هذا الحبيب 88 – الهجرة/ عمر بن الخطاب

هذا الحبيب 88  -  الهجرة/ عمر بن الخطاب

هذا الحبيب 88 – الهجرة/ عمر بن الخطاب

أحداث حصلت في المدينة قبل هجرته ﷺ
تحدثنا عن هجرة أم سلمة ، وما عانته رضي الله عنها
واليوم نتحدث عن هجرة
{{ عمر بن الخطاب رضي الله عنه }}
يقول الإمام البخاري ومسلم في الصحيح ، من حديث علي بن أبي طالب
قال : ما هاجر أحد جهاراً نهاراً إلا عمر ، وقد أخذ الناس يتسللون تسلل خَشيتَ ، أن تمنعهم قريش ولقد منعت من قدرت عليه … إلا عمر

يقول علي بن أبي طالب :
عندما أراد عمر الهجرة تنكّب قوسه ، وتوشح سيفه ، وأمسك بيده الأسهم
ثم تخنصر بعنزة
[[ أي عصا يكون في رأسها حديدة ]]
وضعها على خاصرته
ثم أتى وضح النهار ، وقد ارتفعت الشمس ، وقريش في أنديتها
وطاف في البيت سبعة ، طواف متمكن لا يلتفت إلى أحد حتى إذا فرغ
ركع في المقام ركعتين ، صلاة مطمئن لا يلتفت إلى أحد
ثم وقف واستقبل أندية قريش بوجهه
واقترب منها واثق الخطوة ، ثم وقف عمر على أندية قريش وقال :
شاهت الوجوه
[[ يعني قبحها الله ]]

شاهت الوجوه ، والله لا يرغم الله إلا هذه المعاطس
[[ أي الأنوف يرغمها أي يدسها بالتراب مخزيه .. هو بيتحركش فيهم مش هم اللي بتحركشوا فيه ]]

يا معشر قريش إني راحل إلى يثرب
[[ أي مهاجر ]]
فمن أراد منكم أن تثكله أمه
أو ترمله زوجته
أو ييتمه أولاده
فليتبعني إلى بطن هذا الوادي

يقول علي بن أبي طالب : فوالله ما تحرك قريشي من مجلسه
ثم قال : يا معشر المستضعفين
[[ المسلمين الضعفاء ]]

يا معشر المستضعفين
من أراد أن يصحبني إلى الهجرة فليتبع

قال : فصحبه رهط فوالله ما تجرئ قريشي أن يرد مستضعف خوفاً من عمر
فكان مع عمر رضي الله عنه ، من المسلمين المستضعفين
{{ ١٧ مهاجر والبعض قال ٢٧ }}
خرجوا مع عمر ، فهاجر عمر علناً
وهنا درس يجب أن نقف عنده

كثير ناس تتساءل
لماذا يهاجر عمر علنا لا يخاف من أحد معتمداً على الله ؟؟
ويهاجر النبي صلى الله عليه وسلم ، بالسّر ويجلس في غار ثور ثلاثة أيام فهل كان إيمان عمر أكبر ؟؟

الجواب
لا طبعاً ، إيمان النبي صلى الله عليه وسلم كان
{{ يعم الصحابة جميعاً }}
وهو الذي كان يمدهم بالإيمان ، وهو خير من توكل على الله ولكن دائماً نقول …

كما قال تعالى :
{{ لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا }}
فهو الأسوة الحسنة وسيرته
{{ للتأسي والاقتداء }}

فلو هاجر النبي علناً لكن من المستحب ، أو الواجب على جميع المؤمنين ، أن يقتدوا بنبيهم
ويعتمدوا على الله بغير الأخذ بالأسباب
ويهاجروا علناً ، ولا يخافوا من قريش
وهذا لا يناسب الكثير من الصحابة المستضعفين
ويمكن أن يلحق بهم الضرر
أما عمر رضي الله عنه
فليس قدوة ، لم يضع الله عمر أسوة للمؤمنين في حياة رسول الله لكنه وضع النبي في هذا المنصب
فعمر تصرفه يمثل نفسه ، لا يلزم الآخرين الاقتداء به

أما النبي فهو
{{ مشرع وقدوة }}

لذا هاجر عمر علناً ،وهاجر صلى الله عليه وسلم سراً ، أخذ بالأسباب والحيطة رفقاً ورحمة بالمستضعفين من أمته
جاء رجل إلى رسول الله من الأعراب
[[ الأعراب البدو ]]

ووقف عند الخيمة وأمسك البعير
وصاح يا رسول الله .. أأعقلها .. أم أتوكل ؟؟
[[ يعني اربط رجل الجمل بالحبل ، وإلا أتركها وأتوكل على الله ]]

فقال له صلى الله عليه وسلم له
{{ اعقلها وتوكل }}

يعني الإثنين مع بعض خذ بالأسباب وتوكل على الله .

ننطلق الآن إلى يثرب
[[ المدينة المنورة ]]

نلقي نظرة عن وضع المسلمين هناك ، ثم نرجع إلى مكة وهجرة الصحابة ، ثم هجرة النبي صلى الله عليه وسلم
……………..

(( أحداث حصلت في المدينة قبل هجرته ﷺ إليها ))

أخذ ينتشر الإسلام في
{{ المدينة المنورة }}

وبقي بعض القوم من سادة المدينة ، لم يدخلوا الإسلام
وبدأت هجرة الصحابة من مكة إلى المدينة
وكان سيد من سادة الأنصار و اسمه
{{ عمرو بن الجموح }}
وسيأتي له مواقف معنا بالسيرة
ونعرف منزلة هذا
{{ الصحابي الجليل رضي الله عنه }}
عمرو بن الجموح ، هو سيد من سادة بني سلمة وكان موقعهم بين قباء والمدينة
هذا الرجل أسلم ابنه واسمه
{{ معاذ بن عمرو بن الجموح}}
وكان له صديق قريب من عمره اسمه
{{ معاذ بن جبل }}

المعروف بين المسلمين
[[ وهو المدفون الآن في الأغوار الشمالية في الأردن مقام معاذ بن جبل وابنه سليمان ]]

معاذ بن جبل ، ومعاذ بن عمرو

شباب صادقين في إيمانهم .. عز عليهما أن يكون سيد القوم
{{ عمرو بن الجموح }}
ما زال مشرك ويعبد الصنم

و كان لعمرو صنم مصنوع من الخشب وقد سماه {{ مناف }}
يتقرب إليه .. ويسجد بين يديه
هذا الصنم مناف ، كان يلجأ إليه عند المصائب ، أو إذا أراد حاجة سجد له وطلب حاجته
كان يحبه أكثر من أهله وماله
وكان شديد الإسراف في تقديسه .. وتزيينه ، وتطييبه ، وتلبيسه
كان يعتني به من صغره ، إلى أن أصبح عمره {{ ٦٠ عام }}

فلما انتشر الإسلام في المدينة المنورة
أسلم أولاده ، وأمهم ، ولكن
{{ عمرو بن الجموح }}
لا يعلم بإسلامهم
فجاء أولاده ، يستشيرونه ، ما رأيك بهذا الدين الجديد
{{مثل ما بنقول يدسوا نبضه }}

قالوا : يا أبانا ما رأيك بهذا الدين الجديد ، قد اتبعه الناس فما ترى في اتباعه ؟

فقال : لست أفعل حتى أشاور مناف
[[ الصنم ]] فأَنظُرَ ما يقول !!

ثم قام عمرو إلى الصنم مناف
أقبل عمرو يمشي بعرجته إلى مناف ، وكانت إحدى رجليه أقصر من الأخرى

عمرو بن الجموح رضي الله عنه
في معركة أحد ، منعه أولاده من الخروج للقتال
وقال أبناؤه : إن الله قد عذرك ونحن نكفيك
[[ لأنه أعرج ، قالوا نحن نسد مكانك ]]

إلا أن عمرو بن الجموح ، أبى إلا أن يشهد المعركة مع أبنائه الأربعة
وذهب إلى رسول الله
فقال له النبي : أما أنت فقد عذرك الله، ولا جهاد عليك
وألح عمرو بن الجموح في الخروج ، وبكي بين يدي رسول الله
فقال للنبي صلى الله عليه وسلم
أرأيت إن قُتلت اليوم .. أأطأ بعرجتي هذه الجنة؟
قال: نعم
قال عمرو : فوالذي بعثك بالحق ، لأطأن بها الجنة اليوم إن شاء الله
فتبسم الرسول الكريم وقال لأبنائه:
لا عليكم، لا تمنعوه ، لعل الله يرزقه الشهادة·

ويسرع عمرو إلى سلاحه
ويمضي به ويشاهده المسلمون متحدياً عرجته
كان يتعثر حينا ، ويخترق الصعاب حينا آخر
ومعه صديقه
[[ عبدالله بن عمرو بن حرام ، كان صديق حميم له وكان عبدالله زوج أخته ]]
وكان أبنائه حوله
فلما احتدت المعركة
صرخ عمرو
اللهم ارزقني الشهادة في سبيلك ، ولا تردني الى أهلي خائبا
ويلتفت الى ابنه جابر
ويقول : يا جابر !!

إني أرجو أن أكون أول من يصاب في أحد، فأوصيك ببنات عبدالله خيراً
[[ لأنه صديقه عبدالله كان عنده بنات يوصي ابنه ببنات صديقه بنات عمته لجابر ]]

ويستشهد عمرو وصديقه عبدالله
وينظر الرسول صلى عليه وسلم في وجه عمرو بن الجموح ثم يقول
{{ والذي نفسي بيده لقد رأيت عمرو بن الجموح يطأ في الجنه بعرجته }}

ثم التفت لأصحابه وقال : اجعلوا
{{ عبدالله بن عمرو بن حرام، وعمرو بن الجموح في قبر واحدٍ ، فإنهما كانا في الدنيا متحابَّين متصافِيَين }}

ولما وقع سيل أحد وانكشفت أجساد شهداء أحد
وكان جابر ابنه من جملة الحاضرين
فوجدوا شهداء أُحد :
ليِّنةً أجسادُهم، تتثنَّى أطرافُهم
[[ مش متيبسة أجسادهم ]]

ونظر جابر إلى والده وزوجِ عمَّته
يقول جابر : فوالذي بعث محمداً بالحق
لقد وجدتهما ، كأنهما نائمان، ولا تُفارق الابتسامةُ شفاههما اغتباطا بلقاء الله
عندما نصل للغزوات هنالك قصص كثيرة ودروس وعبر سنذكرها
ولكن أحببت أن أذكر قصة عمرو بن الجموح للعبرة

أريتم كيف كانت بداية عمرو بن الجموح يعبد صنم من خشب
وكيف كانت نهايته عند وفاته

[[ فإياكم أن تحكموا على أي شخص ، ولو كان على معصية ، فلا نعلم ماذا يختم الله له به حياته ، ارحموا عباد الله جميعا ، وادعو الله لهم بالهداية ، ولا ننسى كما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم ، في آخر الزمن أن هناك جند الله الذين يكونون مع المهدي يعرفهم النبي بأسماءهم وأسماء آبائهم ، وهناك معركة تكون في آخر الزمان تحت قيادة المهدي يقول الرسول صلى الله عليه وسلم عن شهدائها خير شهداء الله على الارض تخيلوا فالخير في هذه الأمة إلى يوم الدين ، لا تنظروا إلى أنفسكم بأنكم صغار ، كل من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله ثم استقام فهو عند الله عظيم ، ممكن أنت تكون منهم ، ممكن ابنك ، ممكن صديقك الذي تراه قائم على المعاصي ، فلا تحكموا على الناس ، فلا يعلم الخواتم إلا الله جل في علاه ]]

فالسيرة للتأسي لا للتسلي ، فهي منهاج حياة
استقيموا يرحمني ويرحمكم الله

فوقف عمرو بن الجموح بين يدي الصنم
معتمداً على رجله الصحيحة
[[ تعظيماً واحتراماً للصنم مناف ]]
ثم حمد الصنم وأثنى عليه
ثم قال : يا مناف .. لا ريب أنك قد علمت بخبر هذا القادم .. ولا يريد أحداً بسوء سواك .. وإنما ينهانا عن عبادتك .. فأشِرْ عليّ يا مناف
ثم تركه وخرج ، فلما أظلم الليل

جاء ابنه وصديقه معاذ بن جبل
و إ
واتفقوا أن يذهبوا إلى هذا الصنم في الليل
ويأخذوه ويرموه في حفرة التي يكون فيها أوساخ الناس
فلما أصبح عمرو وذهب إلى صنمه كي يعبده
بحث عنه فلم يجده
فخرج ويسأل من اعتدى على آلهتي الليلة ؟

فلا أحد يجيبه
[[ فيضحك الشابان وينظران ماذا سيصنع ]]
فيبحث عنه فيجده مُلقى في حفرة القذرات والنجاسات .. فيأخذه
ويغسله ، ويطهره ، ويطيبه ثم يرجعه إلى داره يعبده

فإذا كانت الليلة الثانية
ذهبوا في الليل ، وأخذوه وصنعوا به كما صنعوا بالمرة الأولى فلما تكرر الفعل
قال عمرو بن الجموح على مسمع الناس يخاطب الصنم
قال : لو أعلم من يصنع بك هذا ، لأخزينه ولكني لا أعلم
ولكن عندي رأي
فأخذ سيفه وكان من السيوف النادرة الغالية ، وعلقه في عنق الصنم
علق السيف في عنقه
وقال : هذا سيفي تتفاخر به أهل يثرب ، فإن جاء من يعتدي عليك الليلة ، هذا السيف عندك فدافع عن نفسك

فلما ذهب كي ينام وتعمق في نومه
ذهبوا إلى الصنم ، وأخذوا السيف من عنقه ، ثم أخذوا الصنم وربطوه بحبل واحد ، بجانب كلب ميت ونكسوه على رأسه في حفرة واحدة فيها وسخ الناس
فلما أصبح لم يجد صنمه ، فذهب مباشرة إلى الحفرة فوجده مربوط بكلب ميت منكس على رأسه
فنظر إليه وتبين له الحق من الضلال
[[ إذا كان السيف معه ولم يدافع عن نفسه ، وهو الآن في وسط النجاسة ]]

وفي هذه اللحظات يقبل عليه من قومه من يدعوه إلى دين الله وتوحيده سبحانه
فيجيب قائلا للصنم:
_والله لو كنت إلها لم تكن أنت وكلب وسط بئر
الحمد لله العلي ذي المنن .. الوهاب الرزاق ديان الدين
هو الذي أنقذني من قبل أن أكون في ظلمة قبر مُرتهن
وأعلن إسلامه

أرأيتم العقول التي تهدي إلى الحق
أريتم الفرق بينه وبين عمرو بن هشام
[[ أبو جهل ]]

أبو جهل قبل الإسلام كانت تسميه قريش
[[ أبو الحكم ]]

لماذا
قال لحكمته في الرأي ، وأدخلوه الى دار الندوة وكان عمره
[[ ٢٥ سنة ]] لأنه حكيم و ذو رأي سديد ، وكان من شروط دخول دار الندوة أن لا يدخلها إلا حكيم ، وأن يكون عمره تجاوز الخمسين ، ولكن أبو جهل دخلها رغم صغر سنه
وبعد أن جاء الإسلام ، وحكم عقله القبلية
[[ يعني كيف عشيرتين يتحدوا بعض طول حياتهم مين الافضل ]]

فلما سأل الأخنس أبو جهل
قال له : يا أبا الحكم
أترى محمد يكذب ؟؟
فقال له أبو جهل: واللات والعزة ما كذب قط، وكنا نسميه الصادق الأمين
ولكن تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف، أطعموا فأطعمنا، وحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا، حتى إذا تحاذينا على الركب وكنا كفرسي رهان

قالوا : منا نبي يأتيه الوحي من السماء، فمتى ندرك هذه؟!
[[ هي كبيرة من وين نجبلهم نبي نتحدهم فيه ]]

واللات والعزة إني لأعلم أن محمدا نبي ، ولكن متى كنا لبني عبد مناف تبعا ؟
والله لا نؤمن به أبداً ولا نصدقه
لذلك فقد سلب الله من أبو الحكم حكمته وحلمه، وأصبح يحكم بالعاطفة والقبلية فأصبح سريع الغضب لا يدري ما يقول
ولأن عقله لم يهديه إلى الله سماه صلى الله عليه وسلم
[[ أبو جهل ]]

اللهم نور عقولنا بنور الإيمان .. عمرو بن الجموح له مواقف في السيرة أحببت أن نعرفه قبل أن نبدأ بحديث هجرته صلى الله عليه وسلم.

ونرجع الآن الى مكة حيث رسول الله صلى الله عليه وسلم، هناك وهجرة أصحابه ، بعد أن ألقينا نظرة سريعة على المسلمين في المدينة المنورة

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً

اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد
يتبع الحلقة التاسعة والثمانين …