في قصصهم عِبرة ٣١ – الذئبُ والحمل!

في قصصهم عِبرة ٣١ - الذئبُ والحمل!

في قصصهم عِبرة ٣١
الذئبُ والحمل!
يروي الأوروبيون في حكاياهم الشعبيَّة، أنَّ حَمَلاً غدا ذاتَ صباحٍ إلى النهرِ ليشرب، وكانَ هناك ذئب يبحثُ عما يأكله، ووقفَ يشربُ من أعلى النهر، والحملُ تحته، فلمَّا رآه قالَ له: يا لِقِلَّةِ أدبك، تُعكِّرُ الماءَ عليَّ!
فقالَ له الحمل: إنَّ الماء يجري من أعلى إلى أسفل، وأنتَ فوقي تشربُ قبلي، فكيفَ أُعَكِّرُ الماءَ عليك؟
فقالَ له الذئبُ: ألستَ الحمل الذي تكلَّمَ عني بسوءٍ في شهرِ تموز المنصرم؟
فقالَ له الحمل: لم أكُنْ يومها قد وُلِدْتُ بعد، ألا ترى صِغر سِنِّي؟
فقالَ له الذئب: إن لم تكُنْ أنتَ، فأخوك هو الذي فعل!
قالَ له الحمل: ليسَ لي إخوة يا سيدي!
فقالَ له الذئب: لا بُدَّ أنه أحد أفراد عائلتكَ الكريهة، أنتم دوماً تتحدثون عني بسوء!
وما كادَ الحملُ يفتحُ فَمَهُ يَرُدُّ على التهمةِ الجديدة، حتى انقضَّ عليه الذئبُ وافترسه!

الذي يريدُ أن يُشعلَ حرباً وخصاماً لن تُعجزه الذريعة، فإن لم يجدْ واحدةً يستغلها اختلقَ واحدة! على أنَّ التاريخ يُخبرُنا أنّ َالأيام لم تكُن تبخلُ بالذرائعِ على الذين ينتظرونها!

في ستينياتِ القرنِ الماضي كانتْ العلاقات السياسية بين السلفادور وهندوراس قد بلغتْ أوج تأزمها، كانتْ الحربُ تنتظرُ شرارةً لتشتعل، وكانتْ الشرارةُ مباراة كرة قدمٍ حاسمةٍ بين مُنتَخَبَي الدولتين للتأهلِ لتصفياتِ كأسِ العالمِ عام 1970، انتهتْ بفوزِ السلفادور،فحشدتْ الدولتان جيشيهما على الحدودِ وبدأتْ الحرب!

وفي أوائلِ القرنِ التاسعِ عشر تعرَّضَ محلُ بيعِ فطائرٍ يملكه رجلٌ فرنسيٌ في المكسيكِ إلى النهبِ والتخريب، وطالبَ صاحبُ المحلِ بتعويضٍ ولكن الحكومةِ المكسيكيةَ تجاهلتْ طلبه.
وبعد عشرِ سنواتٍ من هذه الحادثةِ كانَ “لويس فيليب” ملكُ فرنسا مستاءً من عدمِ دفعِ المكسيك الديون التي عليها لفرنسا، وكانَ يحتاجُ إلى ذريعةٍ ليُحارب، فطلبَ من الحكومةِ المكسيكيةِ أن تدفعَ تعويضاً لصاحبِ محلِ الفطائر، وعندما قُوبِلَ طلبه بالرفض، قامَ بشنِّ حربٍ على المكسيكِ استمرَّتْ خمسة أشهر!

الحالُ في السياسةِ كما هو الحالُ في حياةِ الناس، من أرادَ أن يُخاصمكَ فسيجدُ ألف سبب، وإن لم يجدْ اخترعَ واحداً، ومن أرادَ أن يبقى معك، تجاهلَ ألف سببٍ لمفارقتك!

أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطرية