هذا الحبيب 84 – زواجه ﷺ من سودة بنت زمعة
بعد وفاة أم المؤمنين خديجة
شعر أصحاب النبي صلى الله عليه سلم ، أن النبي قد فقد أم العيال
وقد داخلته وحشة ، وقد أصبح بحاجة إلى سكن
لكن مهمة الدعوة تشغله عن كل ذلك ، فما جرئ أحد من الصحابة أن يكلمه بموضوع الزواج
مضى سنتين ، من وفاة خديجة دون زواج ، حتى ذهبت إليه صحابية جليلة اسمها
{{ خولة بنت حكيم السلمية }}
حتى وصلت إلى داره
وبكل رفق وأدب ، جلست وكلمته
[[ والنبي صلى الله عليه وسلم ، ليس محظور عليه أن يجلس مع نساء المؤمنين ، فإنه صلى الله عليه وسلم أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، هذا بالإضافة أنه لم يكن هناك أحكام تشريع تمنع الإختلاط ، ولا آيات حجاب ، كل ذلك كان بعد الهجرة في المدينة ]]
فجلست وحدثته
وقالت : بأبي وأمي يا رسول الله ، أرى قد دخلتك وحشة بعد خديجة
قال لها : أجل يا خولة
فقالت : بأبي وأمي ألا تفكر بالزواج ؟
فأطرق رأسه صلى الله عليه وسلم ، وبكى حتى ابتلت لحيته
وقال : ومن بعد خديجة ؟
[[ أي مافي حدا يسد مكان خديجة رضي الله عنها ]]
قالت : بنت أقرب الناس وأحبهم إليك
{{ عائشة بنت أبي بكر الصديق }}
أول من آمن بك وخير صاحب لك
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : عائشة ؟ !!
ولكنها لم تنضج بعد يا خولة
[[ وكانت عائشة على أرجح الروايات أنها تجاوزت التاسعة من عمرها ]]
قالت : أخطبها من أبيها ، وتبني بها بعد ذلك
[[ تبني بها ، ما نسميه بعد حفل الزفاف الدخلة ]]
فأطرق النبي صلى الله عليه وسلم رأسه
وقال :
ومن للبيت والعيال يا خولة ؟
قالت : هناك أخرى يا رسول الله
قال : ومن ؟
قالت : أحببت أن أقدم لك البكر أولا ، فإن شئت فامرأة .. ثيب
قال : ومن ؟
قالت:_ سودة بنت زمعة
فدمعت عين النبي صلى الله عليه وسلم
لماذا دمعت عين النبي عند سماع اسم ، سودة بنت زمعة ؟
لأن مهام الدعوة شغلته عنها
{{ سودة بنت زمعة }}
قبل فترة من الأعوام ، وكانت مؤمنة من أهل مكة ، وزوجها ابن عمها
{{ السكران بن عمرو }}
كان مسلم أيضاً
عندهم ستة من العيال
أسلما وكانا ممن هاجر إلى الحبشة في أول من هاجر ، ولما استقروا بالحبشة
توفي زوجها السكران ، وفارق الحياة فأصبحت سودة في غربة وترمل
فرجعت المسكينة إلى مكة ، مع قوافل التجار فاقده زوجها وكان أبوها وأهلها ما زالوا مشركين
أصبحت {{سودة بنت زمعة}}
في وضع لا تحسد عليه، لأن كل أهلها كانوا على الشرك، ولم يكن معها تجارة أو حرفة وليس لديها مال تنفق منه على عيالها الستة، فبقيت معهم {{سودة}} مع أهلها وحيدة مقهورة
وكانت فرصة السيدة {{ سودة }} في الزواج تكاد تكون معدومة ، لأنها لم تكن ذات حسب وجمال
دمعت عين النبي عندما ذكرتها خولة ولكن موت خديجة وهجرة الطائف والمصائب التي يتلقاها
شغله عن حال هذه المسكينة
فلما ذكرت له سودة نزلت دموعه كيف غفل عن هذه المرأة المسكينة ؟؟
مهاجرة من الأوائل ، و مسلمة مات زوجها ، و أهلها على شرك وما زالت تقيم على إيمانها
والآن انظروا إلى أن زواجه منها كان مجرد رحمة ، لأن النبي يريد أن يضمها لبيته ليرعاها فقط
لنعرف رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم اكثر
سودة تبلغ من العمر {{ ٧٧ سنة على أغلب الروايات }}
امرأة بالسبعين من العمر
والنبي صلى الله عليه وسلم ما زال بالخمسين من عمره يصفها أهل الحديث رضي الله عنها وأرضاها وهي أم للمؤمنين
وما في مشكلة في وصفها ، ولا يعني ذلك انتقاص من قدرها فهي أمنا رضي الله عنها وأرضاها
حتى نبين منزلة مكارم أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم في رحمته وفي رعايته مثل هذه المرأة
كانت بدينة جداً
بحيث أنها لا تحسن المشي الطبيعي ، وإذا مشت تمايلت كأنما تريد أن تسقط
امرأة بسيطة جداً
بكل ماتعنيه الكلمة من معنى
فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
لخولة بعد أن مسح دموعه عن لحيته
وهل ترضى هي بالزواج ؟
فقالت : كيف لا يا رسول الله ، دعني أنطلق إليها وأسألها قال : انطلقي
فذهبت خولة إلى سودة في منزل أبيها ، فوجدتها على باب المنزل
فقالت خولة لسودة : أي خير وبركة أدخلهم الله عليكم يا سودة
فقالت لها سودة : وما ذاك ؟ !!!
