السَّلامُ عليكَ يا صاحبي 16

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي 16

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي
تسألني: لِمَ يتقلَّبُ الزمانُ هكذا حتى ليبدوَ أنْ لا أمان له؟!
فأقولُ لكَ: الأيامُ جندٌ من جنودِ اللهِ يا صاحبي، يداولها بين النَّاس، ليُرِيَ خلقَه أنه لا يبقى على ما هو إلا هو سبحانه!

يا صاحبي كان فرعونُ يتجبَّرُ ويقول : أليس لي ملكُ مصرَ وهذه الأنهار تجري من تحتي
فأدار اللهُ الزمان ثم أجرى الماء من فوقه
لو أنكَ رأيته وجبريل يحشو الطين في فمه، على مرأى من الطفلِ الرضيع الذي بكى في قصره يوماً يريدُ أن يرضعَ!

يا صاحبي كان النمرودُ يقولُ : أنا أُحيي وأميتُ
فأدار الله الزَّمان ثم أرسلَ له بعوضةً خرَّبتْ عيشه، وكان لا يهدأ إلا إذا ضربه على رأسه بالنعال أولئك الذين كانوا يسجدون له بالأمس!

يا صاحبي خرج النبيُّ ﷺ من مكة تحت جنحِ الظلامِ بعدما أخذتْ قريش من كل قبيلةٍ رجلاً ليضربوه ضربة رجل واحد فيتفرق دمه بين الناس!
فأدار الله الزمان ثم أعاد نبيّه إلى مكة فاتحاً في عزِّ الظهيرة!

يا صاحبي لو أنكَ رأيتَ بلال بن رباح وقد طرحه أمية بن خلف على رمال مكة الملتهبة، لقلتَ أما لهذا العذاب من آخر؟!
ثم أدار الله الزمان، التقت الفئتان في بدر، وكان بلال يغرس سيفه في صدر أُميَّة لعلمتَ حكمة الله في تقليب الزمان!

يا صاحبي هذه هي الأيام، يجريها من خلقها بين خلقه، تارة صحة وتارة مرض، تارة غنى وتارة فقر، تارةً فرح وتارة حزن، حتى لا يغترَّ قوي ولا ييأس ضعيف، ولا يتجبر غني ولا يقنط فقير، ثم إنه يرمي الناس بسهام قدره
فكُنْ في كل أحوالكَ بجانبِ الرَّامي تنجو
والسلام لقلبك ❤️