السَّلامُ عليكَ يا صاحبي
تشكو إليَّ انكساراً في خاطركَ، وجرحاً في قلبكَ، ووهناً في نفسكَ، وتسألني: أهوَ غضبٌ من اللهِ؟!
فأقول لكَ: هذه والله من أماراتُ حبِّهِ، فإنَّ الله سبحانه إذا أحبَّ عبداً ابتلاه، وما زال البلاء في المؤمن حتى يمشي على الأرض وما عليه من خطيئة!
بلاءٌ يجعلكَ تُقبلُ على الله بقلبكَ وجوارحكَ، خيرٌ من نعمةٍ تُطغيكَ، ولعلَّه أرادَ أن يُعطيكَ فمنعكَ، ومتى فتحَ لكَ بابَ الفهمِ في المنعٍ فقد اجتباكَ!
اُنظُرْ في سِيرِ الصَّالحين يا صاحبي تعرِفْ أن الابتلاء لم يكُنْ إلا مخاضاً للاصطفاء والتقريب!
بكى يعقوب عليه السَّلام فَقْدَ ابنه حتى ذهبَ بصره، ولم يكُن ربناً مشغولاً عنه، وإنما كانت يده تصنعُ من يوسف عليه السلام ملكاً!
فلا تستعجلْ فإنَّ أحلكَ ساعات الليل هي تلك التي تسبقُ الفجر بقليل!
خرجَ موسى عليه السلام من مصر خائفاً يترقَّب، فلا تنظُرْ إلى مرارة الابتلاء فبعدها حلاوة الجبر، أي خوفٍ ذاك الذي أعقبه النداء العظيم: إنني أنا الله؟!
ثم بلسمَ له قلبه ب : وأنا اخترتكَ!
يا صاحبي نُشر زكريا عليه السلام بالمنشار، وقُدِّمَ رأسُ السيد الحصور يحيى مهراً لبغي، وفي بطن الحوت لبثَ يونس، وألفَ سنةٍ إلا خمسين عاماً وما آمن مع نوحٍ إلا قليل، وأعواماً طويلة من المرض ذاقها أيوب، ثم تتأففُ أنتَ وتستطيل البلاء؟!
الجبرُ قريبٌ يا صاحبي، غمامة صيفٍ ستنقشعُ بإذن الله، ولن يبقى من هذا الحزن إلا ذكرى تُخبرك دوماً أن من كان مع اللهِ كان الله معه!
والسلام لقلبك ❤️