقبل نفر من قريش حتى وصلوا للحوض
فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه : دعوهم
فشربوا منه ، وكان من بينهم
{{ حكيم بن حزام }}
أتذكرون هذا الاسم تكون عمته السيدة خديجة ، الذي أهداها زيد بن حارثة ، والذي كان يهرب لهم الطعام في حصار شعب أبو طالب
كل الذين شربوا من الحوض قتلوا يوم بدر ، إلا
{{ حكيم بن حزام }}
فإنه لم يقتل
ثم أسلم بعد ذلك ، وحسن إسلامه ، فكان إذا أراد ان يحلف يمين
يقول
{{ لا والذي نجاني يوم بدر }}
____
ما إن سقط {{ الأسود }}
حتى خرج عتبة بن ربيعة
وأخوه شيبة بن ربيعة
وابنه الوليد بن عتبة
وكان الثلاثة من أبطال قريش
كان عتبة مثلا من ضخامته ، ومن ضخامة رأسه لا يجد خوذة يضعها على رأسه ، فكان يقاتل بلا خوذة
فلما توسطوا بين الجيشين طلبوا
{{ المبارزة }}
وكانت هذه هي العادة في الحروب في ذلك الوقت
[[ هي أن تبدأ بالمبارزة ، وكانت نتيجة هذه المبارزة لها تأثير كبير في رفع أو خفض معنويات الجيش ، وكانوا يتفائلون أو يتشائمون بنتيجة المبارزة، ولذلك كان يتصدى لهذه المبارزة دائما الأبطال من كل فريق ]]
لا قتال من غير مبارزة
فخرج إليهم ثلاثة من الأنصار وهم
عوف بن الحارث
وأخوه معوذ بن الحارث
وعبد الله بن رواحة
وكان عوف ومعوذ ابنا الحارث صغيراً بالسن
ولكن كانا وعبد الله بن رواحة من أشد الصحابة حماسة للقتال، وحبا للشهادة
فقالوا لهم : من أنتم
قالوا: رهط من الأنصار
فقالوا : كفءٌ كرام
[[ أي أنتم قدها وجديرين بالمبارزة ]]
كفءُ كرام ، ولكن ما لنا بكم حاجة ، يا محمد أخرج لنا أكفاءنا من بني عمنا
[[ سبحان الله يريدون سفك دماء أولاد عمهم ، الكفر فيه غضة لا يعرف حق قرابة ولا رحم ، لذا عاملهم المسلمون بالمثل ..السيرة للتأسي لا للتسلي كم يعاملكم عدوكم عاملوه ]]
____
فلما قالوا نريد أكفاءنا من بني عمنا
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم
قم … يا حمزة بن عبد المطلب
{{ عمه }}
قم … يا علي بن ابي طالب
{{ ابن عمه }}
قم … يا عبيدة بن الحارث
{{ ابن عمه }}
فقاموا وتقدموا إليهم واصطف الفريقان
فقال حمزة : أنا حمزة بن عبد المطلب
وهذا عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب
وهذا علي بن أبي طالب بن عبد المطلب
أقرب الناس ، لرسول الله
[[ كلهم من بني عبد المطلب جد النبي ]]
فهل نحن أكفائكم ؟؟
قال عتبة : أجل اكفاء كرام
فتقدموا الثلاثة للمبارزة
بارز حمزة … شيبة
وبارز علي … الوليد
وبارز عبيدة … عتبة
حمزة وعلي لم يمهلا خصميهما طرفة عين
فما هي إلا رفعة سيف ونزلة ، حتى أطاح كل واحد بخصمه
فضجت ساحة المعركة بالتكبير ، كبر المسلمون
أما عبيدة الذي بارز عتبة
فجرح كل واحد صاحبه ، فحمل حمزة على خصم عبيدة فأجهز عليه وقتله
[[ ولذلك انتقمت بنته
{{ هند بنت عتبة }}
من حمزة يوم غزوة أحد ، لأنها علمت أن الذي قتل أباها في بدر هو حمزة ]]
نقطة هامة جدا في بداية المعركة المبارزة ، رفعت معنويات المسلمين، وأحبطت المشركين
___
انتهت المبارزة وأخذ المشركون قتلاهم
وحمل حمزة ، عبيدة جريحاً ، يسيل مخ ساقه وأتى به إلى معسكر ، النبي صلى الله عليه وسلم
فلما رآه النبي أفرشه قدمه
[[ أي مد قدمه ليضع عبيدة رأسه وخده عليها حتى لا توضع على الرمال الحارة ]]
فنظر عبيدة بن الحارث لوجه النبي صلى الله عليه وسلم
وذرفت عيناه بالدموع
و قال : يارسول الله ما بكيت جزعاً من الموت ، وإني لأعلم أنها الشهادة
ولكن تذكرت أبا طالب وقصيدته يوم الشعب
إذ يقول :
كذبتم وبيت الله نبزي محمدا
**
ولما نقاتل دونه ونناضل
ونسلمه حتى نصرع حوله
**
ونذهل عن أبنائنا والحلائل
وددت يا رسول الله ، لو أن أبا طالب حي
ليرى أني أحق منه بقوله هذا
فلا والله لا يصلوا إليك ، وفينا عين تطرف
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: {{ أشهد أنك شهيد }}
[[ مع أنه لم تفارقه روحه في أرض بدر توفى وهم راجعين بعد المعركة بالطريق إلى المدينة ]]
___
ورجع الرسول ساجداً ، باب العريش
يقول : يا حي يا قيوم ويدعو الله
حتى جاء علي
وقال : يارسول الله لقد اكتنفنا القوم
[[ أي هجموا علينا ]]
فوقف ينظر فإذا بجبريل على رأس الملائكة
فقال لأصحابه : قوموا إلى جنة عرضها السموات والارض،
فوالذي نفسي بيده ، لا يقاتلنهم اليوم رجل فيقتل مقبل غير مدبر محتسباً ، لله صابراً ، إلا أدخله الله الجنة
فأخذ صلى الله عليه وسلم حفنة من الحصى من الأرض وألقاها في اتجاه المشركين وهو يقول
{{ شاهت الوجوه }}
ثم صاح في المسلمين
شدوا
[[ يعني اهجموا بقوة ]]
فانطلق المسلمون كالسيل وهم يصيحون أَحَد أَحَد
هجمت قريش
وكان فرسان المسلمون في المقدمة
فلما اقترب جيش المشركين بفرسانهم
استقبلهم المسلمون بالسهام
كما أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك
ثم استقبلوهم بالحراب
وسبب ذلك إرباكا شديدا لجيش مكة ، وكسر حماسهم في بداية المعركة
صليل السيوف في كل مكان ، الغبار يغطي أرض المعركة
التحم القتال وتعانقت السيوف
__
عندما أخذ صلى الله عليه وسلم حفنة من الحصى من الأرض وألقاها في اتجاه المشركين وهو يقول
{{ شاهت الوجوه }}
حفنة بحص من يد رسول الله خير من كل أسلحة هذا العصر
كل الأسلحة المتطورة ،
لم تفعل كما فعلت حصبة واحدة في يد رسول الله
أخذ الحصبة وقرأ ما شاء الله له ان يقرأ من القرآن
{{ القرآن له أسرار عظيمة ليتنا نفهمها }}
ودعا ربه ثم ألقى بحفنة التراب
وهو في باب العريش في الجهة التي فيها المسلمون
وسماها الله عدوتين
{{ العدوة الدنيا والعدوة القصوى}}
الرسول بالعدوة القصوى
وبينه وبين قريش وادي ، وقريش بالطرف الثاني
هل يعقل أو يصدق أن هذه الحفنة ستصل لألف قرشي وتصيب عين كل واحد منهم ؟
ولكن أخذ بالأسباب
أخذ الحفنة من الحصب ونثره على قريش وقال :
{{ شاهت الوجوه }}
ما من رجل من قريش إلا قال شعرت الرمال تدخل في عيني قبل المعركة ، وأخذوا يفركون عيونهم
وقال من أسلم منهم بعد ذلك
انهزمنا يوم بدر ونحن نسمع صوتا كوقع الحصى في الطاس
[[ كيف لما ترمي حجرة داخل طاسة بلاستك فمثل مطر من حصى ينزل ويصدر صوت مرعب ]]
فشعرنا ذلك في أفئدتنا ومن خلفنا [[ كانوا يشعروا صوت الحصى الذي رماه الرسول يقع في قلوبهم ومن حولهم ]]
وكان ذلك من أشد الرعب علينا.
