هذا الحبيب 230 – السيرة النبوية العطرة (( أحداث وقعت في العام التاسع من الهجرة ))
___________
هناك بعض بعض الأحداث وقعت في العام التاسع من الهجرة
نذكرها بأختصار إن شاء الله تعالى
_____
((وفاة النجاشي )) ملك الحبشة
وقد تولى النجاشي حكم الحبشة وهو ابن {{ ٩ }} أعوام بعد موت عمه بصاعقة، وبعد سنوات من حكمه انتشر عدله وسيرته الطيبة في كل مكان
و عندما اشتد ايذاء قريش للمسلمين، نصح النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين في السنة {{ الخامسة }} من البعثة بالهجرة الى الحبشة
وقال {{ إن فيها ملك لا يُظلم عنده أحد }}
وبالفعل هاجر بعض المسلمين الهجرة الأولى [[ وقد ذكرنا هذه الأحداث من السيرة في بداية العهد المكي ولكن اذكر عناوين للتذكير ]]
واغتاظت قريش عندما علمت بهجرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم للحبشة
وأرسلت وفدا منهم على رأسهم {{ عمرو بن العاص}} لمحاولة استعادتهم مرة أخرى
ولكن رفض {{ النجاشي}} أن يأخذ قرار قبل أن يستمع الى المسلمين
وبالفعل قدم وفد المسلمين وعرض عليه الإسلام، فأسلم النجاشي، ولكنه كتم ايمانه
ثم تسرب خبر اسلام {{ النجاشي }} وكاد أن يحدث نتيجة ذلك ما نطلق عليه [[ ثورة داخلية ]]
وكادت أن تحدث مواجهة عسكرية بين أنصار النجاشي والمعارضين له
وكان أنصار النجاشي أقل عددا من معارضيه
وقبل هذه المواجهة جهز النجاشي سفن للمسلمين، وأمر المسلمين أن يركبوا في هذه السفن
وقال لهم :_ أنه اذا هزم في المعركة أن يغادروا الحبشة، واذا انتصر يظلوا في الحبشة
ولكن لم تحدث هذه المواجهة العسكرية لأن النجاشي تحدث الى المعارضين له
وقال لهم كلاما فهموا منه أنه لا يزال على النصرانية، وهكذا كتم النجاشي اسلامه، حفاظا على حياته، وحفاظا على ملكه، وقبل منه النبي صلى الله عليه وسلم ذلك
وفي رجب من السنة التاسعة
أخبر النبي صلى الله عليه الصحابة بوفاة النجاشي
فقال :_ مات اليوم رجل صالح ، فقوموا فصلوا على أخيكم أصحمة
وصلى الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم على النجاشي
{{ صلاة الغائب }}
وكان الوحيد الذي صلى عليه صلى الله عليه وسلم صلاة الغائب، لأنه مات في أرض ليس فيها من يصلي عليه
[[ولذلك ذهب العلماء الى أن صلاة الغائب مشروعة في حق من مات بأرض ليس فيها من يصلي عليه، أما من صلى عليه حيث مات فإنه لا يصلى عليه صلاة الغائب ]] هذا والله اعلم
_________
ومن الأحداث التي وقعت في السنة التاسعة
هو وفاة بنت النبي صلى الله عليه وسلم {{ أم كلثوم }} رضي الله عنها وارضاها
وقد ولدت أم كلثوم قبل البعثة بستة سنوات
وأمها هي {{ السيدة خديجة }}
وجاهدت مع أبيها صلى الله عليه وسلم وعانت وطأة الحصار مع المسلمين في شعب أبي طالب
و كان عمرها {{ ١١ عام }}
وعاشت كل لحظات معاناة المسلمين في مكة قبل الهجرة
{{ ١٣ عام }}ا كاملة، وهاجرت رضي الله عنها وكان عمرها {{ ١٩ عام }}
وتزوجت من {{ عثمان بن عفان}} رضي الله عنه بعد وفاة أختها {{ رقية}} في السنة الثالثة من الهجرة
وكان عمرها {{ ٢٢عام }}
ولذلك أطلق على عثمان بن عفان {{ ذو النورين}} وأصبح الوحيد في التاريخ كله الذي تزوج من ابنتي نبي، وظلت مع {{عثمان}} ستة أعوام، ولم تنجب خلالها
ثم ماتت رضي الله عنها في شهر {{ شعبان}} من السنة التاسعة من الهجرة، بعد عودة المسلمين من {{ تبوك }}
وجلس صلى الله عليه وسلم على قبرها وهو يبكي حزنا عليها
و واسى النبي صلى الله عليه وسلم زوجها {{عثمان }}
وقال:_ لو كانت عندنا ثالثة لزوجتها عثمان
________
من الأحداث الهامة في السنة التاسعة من الهجرة
وفاة {{ عبد الله بن أبي بن سلول}} والذي عرف برأس المنافقين
وقصة {{ عبد الله بن أبي بن سلول }} أن المدينة قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم شهدت تاريخا طويلا من الحروب بين {{ الأوس والخزرج }}
وكانت آخر هذه الحروب هي حرب {{ بعاث }} والتي انتهت بانتصار {{ الأوس }}
وفكر العقلاء بعدها على تنصيب رجل يكون ملكا أو حاكما على المدينة
واتفق الطرفان على أن يكون هذا الحاكم هو أحد سادات الخزرج وهو {{ عبد الله بن أبي سلول }}
