هذا الحبيب 89 – هجرة الصحابي الجليل صهيب بن سنان الرومي
حدث آخر نقف عنده
وكان بين يدي هجرته صلى الله عليه وسلم ، وأختم به هجرة الصحابة
و كي لا نقطع الحديث عن هجرته لأنه قريب وفي نفس يوم هجرته
[[ نحن لم نتحدث بعد عن هجرة رسول الله ولكن نربط الأحداث ببعضها البعض ]]
فممكن استبق بعض الأحداث لتكتمل عندكم الصورة
لما خرج النبي في هجرته مع أبي بكر الصديق
كان في مكة رجل
اسمه {{صهيب الرومي وهو صحابي جليل }}
روى لنا أصحاب السنن واللفظ للبيهقي والإمام أحمد كلهم بسنده عن صهيب
قال .. خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وخرج معه أبو بكر وكنت قد هممت أن أرافقهما
[[ أي أن يلحق بالنبي ويكسب شرف الصحبة ]]
لنترك نص الحديث ونأخذه بلغتنا هذه الأيام ، كما عودتكم
أراد صهيب الرومي أن يكون الصاحب الثاني لرسول الله في الهجرة
وسمع من قريش أن النبي قد هاجر ، وأعلنت قريش جائزة كبرى
[[ ١٠٠ ناقة من حمر النعم ، لمن يرد محمد علينا ،حياً كان أو ميتاً ، فإن رد الإثنان فله بكل واحد ١٠٠ ناقة .. الناقة من حمر النعم في أيامنا هذه تعدل أغلى سيارة موديل السنة يعني ١٠٠ سيارة موديل السنة افهموها عشان تعرفوا قيمة الجائزة ]]
قال صلى الله عليه وسلم :
{{ فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النَّعَم }}
لان الدعوة الى الله ، هي وظيفة الأنبياء ، وأنت بعد موتهم حملت أعباء هذه الوظيفة
لما سمعت قريش عن الجائزة
انتشرت قريش في كل مكان
لا حباً في أن يردوا محمد ، ولا حب بالشقاوة والمطاردة ولكن طمع بالجائزة
فلما سمع صهيب بالخبر ، أراد أن يلحق النبي بالهجرة وأن يكون مدافع عنه إذا تعرض له خطر
و صهيب كانت تعترف له مكة كلها ، بأنه أرماهم فيها
[[ يعني كان إذا شد قوسه ، ووضع السهم فيه لا يخطئ سهمه ولو كان في خاتم ، يعني لو أراد أن يدخل السهم من حلقة خاتم يدخله ، كان بارع جداً وتشهد له قريش كلها بذلك ]]
قال : فهممت أن ألحق بالنبي
فأمسكني فتيان قريش
[[ والكثرة تغلب الشجاعة ]]
وحبسوني أيام عندهم يتناوبون حراستي
فقمت ليلة أتظاهر أني مريض
فقال بعضهم لبعض : لقد شغله اليوم بطنه فناموا
[[ رجل ممغوص بطنه يوجعه لا يقدر أن يسافر ]]
قال : وأنا ليس بي شيء ، ولكن تصنعت ذلك لعلهم يطلقوا سراحي
قال : فلما ناموا تسللت وركبت بعيري ، وخرجت ولم أتمكن من أن آخذ معي مالي فتركته تحت أسكفه
[[ أي عتبة دار ]]
وشعر بي القوم فلحق بي الرجال
حتى لحقوا بي في أطراف مكة
ونادوني من بعيد
انتظر يا صهيب ، لقد جئتنا صعلوك حقير لا مال لك وعملت في مكة حتى أصبحت من أكثرنا مالاً
[[ كان صهيب من أثرياء مكة ، ولكنه ليس مكي إنما بيع في السوق رقيق وأعتقه الذي اشتراه ، ثم تاجر معه لأنه اكتشف أن عقله تجاري ، فأصبح ذا مال كثير وكان يملك من الذهب أكثر من أن تعد وتحصى ]]
قالوا : جئتنا صعلوك لا مال لك ، وعملت عندنا والآن أنت أكثرنا مالا ، ثم ندعك تذهب بالمال إلى يثرب ، لا واللات لا يكون هذا أبدا
قال صهيب : فعلمت مطمع القوم
[[ هو ناقصهم واحد يقعد في مكة مسلم وإلا مش مسلم بدهم المصاري ، كيف أيامنا بعض الناس دينهم ومعبودهم المال ، ومثلُهم الاعلى بالحياة ]]
فقلت لهم : لقد استبان الأمر
[[ وضحت الصورة ، فهمت عليكم ]]
يا أهل مكة كلكم تعلمون بأني أرماكم
فو الله الذي لا إله إلا هو .. لا أترك سهم في كنانتي إلا وضعته في قلب رجل منكم
[[ وكم سهم معه ،ربنا أعلم كم سهم معه ]]
فإن أردتم مالي دللتكم عليه
أما أن تحولوا بيني وبين الهجرة فالموت دون ذلك ، فإن انتهت سهامي وبقي منكم أحد أخذت سيفي وما زلت أضربكم حتى لا يبقى بيدي إلا قائمه [[ يعني حتى يتكسر ]]
كل هذا من أجل أن يلحق برسوله صلى الله عليه وسلم وبإخوانه المؤمنين
فقالوا له : قد رضينا ، دلنا على مالك
فقال لهم : هو في مكان كذا وكذا ، تحت الأسكفه
[[ يعني اخلعوا عتبة الباب تجدون المال مدفون تحتها ]]
وكان صادق ، وهم يعلمون أنه صادق ويعلمون أنه من دخل دين محمد لاااا يكذب
اسمعتم
لا يكذب يا أمة محمد ..
قريش كلها كانت تعلم ، أن من تبع دين محمد لا يكذب أبدا لأن الإيمان والكذب ضدان لا يجتمعان
قال تعالى :
{{ إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ }}
والناس بتفكر الكذب من الصغائر ، وهو أم الكبائر لأن بالكذب تستحل كل شيء
قال تعالى :
{{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين }}
فالمؤمن لا يكون كذاب
فعلموا أنه صادق فتركوه ورجعوا
قال : وكان ذهب كثير
فقلت
{{ الحمد لله الذي صرفهم عني بحطام دنيا }}
ثم مضيت ألحق برسول الله وكان صلى الله عليه وسلم قد وصل إلى قباء
قال : فلما اقتربت
استقبلني رسول الله وهو يضحك
ويقول : بخٍ بخٍ .. ربح البيع أبا يحيى .. ربح البيع أبا يحيى .. ربح البيع أبا يحيى .. ثلاث مرات
[[ كنيته أبا يحيى ]]
فقلت : بأبي وأمي يا رسول الله
والذي بعثك بالحق لم يسبقني إليك أحد
[[ ما حد كان معي ولا حد سبقني يخبرك ]]
هل جبريل أخبرك ؟!!!!
قال : نعم
يقول : فبكيت وقلت الحمد لله الذي جبريل يذكرني
[[جبريل جاء إلى النبي يخبره صهيب صار معه كذا وكذا ]]
فهبط جبريل من فوق سبع سماوات بأمر من الله
وصهيب مازال واقفاً أمام النبي صلى الله عليه وسلم
وأنزل عليه قرآن يتلى إلى قيام الساعة
{{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَاد }}
أريتم اية من سورة البقرة
تنزل في صهيب ، لماذا نال كل هذا ؟؟
لأنه ألقى من قلبه حطام الدنيا ، كانت في يده فكان سهل أن يخرجها
فيا عبيد الدرهم والدينار ، اجعلوا الدنيا في أيديكم لا في قلوبكم ، يسهل عليكم الخلاص منها
وقد سئل الإمام علي بن أبي طالب عن الدنيا للمؤمن
فقال : نعم المال الصالح للرجل الصالح ، أخرجها من قلبك وضعها في يدك فإنها لا تضرك
أما إذا سكنت بالقلب ، فمثلها مثل الماء للسفينة .. السفينة لا تمشي على الأرض تمشي على الماء
[[ ما بتقدر تمشي بالدنيا من غير مال ]]
ولكن إذا دخل الماء للسفينة إلى قلبها وداخلها .. كان سبب هلاكها
فالمال للمؤمن كالماء للسفينة إذا كان تحتها وحولها فهو وسيلة لمشيها
أما إذا دخل إلى قلبها أغرقتها
اللهم احفظ قلوبنا من الدنيا وأهوالها
صهيب باع دنياه وماله لماذا ؟
الثمن كان الآخرة مرضاة الله
{{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ }}
النبي يستقبله بخ بخ [[ كلمة تعجب ومدح عند العرب ]]
ربح البيع أبا يحيى
ربح البيع أبا يحيى
ربح البيع أبا يحيى
{{ ألا إن سلعة الله غالية }}
هذه أحداث أحببت أن أذكرها بين يدي هجرته صلى الله عليه وسلم ..
والآن سنفتتح هجرته وبكل التفاصيل لأن هجرته أكثر شيء بالسيرة فيها العبرة والمواعظ وسنقف عند كل حدث بالتفصيل بإذن الله
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً
اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد
يتبع الحلقة التسعون …