هذا الحبيب 56  –  المفاوضات

هذا الحبيب 56  -  المفاوضات

هذا الحبيب 56  –  المفاوضات

بدأت لغة المفاوضات في قريش
وسنقف عند حدث عظيم ، وقع أثناء المفاوضات

[[ لنعلم عظمة هذا الدين وهذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ، ولتعلم يا مؤمن كم أنت عظيم عند الله وكم يحبك ، مهما كنت وبأي لون كنت ، وأي جنسية تحملها ، أنت مؤمن إذن انت عظيم عند الله لا فرق عند الله بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى ]]

_______

من عناوين المفاوضات
طلبوا من النبي أن يبدل الآيات التي فيها تسفيه أحلامهم وشتم آلهتم
_________

عنوان آخر
نؤمن بك يا محمد بشرط تعبد آلهتنا يوم ونعبد إلاهك يوم
فأنزل الله على نبيه
{
{ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ }}

سنتكلم عن المفاوضات إن شاء الله
_________

يوم من الأيام جلسوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم للنقاش
في بداية الأمر
أول ما قال النبي : إني رسول الله إليكم
قامت فوضى في مكة ولم يسمعوا منه شيء
الآن جلسوا معه يسمعوا منه صلى الله عليه وسلم فكان جالس يناقش سادة قريش
لعل الله يلين قلب واحد منهم فيؤمن ، فكان جالس يناقشهم ويسمع عروضهم ويرد عليهم
_________

فجاء رجل من فقراء المسلمين السابقين للإسلام اسمه
{
{ عبدالله بن أم مكتوم رضي الله عنه وأرضاه }}

رجل أعمى يفقد بصره
[[
كلمة أعمى ليس فيها قلة أدب ، هذه أخلاق القران الكريم ، اما الذين يحبون التطور ويقولون لفظ أعمى كلمة دفشة ، اجعلها لطيفة وقل ضرير ، يا من انسلختم من لغتكم العربية ، هل تعلمون أن الضرر في اللغة أسوء من العمى في المعنى ، الله في القرآن أراد ان يمدحه فقال أعمى والمشكلة دعاة إلى الله يذكرون القصة يقولون كان رجل ضرير هل يريدون تعديل كلام الله وتلطيف اللفظ !! ]]

__________

أقبل ابن أم مكتوم رجل لا يرى يحمل عصا في يده
[[
وكلنا نعرف أن الأعمى لا يراعي ثيابه وهيئته.. لأنه أعمى لا يدري هل ثيابه متسخة أم لا ، هل ثيابه جميلة أم لا .. لأنه أعمى ]]

فكل المواصفات حول هذا الرجل القادم تجعل سادة قريش وأعيانهم ، تنفر منه
أقبل الأعمى وهو يدك بعصاه على الأرض
وقد سأل عن النبي أين أجده ؟
قالوا له : تجده في نادي قريش
فأقبل وكان يريد من النبي صلى الله عليه وسلم أن يزداد إيمان
لعله نزل قرآن من يوم أو يومين ولم يسمع ما نزل ، اشتاق لكلام الله ، اشتاق المحب لحبيبه ، ذاق طعم الإيمان فجاء يستزيد و يطلب ما يروي قلبه

_________

فلما اقترب من نادي قريش وسمع صوت النبي يتكلم معهم
قال : السلام عليك يا رسول الله، علمني مما علمك الله
النبي صلى الله عليه وسلم رأى هذا القدوم في هذه اللحظة وهذه المقاطعة ليست بالوقت المناسب
لأنه يحب أن يستميل قلوب قريش لعل الله يهديهم
ووجود مثل هذا الرجل ينفرهم لأن سادة قريش لا ترضى الجلوس مع الفقراء والعبيد

ولهذا رفضوا هذا الدين الذي يجعل السيد فيهم والخادم سواسية
قال تعالى :
{
{ يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم }}

قريش لا تريد هذه اللغة
يريدون السيد … سيد
والخادم … خادم

أما عند الله
{
{ كلكم من آدم وآدم من تراب }}
جل جلالك ما أعظمك ما ألطفك ما أرحمك

والنبي صلى الله عليه وسلم يعلم طبيعة أهل قريش وساداتها
فكره حضور ابن أم مكتوم في هذه اللحظة في نفسه
ولكنه لم يرد على ابن أم مكتوم واستمر بحديثه كأنه لم يسمعه

________

ابن أم مكتوم رجل مؤمن
أدرك أن النبي سمع صوته ولكنه لم يقطع كلامه ويرد عليه واستمر في حديثه مع قريش

ابن أم مكتوم رضي الله عنه ، هذا الرجل الأعمى سكت وجلس بجانبه يسمع الحديث مثله مثل الجالسين ، والنبي صلى الله عليه وسلم استمر بحديثه ولم يعطيه الاهتمام اللازم كونه يسأل

فجعل جنبه لجهة عبد الله بن أم مكتوم ، وقد ظهر على وجهه ملامح الضيق وعدم الرضا من هذه المقاطعة
واستقبل بوجهه سادة قريش

[[ خلينا نتخيل المشهد مع بعض كيف دخل هذا الرجل الأعمى ونادى فلم يرد عليه النبي وأكمل حديثه وجلس يستمع .. أي إنسان أعمى مستحيل تنجرح مشاعره من هذا التصرف لأنه أعمى لا يرى .. والنبي لم يجرحه بكلمة أبدا ]]

