على خطى الرسول ﷺ ٥٦
قل إن شاء الله
كان من عادة النبيِّ صلى الله عليه وسلم أن يُحدِّثَ أصحابه عن أخبار إخوته الذين سبقوه من الأنبياء، فحدَّثهم يوماً أن سُليمان عليه السَّلام قال: لأطوفنَّ الليلة بمائة امرأة، تلدُ كلُّ امرأةٍ غلاماً يُقاتل في سبيل الله!
فقال له المَلَكُ: قُلْ إن شاءَ الله!
فلم يقُلْ، ونسيَ، فطافَ على مائة امرأة، ولم تلد منهنَّ إلا امرأة واحدة نصف إنسان!
فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم معقباً على القصة: لو قال إن شاء الله لم يحنثْ، وكان أرجى لحاجته!
وعن قول إن شاء الله، حدَّثَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أصحابه يوماً عن يأجوج ومأجوج فقال:
إن يأجوج ومأجوج يحفرون كل يوم، حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم: ارجعوا فسنحفره غداً!
فيعيده الله أشدْ ما كان، حتى إذا بلغت مدَّتهم، وأراد الله أن يبعثهم على الناس، حفروا حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم: ارجعوا فستحفرونه غداً إن شاء الله!
فيعودون إليه وهو كهيئته حين تركوه، فيحفرونه ويخرجون على الناس!
علِّقْ أموركَ بمشيئة الله فهذا أدعى أن يتممها اللهُ لكَ!
هذا سُليمان عليه السَّلام لم يقُلْ إن شاء الله حين أراد أن يطوف على مائة امرأةٍ له، لتنجب كل واحدة فارساً يقاتل في سبيل الله، إلا امرأة ولدتْ نصف إنسان، ولو قال إن شاء الله لكان له ما أراد، ولكن نسيَ أن يقول ليمضيَ قدر الله تعالى، ونتعلم نحن الدرس!
وهؤلاء يأجوج ومأجوج سجناء خلف السد الذي أقامه ذو القرنين، وهم يحفرون كل يوم، حتى إذا كادوا يخرجون تعبوا، وقالوا: غداً نكمل، فيرجعون في الغد فإذا السد أقوى مما كان، فإذا شاء الله أن يخرجهم، هداهم أن يقولوا إن شاء الله، فإذا قالوها خرجوا على الناس!
اجعَلْ إن شاء الله سيفكَ الذي تستعين به على قطع حوائجك، وعكازك الذي تتكئ عليه لبلوغ مآربك، فمن سلَّم لله بالمشيئة أعطاه الله ما شاء بإذنه، ومن أغنى نفسه بنفسه استغنى الله عنه، ولم يُصِبْ من أمره إلا ما قدَّر الله له أن يُصيب!
أدهم شرقاوي