هذا الحبيب 119  –  المسلمون في بدر

هذا الحبيب 119  -  المسلمون في بدر

هذا الحبيب 119  –  المسلمون في بدر

_____

مضى النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد علم أن قريش وراء التل في بدر بالجهة المقابلة ، فأمر أصحابه أن يأتوا أقرب ماء من بدر ويعسكروا فيه

وكما قلنا أن بدر ، وادي فيه مجموعة من الآبار

____
فجاء الى النبي صلى الله عليه وسلم
شاب من الأنصار عمره {{ ٣٣ }} سنة وكان شجاعا وجريئا ومتكلما اسمه
{
{ الحباب بن المنذر بن الجموح }}
رضي الله عنه ، وهو جندي من الجنود

جاء وقال :
يا رسول الله أهذا منزل أنزلكه الله ليس لنا أن نتعداه ولا نقصر عنه ؟
أم هو الرأي والحرب والمكيدة ؟
[[
هل المكان اللي أمرتنا نعسكر فيه وحي من الله إذا وحي من الله مالنا حكي نلتزم .. إذا مجرد رأي منك لنا فيه رأي ]]

فقال له صلى الله عليه وسلم :
بل هو الرأي والحرب والمكيدة
[[
النبي المؤيد بالوحي ، سيد خلق الله أجمعين ، وسيد القوم وحاكمهم ، لا يخدع رعيته ، ولا يجد حرج إذا سمع رأي من أي شخص من أصحابه يعتبر جندي في جيشه ما في رتب ولا نجوم على الكتف أيامها ، جندي يا أمة الإسلام جندي ]]

قال : بل هو الرأي والحرب والمكيدة فماذا ترى ؟
قال : ما أراه لك منزل يا رسول الله ، فإن الماء يلعب دور في الحرب
أرى أن تمشي بالناس ، حتى نكون أقرب ماء من الجيش
[[
يعني من جهة قريش ]]
وإني يا رسول الله أعلم هذه البئر وغزارته
نبني عليه حياض ثم نغور غيرها من الآبار [[ أي نردم ]]
فنشرب ولا يشربون

قال له صلى الله عليه وسلم :
لقد أشرت بالرأي فانهضوا على رأي أخيكم
فقام الجيش كله ونزلوا على رأي الحباب بن المنذر
أريتم حبيب قلوبنا ، صلى الله عليه وسلم طبق ما يريده الله منه قبل أن تنزل عليه الآيات والوحي ..
بدر أول معركة وأنزل الله بعد معركة أحد هذه الآية
{
{ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ }}

شاورهم النبي صلى الله عليه وسلم في الأمر
فهو طبق هذه الخصال قبل أن تنزل الآيات عليه

____
تقدم النبي صلى الله عليه وسلم بجيشه، وفعل كما أشار عليه
{
{ الحباب بن المنذر}}

فجاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى أغزر بئر فيه ماء في بدر

وجعل كل الآبار خلف ظهره ، وردم كل هذه الآبار
[[
دفنوها بالتراب والحجارة ]]

ولم يترك إلا بئرا واحد ، وبنى حوضاً على هذا البئر وملؤها بالماء
[[
حتى يسهل الشرب على المسلمين، وعلى دوابهم ، عشان وقت المعركة يشربوا بسرعة ما يصيروا يسحبوا الماء من البئر أثناء الحرب ]]

ووضعوا حولها المغارف
[[
مثل الكاسات عشان الجندي مباشرة يشرب ويرجع يقاتل ]]
وهكذا تحكم المسلمون في مصدر المياه
واستخدم النبي صلى الله عليه وسلم هذا السلاح إلهام جدا
وهو سلاح المياه
وخصوصا في تلك البيئة الصحراوية، لتحقيق ميزة نسبية كبيرة للمسلمين في مواجهة جيش مكة

____
تقدم جيش قريش حتى نزل في الجهة الأخرى من الوادي، وقد صور لنا القرآن العظيم جغرافية ميدان المعركة بصورة رائعة فقال تعالى :
{
{ إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَىٰ وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ }}

[[ كما أخبرتكم ، من قبل العدوة ، أي جانب الوادي فبدر لها حافتين ، وفي هذا الوادي منطقة فاضية مثل ساحة الملعب أطرافه مرتفعة ، نسمي طرف الوادي المرتفع عدوة

العدوة الدنيا يعني جهة المدينة المنورة ، والعدوة القصوى البعيدة من جهة القادم من مكة ، بين العدوتين بعض التلال ]]

ثم يقول تعالى :
{
{ وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ }}
أي العير أو الجمال التي تحمل تجارة قريش التي مع أبو سفيان

والتي اتجه بها
{
{ أبو سفيان }}
ناحية مكة بمحاذاة ساحل البحر

وقد قال تعالى :
{
{ أَسْفَلَ مِنْكُمْ }}

يعني ناحية الجنوب ، وأيضا للتعبير عن ساحل البحر

[[ لأن ساحل البحر يكون دائما أسفل من أي أرض يابسة، حتى أنهم اتخذوا سطح البحر الآن مقياسا للإرتفاعات والإنخفاضات، فيقال هذا ارتفاعه كذا متر أعلى سطح البحر ]]

فجملة
{
{ وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ }}
قالت لنا بأسلوب معجز وجميل أن العير اتجهت جنوبا بمحاذاة سطح البحر

هكذا رسم لنا القرآن العظيم جغرافية أرض المعركة بدقة شديدة ، وفي كلمات قليلة وبأسلوب معجز رائع

سبحانك ربي ما أعظمك وما أجملك

_ صلى الله عليه وسلم _

 

اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد

يتبع الحلقة 120  …