هذا الحبيب 160 – مأساة بئر معونة كاملة
___________
ذكرنا غدر قبيلتي {{ عضل و القارة }}
وهو مايعرف بفاجعة {{ الرجيع }}
وقد استشهد الصحابة بعد أن ذهبوا ليعلموهم هذا الدين ، فغدروا بهم وكان من أمرهم ماكان
وقد وقعت هذه الحادثة بعد معركة أحد ب {{ ٤ أشهر فقط }}
وقبل أن يخرج هؤلاء الصحابة الذين استشهدوا
كان ايضاً قد قدم على النبي صلى الله عليه وسلم ، قبلها بيوم او بعدها بيوم
رجل آخر من {{ بني عامر }} من اهل نجد
كنيته {{ ابو البراء }}
[[ يعني قبيلتي عضل والقارة ، وهذا الرجل ابو البراء قدموا للمدينة في نفس الوقت ، فذكرنا فاجعة الرجيع ، والآن نذكر ماسأة بئر معونة ]]
_____________
قدم هذا الرجل {{ ابو البراء }} من قبيلة بني عامر
أما اسمه الحقيقي {{ عامر بن مالك }}
ويلقب بأسم {{ مُلاعبِ الأسنَّة}} لانه كان ماهر جداً في القتال فكان يقاتل بسيفين وكان يقاتل بالسيف والحربة
يتلاعب بالسلاح بيديه من شدة مهارته فسمي {{ مُلاعب الأسنّّة }}
حتى عرف بين العرب بهذا اللقب ، وبلغ من شهرته أنه صار مثلاً بينهم
يقولون :_ هذا الفارس قوي كأنه مُلاعب الأسنَّة
___________
قدم الى المدينة هذا الرجل {{ ابو البراء ملاعب الأسنَّة }}
وكان قد شاخ وتقدم بالعمر ، فأخذ الزعامة منه أبن أخيه واسمه {{ عامر بن الطفيل }}
قدم {{ ابو البراء }} الى المدينة و كان شيخ كبير، وقدم هدية الى الرسول صلى الله عليه وسلم
ودعاه النبي صلى الله عليه وسلم الى الإسلام
فلم يسلم ولم يرفض الاسلام
كان {{ ابو البراء }} مقتنع بالإسلام
ولكنه لم يسلم ، خوفاً على مكانته في قبيلته لأنه من سادة قومه
فقال ابو البراء :_يا محمد إني أرى أمرك هذا حسنٌ شريف
[[ اي هذا الدين الذي تدعو إليه حسن شريف ]]
فلو بعثت رجالاً من أصحابك الى أهل نجد يدعونهم الى أمرك ، فإني أرجو أن يستجيبوا لك
[[ لأنه يريد لقومه أن يسلموا ويسلم معهم هو ايضاً ]]
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :_ إني أخشى عليهم أهل نجد
فقال له ابو البراء :_ أنا جارٌ لهم [[ لانه كبير قومه وله كلمة مسموعة قال هم في حمايتي ]]
وكان الجوار معروف عند العرب جميعاً ، فالجوار من العار عند العرب ان ينتهك
___________
استجاب الرسول صلى الله عليه وسلم {{ لأبي البراء }}
ثم أنطلق ابو البراء وسبقهم الى نجد ، واخبر ابن اخوه سيد قومه {{ عامر بن الطفيل }}
قال له :_ يا أبن أخي سيحضر أصحاب محمد وإني قد أجرتهم حتى يبلغوا دعوته
__________
وأختار النبي صلى الله عليه وسلم من اصحابه
{{ ٧٠ }} من شباب الصحابة ، ليخرجوا لنجد يدعوهم الى الإسلام
[[ اختار ١٠ من الصحابة لقبيلتي عضل والقارة ، واختار ٧٠ لبني عامر ]]
هؤلاء السبعين من الصحابة الذي أختارهم النبي صلى الله عليه وسلم يطلق عليهم {{ القراء }}
لماذا هذا اللقب ؟؟
لأنهم كانوا هؤلاء الشباب من الصحابة ، إذا صلوا العشاء مع النبي صلى الله عليه وسلم
لا يذهبوا لبيوتهم ، بل ينطلقوا الى أطراف المدينة عند البساتين
واتخذوا معلم لهم للقران من كبار الصحابة
فيحفظون القران عليه حتى يتقنونه ، كما أنزل فلا يدّعون آية تنزل إلا حفظوها ، وتفقّهوه فيها
وقاموا الليل يصلون بها ، حتى إذا كان الفجر استعذبوا من الماء قبل أن تخلطه أيدي الناس [[ اي قبل ما يتعكر ]]
فملؤوا القربة ، وأحتطبوا [[ أي جمعوا الحطب ]]
وجاؤوا به الى حجرات أزواج النبي صلى الله عليه وسلم [[ فكانوا ينصبون من أنفسهم وكأنهم خدم لبيوت النبي دون أن يشعر بهم أحد ]]
فما أن يطلع الفجر
كانت أوعية الماء أمام حجرات أزواج النبي وإذا بالحطب امام الحجرات ايضاً
ويشهدون الفجر جماعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
رضي الله عنهم أجمعين
__________
[[ اختلف في عددهم ، قيل كانوا ٧٠ رجل ، وقيل ٤٠ والذي جزم انهم ٤٠ في الحديث الصحيح قال والبقية كانوا تبعاً لهم اي عبيدهم وخدمهم ]]
أنتدب الرسول هذه الفئة الطيبة ، التي تقوم الليل وتقرأ القران ليكونوا خير دعاة {{ لبني عامر }}
وكتب لهم النبي صلى الله عليه وسلم كتاب {{ لبني عامر }}
وأرسله معهم
[[فخرجوا في الوقت الذي خرجت به اصحاب عضل والقارة
فأصحاب عضل والقارة خرجوا الى جهة مكة ، وهؤلاء القراء اخذوا طريق نجد الى بني عامر ]]
وكان كما قلنا {{ ابو البراء }}قد سبقهم واخذ لهم العهد عند قومه
_____________
حتى وصلوا عند بئر يطلق عليه {{ بئر معونة}}
ومن أدب الصحابة ، وقفوا عند البئر ولم يدخلوا كلهم دفعة واحدة الى {{ بني عامر }}
بل ارسلوا حامل الكتاب الى سيد القوم {{ عامر بن الطفيل }}
فأرسلوا {{ حرام بن ملحان رضي الله عنه }}
[[ ليخبروه أننا نحن أصحاب محمد ، وان ابو البراء عمك اخذ لنا العهد والجوار ]]
فلما دخل حامل الكتاب على {{ عامر بن الطفيل }} وكان عامر هذا سيء الخلق جداً
فلما دخل عليه ، وعرف بنفسه ومد الكتاب إليه
فلم يلتفت إليه
وقال :_ ما حاجتكم ؟؟
قال له :_ لسنا أصحاب حاجة [[ بلغتنا مش جاين نشحد ]]
ولكننا أرسلنا بأمر من نبينا الى قومكم ندعوهم الى هذا الدين وقد اخذ لنا عمك ابو البراء {{ملاعب الاسنة }} عهداً وجوار
إني رسول رسول الله إليكم
ندعوكم الى لا إله إلا الله ، محمد عبده ورسوله
فآمنوا بالله ورسوله
فبينما هو يتكلم معه أشار {{ ابن الطفيل }} الى أحد رجاله واسمه {{ جبار بن سلمي }} فطعنه بالحربة في ظهره وخرجت من بطنه
فأخذ هذا الصحابي الجليل {{ حرام بن ملحان }} يمسح الدم الذي ينزف منه بيده ، ويدهن به وجهه
وهو يقول :_ الله أكبر الله أكبر فزت وربِ الكعبة حتى فاضت روحه
فأستغرب الذي طعنه يقول فزت ؟!!!
قتلته ويقول فزت !!!!!
تعجب وأخذ يسأل: – ما الذي فاز به ؟ أولستُ قد قتلته؟
فقالوا له: – إنها الشهادة عند المسلمين !
فقال: – نعم فاز والله
ثم ذهب {{ جبار }}الى المدينة وأسلم
__________
فكان قتل الصحابي من سوء أخلاق {{ عامر بن طفيل }}
لأنه أولاً
رد جوار عمه {{ ابو البراء }}
[[ يعني لم يحترم عمه مع انه كل بني عامر تحترم عمه ]]
ثانياً
هو قتل رسول ، والرسل لا تقتل ، وكانت هذه قاعدة عند العرب ، وعند كل الدول وحتى الآن
___________
وبعد قتل هذا الصحابي
خرج {{ عامر بن الطفيل }} الى قومه وهو سيد القوم و زعيمهم
ثم قال لهم :_ استعدوا معي لنذهب لبئر معونة ونقتل أصحاب محمد
فرفض قومه الخروج معه [[ لأنهم يحترموا عمه ابو البراء جميعا ويحبونه ولا ينقضون عهده وجواره ]]
_________
فلما رفض القوم دعوة سيدهم {{ عامر بن الطفيل }}
ذهب الى القبائل حوله وجمع ثلاثة قبائل معه
وانطلقوا الى المسلمين
عند {{بئر معونة }}
وأخذوا يقاتلونهم
وأخذ المسلمون سيوفهم ودافعوا عن أنفسهم، ولكنهم قتلوهم عن آخرهم
لم يبق إلا {{ كعب بن زيد رضي الله عنه }} الذي جرح وظنوه قد قتل ولكنه عاش، ثم مات شهيدا بعد ذلك بعام واحد في غزوة الخندق
________
كان اثنين من الصحابة ، قد تأخرا عنهما في الطريق
وهما
{{ المنذر بن عقبة ، وعمرو بن أمية }}
فوجدوا الطيور تحوم في السماء فوق معسكر المسلمين عند بئر معونة
فقالا: _ والله ان لهذه الطيور لشأن ، وأسرعا الى أصحابهم، فوجدوهم قد قتلوا
فانطلقا يقاتلان هما أيضا
فقتل {{ المنذر بن عقبة}}
ووقع {{عمرو بن أمية }} في الأسر
ثم أعتقه عامر بن طفيل ولم يقتله
[[ لأن أمه كان عليها عتق رقبة ، فأعتق لها عمرو بن أمية ]]
_____________
وانطلق {{ عمرو بن أمية }} رضي الله عنه راجعاً الى المدينة
وفي الطريق لقي ، رجلين وعلم أنهما من {{بني عامر }}
ونزلا تحت ظل شجرة
فلما ناما قتلهما {{ عمرو بن أمية }} ثأرا للصحابة
ولكن هذان الرجلين
كان معهما عهداً من النبي صلى الله عليه وسلم
وهو كان لا يعلم بذلك، فلما عاد الى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره
قال له:_ قد قتلت قتيلين لأدينَّهما [[ اي سأدفع ديتهم ]]
وكان ذلك من مكارم أخلاقه صلى الله عليه وسلم
فقد جاءه صلى الله عليه وسلم خبر هذين القتيلين مع خبر استشهاد السبعين من صحابته ، ومع كل هذا
أراد أداء الدية لهذين القتيلين اللذين قُتلا عن طريق الخطأ
___________
وصل الخبر لرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة
فكانت فاجعة ومأساة
{{ عضل والقارة ، وبئر معونة ، في نفس التوقيت }}
كانت مأساة شديدة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام
وغلب الحزن الشديد على الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى المسلمين
و ربما كان حزنهم أكثر من أحد
[[ لأن في أحد كانت هناك مواجهة ، وكان هناك قتلى من المشركين وجرحى ]]
ولكن هؤلاء الصحابة رضوان الله عليهم قتلوا بالغدر
_____________
ومن شدة حزن الرسول صلى الله عليه وسلم ، اخذ يدعوا عليهم شهرا كاملاً
يرفع يديه في الدعاء ، حتى يسقط ردائه عن منكبيه
[[ ومن هنا اخذ دعاء القنوت لم يشرع دعاء القنوت قبل هذه الواقعة أي انه يدعو بعد الرفع من الركوع في الركعة الأخيرة ]]
___________
وهنا لنا وقفة
فدعاء القنوت لا بد أن نحرص عليه خاصة في أيامنا هذه وما تمر به الامة، فالمسلمون يقتلون في كل انحاء العالم
يجب ان نحرص على دعاء القنوت
في صلاة الفجر او العشاء حتى لا نهمل هذه السنة ، وليت الإمام في الصلاة في المساجد ، ان يحرصوا عليه أيضا
فالسيرة للتأسي لا للتسلي
والدعاء يجب ان يبدء بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ويختم بها فلا يرد الدعاء عند إذن
إذا هممت بالدعاء فاستفتح دعاؤك بالصلاة على رسول الله لأن الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
{{ أمر وتكليف إلهي }}
من الذي أمر به ؟؟
الله جل جلاله في قوله تعالى
{{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }}
فالصلاة على الرسول دعاء . . انت تقول اللهم صلِ تدعوا الله ، وهذا الدعاء يقبل فورا ، لأن الله قد أمرنا به
فصلاتك على الرسول صلى الله عليه وسلم {{ مقبول }}من الله فورا
لأنه أمر مباشر وصريح منه جل في علاه
لذا فإنك إذا استفحت دعاؤك بالصلاة عليه فإن
{{ الله الكريم }} سيقبل باقي دعاؤك .. فالله جل في علاه لا يمكن أن يقبل دعاء ويرفض آخر .. ما دام في غير معصية!
فأي دعاء اياكم ان تغفلوا عن هذه الملاحظة المهمة الصلاة على رسول الله
_______
ونذكر ذلك الرجل الأعمى الذي جاء الى النبي يطلب منه الدعاء أن يرد الله له بصره
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :_
إن شئت دعوت لك فرد الله بصرك ، وإن شئت تصبر ولك الجنة
فقال الاعمى :_ يا رسول الله ، والله ما أريدهما [[ اي عيناي ]] إلا لأراك بهما
[[اي أريد أن أبصر حتى أراك ]]
فرَّق له النبي صلى الله عليه وسلم وعلمه هذا الدعاء والمعروف في كتب الفقه {{بسنة قضاء الحاجة }}
أمره أن يتوضأ ، فيحسن وضوءه ، ويصلي ركعتين ، ويدعو بهذا الدعاء فيقول
{{ اللهم إني أسألك، وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة ، يا محمد إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه ، فتقضى لي اللهم شفعه في، وشفعني فيه }}
امره النبي ان يدعو هذا الدعاء في سجوده
فرد الله بصره عليه وهو ساجد قبل ان يرفع راسه
والروايات لهذا الحديث متعددة
منها {{ انه رفع رأسه واتم صلاته فأبصر }}
ورواية اخرى تقول
عندما رد الله عليه بصره وهو ساجد فرفع رأسه [[فطرة البشر يريد أن يرى النبي فرفع راسه فأخذهُ لمح البصر الى وجه النبي صلى الله عليه وسلم ]]
فلما رأى وجه الحبيب صلى الله عليه وسلم لم يكمل صلاته فقام من جلوسه واكب على النبي صلى الله عليه وسلم يبكي و يقبل راسه ويديه
اي الروايات
{{ المهم رد الله بصره عليه فوراً وهو ساجد }}
__________
نرجع لبئر معونة
اما {{ ابو البراء ملاعب الاسنة }} أصابه غيض شديد لانها انتهكت جواره من ابن اخيه
فهناك روايات
( الأولى )
انه رجع للنبي صلى الله عليه وسلم يعتذر عن ما فعله ابن اخيه فقبل النبي عذره ،ثم أسلم وكان من الصحابة
( والروايةالثانية )
أنه ارسل من طرفه رسولاً يعتذر ويعلن اسلامه ، ثم مات غيظاً وقهراً لانه انتهك جواره مع اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
فمن هنا نعلم من حادثة الرجيع وبئر معونة
ان النبي صلى الله عليه وسلم لايعلم {{ الغيب المطلق }} إلا ما اطلعه الله عليه
لم يكن يعلم أن اصحابه سيصيبهم ذلك ولكنه كان متخوفاً عليهم وحذر واخذ بالاسباب ولكن لا رآد لقضاء الله
يتبع إن شاء الله غزوة بني النضير
يتبع بأذن الله …