هذا الحبيب 236  – السيرة النبوية العطرة {{ وفد عبد القيس من البحرين واسلامهم }}

هذا الحبيب 236  – السيرة النبوية العطرة {{ وفد عبد القيس من البحرين واسلامهم }}
___________
ما زلنا نتحدث عن الوفود التي وفدت الى النبي صلى الله عليه وسلم بعد غزوة {{ تبوك }} وقبل {{حجة الوداع }} المسمى بعام الوفود
ونحن اليوم مع وفد كريم يشهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالخير قبل أن يفدوا الى المسجد ، وحتى قبل أن يراهم
وفد البحرين كان يعرف {{ بعبد القيس }}
نسبة لجد لهم اسمه {{ عبد القيس }} فنسبت القبيلة كلها إليه وكانوا يسكنون البحرين
لم تصلهم رسل ولم يصلهم تهديد ولا جيوش فهم لم يُكرهوا على الاسلام
_________
وبالتحقيق في روايات كتب السير ، وخلاصة صحاح الحديث
قيل
أن رجلاً منهم واحد جاء الى مكة وسمع بالإسلام فأتى الى المدينة فأسلم ولم يعلم به أحد
ثم أنطلق وعرض الإسلام على قومه حين رأوا أنها قد تغيرت أحواله
وبدأت قصته من حجرة زوجته ، فأول من يفشي سر الرجل زوجته
رأته يقوم في الليل يغسل أطرافه [[ اي يتوضأ ]] ثم يتجه الى جهة معينة [[ اي الكعبة القبلة ]]
ثم يركع ويسجد ، فذهبت وأخبرت أباها
قالت له :_ إني أنكر حال بعلي منذ أن رجع من أرض الحجاز
فإنه يقوم في الليل أو النهار
يغسل اطرافه ، ثم يتجه الى جهة ، ثم يحني ظهره مرتين
[[ اي الركوع والسجود ]] ويُلبس جبهته التراب
فعندما جاء ابوها وكلمه ، عرف منه الاسلام
فقبله ودعى قومه إليه فأسلموا
ثم علموا أن الوفود تأتي الى النبي صلى الله عليه وسلم ، فجمعوا منهم وفداً [[ هم مؤمنون ومسلمون ولكن أرادوا أن يروا النبي صلى الله عليه وسلم ويسمعوا منه عن الاسلام ]]
فقدموا في عام الوفود
[[ إذن الخلاصة هم مسلمون وقد تقدم اسلامهم ولكنهم جاءوا الى النبي صلى الله عليه وسلم في عام الوفود
هذا خلاصة التحقيق من عدة كتب من السيرة وكتب الحديث
فكانوا يعرفون بعبد القيس ]]
__________
يقول الصحابة :_ بينا نحن [[ اي بينما نحن ]] جلوس حول رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجده إذ قال لنا [[ يعني فاجئنا بقوله ]]
إذ قال لنا :_ سيطلع عليكم من ها هنا [[ وأشار بيده الى جهة المشرق ]] ركبٌ هم خير أهل المشرق لم يُكرهوا على الإسلام ، قد أمضوا الركائب [[ اي حثوا في السير ]] وأفنوا الزاد
يقول الصحابة :_ فلم يملك نفسه عمر بن الخطاب
وقال :_ بأمي انت وأمي ائذن لي أن أستقبلهم على ابواب المدينة ؟؟
[[ لأن النبي شهد لهم أنهم خير اهل المشرق ]]
وانطلق عمر بن الخطاب رضي الله عنه واستقبلهم على باب المدينة وكان عددهم {{ ٤٠ }} بين رجال ونساء وصبية
فقال عمر :_ من القوم ؟
فقالوا :_ عبد القيس من البحرين
فقال :_ مرحباً بالقوم غير خزايا ولا ندامى ، لقد شهد لكم رسول الله قبل أن تصلوه
ثم سار معهم وهو يرحب بهم
حتى إذا كان عند ابواب المسجد
قال لهم عمر :_ ها هنا صاحبكم فترجلوا [[ اي هنا النبي صلى الله عليه وسلم انزلوا من على رواحلكم ]]
يقول عمر وهو راوي الحديث كما أخرجه الإمام أحمد في مسنده
قال عمر رضي الله عنه :_ فألقوا بأنفسهم من على رواحلهم
[[ اي لم يتمهلوا ان يعقلوها ، وذلك شوقاً للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم قفزوا قفزاً من شدة اشتياقهم له ]]

فألقوا بأنفسهم من على رواحلهم وهرولوا الى المسجد ، وأخذوا يقبلون رأس الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم و يديه
_________
إلا رجلاً واحداً ، ويعرف {{ بأشج عبد القيس }} أما اسمه الحقيقي {{ عبدالله بن عوف الأشج }}
وكان يلقب {{ بالأشج }} بسبب جرح في وجهه بليغ
فنزل عن راحلته بكل هدوء ، وجمع رواحل القوم حتى لا تسرح ها هنا ، وها هنا ، ثم أناخها وعقلها ، ثم أخرج ثوبين أبيضين نظيفين
ثم غسل وجهه بالماء فذهب عنه غبار السفر ، ولبس الثياب النظيفة
ودخل المسجد بالهدوء والسكينة حتى أقبل على النبي صلى الله عليه وسلم ، وانكب على رأسه يقبله ويقبل يديه
وأخذ الناس ينظرون إليه
وكان رجلاً ليس حسن الهيئة [[ أي من الناحية الخلقية كان دميم البشرة والجلد ولعل في وجهه آثار الجدري أو أي امراض جلديه ، جلده مطبع فأخذ الناس ينظرون إليه هذا الذي دخل بهدوء و سكينة وليس في نظر الناس تلك الشخصية في لغة الناس اليوم ]]
فلما رآئهم ينظرون إليه بأستغراب
قال الأشج للنبي صلى الله عليه وسلم :_ يا رسول  الله إنه لا يستسقى بمسوك الرجال [[ المسك معناه الجلد يعني ما بتعملوا من جلد الرجال بريق ماء عشان تشربوا ليش مستغربين ؟؟ جلدي ما بينفر ]]

إنه لا يستسقى بمسوك الرجال وإنما المرء بأصغريه قلبه ولسانه [[ يعني قيمة الرجل بقلبه ولسانه ، بمنطقه بكلامه ]]
فنظر إليه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم نظرة سرور وعلاه الرضى
وقال له النبي :_ إن فيك يا أشج لخلتين [[ اي خصلتين ]] يحبهما الله عزوجل ورسوله ، الحلم، والأناة
فقال:_ يا رسول الله تخلقتهما أم جبلني الله عليهما؟
فقال: _جبلك الله عليهما
فقال الأشج :_ الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما الله ورسوله
__________
فقال النبي صلى الله عليه وسلم يخاطب الوفد
:_مرحباً بالقوم غير خزايا ولا ندامى
فلما كان يحدثهم نظر صلى الله عليه وسلم في رجل منهم وتفرس فيه أنه غير مسلم وكان اسمه {{ الجارود بن بشر }}

[[ كان نصراني على دين المسيح عليه السلام ، لم يسلم ولكنه صحب القوم ليرى النبي صلى الله عليه وسلم اولاً ويسمع منه ثانياً ، كي يقارن بما يرى ويسمع بما عنده من علم الكتاب ]]
يقول الصحابة :_ فما راعنا إلا والنبي صلى الله عليه وسلم يرفع رأسه
ويقول له :_ يا جارود إني ادعوك الى لا اله الا الله محمد رسول الله [[ ناده بلقبه المعروف في قومه والنبي لم يسألهم عن اسمائهم ]]
يا جارود إن ادعوك الى لا اله الا الله محمد رسول الله فتدخل في دين الله
فقال الجارود :_ يا محمد [[ المكتوب واضح من عنوانه الذي يقول يامحمد ماذا يكون ؟؟ لم يسلم بعد
قال يامحمد … والنصارى كانت تقول له يا محمد ، ولكن اخوة القردة والخنازير لعنهم الله قديماً و حديثاً والى قيام الساعة وصب عليهم جام غضبه ، كانوا لا يسمحون لأنفسهم وذلك بتوجيه وأمر من أحبارهم أن يقولوا له يا محمد حتى لا يثبتوا له صفته الموجودة في كتبهم المقدسة فيقولون له يا أبا القاسم ]]
فقال الجارود :_ يا محمد إني كنت على دين [[ اي انا نصراني ]] وإني تارك ديني لدينك، أفتضمن لي ديني؟
فقال رسول الله :_ إني أنا ضامن لك أن قد هداك الله إلى ما هو خير منه ، إن الدين عند الله الاسلام فهو دين عيسى وموسى ومحمد والناس أجمعين
فقال الجارود :_ والذي بعثك بالحق [[ هنا دخل الايمان قلبه ]]
:_والذي بعثك بالحق ، لقد وجدت صفتك التي أرى الآن ونطقك الذي أسمع الآن ، في الانجيل كما بشر به ابن البتول عليه السلام
[[ من ابن البتول ؟ هو المسيح عيسى عليه السلام ]]
وانا اشهد ان لا اله الا الله ، وانك محمد خاتم النبيين
________
وكان {{ الجارود }} سيد قومه في البحرين فلما عاد اسلم قومه كلهم لم يناقشوه ابداً
وكان له أثر طيبٌ بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم إذ تسللت الردة الى بعض الأقوام
فلما شم {{ الجارود رضي الله عنه }} رائحة الردة قد تقع في البحرين
وقف وجمع قومه وجدد الشهادة
وقال :_ إني أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمد رسول الله وإن مات فإن الموت حق ، الله الحي الذي لا يموت أما والله من بعث محمداً بالحق ، ما أرتد احد منكم عن دينه إلا ضربت عنقه [[ فمنع الردة في البحرين ]]
هل رأيتم الذي يصدق الله ؟؟
_________
قال الوفد :_ يا رسول الله إنا حي من ربيعة، وإنا نأتيك شقة بعيدة
[[ يعني نحن مش قراب نجي لعندك كل وقت ]] وإنه يحول بيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر
وإنا لا نصل إليك إلا في شهر الحرام [[ اي في الحج ]]
فمرنا بأمر فصل ندعوا إليه من وراءنا وندخل به الجنة
[[ يعني أوجز لنا شيء نفعله ونقوم به يدخلنا الجنة ]]
فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم :_ آمركم بأربع، وأنهاكم عن أربع
آمركم:_ بالإيمان بالله وحده، أتدرون ما الإيمان بالله، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وأن تعطوا من المغانم الخمس
[[ ولم يذكر لهم الحج لان الحج لمن استطاع إليه سبيلا ]]

وأنهاكم عن أربع: _ عن الدباء، والحنتم، والنقير، والمزفت

فقال رجل منهم :_ بأبي انت وامي يا رسول الله وما علمك بالنقير وانت ابن الحجاز ؟؟
[[ لان النقير كان لا يعرف إلا في منطقة البحرين ]]
فقال صلى الله عليه وسلم :_ بلى [[ اي بعرفه ]] انكم حين جلستم بين يدي رفع الله لي بلدكم فنظرت فيها فعلمت كل شيء
{{ صلوا على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم }}
ماهو الدباء ، والحنتم ، والنقير ، والمزفت
_______
{{ الدباء }}
فكان كل اهل الحجاز لا يعرفونه
الدباء :_ هو القرع اليابس الاصفر يشبه البطيخ يفرغ من داخله مثل ما بنحفر الكوسا للحشي ، يخرجون اللب الداخلي ويضعون فيه الماء ثم ينبذون [[ اي يلقون ]] فيه شيء من الزبيب[[ اي عنب مجفف ]] أو التمر أو القطين [[اي تين مجفف ]]
وما كان عندهم ثلاجات وفلاتر ماء ، فتعلموا هذه الطريقة
يلقون هذه الاشياء داخل القرع المفرغ ويضعون عليه الماء لان ماء البحرين مالحاً فيحلى الماء ، فيشربون منه ماء حلو وبارد ولكن بعضهم يضع هذا الماء فترة طويلة فيصبح مسكرا
________
{{الحنتم }}
آنية كبيرة مثل الفخار يصنعونها من تراب معين يعجنونه وتبقى طينته طرية ثم يضعون عليه شيء من الدهان كي لا يرشح منها الماء و كانت تحمل فيها الخمر إلى المدينة
_______
{{ النقير }}
جذع النخل ينقرونه ويفرغونه من الداخل ثم يضعون فيه الخمر
________
والمزفت
الوعاء المطلي بالزفت
_______
فقال الأشج :_ يا رسول  الله إن بلادنا وخمة [[ يعني طبيعتها الجو شديد الرطوبة]] واذا شربنا الماء مطلقاً عظمة بطوننا ولا يستسقي احد منا [[ يعني ما بتروينا المي ]]
فهل رخصة لنا بمثل هذه وجمع بين كفيه كالذي يقدم حفنة
[[ يعني شوي نشرب منه ]]
فقال النبي صلى الله عليه وسلم وهو مبتسم الى الأشج :_ يا أشج إني أن رخصت لكم في مثل هذه ، شربتم في مثل هذه وفرد يديه
[[ يعني رح ياخدوها رخصة ]]
حتى إذا قعدتم وشربتم ، وثملة العروق [[ اي ارتوت ]] قام احدكم يتفاخر ، فقام إليه ابن عمه فلطم ساقه بالسيف فجعله أعرج
فصاح القوم جميعا {{ نشهد أنك لرسول الله}}
[[ اخبرهم بحادثة وقعت فيهم لا احد يعلمها ]]
فقام المضروب ساقه وكان مع الوفد
ورفع الثوب عن ساقه
وقال :_ اشهد انك رسول الله والله قد فعلت هذا ، فقام ابن عمي وضرب ساقي بالسيف ، وها انا اعرج عليها يا رسول الله
________
صلوا على الحبيب المصطفى ، صلوا عليه وسلموا تسليما ، نسأل الله عزوجل أن يجمعنا به في الجنة ، فلقد اشتاقت القلوب لرؤيته
اعطى الصحابي الجليل {{ انس بن مالك رضي الله عنه }} التابعي {{ ابي العالية}} رحمه الله
[[وهو احد التابعين الذي لم يرى النبي صلى الله عليه وسلم ]]
أعطاه انس رضي الله عنه تفاحة كانت في يده
فأخذ التفاحة {{ ابي العالية}} وصار يمسحها بوجهه ويقبلها
وهو يقول :_ تفاحة مست كفاً قد مس كف النبي صلى الله عليه وسلم
هكذا القلوب مشتاقة لحبيب الله صلى الله عليه وسلم
________
وهكذا كان وفد عبد القيس من افضل الوفود واطيبها
يتبع إن شاء الله {{ وفد بني حنيفة ومسيلمة الكذاب }}