السَّلامُ عليكَ يا صاحبي
تسألني : لماذا لمْ يُعطني الله ما سألته إياه
فأقولُ لكَ : إنَّ الطبيب لا يعطينا الدواء الذي نريدُه ولكنَّه يعطينا الدَّواء الذي نحتاجه!
ولعلكَ تطلبُ من اللهِ ما فيه ضررك، أنتَ تنظرُ إلى الأشياء بنظرتك البشرية القاصرة، والله يُدبِّر الأمر بعلمه الكامل!
يا صاحبي إنَّ الصبي الصغير إذا رأى حبوب الدواء الملونة بكى يريدها، فمنعه أبواه منها، الطفلُ يحسبُ في الأمر حرماناً، والأبوان يعرفان أن بعض المنع عطاء!
هكذا يُدبِّرُ الله الأمور برحمته، فتأدَّب!
أو لعلَّ الله أراد أن يُعطيكَ ما سألته، ولكنَّ الوقت لم يحِنْ بعد، التوقيت جزء من حكمته التي لا تراها!
يا صاحبي اقرأ قول ربك : “ولما بلغ أشده آتيناه حكماً وعلماً”
ثمة أشياء عليكَ أن تنضج لتحافظ عليها إن أنتَ أُعطيتها!
يا صاحبي لو فرَّج اللهُ عن يوسف عليه السلام أول الأمر ما كان له أن يصل إلى كرسي المُلك، كان يوسف بين القضبان، ولكن يد الجبار كانت طليقة تُدبِّر الأمر ، وتُهيء الأسباب للأعطية الكُبرى!
يا صاحبي عشرُ سنواتٍ لموسى عليه السلام في مدين لم تكن مضيعة، كان على الظروف أن تتهيأ في مصر لقدومه، وكان عليه هو أيضاً أن يُصقل جيداً، فالحمل ثقيل لاحقاً، والتأخير صقل وإعداد!
يا صاحبي أراد المسلمون أن يشهروا سيوفهم في مكة ويدفعوا عن أنفسهم الظلم، ولكن الإذن بالقتال تأخر لما بعد الهجرة الشريفة، الذي نصرهم بعد الهجرة كان قادراً على أن ينصرهم في بطن مكة قبلها، ولكن الله أراد أن يُربِّيهم أولاً، لأن السيف الذي ليس وراءه عقيدة سرعان ما ينحرف، وقد أراد ربك أن تُحمل السيوف إعلاءً لكلمته، لا انتقاماً من العدو، ولا انتصاراً للذات!
يا صاحبي لقد كان في قصصهم عبرة فتأمل واعتبرْ!
فإن مُنعتَ مطلقاً فهي الرحمة
وإن أُعطيتَ فهي الحكمة
وإن تأخرَّت العطية فهذا ليس أوانها
والسلام لقلبك ❤️