على خطى الرسول ﷺ ٥٥
إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق
قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم لأصحابه: إنما بُعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق!
وهذا الحديث من أروع ما قيل في الإنصاف، فرغم أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم جاء لهدم الجاهلية بمعول الإسلام، إلا أنه يُشيد بما كان للعرب من أخلاق حسنة وإن كانوا قوم جاهلية!
قالت العربُ قديماً: الإنصاف عزيز!
هذا لأنها تعرفُ أنه على المرء أن يتجرَّد من هواه، ويضع الحق نصب عينيه ليكون مُنصفاً!
سأل الإمام أحمد بعض تلاميذه: من أين أقبلتم؟
فقالوا: من مجلس أبي كُريب
فقال: اكتبوا عنه فإنه شيخ صالح
فقالوا: إنه يطعن فيك
قال: فأي شيءٍ حيلتي، شيخ صالح قد بُلي بي!
وذكرَ أبو نعيمٍ الحافظ ابن مندة، فقال: كان جبلاً من الجبال
وقد كان بينهما وحشة شديدة وخلاف!
وسُئل عليُّ بن المديني عن رجالٍ من أهل الحديث فأجاب، ثم سُئلَ عن أبيه، فقال: اسألوا غيري!
فقالوا: قد سألناكَ أنتَ
فأطرقَ رأسه ثم رفعه وقال: هذا هو الدين أبي ضعيف الحديث
وقال أبو داود، جاء رجل إلى الإمام أحمد فقال: أتكتب عن محمد بن منصور الطوسي؟
فقال: إذا لم نكتب عن محمد بن منصور فعمنَّ نكتب؟
فقالوا: إنه يتكلم فيك
فقال: رجل صالح ابتليَ بنا!
إنَّ من شيم النبلاء الإنصاف، مهما كان بينهم وبين خصومهم جفاء، قد يكون عدوَّك كريماً، وقد يكون باراً بأمه، وقد يكون صادقاً لا يكذب، وإن من اللؤم أن تتغاضى عن صفاته هذه لأجل الخصومة.
لا يقدح في الإيمان أن نعترف أن الغرب سبقونا في هذا العصر بالعلوم والتكنولوجيا على العكس تماماً نعترف لهم بهذا، ونأخذ منهم ما ينفعنا ونترك ما عداه.
والله درُّ أبي العتاهية حين قال:
إذا اتضحَ الصوابُ فلا تدعه
فإنكَ كلما ذقت الصوابا
وجدتَ له على اللهواتِ برداً
كبردِ الماءِ حين صفا وطابا
أدهم شرقاوي