على خُطى الرَّسول ﷺ ٤١ – اتقِ دعوة المظلوم!

على خُطى الرَّسول ﷺ ٤١ - اتقِ دعوة المظلوم!

على خُطى الرَّسول ﷺ ٤١
اتقِ دعوة المظلوم!

بعثَ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل إلى اليمن، وأوصاه، وكان مما أوصاه به: اتقِ دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب!

كان يحيى البرمكي وزيراً لهارون الرشيد، وكان الرشيد قد أطلقَ يده في الحكم، وأعطاه صلاحيات واسعة، فكان يُدبِّر كل صغيرة وكبيرة في الدولة العباسية، ثم إن البرامكة تجاوزوا حدودهم، والمُلكُ عقيم كما تقول العرب، وغضب السلاطين قيامة قبل يوم القيامة، نكَّل بهم الرشيد، فقتلَ منهم من قتلَ، وسجن منهم من سجنَ.
وكان يحيى البرمكي وابنه الفضل ممن سُجنا أول الأمر، ثم بعد ذلكَ قتلَ الرشيدُ الفضلَ بن يحيى البرمكي.
وفي السجن قال الفضل لأبيه: بعد الأمر والنهي والنعمة صرنا إلى هذا؟!
فقال له ابوه: يا بُني هذه دعوة مظلوم سَرَتْ بليل، غفلنا عنها، ولم يغفل الله عنها!

وروى ابن أبي الدنيا في كتابه “مجابو الدعوة” أن بُسر بن سعيد الذي نشأ من بيت أُمنا ميمونة بنت الحارث، وكان عابداً زاهداً، تقياً ورعاً، قد وشى رجلٌ به عند الوليد بن عبد الملك، وأخبره أن بُسر بن سعيد يحرِّض الناس للخروج على حكمه وسلطانه!
فأرسل الوليد إلى بُسر بن سعيد أن يأتيه والرجل الواشي عنده، فجاء بُسر ترتعِدُ فرائصه مما يعرفُ من حزم الوليد وشدته، فلما دخل عليه، أخبره بما قال عنه الرجل.
فاقسم بسر بن سعيد أنه ما قال هذا.
فالتفتَ الوليد إلى الرجل وطلب منه أن يتكلم، فقام وأقسم باللهِ أنه قد سمعَ منه ما أخبر الوليد به!
فنكسَ بُسر بن سعيد رأسه، وجعل ينكثُ في الأرض، ثم رفع رأسه ونظر إليه، ثم رفع يديه وقال: اللهم إن هذا قد شهدَ بما علمتَ أني لم أقله، فاللهمَّ إن كنتُ صادقاً فأرني به على ما افترى عليَّ!
فوقع الرجل أرضاً، وما زال يتخبط حتى مات!

اتقوا دعوات المظلومين فإنها سهام لا تُخطىء، ولا تنظروا إلى ضعف من ظلمتم، ولكن انظروا إلى قوة من يلجأ إليه المظلوم!
ومن أجمل ما قال ابن عيثمين في هذا المجال:
إنَّ الله يستجيبُ دعاء الكافر المظلوم على المسلم الظالم، لا حُباً بالكافر ولا بُغضاً بالمسلم، ولكن حُباً للعدل، وبُغضاً للظلم!

أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطرية