هذا الحبيب 232  – السيرة النبوية العطرة (( وفد بنو سعد بن بكر ))

هذا الحبيب 232  - السيرة النبوية العطرة (( وفد بنو سعد بن بكر ))

هذا الحبيب 232  – السيرة النبوية العطرة (( وفد بنو سعد بن بكر ))
__________
كانت العرب قاطبة في الجزيرة ترقب أمر النبي صلى الله عليه وسلم مع قومه في مكة
فإن العرب كلها تكنُ قدراً و احتراماً وهيبةً لأهل الحرم
وقد علموا جميعاً بحادثة الفيل واصبحوا على يقين وقناعة أن من يريد بهذا البلد أو أهله بسوء لن يسلم من عقوبة السماء
[[ هكذا كان اعتقادهم لأنهم لا يؤمنون بالله بل يؤمنون بالاصنام وأن من يرد به سوء يأتيه عقاب الآلهة ولأن قريش هم حضنة البيت وزرع اسماعيل عليه السلام وان قريش هم من يقومون بحق ضيافة وفود الرحمن في موسم الحج ]]
فلما كان أمر النبي صلى الله عليه وسلم مع قومه و وقعت عدة معارك كراً وفراً بين قريش والمسلمين
أخذت العرب ترقبُ مصير قريش مع هذا النبي صلى الله عليه وسلم
__________
فخرجوا بنتيجة
قالوا :_ إن يكن محمد غير صادق فلن يسلم إذا اعتدى على قريش أو حاول فتح مكة
وإن يكن صادقاً ، وفتحها وظهر على قريش يكن نبياّ حقاً وصدقا
فلما تم {{ فتح مكة }} وتبعها {{ غزوة تبوك }} أخذت العرب تفد الى المدينة ليلاّ ونهاراً يدخلون في دين الله
__________
ولو أردت ان اذكر لكم كل الوفود لن نغطيها كلها لكثرتها
فلقد شهدت المدينة في السنة التاسعة من الهجرة، وفي السنة العاشرة حضورا مكثفا للوفود من كل أنحاء الجزيرة العربية، وقد زادت هذه الوفود عن {{ ٦٠ }} وفدا، وقيل أنها وصلت الى {{ ١٠٠ }} وفد
فبعض هذه القبائل جاء الى المدينة مقتنعا بالإسلام، والبعض جاء خوفا وطمعا
وكانت هذه الوفود تختلف أعدادها، فقد تكون عشرة أفراد وقد تكون أكثر أو أقل، وكانت تمكث في المدينة بضعة أيام، ثلاثة أيام أو أكثر أو أقل، فكانت تتعلم في هذه الأيام أصول العقائد والصلاة والفرائض
فلن اعرض لكم الوفود كلها ولكن سأذكر لكم نماذج فقط
نماذج عن {{ وفود خير }} كانت تريد وجه الله حقاً
ونماذج على النقيض كانت{{ طلاب دنيا }} وظنوا ان بعثة النبي فيها شيء من الزعامة فهم طلاب كراسي [[ كحال معظم العرب في هذا الزمن ]]
ولنبدأ بوفد الخير اولاً في هذا الجزء
___________
وفد مبارك وكان ممثلاً برجل واحد اسمه {{ ضمام بن ثعلبة }}

فكان من الوفود المباركة التي قدمت المدينة
هو وفد {{ بنو سعد بن بكر }} أحد بطون هوازن، وكان هذا الوفد الذي أرسلته {{ بنو سعد بن بكر}} مكون من رجل واحد فقط وهو {{ ضمام بن ثعلبة}}
فلم يكن {{ ضمام }} هذا سيد قومه ولكن كان من عقلاء القوم وحكمائهم فوقع الخيار عليه وذلك لثقتهم فيه وفي رأيه
فطلب منه قومه أن يفد الى المدينة ويجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم
وأن يحدثه ويرى فيه رأيه ثم يأتيهم بالخلاصة كي يجمعوا رأيهم ليرسلوا وفدهم
لكن {{ ضمام }} كان خير وفد وخير وافد
فقد كفى قومه هذه المهمة ، فكان خير و أيمن وافد على قومه
قدم هذا الرجل {{ ضمام }} على جمل له وحده لا يرافقه احد ، ودخل المسجد بجمله، وأناخه على باب المسجد، وعقله
ثم دخل المسجد
و قال :_ أيكم محمد بن عبد المطلب ؟
وكان النبي صلى الله عليه وسلم متكئاً على ذراعه اليمنى

[[ يعني مكوع بلغة اليوم ، وهذه لفظة خاطئة في اللغة العربية فالكوع الذي يعرفه الناس اليوم ليس اسمه كوع اسمه مرفق بنص القرآن الكريم فجاء في فرائض الوضوء { وأيديكم الى المرافق } لفظة العوام اليوم يسموه كوع
لذا نرى إذا اراد الناس ان يذموا شخص في سوء الفهم قالوا فلان لا يعرف كوعه من بوعه
اتعرفون أين الكوع ؟؟ هو العظم الذي يلي أبهام اليد
و البوع عظم يلي ابهام القدم
يعني مثل ٩٠ ٪ من اصحاب المناصب من العرب اليوم لا يعرف كوعه من بوعه يعني ما بيعرف ايده من رجله يخبط بقرارته بالشعب خبط عشوائي لا يدري الى اي هاوية يقودهم ]]

يقول الصحابة :_ فدخل ضمام وله دوي لا يفهم [[ اي بلهجة قومه لانه كان للعرب لهجات وجاء القران بها كلها ، لهجات العرب سبعة ولكن المشهورة بها لهجة قريش ]]
قال :_ أيكم محمد بن عبد المطلب ؟؟
وكان النبي صلى الله عليه وسلم متكئاً على ذراعه اليمنى
قالوا :_ فأستند النبي صلى الله عليه وسلم
[[ أي جلس على ركبتيه ، ما رد عليه وهو مكوع بلغتنا اليوم لا ، فهذا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحب الخلق العظيم الذي قال فيه ربه {{ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ }} ]]
قالوا :_ فأستند النبي صلى الله عليه وسلم
وقال :_ نعم انا بن عبدالمطلب
قال ضمام :_ أمحمد ؟؟!!! [[ يعني يريد الآن ان يحدد من انت من بني عبد المطلب محمد ، وإلا انت اي واحد من بني عبد المطلب ]]
فقال النبي صلى الله عليه وسلم :_ نعم انا محمد بن عبد المطلب
_______
[[وانظروا الى الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو سيد الأنبياء والرسل، وخير البشر، وهو القائد الذي دانت له الجزيرة العربية، وخضع له كل العرب، للمرة الأولى في تاريخ الجزيرة العربية، وواجه الروم وانسحبوا من أمامه، يجلس بين أصحابه وأتباعه وجنوده، على الأرض متكئا، حتى أن الغريب لا يعرفه من بينهم حتى يسأل عليه ، مافي مثل البعض اليوم يتصدر المجلس حتى يعرف
ودائما الشخصيات المشهورة تحاول أن تبتعد عن الناس، لأنها تعلم أنها اذا خالطت الناس فسيرون عيوبهم وستسقط الهالة التي حولهم، أما الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فهو شديد الإختلاط بأصحابه، وكلما خالط أصحابه كلما ازدادوا له حبا، وكلما ازداد هيبة في قلوبهم، واجلالا في أعينهم
صلوا على الحبيب المصطفى ]]
________
تقدم {{ ضمام بن ثعلبة}} الى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له:_ يا ابن عبد المطلب
فقال له النبي :_ قد أجبتك
قال ضمام :_ إني سائلك فمشدد عليك في المسألة ، فلا تجد عليّ في نفسك [[ يعني لا تنفعل وتغضب من اسألتي ]]

فقال له الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في تواضع وسعة صدر:_ سل عما بدا لك فإني لا أجد إن شاء الله تعالى

[[ الآن تجد في الإذاعة من يوهمون الناس انهم دعاة لله ، وهم ابعد ما يكونون عن الله ، اذا اتصل احد الناس يسألهم سؤال لا يدعه يكمل السؤال ، مستعجل اختصر لو سمحت، واذا سأل أكثر من سؤال، يقطع عليه الإتصال ويقول له اعط فرصة لغيرك ، وأهم شيء بالدعوة يجب ان يحمل بيده وردة انظروا الى اخلاق الحبيب المصطفى ، فبأي الناس تقتدون ايها الدعاة والى أي دين تنتسبون ]]

قال ضمام :_ يا محمد! أتانا رسولك فزعم لنا أنك تزعم أن الله أرسلك
قال النبي صلى الله عليه وسلم :_ صدق
قال ضمام : _ فمن خلق السماء؟
قال له النبي صلى الله عليه وسلم :_ الله
قال ضمام : _ فمن خلق الأرض؟
فقال له :_ الله
قال ضمام :_ فمن نصب هذه الجبال وجعل فيها ما جعل؟ قال له النبي صلى الله عليه وسلم :_ الله