قالت : أرسلني رسول الله أخطبك عليه
فلم تملك نفسها
[[ ما تحملت الخبر ]]
فجلست إلى الأرض رسول الله
يخطبها ؟؟ !!!!!
فدخلت خولة إلى أبيها لسودة
وقالت : أي زمعة
[[ اسمه زمعة وكان رجل قد طعن بالسن لا يقدر على المشي ]]
قالت : أي زمعة .. أي خير ساقه الله إليك والبركة تعم بيتكم
فقال : وما ذاك ؟
قالت : محمد بن عبد الله بن عبد المطلب
[[ لترى وقع الإسم على سمعه ماذا يكون وهو مشرك ]]
فقال لها : محمد !!! نِعم الرجل
قالت : إنه يخطب إليك سودة
قال : رجل كريم فهل ترضى سودة ؟
قالت : نعم أخبرتها فمن الفرحة لم تملك نفسها فجلست إلى الأرض
قال : إذاً أخبري محمد أني موافق على هذا الزواج
فسعى النبي صلى الله عليه وسلم بجلالة قدره إلى بيت والد سودة وهو مشرك
حتى جلس إليه ، ووضع يده في يده وزوجه سودة
وكان الزواج عند العرب ، وإن لم يكونوا على الإسلام
زواج نكاح لا سفاح ، لا بد أن يزوج المرأة ولي أمرها
وأن يسمي المهر وأن يكون هنالك شهود
وأعلن الخبر في مكة وانتقلت سودة إلى بيت النبي صلى الله عليه وسلم
وهي تعلم أنها لن تحل مكان خديجة بنت خويلد أبداً
ولكن أهل البيت النبوي فرحوا بقدومها
فكان بيت النبي يضم ثلاث من بناته
رقية .. وأم كلثوم .. وفاطمة
وكان يعيش في البيت
{{ أم بركة حاضنته ومر معنا ذكرها بالسيرة }}
وزيد بن حارثة ، وجاءت سودة رضي الله عنها لتقوم بخدمة النبي صلى الله عليه وسلم وترعى شؤونه الخاصة ، ولكنه من مكارم أخلاقه دخل عليها ، واتخذها زوجة بمعنى الزواج الصحيح
وهكذا كان زواج الرسول صلى الله عليه وسلم من السيدة
{{ سودة }}
نوع من الكفالة لها ولأبنائها، وإنقاذاً لها ولأبنائها من الضياع، وإحساساً من النبي بالمسئولية عن جميع المسلمين، وحتى يكون قدوة في هذا الأمر
وقد أعجب قوم السيدة {{ سودة }}
بهذا الزواج
وقابل قوم السيدة {{ سودة }}
وهم بنو عبد شمس
هذه الالتفاتة من الرسول صلى الله عليه وسلم بالإعجاب والثناء، لدرجة أنهم خففوا من عداوتهم للنبي لانه أنقذ واحدة منهم من الضياع
كانت السيدة سودة
خفيفة الروح
[[ دمها خفيف ]]
وكانت طيبة جداً ، وكانت شديدة الكرم لدرجة كبيرة
حتى تمنت السيدة عائشة رضي الله عنها أن تكون في أخلاقها
كانت سودة دائماً تمازح النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان يضحك صلى الله عليه وسلم منها
صلت يوماً خلف النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان النبي يطيل في صلاته في الركوع والسجود
فلما انتهى من الصلاة
قالت صليت خلفك فركعت بي ،حتى أمسكتُ بأنفي مخافة أن يقطر الدم
[[ أي تقصد لم تتحمل الركوع ، لأن جسدها لا يساعد ، تقول له كان الدم رح يطلع من أنفي ]]
فضحك النبي صلى الله عليه وسلم
رضي الله عنها وأرضاها
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً
اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد
يتبع الحلقة الخامسة والثمانين …