يا

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي 34

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي هوِّنْ عليكَ فإنَّ الأمور تجري بتقدير الله وكل أقدار اللهِ خيرٌ وإن أوجعتكَ! تسألُ الله شيئاً بإلحاحٍ فلا يعطيكَ إياه فتحزن ولا تدري أنكَ كالطفل الصغير الذي يبكي إذا رأى حبوب الدواء الملونة يُريدها فتمنعه أمه لأنها تعلمُ أنه يريدُ ما فيه هلكته وللهِ المثلُ الأعلى، وفي منعِ اللهِ عطاء! وتفقدُ شيئاً عزيزاً فتحزن، ولا تدري أن اللهَ لا يأخذُ إلا ليعطيَ عندما قتلَ الخضرُ الغلام،

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي 33

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي عندما كنتُ صغيراً أضعتُ كُرتي الحمراء، وبحثتُ عنها ولكن دون جدوى فقالتْ لي جدتي رحمها الله: قُلْ اللهم جامع الناس ليوم لا ريب فيه اجمعني بضالتي! فقلتها، ووجدتُ كُرتي! كبرتُ الآن يا صاحبي، وعرفتُ أن ثمة أشياء فقدها يفطرُ القلب أكثر من كرة حمراء! وها أنا الليلة أضعُ يدي على قلبي وأقول: اللهم جامعَ الناس ليوم لا ريب فيه اجمعني بضالتي! ومن فرط غربتي، وفقد الأحبة

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي 32

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي كان أحدُ الأساتذة الجامعيين يلبسُ ساعة نسائية، وكان الطلاب يتندرون عليه في مجالسهم، حتى كان يوم تجرأ فيه أحدهم وسأله: لِمَ تلبسُ ساعةً نسائية؟ فقال له: هذه ساعة ابنتي المتوفاة! يا صاحبي في كُلِّ إنسانٍ وجع لو كشفه للآخرين لبكوا عليه! ولكننا نتجالد ونتصبَّر، لأن نظرات الشفقة في عيون الآخرين موجعة، موجعة جداً! هذه الحياة معركة طاحنة، فلا تخدعنَّكَ المظاهر! خلف الابتسامات التي تراها غصات كثيرة

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي 31

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي كنتُ البارحة أقرأ في سير أعلام النُّبلاء، وما زالتْ كلماتُ عبد الله بن المبارك عن الإمام مالك ترِنُّ في أُذني حتى اليوم، قال: ما رأيتُ رجلاً ارتفعَ كمالك بن أنس، ليس له كثير صيامٍ ولا صلاة، وإنما كانتْ له سريرة! يا صاحبي عندما كتبَ مالكٌ الموطأ قالوا له: ما حاجة الناس إليه وكتب الحديث كثيرة؟ فقال: ما كان للهِ يبقى! وكان مالكٌ كله لله، وبقيَ الموطأ!

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي 30

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي أعرفُ أنَّ كل كلام المواساة ليس بإمكانه أن يسدَّ ثقباً واحداً في القلب، فكيفَ بقلبكَ المليء بالثقوب كأنه غربالٍ؟! من كلِّ ثقبٍ تسلل حبيب ومضى! أنتَ المحكوم بفقد أحبابك، جرِّبْ إذا أحببتَ أحداً في المرة القادمة أن لا تُحبَّه، لعلَّه يبقى! ثمة مواقف تُصبحُ فيها كل كلمات العزاء باردة، وكل كلمات المواساة جوفاء! عندما ماتتْ خديجة بنت خويلد ضاقتْ الدنيا بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولأنَّ

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي 29

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي تسألني: ما يفعلُ من زُفَّتْ حبيبته إلى غيره؟ فأقولُ لكَ: أولاً أسأل الله أن يربطَ على قلبكَ، فليس هناك عملية جراحية أكثر ألماً في الكون من أن يستأصلوا قطعةً من قلب رجلٍ وهو ينظرُ إليهم دون بنجٍ حتى! يا صاحبي: قال الإمام القشيري في تفسير قول ربنا على لسان سليمان عليه السلام: “لأعذِّبنه عذاباً شديداً أو لأذبحنه” العذاب الشديد هو أن يُفرِّق بينه وبين من يُحب،

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي 28

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي تسألني: لمن يهرعُ المرءُ أولاً؟! فأقولُ لكَ: لمن يُحِبُّ ألمْ ترَ كيفَ أنَّ النَّبيَّ ﷺ عندما نزلَ عليه الوحي، وأصابه البَردُ والخوف لم يذهب إلى صديقه الوفي أبي بكر، ولا إلى عمه الشجاع حمزه، ولا إلى عمه الحكيم أبي طالب وإنما هرعَ إلى خديجة! يا صاحبي، إنَّ الذي تُحبه أكثر، هو من تهرعُ إليه أولاً! الحُبُّ ملاذنا الآمن، وحضن الحبيب على ضيقه أكثر الأماكن اتساعاً على

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي 27

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي تسألني: لمن يهرعُ المرءُ أولاً؟! فأقولُ لكَ: لمن يُحِبُّ ألمْ ترَ كيفَ أنَّ النَّبيَّ ﷺ عندما نزلَ عليه الوحي، وأصابه البَردُ والخوف لم يذهب إلى صديقه الوفي أبي بكر، ولا إلى عمه الشجاع حمزه، ولا إلى عمه الحكيم أبي طالب وإنما هرعَ إلى خديجة! يا صاحبي، إنَّ الذي تُحبه أكثر، هو من تهرعُ إليه أولاً! الحُبُّ ملاذنا الآمن، وحضن الحبيب على ضيقه أكثر الأماكن اتساعاً على

السّلامُ عليكَ يا صاحبي 26

السّلامُ عليكَ يا صاحبي ينفطرُ قلبي حين أقرأ في كتبِ الحديث أنَّ صحابياً سأل آخر: من أين؟ فقال له: من عند النَّبيﷺ وصحابياً لقيَ صحابياً في الطريق فقال له : إلى أين؟ فقال له: إلى النَّبيﷺ هكذا بهذه البساطة، وبهذا الجمال، من عند النَّبيﷺ وإليه! وددتُ لو أني آتيه، فأقولُ له: يا رسول الله، قلبي يؤلمني! فيمسحُ على صدري، ويُصبرني، ولعله يقول لي:  لا تبتئسْ إنما هي أيام وتمضي! أو

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي 25

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي شيءٌ ما في جسدكَ يقولُ أنكَ لستَ بخيرٍ، وأنكَ تحتاجُ إلى دواءٍ، ولكنه لا يُشبه ذلكَ الذي يُباع في الصيدليات! تُعاني نقصاً في العِناق، ولم يُعبِّئوا الأحضان في قوارير بعد! تريدُ أن تشُمَّ رائحة حبيبك البعيد، تلك الرائحة الكفيلة بأن تجعلكَ تتماثل للشفاء، تخافُ أن تُخبر بها الصيادلة فيحسبونكَ مجنوناً، أو لعلكَ تخشى أن يقولوا لكَ: عندنا بديلٌ فتقولُ لهم : يا خسارة علمكم، صدقوني لا