قال ضمام : اناشدك الله الذي خلق السماء وخلق الأرض ونصب هذه الجبال إلهك وإله ابائك وإله من كائنٌ بعدك
{{ آلله }} أرسلك إلينا رسولا
[[ ومعنى آللَّه بالمد والتشديد اي استحلفك بالله ، يمين باللغة العربية ]]
قال له النبي صلى الله عليه وسلم :_ اللهم نعم [[ اي اللهم اشهد ان الله هو الذي ارسلني ]]
قال ضمام :_ وزعم رسولك أن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا؟
قال له النبي صلى الله عليه وسلم :_ صدق
قال ضمام :_ فبالذي أرسلك … آلله أمرك بهذا؟
[[ انظروا الى تسلسل صيغة السؤال قال فبالذي ارسلك دليل على ان الايمان سرى في قلب ضمام لم يكرر ويقول له يا بن عبدالمطلب ]]
قال :_ فبالذي أرسلك … آلله أمرك بهذا؟
قال النبي صلى الله عليه وسلم :_ نعم
قال ضمام :_ وزعم رسولك أن علينا زكاة في أموالنا، تؤخذ من أغنيائنا فتقسم في فقرائنا
قال النبي صلى الله عليه وسلم :_ صدق
قال ضمام :_ فبالذي أرسلك … آلله أمرك بهذا؟
قال النبي صلى الله عليه وسلم :_ نعم
قال ضمام :_ وزعم رسولك أن علينا صوم شهر رمضان في سنتنا؟
قال النبي صلى الله عليه وسلم :_ صدقك
قال ضمام :_ فبالذي أرسلك … آلله أمرك بهذا؟
قال النبي صلى الله عليه وسلم :_ اللهم نعم
قال ضمام : _ وزعم رسولك أن علينا حج البيت من استطاع إليه سبيلاً
قال النبي صلى الله عليه وسلم :_ صدق
ثم قرأ عليه النبي صلى الله عليه وسلم شيء من القران
فلما انتهى النبي صلى الله عليه وسلم
قال ضمام :_ آمنت بما جئت به ، وإني اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وانك يا محمد رسول الله فوالذي بعثك بالحق وانقذنا بك من الضلالة الى الهدى لن ازيد عن ما سمعت منك ولا انقص منهن شيء
وأنا ضمام بن ثعلبة وانا رسول من ورائي من قومي إليك ، من بني سعد بن بكر
ثم ولى ضمام ورجع الى قومه مسرعاً
__________
فلما خرج ضمام قال النبي صلى الله عليه وسلم لمن حوله :_ لقد فقه الرجل [[ فقط خلال ربع ساعة صار فقيه لانه عاقل ]] لقد فقه الرجل و لئن صدق ليدخلن الجنة
[[ يعني بشره النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة مش مجاملة له عشان يجيب جماعته لا ، شهد له النبي بذلك بعد ان خرج من عنده
فالمسلم اذا قام بهذه الفروض دون نقص فانه سيدخل الجنة، أما النوافل فهي ترفع من درجات العبد في الجنة، وتجبر كسر الفروض المنقوصة، وهذا من يسر الإسلام ]]
_______
عاد {{ ضمام بن ثعلبة}} الى قومه، واجتمع حوله الناس يستمعون اليه، فكان أول شيء تكلم به
فقال: _ بئست اللات والعزى
قالوا :_ مه يا ضمام ![[ يعني على مهلك لا تستعجل ]]
مه يا ضمام اتقِ البرص والجذام، اتق الجنون

[[ يعني احذر ان تصاب بهذه الامراض لانك تشتم الآلهة هكذا كانوا يعتقدون ان من شتم الآلهة ابتلي بالجذام والبرص والجنون ، هم على جاهلية واليوم المسلم تراه اذا غضب يسب الذات الآلهية في الطرقات وعلى مسمع الناس ]]

قال:_ ويلكم إنهما والله لا يضران ولا ينفعان، إن الله عز وجل قد بعث رسولاً وأنزل عليه كتاباً استنقذكم به مما كنتم فيه
وإني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، إني قد جئتكم من عنده بما أمركم به ونهاكم عنه
ولا يزال ضمام بقومه، حتى أسلموا جميعا رجالا ونساءاً في نفس اليوم الذي عاد فيه
ولذلك ديننا دين {{ عبادة ودعوة إلى الله }}
[[مش عبادة فقط مش الايمان بالقلب يا اخي .. لا الايمان عبادة ودعوة وهكذا فهم الصحابة رضوان الله عليهم معنى الدين الاسلامي ]]
ولذلك يقول {{ ابن عباس }} رضي الله عنه الذي روى لنا هذه القصة أن {{ ضمام بن ثعلبة }} هو أفضل وافد سمعوا به
____________
و العبرة من قصة {{ ضمام }} رضي الله عنه
ليست بالكثرة، وقد غير شخص واحد من واقع قبيلة بأكملها
والأمر الثاني
أن {{ ضمام}} معلوماته في الإسلام والتي كانت سبباً في هداية قبيلة كاملة معلومات يسيرة وقليلة ويعرفها كل مسلم، فلا يعتذر أحد عن دعوة الناس ومحاولة هدايتهم ويقول أن معلوماته قليلة، أو أنه غير مؤهل للدعوة ، ولكن بشرط ان يدعو بحكمة
الأمر الثالث
أن قبيلة {{ ضمام}} قد اتبعته لأن له مكانته في قبيلته، وكل القبيلة تثق فيه وفي رأيه، حتى أنها أرسلته وحده الى النبي صلى الله عليه وسلم وقد تبعته القبيلة لمكانته تلك، فحتى تكون نافعا للإسلام لابد أن تكون ناجحاً
في التعليقات هنالك صورة {{ لأسطوانة الوفود }} عندها كان يستقبل حبيب القلوب صلى الله عليه وسلم الوفود
يتبع إن شاء الله ….