السَّلامُ عليكَ يا صاحبي
ها أنتَ مُنهكٌ مرَّةً أخرى ولا تكادُ تقوى على حمل نفسِك، ولكن عليكَ أن تُكملَ المهمَّة، فلا يُسمحُ للجنود بالاستلقاء أثناء المعركة وإن أنهكهم التَّعب!
تحاملْ على نفسِكَ يا صاحبي، نحن لا نتوقف حين نتعب، وإنما حين ننتهي، وإنَّ لكَ ثغراً قد أوكل الله سبحانه لكَ حمايته، فَسُدَّ ثغركَ ولو بقطعٍ من لحمِكَ، وإياك أن يُؤتى الإسلام من قِبلك!
لا شكَّ أنكَ تعرفُ من أين استقيتُ نصيحتي هذه، أنتَ قصصتها عليَّ يوماً وأنتَ تربتُ على قلبي، والأيام دُول، والتربيت على القلب كالجروح، قِصَاص، واحدة بواحدة يا صاحبي!
حدَّثتني عن سالمٍ مولى أبي حُذيفة، العذبُ الرقيق حافظُ القرآن، أوكلوه ثغراً في المعركة، وخافوا أن لا يكون له جَلَدُ المقاتلين، فالرجل صاحب قرآن ، فقال لهم: بئسَ حاملُ القرآن أنا إن أوتيتم من قِبلي!
عليكَ أن تسير ولو نازفاً يا صاحبي، لا عليكَ كيف ستصل، لا يهمُّ إن وصلتَ أنيقاً أو ممزقاً، المهم أن تصل، إن بلوغ الغايات ترميم للروح، ثم حتى وإن لم تصل، فليكُنْ عزاؤك لنفسك أن الموت على طريق الحق تأدية للأمانة، وهذا بحد ذاته وصول!
نحن نُسأل عن الأسباب يا صاحبي لا عن النتائج، ويوم القيامة يؤتى بنبيٍّ لم يُؤمن به أحد! تخيَّل هذا المشهد، وتعزَّ به، نبي لم يقتنع بدعواه أحد!