على خطى الرسول ﷺ 51 ورجلان تحابا في الله!

على خطى الرسول ﷺ 51 ورجلان تحابا في الله!

على خطى الرسول ﷺ 51
و رجلان تحابا في الله!

جاء في حديث السَّبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: ورجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه، وافترقا عليه!
وقد ضرب الأوائل صوراً رائعة من صور الصداقة، هذه بعضها:
يقول يونس بن عبد الأعلى: قال لي الشافعي ذات يوم:
يا يونس، إذا بلغكَ عن صديقكَ ما تكرهه، فإياك أن تبادر بالعداوة، وقطع الولاية، فتكون ممن أزال يقينه بشكٍ، ولكن إلقَهْ، وقُلْ له: بلغني عنكَ كذا وكذا، واحذرْ أن تُسمي له المُبلِّغ، فإن أنكر ذلك فقل له: أنتَ أصدقُ وأبرُّ. ولا تزيدنَّ على ذلك شيئاً.
وإن اعترفَ بذلك، فرأيتَ له في ذلكَ وجهاً لعذرٍ فاقبل منه. وإن لم ترَ وجهاً لعذرٍ، وضاقَ عليكَ المسلك، فحينئذٍ أثبتها عليه سيئة أتاها، ثم أنتَ في الخيار، فإن شئتَ فارقتَ، وإن شئتَ عفوتَ، والعفو أقرب للتقوى!
وإن نازعتك نفسك برد الإساءة، فاذكُرْ ما سبقَ لديكَ ما إحسانه، ولا تبخس باقي إحسانه السالف بهذه السيئة، فإن ذلك الظلم بعينه!
يا يونس: إذا كان لكَ صديق فشُدَّ بيديكَ عليه، فإنَّ اتخاذ الصديق صعب ومفارقته سهل!
يقولُ الزَّهريُّ: كان لثعلبٍ أبو العباس بن يحيى إمام نُحاة الكوفة في عصره عزاءٌ في بعض أهله، فتأخرتُ عنه، لأنه خفيَ عليَّ ما وقع به، فجئته معتذراً.
فقال لي: يا أبا محمد، ما بكَ حاجة أن تتكلفَ عُذراً، فإنَّ الصَّديقَ لا يُحاسبُ، والعدو لا يُحتسبُ له!
ويقول محمد بن مناذر، ما رأيتُ كالخليل بن أحمد الفراهيدي، كنتُ أسيرُ معه فانقطع نعلي، فمشيتُ حافياً، فخلعَ الخليل نعله ومشى حافياً!
فقلتُ له: ما تفعل يرحمكُ الله
فقال: أواسيكَ في الحفاء!
وأُصيبَ يونس بن عُبيدٍ بمصيبةٍ، فقيل له: إنَّ ابن عوفٍ لم يأتِكَ
فقال: إنَّا إذا وثقنا بمودة أخينا لم يضره عندنا أن لا يأتينا!
صحيح أن الأصدقاء يظهرون في هذه المواقف، وأن الإنسان بحاجةٍ إلى صديق يربتُ على كتفه، ولكن من المروءة إيجاد المعاذير للأصدقاء، والتمسك بهم فإنَ الصديق لا يُحاسب، والعدو لا يُحتسبُ له!

أدهم شرقاوي