هذا الحبيب 217  – السيرة النبوية العطرة {{ حصار الطائف }}

هذا الحبيب 217  - السيرة النبوية العطرة {{ حصار الطائف }}

هذا الحبيب 217  – السيرة النبوية العطرة {{ حصار الطائف }}
__________
هربت {{ هوازن}} ومعهم قائدهم {{ مالك بن عوف}} الى مدينة {{ الطائف }} الحصينة بعد هزيمة حنين
واتجه النبي صلى الله عليه وسلم لتتبع هوازن، حتى يقابلهم في معركة فاصلة
و {{ الطائف}} هي المدينة التي ذهب اليها النبي صلى الله عليه وسلم في السنة العاشرة من الهجرة
ومعه {{ زيد بن حارثة}} ليعرض عليهم الإسلام، ولكنهم
رفضوا الإسلام وطردوه وأغروا به سفهائهم وأمطروه بوابل من الحجارة والسباب
في ذلك الوقت قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة
{{ يا زيد ، إن الله جاعل لما ترى فرجا ومخرجا ، وإن الله ناصر دينه ، ومظهر نبيه }}
__________
وصل النبي صلى الله عليه وسلم الى الطائف، والمسلمون يتوقعون معركة هائلة بين هذا التجمع الضخم بين الجيشين والذي لم تشهد الجزيرة العربية مثيلا له من قبل
ولكن كانت المفاجأة
أن تجمعت قبائل {{ هوازن}} و رفضت الخروج لقتال المسلمين، واختاروا أن يمكثوا في حصونهم دون قتال
بالرغم من أن أعدادهم أكثر من ضعف عدد المسلمين
وبالرغم من أن {{ نسائهم ، وأبنائهم ، وأموالهم }} في أيدي المسلمين
وبرغم ذلك خافوا وجبنوا من الخروج لحرب المسلمين لانقاذ نسائهم وأبنائهم وأموالهم، وكان ذلك خزيا كبيرا لهوازن، وهزيمة جديدة لهم
__________
وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بحصار {{ هوازن }}
وكان حصن هوازن هو أمنع حصون الجزيرة
وبدأت {{ هوازن }} في اطلاق السهام بكثافة شديدة
يقول أحد الصحابة {{ مثل الجراد}} بينما لم تكن سهام المسلمين تصل اليهم، وأصيب عدد كبير من المسلمين
فقرر النبي صلى الله عليه وسلم تغيير مكان الجيش ودعا الخبير الإستراتيجي {{ الحباب بن المنذر }} رضي الله عنه
تذكرون هذا الاسم
{{ الحباب }}
الذي اشار على النبي صلى الله عليه وسلم
بتغيير مكان الجيش في {{ بدر }}فكان ذلك سببا من اسباب النصر
واشار على النبي صلى الله عليه وسلم بتغيير مكان معسكر المسلمين أثناء حصارهم لحصن {{ ناعم}} في {{ خيبر}}
فقال النبي صلى الله عليه وسلم :_ يا حباب انظر مكاناً مرتفعا مستأخرا عن القوم
فانطلق {{ الحباب}} حتى انتهى الى موضع هو الآن مكان مسجد الطائف، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يتحول الجيش الى هذا المكان
__________
واحتاج المسلمون لتدمير الأسوار الى المنجنيق، وقد عرفوا {{ المنجنيق}} من قبل
وذلك أثناء حصار {{ خيبر}} ولكن لم يكن معهم منجنيق
فقرروا صناعة منجنيق، وبالفعل صنعوا منجنيق تحت اشراف {{ سلمان الفارسي }}
كما صنعوا {{ دبابة }} خشبية لأول مرة
[[وهي عبارة عن غرفة صغيرة مصنوعة من الخشب الصلب لها عجلات، يختبأ عدد من الجنود تحتها، ويدفعوها وهم بداخلها، حتى يلتصقوا بالسور، ثم يعملون بواسطة آلات الحفر الحديدية على هدم حجارة السور، من المكان الذي أضعفته حجارة المنجنيق، وكلما هدموا جزء وضعوا له دعائم خشبية حتى لا ينهار السور عليهم، حتى اذا فرغوا من عمل فجوة متسعة، دهنوا الأخشاب بشيء من الزيوت، ثم اشعلوا النيران وانسحبوا بالدبابة، فاذا احترقت الأخشاب انهار السور مرة واحدة، تاركا فتحة كبيرة صالحة للإقتحام منها ]]
_________
وبالفعل بدأ المسلمون في قذف أسوار الطائف بالمنجنيق وسار عدد من الجنود تحت الدبابة الخشبية، واستطاع المسلمون كسر جزء من السور
كاد المسلمون يدخلون داخل أسوار الطائف، ولكن {{هوازن}} فاجئت المسلمين بالقاء الحسك الشائك المُحمَّى في النار
[[ وهو عبارة عن أشواك حديدية ضخمة على هيئة صليب يحمى عليها في النار ثم تلقى ]]
فأصيب المسلمون اصابات بالغة ولم يستطيعوا التقدم في اتجاه الحصن
