السَّلامُ عليكَ يا صاحبي
تقول لي: حدِّثني عن الاشتياق!
فأقول لكَ: لقد قرأتُ عنه كثيراً، في الأدب والشِّعر والسِّير والتراجم، فما وجدتُ قولاً أبلغُ من قول العرب: نازعتني نفسي إليك!
وللهِ درُّ ذلك المشتاق الذي سأله حبيبه: كيف أنتَ؟
فقال: تنقُصني!
ومن قبل قال ابن حزم:
لن تتوقف رسائل الشوق إليك .. حتى يفنى بي العمر أو ألقاك!
ويعجبني قول الجواهري:
ما شَوْقُ أَهل الشَّوْقِ في عُرْفِ الهَوَى
نُكْرٌ، فَقَدْ خُلِقُوا لِكَيْ يَشتاقُوا
أَمَّا الرِّفَاقُ فَلَمْ يَسُؤْنِي هَجْرَهُمْ
إِذْ ليسَ في شَرْعِ الغَرَامِ رِفَاقُ
ولا يفوتكَ قول محمد المقرن:
أنا الغريبُ بأرضٍ لا أراكَ بها
الروحُ عندكَ إن ما سافرَ الجسدُ
في ضجّةِ النَّاسِ باتَ الشوقُ يعزلُني
كأنّني في بلادٍ ما بها أحدُ
وللهِ قول أحمد شوقي:
ورائحة الشوق عند اللقاء
كرائحة الأرض بعد المطر
لأن حياة الثرى بعض ماء
وتحيا القلوب ببعض البشر
واسمعْ للعباس بن الأحنف وهو يقول:
أتأذنون لصب في زيارتكم
فعندكم شهوات السمع والبصر
لا يظهر الشوق إن طال الجلوس به
عق الضمير ولكن فاسق النظر
أما عن ابن الفارض فحدّث ولا حرج:
أُخفي الهوى ومدامعي تُبديه
وأُميتُةُ وصبابتي تُخفيه
فكأنهُ بالحسُن صورةُ يوسف
وكأنني بالحُزنِ مثل أبيه
ثم هو لا تعنيه المسافة:
قُلْ للذين مقامهم في مقلتي:
ما ضرّنا إذ ناءتِ الأميالُ ؟
في كل يوم تكبرون بداخلي
كالزّهرِ يورقُ في الحياةِ جمالُ
ويا لابن زيدون يقول لولادة بنت المستكفي:
لَعَمري لَئِن قَلَّت إِلَيكَ رَسائِلي
لَأَنتَ الَّذي نَفسي عَلَيهِ تَذوبُ
فَلا تَحسَبوا أَنّي تَبَدَّلتُ غَيرَكُم
وَلا أَنَّ قَلبي مِن هَواكَ يَتوبُ
ثم هي في الشوق كل الناس:
إن غبتَ … لم ألقَ إنسانًا يؤانسني
وإن حضرتَ فكُلُّ الناسِ قد حضرُوا
والسلام لقلبك ❤️