وسبب أختياره ملكاً
{{ أولا}}
لأنه لم يشترك في حرب {{ بعاث }} بل كان رافضا ومعارضا لها
{{ثانياً }}
لأنه من {{ الخزرج}} الطرف الذي انهزم في حرب {{ بعاث}} فلا يكون هذا تنصيب رجل من {{ الأوس}} أحد نتائج هزيمة {{ الخزرج }} وهو لا شك أمر سيرفضه الخزرج
وبعد أن اتفق أهل المدينة من الأوس والخزرج وبعد أن أصبح أمر تنصيب {{ عبد الله بن أبي}} مسألة وقت
جائت هجرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم واجتمع الأنصار حول راية النبي صلى الله عليه وسلم
ووئدت فكرة أن يكون {{ عبد الله بن أبي}} ملكا على المدينة
لذلك حقد {{عبد الله بن ابي }} على الرسول وأظهر الإسلام وأبطن الكفر، ولم يتوقف لحظة عن الكيد ضد النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون
وتعاون مع اليهود في ذلك، وقاد جماعة المنافقين في المدينة، وكانت خطورة {{ عبد الله بن ابي }} أن له مكانته الكبيرة بين قومه
__________
وقد ذكرنا في السيرة مواقفة ضد النبي صلى الله عليه وسلم
حين انسحب أثناء تحرك جيش المسلمين الى أحد، فانسحب معه ثلث الجيش
كما أنه قام باشاعة حديث الإفك وتكبيره، وقال الله تعالى في ذلك {{ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ }}
وفي غزوة {{ بني المصطلق }}في السنة السادسة من الهجرة حاول احداث وقيعة وفتنة بين المهارجين والأنصار
حين قال :_ والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل
وهو الذي نزلت فيه هذه الآية بقوله
{{ لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا}}
يعني امنعوا الأموال عن أصحاب الرسول حتى ينفضوا عنه ويتركوه، وقد سجل عليه القرآن العظيم هذه الكلمات
ولم يتوقف {{ عبد الله بن ابي بن سلول}} لحظة واحدة عن التآمر والكيد للنبي صلى الله عليه وسلم ومحاولة هدم الدولة الإسلامية حتى توفى في السنة التاسعة من الهجرة
_________
وكان لعبد الله بن أبي ولد وحيد اسمه {{ عبد الله}} على اسم ابيه[[ أي أن اسمه عبد الله بن عبد الله بن ابي بن سلول]] وكان من خيار الصحابة، شهد بدر وجميع المشاهد مع النبي صلى الله عليه وسلم
وكان شديد البر بأبيه، ومع ذلك كان من أشد الناس على أبيه
فلما توفي {{ عبد الله بن أبي }}
ذهب ابنه {{ عبد الله }} الى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله أن يعطيه قميصه يكفن فيه
فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم قميصه
ثم سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي عليه
فقام النبي صلى الله عليه وسلم يلبي طلب هذا الصحابي المؤمن الصادق
فقام ليصلي عليه
فقام عمر وأخذ بثوب النبي صلى الله عليه وسلم
وقال :_ يا رسول الله، وقد نهاك ربك أن تصلي عليه ؟!!
فقال النبي صلى الله عليه وسلم :_ يا عمر إنما خيرني الله فقال {{ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ }} وسأزيده على السبعين
صلى الله وسلم عليك يا رسول الله ما أرحمك وهذا تحقيق لقوله تعالى {{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }}
وصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم
يقول عمر :_ فعجبٌ لي وجرأتي على رسول الله ،ولكن نزل بعد ذلك قول الله تعالى {{وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ }}
________
وكان موت رأس المنافقين {{ عبد الله بن ابي}} ضربة قاصمة ثالثة للمنافقين في خلال شهرين فقط، حيث كانت الضربة الأولى هي غزوة {{ تبوك }} نفسها ونزول سورة التوبة، وقد أظهرت غزوة تبوك وسورة التوبة عدد كبيرمن المنافقين
وكانت الضربة الثانية
هي هدم وحرق مسجد الضرار
ثم كانت الضربة الثالثة
وهي موت رئيس المنافقين {{ عبد الله بن ابي بن سلول}}
وبموت {{عبد الله بن أُبي بن سلول}} انحسرت جدا حركة النفاق في المدينة المنورة، وكسرت إلى حد كبير شوكتهم ولذلك لم نجد لهم حضورا يذكر في العام العاشر من الهجرة وإن كان استمرار وجودهم مؤكدا
لأن المنافقون لا يختفون أبدا من أي مجتمع مسلم، منذ أيام النبي صلى الله عليه وسلم وحتى يومنا هذا
هذا ما كان بأختصار شديد ما وقع من احداث من السنة التاسعة
يتبع إن شاء الله ….