_________
ثم أمر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ان ينادي أصحابه على هوزان
ان أي عبد من العبيد يخرج الى المسلمين فهو حر
فأخذ الصحابة ينادون
{{ أيما عبد نزل من الحصن وخرج إلينا فهو حر }}
وكان الهدف من ذلك هو حرمان {{ هوازن}} من طاقة هؤلاء العبيد
والحصول على معلومات عسكرية من داخل الحصن
وبالفعل بدء العبيد يفرون من الحصن وينضموا للمسملين، ووصل عددهم الى {{ ٢٣ }} من العبيد
ولكن شددت {{ هوازن }} الحراسة ومنعت هروب العبيد
وبدء النبي صلى الله عليه وسلم يستجوب هؤلاء العبيد، وعلم منهم أن داخل {{ الطائف }} طعام وشراب يكفيان أهلها لمدة سنة على الأقل
________
واستمر حصار الطائف {{ ٤٠ }} يوم
استشهد فيها عدد من الصحابة ، وجرح عدد كبير منهم
وقرر النبي صلى الله عليه وسلم في رفع الحصار عن الطائف والعودة
واستشار في ذلك بعض الصحابة
وكان ممن استشارهم صلى الله عليه وسلم
{{ نوفل بن معاوية الديلمي}}
تذكرون هذا الاسم
هو الذي قاد {{ بنو بكر}} في الاعتداء على {{ خزاعة}} منذ ثلاثة اشهر فقط
وقتل منهم داخل الحرم
وقال له أصحابه: يا نوفل، إلهك إلهك
فرد عليهم لا إله لكم اليوم، وكانت هذه الحادثة السبب في فتح مكة
فبعد كل هذا التاريخ الأسود مع المسلمين
فان النبي صلى الله عليه وسلم يقربه ويستشيره
وسنجد أنه سيأخذ بمشورته، و كان هذا من حكمته صلوات ربي وسلامه عليه ، أن يتألف القلوب وينزل الناس منازلهم، ويستفيد منهم لصالح المسلمين
يقول نوفل بن معاوية:
– يا رسول الله، هم ثعلب في جحر ، إن أقمت عليه أخذته، وإن تركته لم يضرك
[[ وصف ثقيف بالثعالب لأنهم كانوا معرفون بين العرب بالمكر، ومعنى {{أن أقمت عليه أخذته}} يعني لو صبر المسلمون على الحصار، فسيفتحوا الحصن، ولكن ترك الحصن ليس فيه أي ضرر على المسلمين لأن {{ هوازن}} قد انكسرت شوكتها، وانعدم خطرها، ولن تقوم لهم قائمة بعد اليوم ]]
_________
وقرر النبي صلى الله عليه وسلم رفع الحصار
وأمر {{ عمر بن الخطاب}} فاذن في الناس بالرحيل
فقال بعض الصحابة :_ نرحل ولم يفتح علينا الطائف ؟
فلم يتمسك الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ، برأيه مثل كل القادة والزعماء في التاريخ كله
فقال لهم :_ فاغدوا على القتال[[ يعني اذا كان الصباح فابدئوا القتال مرة أخرى ]]
فلما جاء الصباح قاتل المسلمون هذا اليوم
واصيب بعض المسلمون ببعض الجروح، فلما انتهى اليوم
قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبتسم :_إنا قافلون غدا إن شاء الله
فقالوا: يا رسول الله، ادع الله على ثقيف
فقال لهم الحبيب :_ نعم ابسطوا أيدكم
فبسط الصحابة ايديهم للدعاء
فرفع يديه صلى الله عليه وسلم وقال {{ اللهم اهد ثقيفا وائت بهم مسلمين }}
سمعتم دعاء نبيكم ؟؟
المبعوث رحمة للعالمين ، الذي جعله الله أسوة لنا الى يوم القيامه
قال تعالى {{ لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}} ولكن لمن ؟؟
{{ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا }}
كونوا من هذا الصنف ان شاء الله تعالى
__________
واستجاب الله تعالى لدعاء نبيه صلى الله عليه وسلم وأسلمت ثقيف بعد أقل من عام واحد
لأن كل من بقي من القبائل العربية جاء بعد ذلك الى المدينة فبايع النبي صلى الله عليه وسلم وأسلم
فوجدت {{ هوازن}} أنها لا طاقة لهم بحرب كل من حولهم من العرب، فجاء وفد منهم الى المدينة وأسلم
وحسن اسلامهم بعد ذلك، فبرغم أنهم كانوا آخر العرب اسلاما، فانهم ثبتوا على الإسلام بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يرتدوا كما فعلت بعض القبائل العربية
__________
ثم اتجه النبي صلى الله عليه وسلم {{ الجعرانة }} لتقسيم الغنائم
حيث كانت قد ترك جميع غنائم {{ هوازن}} والتي كانت أكبر وأعظم الغنائم في تاريخ العرب قاطبة، وحدثت عند توزيع الغنائم بعض المواقف نتحدث عنها ان شاء الله
يتبع ….