في قصصهم عِبرة ١٠
الضفدعةُ والثور!
يروي الأوروبيون في حكاياهم الشعبيَّة، أنَّ ضفدعةً رأتْ ثوراً فغارتْ من حجمه، وهي التي بطولها وعرضها لا تزيدُ عن حجمِ البيضة!
فراحتْ تتمدد، وتُجهِدُ نفسَها، وتنتفخ، في مُحاولةٍ يائسةٍ لتصير بحجمِ الثور!
وقالتْ لجارتها: اُنظُري إليَّ يا أُختاه، هل كبرْتُ، هل هذا المقدار يكفي؟
فقالتْ لها: لا استمري بنفخِ نفسك.
تابعتْ الضفدغة نفخَ نفسها، وقالتْ لجارتها: ما رأيك الآن؟
فقالتْ لها: لا، لم تبلغي حجمَ الثورِ بعد، حاولي أكثر!
وبقيتْ تُحاولُ حتى انفجرتْ!
إن لم يكُن للرِّضى على قَدَرِ الله إلا الراحة التي يجدُها المرءُ فكفى بها نعمة، وإن لم يكُن للسخطِ على قدرِ الله إلا الشقاء الذي يجدُهُ المرءُ فكفى به نقمة!
إنَّ الله سُبحانه وتعالى جعلَ هذه الدُنيا دار امتحان لا دار جزاء، وقد اقتضتْ حكمته أن يُوزِّعَ الأرزاقَ بين الناسِ بالتفاوتِ ليرى سُبحانه ماذا يفعلُ المرءُ بما أُعطي، أيشكرُ أم يكفر، وليرى ماذا يفعلُ من حُرِمَ أيصبرُ أم يفجر!
فالله تعالى حين خلقَ الفقير لم يجعله فقيراً عن قلة، فبيده سُبحانه مقاليد السماواتِ والأرض، ولكن امتحان بعض الناسِ في الفقر!
وحين خلقَ إنساناً قبيحاً، أو مريضاً فهو لم يخلقه هكذا عن عجز، فسُبحان من أبدعَ خلق كل شيء، ولكن امتحان بعض الناس في الدَّمَامَةِ والعجز!
ما منا إلا وقد أُعطِيَ أشياء وحُرِمَ من أُخرى، هذه الدنيا لا تكتمل لأحد، ولكننا نحسبُها كذلك، وكلٌّ منا يعتقدُ أن امتحانَ الآخرين أسهل من امتحانه!
من قضى حياته ينظرُ إلى ما في أيدي الناس فلن يجدَ وقتاً لينظر إلى ما جعلَ اللهُ في يده، وسيعيشُ وطعم الحرمانِ مُر في فمه وقلبه، ومن عرفَ أنها أقدار مكتوبة، وأرزاق مقسومة، رضِيَ عن الله، ورضِيَ اللهُ عنه، وتذكَّروا أن أكثرَ أهل الأرضِ شقاءً سيُغمسُ يوماً في الجنةِ غمسةً واحدةً، ثم يُقالُ له: هل رأيتَ بؤساً من قبل؟
فيقول: واللهِ ما رأيتُ بؤساً قط!
وأن أكثر أهل الأرض نعيماً سيُغمسُ يوماً في النارِ غمسةً واحدة، ثم يُقالُ له: هل رأيتَ نعيماً من قبل؟
فيقول: واللهِ ما رأيتُ نعيماً قط!
فاللهم ارزقنا في الدُنيا الرضى على قَدَرِك، وفي الآخرةِ الجنةَ عوضاً عن دُنيا خُلِقَتْ ناقصة فلم تكتملْ لأحد!
أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطرية