على خُطى الرَّسول ﷺ ٣٧ – إلا ما كان له خالصاً!

على خُطى الرَّسول ﷺ ٣٧ - إلا ما كان له خالصاً!

على خُطى الرَّسول ﷺ ٣٧
إلا ما كان له خالصاً!

جاء رجلٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيتَ رجلاً غزا يلتمسُ الأجرَ والذِّكر، ما له؟
فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: لا شيء له!
فأعادها الرجل ثلاث مراتٍ، وفي كل مرّةٍ يقول له النبيُّ صلى الله عليه وسلم: لا شيء له!
ثم قال: إنَّ اللهَ لا يقبلُ من العملِ إلا ما كان له خالصاً، وأُبتغيَ به وجهه!

ومخيفة مقولة ابن القيِّم: إذا لم تُخلص فلا تتعبْ!

إنَّ الله تعالى لا يقبلُ من العمل إلا ما كان خالصاً به، وقد حدثنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنَ أول من تُسَّعرُ بهم النار شهيد، وقارئ للقرآن، ومنفقٌ!
يقول الله تعالى للشهيد: ما عملتَ فيها؟
فيقول: قاتلتُ فيكَ حتى استشهدتُ
فيقول له ربنا: كذبتَ، ولكنكَ قاتلتَ ليُقال جريء، فقد قيل!
ثم يأمر به إلى النار!
ويقول لقارئ القرآن: ما عملتَ فيها؟
فيقول: تعلمتُ العلمَ وعملته، وقرأتُ فيك القرآن
فيقول له ربنا: كذبتَ، ولكنكَ تعلمتَ ليُقال عالم، وقرأت القرآن ليُقال قارئ، فقد قيل!
ثم يأمر به إلى النار!
ويقول للمنفق: ما عملتَ فيها
فيقول: ما تركتُ من سبيل تُحِبُّ أن يُنفق فيها إلا أنفقتُ فيها لكَ
فيقول له ربنا: كذبتَ، ولكنكَ فعلتَ ليُقال هو جواد فقد قيل
ثم يأمر به إلى النار!

إنَّ الذي يعملُ الخير وهدفه أن يرى الناس صنيعه فهو كمن بني قصراً رائعاً من الرمال، فلما انتهى منه، جاءت موجة عظيمة فهدمته، فلم ينله منه إلا شقاء بنائه!
وكمن جمع كومة رماد بجهد وتعب، فلما بلغتْ مبلغاً عظيماً جاءت الريح فبعثرتها، فلم ينله من عمله هذا إلا شقاء جمعه!
على أنه يجب أن يُعلم أن من وسائل إبليس أنه يدخل إلى الإنسان من باب الرياء، فيقول له: أنتَ تُنفقُ ويراك الناس فأي عمل هذا؟ وأنتَ تذهبُ إلى المسجد ويراك الناس أتريدُ أن يُقال فلان مشَّاءٌ إلى المساجد؟
الخبيثُ يريدُ بهذا أن يُقعِدَ المؤمن عن فعل الخير!

إنَ من كرم الله أنه يُظهر إحسان عبده للناس، ويحببهم به فإياكَ أن تتركَ العمل الصالح لخبث الشيطان ووسوته، ولكن جاهد نفسك دوماً أن تُصلح نيتك، فلو تركنا العمل خشية أن يعرفنا الناس ما قام للناس دين ولا دنيا، ولا تخفْ على حظك من الذكر، كان الإمام أحمد يدعو الله أن يموت دون أن يعرفه من الناس أحد، فماتَ ولا يجهله من الناس أحد!

أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطرية