السَّلامُ عليكَ يا صاحبي 22

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي 22

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي
ألقوا الأمر على كاهلكَ مرَّةً أخرى، وقالوا : أنتَ لها!
أنتَ الذي تعرفُ أنك بالكاد تصلحُ لقيادة نفسكَ، تسأل الآن: كيف أقودُ النَّاس!
يشهدُ الله أنكَ ما سعيتَ، ولم تكُنْ راغباً، كنتَ دوماً ترى المسؤولية تكليفاً لا تشريفاً، وأن القائد خادمٌ لا سيِّد! ولكن على ما يبدو أن قدر الإنسان أن يُكبَّل بالأغلال التي يُحاول أن يفكَّ نفسه منها، يا صاحبي إنَّ ما تهربُ منه يتبعُكَ!

الجميعُ يُهنِّئكَ، بينما أنتَ تبحثُ عمَّن يُعزيكَ!
الأمانة ثقيلة يا صاحبي، عرضها اللهُ على السماوات والأرض والجبال فرفضنَ أن يحملنها، ثم ها أنتَ تحملها، يا لكَ من ظلومٍ جهولٍ!

تُحاولُ أن تُعزي نفسكَ بنفسكَ
تتذكرُ قولكَ القديم بأن الله لا يضعُ ثماراً على غصنٍ لا يستطيعُ حملها
فما دامَ قد حمَّلكَ هذا الأمر فأنتَ تستطيع
لا تِجد الآن عزاءً غير : إنَّ الله إذا كلَّفَ أعانَ!

وفي دعاء عمر بن الخطاب عزاءٌ لكَ أيضاً
اللهمَّ إني لا أسألك خِفَّة الحِمل، ولكن قوَّة الظهر
فتدعو على طريقة الفاروق الأثير على قلبك
يا الله، أنتَ صاحب الأمر، وأنا ليس لي من الأمر شيء
أبرأ من حولي وقوتي إلى حولكَ وقوَّتك
أنا التائه إن لم تدلَّني
والحيران إن لم ترشدني
والقاسي إن لم تُليِّني
فكُن معي، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عينٍ
فإنكَ إن خلَّيتَ بيني وبين نفسي أهلكتها وأهلكتُ الناس!

ثم تعالَ إلى هنا، اِجلسْ واسمع مني أُحدِّثك
ما المرءُ دون قضية يا صاحبي
إن قيمتنا الحقيقة بقدر ما نلتزم لا بقدر ما نتخلى!
التخلي سهل، يجيده الجميع، ويحترفه الجبناء
التمسُّك هو الصّعب، ولكن في الصعب قيمتك
ثم لِمَ تستصعبُ الأمر، ليسَ عليكَ إلا المسير
فإن متَّ فقد قدمتَ عذركَ إلى الله ، لا شيء أنبل من أن يموت المرءُ في سبيل قضية يُؤمن بها!
وإن بقيتَ فإن حلاوة الوصول سترمم كل تعبٍ
فتشبَّثْ بيديكَ ونواجذك ولحمكَ وعصبكَ
والسلام لقلبك ❤️