السلام عليكَ يا صاحبي
تسألني : كيف حالك؟
يا لمشقَّةِ السُّؤال!
العالم حولي صاخب ومزدحم، وأنا وحيد!
لا أعرفُ كيف أشرح لكَ هذه المتناقضة، ولكن صدقني يحدثُ أن يكون المرءُ وحيداً وهو في زحام!
يحدث يا صاحبي أن تكون كفزَّاعةِ الحقل، تُؤدي مهمتها بجدارةٍ، تُخيف العصافير فلا يقربوا المحصول، ولكنها من الداخل تنزُّ ألماً وتتمنى لو أن عصفوراً جريئاً يُدرك أنها ما اختارت هذه المهمة، فيلقي عليها التحية!
يحدثُ يا صاحبي أن تُسلمكَ طائرة إلى طائرة، ومطار إلى مطار، ولكنك تشعرُ أنك لم تُسافر، صدِّقني يمكنُ للمرءِ أن يبقى عالقاً في مكان ما مهما ارتحل عنه!
يا صاحبي، تعبتُ من الأشياء التي اختارتني، واشتقتُ إلى الأشياء التي اخترتها، اشتقتُ إلى قبلةٍ أطبعها على على يد أمي، وإلى امرأةٍ افتحُ ذراعيَّ وأقول لها تعالي، إلى شعور الأمان الذي تحدثه فيك امرأة تداعبُ شعرك بأصابعها!
يا صاحبي لا أعرف كيف أخبرُكَ أن الرِّجال كلما صاروا أكثر خطورة، صاروا أكثر حناناً وشغفاً، ولكن صدقني إنَّ الأمر كذلك!
قالوا قبلنا يا صاحبي :
مشيناها خطىً كُتِبَت عليْنا
ومن كُتبت عليهِ خطىً مشاها
وإنني أسيرُ في دربٍ كُتب لي، لن أتراجع، ولن ألين، فلستُ بالذي يعيش بلا قضية، ولكني وحيد وأشتاق!