هذا الحبيب 102  –  نزوله ﷺ بالمدينة المنورة

هذا الحبيب 102  -  نزوله ﷺ بالمدينة المنورة

هذا الحبيب 102  –  نزوله ﷺ بالمدينة المنورة

فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم ، يمشي بين الجموع
وكانت عشائر {{ الأوس والخزرج }}
تقف على أبواب البيوت على جانبي الطريق
تنتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم وتستقبله فرحة مستبشرة
وكان رئيس كل عشيرة، ورب كل بيت يطمع أن يقبل ضيافته
فجاء رجال العشائر إليه
يأخذون زمام الناقة
ويقولون :
يا رسول الله انزل فينا نحن أهل الحلقة ، نحن أهل العز
وكلهم يريدون أن يكون النبي ضيفهم ، والرسول صلى الله عليه وسلم
يقول لهم : دعوها فإنها مرسلة ، خلّو سبيلها فإنها مأمورة ويرخي زمام الناقة لا يمسكه ، دعوها إنها مأمورة
[[
أي أن الله يأمرها أين تبرك ،حيث يريد هو ، أن يكون منزلي لا أنا الذي أختار ]]
لماذا ؟؟؟؟

لأن النبي صلى الله عليه وسلم
يعلم الحساسية التى بين
{{
الأوس والخزرج }}
فمن مكارم أخلاقه صلى الله عليه وسلم
ومن أجل تأليف قلوبهم
[[
فلو اختار عائلة أو قبيلة على قبيلة وبينهم حروب ودماء لكانوا قالوا اختار الرسول هذه القبيلة علينا ويبقى في نفوسهم شيء ]]

ولكن من يعترض على اختيار الله للناقة
ترك زمامها ولم يأخذ به أبداً ،فمازال على ظهرها صلى الله عليه وسلم وقد أردف معه على الناقة أبو بكر من قباء إلى المدينة
ليعلم الناس كلهم مكانة
{{
أبا بكر رضي الله عنه }}
عند رسول الله أردفه معه على ناقته القصواء
وما زال على ظهرها حتى تجاوزت هذه الطريق كلها
فما زالت تمشي حتى أتت إلى موقع مسجده المعروف الآن كيف كان موضع الأرض قبل بناء المسجد
كان مربد لتمر لغلامين يتيمين من بني النجار
[[
مربد التمر هي الأرض السهلة عندما يقطف التمر عن الشجر يوضع بهذه الأرض لغرض التجفيف حتى لا يكون التمر مرطب يسمى عند العرب مربد يربد التمر فيه أي يجفف ]]

مربد للتمر وإلى جانبه أرض فيها مقبرة قديمة
وحول الأرض قليل من البيوت
[[
لأن هذا المكان مربد للتمر وبجانبه مقبرة فليس حوله بيوت كثيرة ]]
وإذا بالناقة تمشي إلى هذا الموقع ، ثم وقفت ونظرت برأسها يمين وشمال
ثم بركت في موقع منبره الموجود في مسجده الآن
يقول الصحابة رضي الله عنهم
اتخذ صلى الله عليه وسلم منبره على
{{
مبرك الناقة }}
بركت في موضع منبره
وبقي النبي جالس على ظهرها ، وكأنه أو هيئته كأنه يوحى إليه
فبقي جالس ينتظر
ثم قامت الناقة فطافت جولة ، وهي حدود المسجد الذي بناه الرسول والصحابة
[[
وكأنها ترسم لهم مخطط المسجد ]]

ثم رجعت إلى موقعها الأول فبركت فيه
فلما بركت هذه المرة
يقول الصحابة :
فتحلحلت
[[
أي هزت جسدها وتمكنت من الجلسة ]]
فتحلحلت ثم أرزمت [[ أي أخرجت صوتها ]]

ثم مدت عنقها إلى الأرض وأرزمت واستراحت ولم تعد تتحرك
فعلم النبي أن المنزل ها هنا
فقال : ها هنا المنزل إن شاء الله
[[
وعجب الصحابة ها هنا المنزل أرض صحراء جانبها مقبرة أين سينزل الرسول ]]

ثم وقف وقال : أي دور أهلنا أقرب إلى هذا المكان؟؟!
قال {{ أبو أيوب الأنصاري }}
أنا يا رسول الله
فهذا الباب الذي أمامك هو باب داري
فقال له صلى الله عليه وسلم :
احمل متاعنا إليه
فنزل صلى الله عليه وسلم في دار أبي أيوب

فقال له بعض الناس:
تنزل عندنا يا رسول الله ،فإن بيوتنا أوسع
قال لهم :المرء مع رحله
فجاء أسعد بن زرارة أحد النقباء الإثنى عشر وسيد الأنصار في ذلك الوقت
قال : يا رسول الله فاز بها أبو أيوب ، فهل تأذن لي أن تكون ناقتك في ضيافتي
[[
سبحان الله ما أجمل أخلاقهم ومعرفتهم بقدر رسول الله صلى الله عليه وسلم .. أنت ستنزل في دار أبو أيوب أنا أستأذنك أستضيف الناقة عندي أقوم برعايتها وخدمتها ]]
فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم
وقال له: لك ذلك فأخذ ناقته القصواء ، وجعلها ضيف في داره يخدمها وإذا احتاج النبي إليها يحضرها له
[[
أسعد بن زرارة سيد قومه ، ويعتبره شرف بين قومه أن ناقة النبي في داره ]]

فنزل النبي في دار أبي أيوب
وتصوروا معي هذا المشهد
دار أبو أيوب تتكون من غرفتين عبارة عن طابقين
ممكن حد يسأل كان في طوابق عندهم في تلك الأيام ؟
نعم كان في طوابق ، وأنت لست أصدق من الصحابة والحديث رواه البخاري

وكانوا يسموه في تلك الأيام {{ العلّيّة }}
فأراد أبو أيوب أن ينزل النبي في الطابق الثاني
فرفض النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن ينزل في الطابق الأسفل
وقال له : لك بيتك ، فهذا أسهل وأرفق علينا ، وعلى من يأتينا ضيف من الناس
فنزل النبي في الطابق الأسفل
وكان أبو أيوب كل يوم يلح على الرسول
يقول : يا رسول الله بأبي أنت وأمي ، نخاف من مشينا أن يتساقط عليك شيء من تراب أو في الليل أن نتحرك فنزعجك اصعد للطابق الثاني

فيقول له النبي :

لا لك بيتك يا أبا أيوب
حتى جاءت ليلة باردة فانكسر الحب من يد زوجته
[[
أي جرة الماء الفخارة ]]
فأسرع أبو أيوب وزوجته يجففوا الماء في البطانية التي يتغطوا بها لما يناموا
فأخذوا يجففوا الماء بسرعة
[[
لأن السقف ليس من إسمنت مسلح ]]
السقف عبارة عن قصب وعليه طين فلو شرب السقف الماء لنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم
فجففوا الماء بالغطاء
وناموا تلك الليلة بلا غطاء يرجفان من البرد
وسبحان من أخبر نبيه عن حال أبو أيوب تلك الليلة
فلما كان الصباح
قال :_ كيف كانت ليلتكم يا أبا أيوب
فقال له :_وقع من أمرنا كذا وكذا
فقال له صلى الله عليه وسلم – نصعد نحن إلى الأعلى
وتنزلوا أنتم إلى الأسفل
لأنه وجد بها مشقة عليهم
وهو صلى الله عليه وسلم الذي وصفه الله {{بالمؤمنين رؤوف رحيم }}يقول أبو أيوب:_ كنا نرسل للنبي صلى الله عليه وسلم كل ليلة عشائه فإذا رد علينا القصعة [[يعني الصحن اللي أكل منه لما يرجعه]]

تلمسنا مواضع أصابعه فنأكل من مكانها تبركاً
قال أبو أيوب :_وفي يوم من الأيام رد علينا القصعة وإذا ليس لأصابعه فيها أثر [[ أي لم يأكل من الصحن ولا لقمة ]] يقول أبو أيوب :_ففزعت وقلت للنبي بأبي وأمي رددت إلينا قصعتك وليس ليدك أثر
{{
فإنا كنا نلتمس أثر أصابعك أنا وزوجتي فنأكل منه تبركاً }
{
{ إنا كنا نلتمس أثر أصابعك أنا وزوجتي فنأكل منه تبركاً }}
لما لم تأكل عشائك يا رسول الله ؟؟
فقال له صلى الله عليه وسلم أحسب أن فيها من هذه الشجرة [[ كانوا قد وضعوا له الثوم في الطعام ]]
وأنا رجل أناجي [[ أي أناجي الله عزوجل ]]
أما أنتم فكلوا منها
يقول أبو أيوب :_فلم نعد نضع له الثوم في طعامه صلى الله عليه وسلم
كم يوم أمضى النبي في دار أبي أيوب في حديث البخاري {{سبعة أشهر حتى تم بناء المسجد وحجرات أزواجه صلى الله عليه وسلم}}
قبل أن نختم كلامنا عن اقامة النبي في دار ابو ايوب الانصاري رضي الله عنه
نقول هذا الصحابي الجليل
كان يحب جدا الجهاد ، وشهد جميع المشاهد مع النبي صلى الله عليه وسلم
ولما حدث القتال بين {{ علي ومعاوية }} رضي الله عنهما
كان أبو أيوب يقف في صف علي رضي الله عنه ضد
معاوية رضي الله عنه
ومع ذلك بعد مقتل علي رضي الله عنه
واستقر الأمر لمعاوية رضي الله عنه
كان أبو أيوب في جيش معاوية
الذي توجه لفتح القسطنطينية
[[
أي اسطنبول تركيا ]]

وهذا موقف عظيم جدا لأنه يحارب من أجل الله تعالى ولا يحارب من أجل
{
{ علي أو معاوية }}
وكان عمره تجاوز
{{ ٩٠ عام }} رضي الله عنه
ومرض
{
{ أبو أيوب الأنصاري }}
وهو في حصار {{ القسطنطينية }}

فطلب أن يدفن في أقرب مكان للعدو فمشوا بجنازته حتى دفنوه عند أسوار القسطنطينية ، وظل قبره مطمورا حتى فتح القسطنطينية بعد ذلك بمئات السنين، فبنوا على قبره مسجدا، موجود إلى الآن واسمه مسجد
{
{ أيوب سلطان }}

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً

 

اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد

يتبع الحلقة 103