على خُطى الرَّسول ﷺ ٢٤
فما زالت الحُزونة فينا!
جاءَ حَزْنُ بن أبي وهب المخزومي جدُّ التابعي الجليل سعيد بن المسيب إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال له: ما اسمكَ؟
قال: حُزْنٌ، والحَزْنُ هو العصبيُّ شديد الطباع
فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم: أنتَ سهل
فقال: لا أُغيِّرُ اسماً سمانيه أبي
ويقول سعيد بن المُسيِّب، فما زالت الحُزونة فينا برفضِ جدِّي تسمية النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
لهذا فإن المتأمل في سيرة سعيد بن المسيِّب يجد أنه على علمه وفضله كان صعبَ المراس شديد الطباع!
جاءَ عبد الملكِ بن مروان لزيارة المدينة المنورة، وعندما أراد أن يستلقيَ من الظهيرة جافاه النوم، فقال لأحد حُرَّاسه اذهبْ إلى المسجد النبوي وانظرْ لي شخصاً يُحدِّثني.
فذهب الحارس ودخل المسجد فإذا سعيد بن المُسيِّب في حلقةٍ له يُدرّس الناس، فقال له: أَجِبْ أمير المؤمنين
فقال له سعيد: أسمَّاكَ لي؟
فقال الحارس: لا، ولكنه قال لي انظُرْ لي شخصاً يُحدَّثني
فقال له سعيد: قُلْ لأمير المؤمنين أني لستُ من جُلساء الأمراء!
فلما عادَ الحارس إلى عبد الملك وأخبره بالخبر، وقال له لقد هممتُ أن أضرِبَ عنقه لرفضه المجيء!
فقال له عبد الملك: دعه، هذا سعيد بن المُسيِّب وما زال على هذه الحال مُذْ سمعنا به!
كان من عادة النبيِّ صلى الله عليه وسلم إذا أتاه من ليس له اسماً حسناً سمَّاه بغيره، فقد كان يتفاءل بالاسم الحسن، لهذا عندما جاء سهيل بن عمرو يوم الحديبة للتفاوض، قال: هذا سُهيل بن عمرو، سُهِلَ لكم من أمركم!
وجاء كثيرُ بن الصلت إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال له ما اسمك؟
قال: قليل
فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم: بل أنتَ كثير!
وجاءتْ امرأةٌ من بني غفار إلى النبي صلى الله عليه وسلم بابن لها عليه تميمة، فنزع التميمة ورماها، وقال لها ما اسم ابنكِ قالت: السائب
فقال: بل هو عبد الله
وكان بعد ذلكَ إذا نوديَ بالسائب لم يُجبْ، فإن نوديَ عبد الله أجاب
فقيل له: ألا تُجيب لاسمكَ الأول؟
فقال: لا أجيب إلا لاسمٍ سمَّاني به النبيّ صلى الله عليه وسلم
لهذا كان من حقْ الأبناء على أهاليهم أن يسموهم أسماء حسنةً لا يخجلون بها إذا كبروا، كذلك فإنَّ لكل من اسمه نصيب، فتخيروا أسماء أولادكم!
أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطرية