السَّلامُ عليكَ يا صاحبي 49

السَّلامُ عليكَ يا صاحبي
قال يونسُ الصَّدفي: ما رأيتُ أعقل من الشافعي
ناظرته يوماً في مسألةٍ فاختلفنا
فلقيني بعدها، فأخذَ بيدي، ثم قال:
يا يونس ألا يستقيمُ أن نكون إخواناً ولو اختلفنا في مسألة؟!

يا صاحبي إن لم أكُنْ معكَ فهذا لا يعني أني ضدك
ثمة معارك ليس عليَّ أن أخوضها لأنكَ خضتَّها
وثمة خصوماتٍ أنا غنيٌّ عنها وإن اشتركتَ أنتَ بها
سامحني أنا لا أعيش على مبدأ: معاهم معاهم، عليهم عليهم
ولا على مبدأ: مع الخيل يا شقرا
أنا أختار معاركي بنفسي
ثم من قال لكَ أنه يجب على الإنسان أن تكون له معركة؟!

يا صاحبي لا تُجبرني على أن أرى ما ترى
كلانا يملك نفس العين ولكنه لا يملك نفس النظرة
فلا تجبرني على أن أكون نسخةً منكَ
ولا أن أصفق لكل قول تقوله
ولا أن أتبنى كل رأي تعتقده
من حقك أن تقول وتعتقد ولكن لا تنسَ أنه من حقي كذلك!

يا صاحبي إن قلتُ لكَ تريَّثْ
فأنا لستُ جباناً وإنما ناصح !
الغضبُ يُعمي، وصاحب المشكلة لا يراها جيداً لأنه واقع بها
أحياناً عليكَ أن تبتعد قليلاً لترى الصورة بوضوح
وتذكَّرْ جيداً:
أنا صديقك ولستُ سيفكَ
فلا تستعملني في معارككَ حين أكون في غنىً عنها!

يا صاحبي في الحق والباطل هناك أسود وأبيض فقط
أما في الحياة فكل الأشياء رمادية!
في كل خير هناك شر ولو كان ضئيلاً
وفي كل شر هناك خير ولو كان صغيراً
فلا تجعلْ مواقف الحياة كلها كأنها حرب عقيدة!
تغاضَ قليلاً، وغُضَّ الطَّرف كثيراً، وتظاهرْ بأنكَ لم تسمعْ ولم ترَ!

والسلام لقلبك ❤️