؟ سؤال
من أخبر ابن أم مكتوم أن النبي قد ظهر على وجهه ملامح عدم الرضا من مقاطعة ابن أم مكتوم وعبس في وجهه ؟؟

الذين رأوا عدم رضا النبي صلى الله عليه وسلم وماذا حدث عندما جاء ابن أم مكتوم هم
[[
سادة قريش وهم في سعادة لأن النبي أعطاه جنبه واستقبلهم بوجهه ، هذا الشيء يفرح قريش ]]

ولكن الله لا يرضى كل ذلك أبدا

[[فأراد الله أن يعطي النبي وقريش وابن أم مكتوم والمسلمون جميعهم إلى قيام الساعة درس عظيم.
يا عبادي أنا الله العلي العظيم ، وكل من قال لا إله إلا الله فهو عندي عظيم فهو في كنفي ورعايتي ومن أحبابي ، وهو أعظم عندي من كل كافر على وجه الأرض ، ولو كان ملك من الملوك ، ولو اشترك أهل السماء والأرض في سفك دم مؤمن واحد من أحبابي ، ألقيتهم جميعا في ناري ولا أبالي ]]

________

نزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم بسورة سماها بحال المشهد
لماذا عبس النبي بوجه الأعمى ولم يرد عليه واستقبل بوجهه سادة قريش
فهبط جبريل يتلو عليه كلام أرحم الراحمين

{{ عَبَسَ وَتَوَلَّى ، أَن جَاءَهُ الأَعْمَى ، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى ، أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى ، أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى ، فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى ، وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى ،وَأَمَّا مَن جَاءَكَ يَسْعَى ،وَهُوَ يَخْشَى ،فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى ،كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ ، فَمَن شَاء ذَكَرَهُ ، فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ
مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ ، بِأَيْدِي سَفَرَةٍ ، كِرَامٍ بَرَرَةٍ }}
_________

قوله تعالى :
{
{عبس وتولى.. أن جاءه الأعمى .. وما يدريك لعله يزكى .. أو يذّكر فتنفعه الذكرى .. أما من إستغنى }}

المقصود هؤلاء سادة قريش المتكبرين الذين لا يريدون الله
{
{ فأنت له تصدى .. وما عليك ألا يزكى }}

أنت مهتم فيه يا محمد هو حر لا يريد أن يؤمن ، فأنا الله العلي العظيم لا أجبرهم على الإيمان ، لهم يوم سيقفون بين يدي
_______

{{ وأما من جاءك يسعى }}
و الذي يريد أن يعرف أكثر عن الله ويزيد علمه
{{
وهو يخشى فأنت عنه تلهى }}
لا ترد عليه
{
{ كلا إنها تذكرة .. فمن شاء ذكره .. في صحف مكرمة .. مرفوعة مطهرة .. بأيدي سفرة .. كرام بررة }}

الدعوة إلى الله فقط تذكرة وكل إنسان حر يختار ما أراد
أقدارنا كتبها الله لنا ، ماذا سنأكل ماذا نشرب ، أعمارنا ، من تتزوج ، ما مهنتك …. ألخ
كلها أقدار مكتوبة
أما ما تختاره أنت من عمل الخير والشر ، هذا أنت فيه مخير لم يكتبه الله عليك ، جعل لك عقل وقلب فأنت الذي تختار والرسل إنما جاءوا رحمة من الله لك لتذكيرك و وعظك
سبحانك ما أعظمك يا الله كم المسلم قدره عظيم عندك يا الله
__________

فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآيات والمسلمون أخذوا يرددونها
وكان النبي صلى الله عليه وسلم اذا كان جالسا ً
ودخل عليه ابن أم مكتوم
وقف وابتسم وفتح ذراعيه مُرحباً
وقال له : يا مرحباً يا مرحباً بمن عاتبني فيه ربي وكان يكرمه صلى الله عليه وسلم غاية الإكرام ويجلسه بجانبه
وكان صلى الله عليه وسلم كثيراً يقرأ في صلاته الجهرية عبس وتولى
ويقول له ابن أم مكتوم :
تمنيت أن الله لم ينزلها ، من أنا حتى يعاتبك الله بي يا رسول الله ؟!!
_________

ولما هاجر صلى الله عليه وسلم للمدينة المنورة كان إذا أراد أن يخرج إلى غزوة أكثر شخص كان يوليه على المدينة ابن أم مكتوم
فكان هو الملزم بالصلاة
يصلي بالناس إمام في غياب النبي عن المدينة

يقول الصحابة :
استخلفه صلى الله عليه وسلم على المدينة أكثر من عشرين مرة ، فوالذي لا إله إلا هو ما سمعنا ابن أم مكتوم يوماً قرأ في صلاته الجهرية عبس وتولى أبداً ..
فسألوه لم لا تقرأها
فقال : من أنا حتى أقرأ سورة عاتبت النبي من أجلي .. ولكن النبي صلى الله عليه وسلم كان كثيراً يقرأها.

 

اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد

يتبع الحلقة السابعة والخمسون   …