السَّلامُ عليكَ يا صاحبي 17

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي 17

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي
تقول لي: حدِّثني عن الاشتياق!
فأقول لكَ: لقد قرأتُ عنه كثيراً، في الأدب والشِّعر والسِّير والتراجم، فما وجدتُ قولاً أبلغُ من قول العرب: نازعتني نفسي إليك!

وللهِ درُّ ذلك المشتاق الذي سأله حبيبه: كيف أنتَ؟
فقال: تنقُصني!

ومن قبل قال ابن حزم:
لن تتوقف رسائل الشوق إليك .. حتى يفنى بي العمر أو ألقاك!

ويعجبني قول الجواهري:
ما شَوْقُ أَهل الشَّوْقِ في عُرْفِ الهَوَى
نُكْرٌ، فَقَدْ خُلِقُوا لِكَيْ يَشتاقُوا
أَمَّا الرِّفَاقُ فَلَمْ يَسُؤْنِي هَجْرَهُمْ
إِذْ ليسَ في شَرْعِ الغَرَامِ رِفَاقُ

ولا يفوتكَ قول محمد المقرن:
أنا الغريبُ بأرضٍ لا أراكَ بها
الروحُ عندكَ إن ما سافرَ الجسدُ
في ضجّةِ النَّاسِ باتَ الشوقُ يعزلُني
كأنّني في بلادٍ ما بها أحدُ

وللهِ قول أحمد شوقي:
ورائحة الشوق عند اللقاء
كرائحة الأرض بعد المطر
لأن حياة الثرى بعض ماء
وتحيا القلوب ببعض البشر

واسمعْ للعباس بن الأحنف وهو يقول:
أتأذنون لصب في زيارتكم
فعندكم شهوات السمع والبصر
لا يظهر الشوق إن طال الجلوس به
عق الضمير ولكن فاسق النظر

أما عن ابن الفارض فحدّث ولا حرج:
‏أُخفي الهوى ومدامعي تُبديه
‏وأُميتُةُ وصبابتي تُخفيه

‏فكأنهُ بالحسُن صورةُ يوسف
‏وكأنني بالحُزنِ مثل أبيه

ثم هو لا تعنيه المسافة:
‏قُلْ للذين مقامهم في مقلتي:
‏ما ضرّنا إذ ناءتِ الأميالُ ؟

‏في كل يوم تكبرون بداخلي
‏كالزّهرِ يورقُ في الحياةِ جمالُ

ويا لابن زيدون يقول لولادة بنت المستكفي:
‏لَعَمري لَئِن قَلَّت إِلَيكَ رَسائِلي
‏لَأَنتَ الَّذي نَفسي عَلَيهِ تَذوبُ

‏فَلا تَحسَبوا أَنّي تَبَدَّلتُ غَيرَكُم
‏وَلا أَنَّ قَلبي مِن هَواكَ يَتوبُ

ثم هي في الشوق كل الناس:
‏إن غبتَ … لم ألقَ إنسانًا يؤانسني
‏وإن حضرتَ فكُلُّ الناسِ قد حضرُوا

والسلام لقلبك ❤️