هذا الحبيب 62 – الهجرة الثانية إلى الحبشة
الملك العادل
اجتمع بني هاشم وبني المطلب في مكان واحد ، الذي يسمى
{{ شعب أبوطالب }}
وتركوا بيوتهم من أجل أن يحموا النبي صلى الله عليه وسلم من بطش قريش
لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم أنه في حماية من أهله وعشيرته خاف على الصحابة المستضعفين ، الذين ليس لهم عشيرة تحميهم
فأمرهم بالهجرة الثانية إلى الحبشة
و وضع عليهم أمير ، وهو ابن عمه جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه
فخرج { ٨٣ } رجل وبضعة عشرة امرأة
الذين هاجروا للحبشة أول مرة لما عرفوا بإسلام .. عمر بن الخطاب رجعوا
وقالوا : إن الأمور تحسنت في مكة
فلما رجعوا وجدوا الأمور أسوء من قبل فرجعوا مع المهاجرين مرة ثانية
_______
هاجر الصحابة للحبشة
والرسول صلى الله عليه وسلم وقومه ، في شعب أبي طالب بالمقاطعة
واستمرت المقاطعة 3 سنوات ، حتى أكل صلى الله عليه وسلم ورق الشجر وتشققت شفتاه
[[ سنرجع إلى أحداث المقاطعة ، ولكن نقف مع المهاجرين إلى الحبشة ودروس لكل مسلم ]]
________
هاجر الصحابة إلى الحبشة وأميرهم {{ جعفر }} رضي الله عنه ، عن طريق البحر
[[ الحبشة هي ما نعرفه الآن دولة أثيوبيا وأريتريا ]]
وعاشوا في الحبشة ، وأخذوا يعملون فيها
منهم من عمل بالزراعة
ومنهم من عمل في المصنوعات الجلدية
وكانت أخلاقهم رفيعة ومعاملتهم طيبة ، واحترموا قوانين البلاد وأهلها ، بالمقابل أحبهم أهل الحبشة وعاملوهم معاملة طيبة
________
ووصلت الأنباء من الحبشة إلى مكة أن المسلمين في أمن واستقرار وحياة طيبة
كما وصلت إلى قريش قصيدة ، أحد المهاجرين المسلمين والتي يتحدث فيها عن سعادته هو والمسلمون في أرض الحبشة
فاغتاظت قريش ، وجن جنونها
وقالوا : أصبح لمحمد قواعد خارج مكة ، في أرض الحبشة فاجتمعوا وعقدوا مؤتمر
ماذا نصنع و ما العمل مع من هاجر من أصحاب محمد ؟!!
قالوا نرسل رجلين يحسنان السياسة ، إلى النجاشي ملك الحبشة
[[ طبعاً النجاشي لقب لكل من يحكم الحبشة ، وليس اسم ، اسمه الحقيقي {{ أصحمة بن أبجر }}
كيف نقول رئيس البيت الأبيض لكل من يحكم أمريكا ، وللفائدة
لقب {{ قيصر }}كان يطلق على كل من حكم الروم
لقب {{ كسرى }} من يحكم فارس
لقب {{ المقوقس }} من يحكم مصر
__________
وقررت أن ترسل اثنين من دهاتها لمقابلة النجاشي
ومحاولة إقناعه بأن يطرد المسلمين من الحبشة ويردهم إلى مكة مرة أخرى
قالوا : نرسل رجلين يحسنان السياسة ، إلى النجاشي ملك الحبشة نحملهم بالهدايا ، ويكلمان النجاشي فيُرجع إلينا من هاجر إليه
قالوا من نرسل ؟
فاختاروا داهية العرب في السياسة
{{ عمرو بن العاص ومعه عبد الله بن ربيعة }}
عمرو بن العاص ، كانت علاقته قوية بالنجاشي
وقبل أن يذهبوا للنجاشي
حملوهم قريش الهدايا التي يحبها النجاشي
وقالوا لهم : قدموا الهدايا أولاً للبطاركة
[[ يعني مثل أيامنا نقول ، طعموا السن تستحي العين ]]
وقولوا لهم : أن هؤلاء سفهاء من قومنا فارقوا ديننا ..وعندما تعطوهم الهدايا ، وتثلجوا صدورهم ، وتفرحوهم بها
قولوا لهم : إنا نريد أن نكلم النجاشي ، فأنتم أقنعوه أن يسلمهم لنا دون أن يستقبلهم ويسألهم
______
فلما وصلوا للحبشة ، ووزعوا الهدايا على البطاركة
[[ مامعنى بطاركة ، هم كبار رجال الدين عند النصارى وحكم النجاشي قائم على النصرانية الذي يعتقدون أن عيسى عليه السلام إله ]]
قالوا للبطاركة : أن هؤلاء سفهاء من قومنا فارقوا ديننا
و إنا نريد أن نكلم النجاشي ، فأنتم أقنعوه أن يسلمهم لنا دون أن يستقبلهم ويسألهم
قالوا ولماذا ؟ !!!
قالوا : لأن أصحاب محمد يعملون بالسحر ، فإذا قابلوا النجاشي سحروه فلا يسمع لأحد
[[ نفذ الخطة عمرو بن العاص مع البطاركة ]]
الأمور تمام
ولكن هناك نبؤة النبي صلى الله عليه وسلم
(( ليست لعبة )) {{ اضربوا في الأرض حتى يجمع الله شملكم .. إلى أين يا رسول الله ؟ إلى الحبشة .. لما الحبشة يا رسول الله ؟ إن فيها ملك لا يظلم عنده أحد }}
ونحن لنا وعد من رسول الله صلى الله عليه وسلم ونبؤة
قال كما وعدنا صلى الله عليه وسلم
{{ لو لم يبق من الدنيا إلَّا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلا مني أو من أهل بيتي يواطئُ اسمُهُ اسمي ، واسم أبيه اسم أبي يملأُ الأرض قسطا وعدلًا ، كما ملئت ظُلمًا وجورا }}
هاقد ملئت ظلما وجورا ، يارسول الله كما أخبرتنا تماما ، صلى الله وسلم عليك يا حبيبي يا رسول الله ، ونحن في انتظار امر الله و وعد نبيه ، والله يارسول الله ، كلنا إيمان وتصديق ويقين بأن فرج الله قريب
__________
فلما اجتمع
{{ عمرو بن العاص والبطاركة بالنجاشي }}
وقدموا له الهدايا
وكان عمرو صديق للنجاشي وبينهم معرفة
قال النجاشي : ما الأمر يا عمرو تكلم ؟
قال : إن فينا سفهاء خرجوا عن دين الآباء والأجداد ، فلا هم بقوا على ديننا ، ولا دخلوا في دينك أيها الملك
[[ عمرو بن العاص داهية العرب لاحظتم أسلوبه بالكلام ]]
وابتدعوا دين لا نعرفه نحن ولا أنت !!!
وقد أرسلنا أشراف قومنا ،حتى تردهم إلينا ، فأهلهم أعلم بهم وهم أولى بهم
فقال البطاركة من حوله كلهم بصوت واحد
: نعم صدق أيها الملك
فصاح الملك العادل بالبطاركة !!!
وقال : بئس ما شهدتم به !!!!
كيف أحكم بنعم قبل أن أسمع الطرف الآخر ؟؟!!!
[[ هل رأيتم العدل لا تحكم ع شخص لحتى تسمع من الطرفين ، اجعلوها قاعدة في حياتكم لا تسمع ممن تحب ، اسمع من الطرفين ]]
بئس ما شهدتم به
ثم صاح بالجند من حوله
قال : أرسلوا إليهم حتى أسمع منهم ، فإذا سمعت قضيت بأنهم صادقون أو غير صادقون
__________
فأرسل النجاشي إليهم
[[ لما أرسل إلى الصحابة بالحضور إلى النجاشي ]]
قالوا : ماذا نقول ؟؟!!
فقال جعفر : سنقول الحق وما أنزل على نبينا وليكن بعدها ما يكون
قالوا : يا جعفر أنت المتكلم فينا
[[ جعفر الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم {{لقد أشبهت خَلْقِي وَخُلُقِي }}
وكان أشبه الناس بالرسول صلى الله عليه وسلم ، وقد أخبرتكم عن قصة إسلامه ]]
__________
فتقدم جعفر ووقف المسلمون
ولما دخل الملك ركع الجميع إجلالاً له ، إلا الصحابة بقوا واقفين ظهورهم مستقيمة
فنظر النجاشي بهم
وقال : ألا تركعون لنبيكم ؟؟!!!
قالوا : لا لقد علمنا نبينا أننا .. لا نركع إلا لله
فقال : لهم كيف تسلمون على نبيكم ؟
قالوا: نقول له السلام عليك يا رسول الله
فسكت النجاشي ، ونظر إلى عمرو
وقال :هاتي يا عمرو تكلم
فأخبره نفس الكلام الذي قاله من قبل ، فلما انتهى
قال النجاشي : قد سمعت منك
ثم التفت إلى الصحابة
قال : وأنتم من المتكلم فيكم ؟؟
فتقدم جعفر أمام النجاشي
قال : أيها الملك كنا قوم أهل جاهلية ، نعبد الأصنام ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام ونسيء الجوار ، يأكل القوي منا الضعيف ، وندفن البنات أحياء ،ونأتي كل الموبقات ، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً ، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه
[[ هل رأيتم ذكاء سيدنا جعفر أعطاه صورة الجاهلية الحقيقة القبيحة ، والنصارى يعلمون أن هذا جهل وقريش جاهلين يعبدون الأصنام ، ثم حول الحديث إلى صفة النبي الذي بعثه الله وأنه صادق وأمين والكل يعرف ذلك .. الآن شوفوا كيف انتقل معه من صورة الجاهلية القبيحة إلى صورة الإسلام السمح ]]
فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان
وأمرنا بصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وصلة الرحم ، وحسن الجوار ، والكف عن المحارم والدماء ، ونهانا عن الفواحش وقول الزور ، وأكل مال اليتيم ، وقذف المحصنة ، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئاً
وعدد له أمور الإسلام
فتعدى علينا قومنا فعذبونا ، وضيقوا علينا ، حتى قال لنا نبينا اذهبوا إلى الحبشة
فقال النجاشي: ولماذا اختار نبيكم الحبشة ؟
قال له : قال لنا نبينا إن في الحبشة ، رجل لا يظلم عنده أحد
قال النجاشي : وهل تحفظ شيء مما أنزل على نبيك ؟
قال : نعم وقرأ عليه شيء من القرآن فدمعت عيون النجاشي ودمعت عيون البطاركة حوله
كم وصفهم ربنا بالقرآن
{{ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ }} .
اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد
يتبع الحلقة الثالثة والستين …