على خُطى الرَّسول ﷺ ١٦
يأتي عليكم أُويس بن عامر!
كان عمر بن الخطاب في زمن خلافته إذا جاءه وفد من اليمن قال لهم: أبينكم أُويس بن عامر؟
فيقولون: لا
حتى كانت مرَّةً، وجاء وفد من أهل اليمن فسألهم سؤاله المعهود: أفيكم أويس بن عامر؟
فقيل له: ذاك أُويس بن عامر!
فقال له عمر: أنتَ أُويس بن عامر؟
فقال له: نعم
فقال عمر: من مُرادٍ ثم من قرن؟
فقال له: نعم
فقال عمر: فكانَ بكَ برصٌ فبرأتَ منه إلا موضع درهم؟
فقال له: نعم
فقال عمر: لكَ والدة أنتَ بارٌ بها؟
فقال: نعم
فقال عمر: فإني سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: يأتي عليكم أُويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن، من مُراد ثم من قرن، كان به برصٌ فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدة هو برٌّ بها، لو أقَّسم على اللهِ لأبرَّه، فإن استطعتَ أن يستغفر لكَ فافعلْ! فاستغفِرْ لي
فاستغفر أويسٌ لعمر بن الخطاب، ثم سأله: أين تريدُ؟
فقال أويس: إلى الكوفة
فقال له عمر: فهل أكتبُ إلى واليها كتاباً أوصيه بكَ
فقال أويس: لا، فإني أُريدُ أن أكون في سواد الناس فلا أُعرف!
وأنتَ تتعامل مع بسطاء المسلمين تذكَّرْ هذه القصة، لعلَّ فيهم أُويساً مجهولاً لا يعرفه أحد، ولو أقسم على الله لأبرَّه!
ما أدراك أن عامل البلدية البسيط له عند الله مكانةً لم يبلغها أحد من المشاهير الذين تعرفهم؟
وما أدراك أن لبائع الخضار الذي تمر به على عجلٍ، أم مريضة فهو قائم عند قدميها، وله قيام ليل قد رفعه علياً، وله عبادات خفيتْ عليكَ ولكنها لم تخفَ على الله؟
ما أدراك أن سائق سيارة الأجرة قد حجزَ مكاناً في الجنة بأيتامٍ لأخٍ له يعولهم، وبقرآن يتلوه أناء الليل وأطراف النهار، وبقلبٍ طيبٍ يحبُّ الخير للناس جميعاً؟
لا يمنعُ أن يكون أولياء الله أطباء أو مهندسين، وزراء أو مشاهير، ولكن الفكرة تكمن أن لا تستصغر أحداً من الناس، وأن لا تخدعنَّك المظاهر، كان عمر بن الخطاب يبحثُ كل يوم عن أويس القرني، لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أخبره عنه، فكم من أويس لا يعلمهم إلا الله، نمرُّ بهم كل يوم ولا نحفل بهم، فغيِّرْ معاييرك في الناس!
أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطرية