السَّلامُ عليكَ يا صاحبي 42

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي 42

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي
كنتُ أقرأُ البارحة في كتاب صيد الخاطر لابن الجوزي، واستوقفني قوله:
كان أحد الأغنياء كثير العبادة، فطالَ عليه الأمدُ فعصى ربَّه
فما زالتْ نعمته، ولا تغيَّرتْ حاله
فقال: يا رب، تبدَّلتْ طاعتي وما تغيَّرتْ نعمتُكَ
فهتفَ به هاتفٌ في المنام : يا هذا
لأيامِ الوصال عندنا حُرمة، حفظناها نحن وضيَّعتها أنتَ!

يا له من ربٍّ يا صاحبي، يا له من ربٍّ
يحفظُ العهدَ إذا العبدُ غدرَ
ويرعى الوداد إذا العبدُ ابتعدَ
ولا يُبادرُ الهُجران بالهجران
ذلك أن الكريم من الناس يُراعي وداد لحظة
فكيفَ به وهو ربُّ الكِرام؟!

تأملها جيداً يا صاحبي: لأيامِ الوصال حُرمة حفظناها نحن!
هو ربُّ الجزاء من جنس العمل
كل سجدةٍ سجدتها له هي لكَ رفعةٌ غداً
وكل ظمأ صيامٍ كابدته هو ارتواءٌ لكَ غداً
وكل يد مساعدةٍ مددتها للناس هي يد يُسخِّرها الله لكَ لتمتدَّ إليكَ غداً
أتعرفُ يا صاحبي لِمَ حُفرتْ أقدام إبراهيم عليه السلام في الصخرة عند المقام؟
ذلكَ لأنه ألانَ قلبه لله، فألانَ اللهُ الصخر تحت قدميه!

لا أحد أوفى من اللهِ يا صاحبي
صار يوسف عليه السلام عزيز مصر
عوضَ أنه بيعَ في الأسواق كالعبيد فصبرَ، وهذه بتلك!
وأنجبتْ سارة بعد أن صارتْ عجوزاً
عوضَ أنها وهبتْ هاجر لإبراهيم عليه السلام
فلم تشأ أن تحرمه الولد بسببها، وهذه بتلك!
ونبعَ ماءُ زمزم بين قدمي إسماعيل عليه السلام
لأنَّ هاجر قالتْ لزوجها: اِذهبْ فلن يُضيعنا الله
لحظة رزق مهول لأجل لحظة يقينٍ راسخ، وهذه بتلك!
والماشطة وأولادها رائحتهم طيبة في السماء
لأن لحمهم قد قُليَ بزيت فرعون فأصدر رائحةً، وهذه بتلك!
ودخلَ النبيُّ ﷺ مكة من أبوابها الأربعة
عوضَ أنه غادرها خلسةً والدموع في عينيه
وقال لها مودعاً: واللهِ إنكِ لأحب بلاد الله إليَّ، ولولا أن قومكِ أخرجوني ما خرجتُ. وهذه بتلك!

والسلام لقلبك❤️