وحتى لا تكون اساطير ، واين الدليل ؟؟
أثبتها الله هنا في القران الكريم
قال تعالى :
{{ فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ ۚ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ ۚ وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }}
أنت رميت يارسول الله ، واخذت بالأسباب ، وأنا الله الذي اوصلت لترى أثرها في عين كل مشرك
لماذا ؟؟
{{ لأ نه ربط الاتكال على الله قبل ان يخوض المعركة }}
أما من اتكل على عدوه
{{ يا طالب النصر من اعداك مت كمداً كطالب الشهد من أنيابِ ثُعباني ، يا قارئ العلم بين الجاهلين خطأً كواقدِ الشمع في صالاتِ عمياني }}
للأسف
[[ اليوم يتوسل المسلمون في أمريكا من أجل فلسطين ]
تستجيرون بالأمريكان على اليهود ، وهل اليهود إلا امريكا وهل أمريكا الا اليهود ؟؟ ]]
النبي استغاث بالله فاوحى اليه
{{ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ }}
وخاطب الله الملائكة بالقران
يعلم الملائكة ماذا يصنعون ؟؟
الملائكة ما بتحارب وملك واحد من الملائكة لو يأذن الله له لدمدم هذه الارض كله على من عليها
ولكن الله اراد ان يكون دور للمؤمنين ، بتأيد من الملائكة
{{ إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا ۚ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ }}
وإذ يوحي ربك للملائكة اني معكم
اول بند معية الله ، اذا معية الله مش موجودة حتى الملائكة ما بينفعوا للمعركة
هو معهم بعلمه وإرادته ونصرته وقدرته ، يطمئنهم
يا ملائكتي أنا معكم
{{ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا ۚ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ }}
الله يأخذ دور في المعركة
الملائكة تاخذ دور
انتم يا ملائكة ثبتوا الذين آمنوا
إما إنانا الله العلي العظيم ، سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب
ثم يعلمهم
{{فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ}}
كل بنان
[[ أي أصابعهم ]]
كي تسقط منهم السيوف ثم يأسروا
من الذي يدير المعركة ؟؟
إنه
{{ الله جل في علاه }}
هو الذي يدير المعركة ، لتعلم الأمة كلها ، أن الذي مع الله لا يهزم أبدا أبدا أبدا
الموضوع عقيدة ، إيمان وأخلاق محبة وصدق
[[ مش لحية للصرة ، ومسواك بالإيد ، ونسمي أسماء براقة أبو جعفر أو البراء أبو المعتصم ، وندعي الإيمان والتقوى ، ونسفك الدماء على جنب وطرف ، ولا نعرف الله ولا رسوله ، وإذا وقع أسير بأيدنا نحرقه ، وهزيمة تلحقها هزيمة وتشويه لمفهوم الدين ]]
____
وكان النبي صلى الله عليه وسلم ليس مشرفا على المعركة فقط
يقول أبو بكر فما راعني إلا والنبي يسل سيفه
ويثب في درعه
[[ أي ينهض إلى المعركة ]]
وهو يصيح ويقول
{{ سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ }}
يقول أبو بكر :_والآية نزلت ونحن في مكة فوالذي بعثه بالحق ما علمت تؤيها إلا يوم بدر
نزلت الاية في مكة
وتحققت في بدر فإن الله لا يعجل لعجلة احد
[[ معركة الحجر والشجر أتية حقا وقريب،وسيسمع الجل منكم لا الكل فإن الأعمار بيد الله يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي ورائي فتعال فاقتله ]]
اللهم اكرمنا لذلك اليوم واجعلنا ممن يناديه الحجر والشجر
يجب أن يكون يقيننا بما قال رسول الله :
{{ أعظم من يقيننا أين نقف وأين نجلس }}
__
هذه ثقتنا بالنبي ، وإلا لماذا نتاول السيرة ؟؟
أنا أكتب السيرة لنقتدي لا لنقرأ رواية وقصة
ينبغي أن يعلم المسلمين حقيقية دينهم
وهي أننا لان نرتبط بهذا النبي العظيم ، صلى الله عليه وسلم
وأن نثق بما أخبر به ، عندها تكون لنا المرجعية
والحمد لله الذي جعل لنا مرجعية كتاب الله ورسوله
يوم بدر أعظم درس للأمة كلها
اليوم نقول نحن قليل نحن ضعاف القوة بيد عدونا ؟؟
يا أخي لو صارت معركة بينا وبين قوة عظمى وين الغطاء الجوي اللي بيحمينا ؟؟
وين المقاومات الارضية ؟؟
مين يرد على أسطورات البحر وحاملات الطائرات ؟؟
تذكرون كل هذا ولكن للاسف
نسيتم {{ الله }}
لم تعرفوه حق المعرفة ، غرتكم الحياة الدنيا ومتاعها ، فنسيتم الله فأنساكم انفسكم
نسيتم
{{ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا }}
هكذا بدأت معركة بدر بهذا الحماس والإيمان المطلق بالله ، والتوكل عليه والأخذ بالأسباب
اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد
يتبع الحلقة 123 …