هذا الحبيب 57 – انشقاق القمر
________
ما زال حديثنا في السيرة مع المفاوضات
قالوا : يامحمد ، أنت تزعم أنك نبي يوحى إليه ، نريد منك معجزة ، كالتي كانت على أيدي الأنبياء قديماً
فسليمان نبي الله ، سخر له الريح
وموسى سخر له البحر
وعيسى كان يحي الموتى
نريد منك أن تطلب من الله أن يبعد عنا هذه الجبال التي تحيط بمكة
وأن يفجر لنا الأرض أنهارا ، فنزرع ونأكل
و أن تقلب لنا جبل الصفا ذهبا
فنزل قول الله تعالى :
{{ وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ }}
يعني هذه الآيات التي طلبوها لو نفذها الله تعالى واستمرواعلى كفرهم، فسيهلكهم الله تعالى كما أهلك الأمم السابقة،
ولذلك لم يرسل الله تعالى هذه الآيات لعلهم يؤمنون
فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ، لأنه يعلم سُنة الله في خلقه ، فإن طلبوا المعجزة ولم يؤمنوا أخذهم العذاب .. ولكن قريش أصروا يريدون معجزة
_________
قالوا : يا محمد إن لم تأتينا بمعجزة لا نؤمن لك أبداً
فقال لهم ، وماهي ؟ !
قالوا : هذا القمر
[[ وكان وقت الغروب وليلة النصف من شعبان فكان القمر بدر ]]
قالوا : هذا القمر أليس هو من خلق ربك وتقول إن ربك على كل شيء قدير ؟
اسأل ربك يا محمد أن يقسمه نصفين ، حتى يكون نصفه عند جبل غار حراء ، والنصف الآخر عند جبل أبي قبيص ، فإن فعل ربك هذا آمنا بك وصدقناك
وطمع بإسلامهم لأنه هو مبعوث رحمة للعالمين صلى الله عليه وسلم
قال : إن شاء ربي فعل
وإن فعلت ذلك هل تؤمنوا ؟!
قالوا : نعم
فاتجه صلى الله عليه وسلم ، إلى الله بالدعاء
وقال : ربي إنك تسمع ماذا طلب قومي اللهم أعطيهم آية
وأشار بإصبعه إلى القمر ، فانقسم القمر نصفين
حتى ابتعد عن بعضه والقوم ينظرون وقد ذهلوا
وإذا بنصف القمر عند جبل غار حراء ، والنصف الآخر عند جبل أبي قبيص
وهم ينظرون إلى القمر ويرون الكعبة من بين النصفين .. ذهلوا قريش كلهم
ولم يكن لنشقاق القمر لأهل مكة لأن القمر آية من آيات الله في السماء ، لما انشق رآه العالم كله
ثم نادى صلى الله عليه وسلم : يا بني كذا اشهدوا ، يا بني كذا اشهدوا ، يا بني كذا اشهدوا ينادي على قبائل قريش
فلما رأوا القمر مقسوم نصفين !!!!!!
قالوا : يا محمد هل يستطيع ربك أن يرده كما كان ؟؟
قال لهم : نعم
قالوا له : اسأله أن يرده
فقال : اللهم رده .. فرد القمر كما كان حتى أصبح بدراً
________
فوقف أبو جهل وصرخ
وقال : هذا سحر يؤثر .. واللات يا قوم لقد سحركم محمد
و إن كان سحرنا فإنه لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم
ثم قال: اصبروا حتى تأتينا أهل البوادي، فان أخبروا بانشقاقه فهو صحيح ، وإلا فقد سحر محمد أعيننا
فجاء أهل البوادي وجاء المسافرون من أسفارهم
فأخبروهم أنهم في ليلة كذا في ساعة كذا انشق القمر نصفين
فقال المشركون : هذا سحر مستمر
[[ يعني سحر سيذهب ويصغر وينتهي أمره ]]
________
فانصرفوا عن النبي مكذبين غير مؤمنين
وحزن النبي صلى الله عليه وسلم ،فأنزل الله عليه مواسي له
بسم الله الرحمن الرحيم
{{ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الأنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ }}
________
حزن صلى الله عليه وسلم وخاف إن طلبوا منه معجزة بعدها أن يأخذهم من الله العذاب .. ومع هذا كله مازال يطمع في إيمانهم ..
اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد
يتبع الحلقة الثامنة والخمسون …