في قصصهم عِبرة ١٣ – انتقامٌ نظيف!

في قصصهم عِبرة ١٣ - انتقامٌ نظيف!

في قصصهم عِبرة ١٣
انتقامٌ نظيف!

في كتابه “خُرافات مُنتقاة” يروي “لافونتين” القصة التالية:
كانَ رجلٌ عاقلٌ يسيرُ وحده، فأزعجه شخصٌ أحمق راحَ يرمي الحجارةَ على رأسه، فالتفتَ إليه، وقال له:
أيُّها الشابُّ العزيز، لقد أجدتَ الرمي، أرجو أن تتقبلَ مني هذه النقود، فقد عملتَ بمشقةٍ يستحقُ معها أكثر من كلمةِ شُكر!
ولكن هل ترى ذاك الرجل الذي هناك؟ إنه يستطيعُ أن يدفعَ لكَ أكثر مني، فارمِهِ ببعضِ حجارتك، وستكسبُ أجراً جيداً!
وأغرى الطُّعمُ ذاك الشاب، وهرعَ ليُكرر الإهانة نفسها للرجلِ الذي ظنَّ أنه سيكسبُ منه مالاً أكثر. ولكن هذا الرجل كانَ رئيس عمَّال شقِّ الطُّرُق، فأشارَ إلى رجاله أن يُبرحوا هذا الشاب ضرباً، فانهالوا عليهِ بالضربِ حتى لم يَعُدْ يقوى أن يسيرَ على قدميه!

وبعيداً عن خُرافات “لافونتين” المُنتقاة، ففي تُراثنا العربي قصة شبيهة بهذه القصة، وتدورُ في فلكها، حدثتْ مع الأحنف بن قيس سيِّد بني تميم وحليم العرب!
جاءَ أعربيُّ فلطمَ الأحنفَ بن قيس على وجهه.
فقالَ له الأحنف: لِمَ لطمتني!
فقالَ له: أعطاني بعضُ الناسِ مالاً، وطلبوا مني أن ألطمَ سيدَ تميم على وجهه
فقالَ له الأحنف: لقد أخطأتَ، لستُ سيِّد تميم، وإنما سيدهم هو حارثة بن قدامة.
وكانَ حارثة رجلاً غضوباً، لا يسكتُ على ضَيْم، ولا يحلمُ على جاهل.
فجاءَ الأعرابيُّ فلطمَ حارثة، فاستلَّ حارثةُ سيفه وضربَهُ على يده فقطعها!
وما أرادَ الأحنفُ إلا هذا!

في القصتين درسٌ واحدٌ ألا وهو: وجِّه عدوَّكَ إلى عدوٍّ آخر!
أحياناً نأنفُ من أن ننزلَ إلى مُستوى البعض، ذلك أن الخصومةَ معهم خسارةٌ بكل حال، لا إن انتصرت َعليهم ستجد لذةَ النصر. ولا إن هُزِمْتَ ستستسيغُ طعمَ الهزيمة، ولكن في الحياة هناك خصم لكل عدو من نفس منزلته، فإما أن تترفعَ مُطلقاً وهذا الأحب إليَّ، أو لا بأس أن تأخذَ حقك بيدِ غيرك وهذا فيه من الدهاء ما تُرفعُ له القُبعة، وأراه يُناسبُ أهل السياسة أكثر مما يُناسبُ الناس!

أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطرية