هذا الحبيب 155  – غزوة حمراء الأسد – الجزء الثالث والأخير

هذا الحبيب 155  - غزوة حمراء الأسد - الجزء الثالث والأخير

هذا الحبيب 155  – غزوة حمراء الأسد – الجزء الثالث والأخير
_____________
عسكر النبي صلى الله عليه وسلم ، وصحابته وأرسل العيون تستطلع أخبار جيش {{ ابو سفيان }}
فمر بهم رجل اسمه {{ معبد بن أبي معبد الخزاعي }}
أتعرفون هذا الرجل من تكون أمه ؟؟
إنها {{ أم معبد }}
[[ التي ذكرنا حديثها يوم الهجرة مر بها النبي صلى الله عليه وسلم وسألها الزاد فلم تبخل عليه ، وقالت لو كان عندنا ما بخلنا به عنك ، قال وهذه الشاة ، قالت إنما خلفها العجز ، قال اتأذنين لي أنا أحلبها
تذكرون هذه القصة ؟؟
قالت دونكها إن كان بها حلب فأحلبها فلقد خلفها الجهد ، وما ضربها فحل قط ، فأين لها اللبن ؟!! فحلبها النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات وذكرت لكم قصتها بالتفصيل ]]
ابنها معبد هذا
لم يسلم بعد ، ولكنه علم أن هذا صاحب قريش النبي المرسل
فلما رأى النبي سلم عليه
وقال : _ يا محمد
[[ لم يقل له يا رسول  الله ، لأنه لم يسلم بعد ، ولم تكن العرب تعرف الكذب والنفاق إلا من مخالطة ،كيف زمانا صرنا نعرف الكذب اخذنا من الغرب وأعطيناهم يعني تبادل ،حتى صرنا للأسف إذا أردنا أن نعطي أحدهم موعد لا يقبله موعد عربي بده موعد [[ انكليزي ]] موعد العربي كان لا يُخلف موعده حتى لو ضربت عنقه لا يرضى الكذب مهما كان الثمن
قال :_ يامحمد لانه لم يسلم ، ولكن قلبه كان مع النبي لم يجامله ويقول يا رسول  الله وهو لم يسلم ]]
__________
قال :_ يا محمد ، لقد عز علينا والله ما أصابك في أصحابك، ولوددنا أن الله أعلى كعبك، وأن المصيبة كانت بغيرك ، فوالله لا أدري ما أقول
فهل من خدمة نؤديها لك ؟؟
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :_إن رأيت قريش في طريقك فأخبرهم
[[ يعني اخبرهم بخروجنا ]]
__________
وبالفعل مضى {{ معبد }} حتى وصل الى جيش المشركين
وكانت قريش في منطقة اسمها الروحاء
كانوا يبعدون عن النبي صلى الله عليه وسلم {{ ٤٧ كم }}
لما وصل معبد
كان أبوسفيان يقرر العودة لمهاجمة المدينة بالفعل ، وكان صفوان يعارض رأيهم بالرجوع وكان صفوان ايضا من زعماء قريش
ولكن كانت الأغلبية الساحقة ترى العودة لمهاجمة المدينة، وبالفعل استعد الجيش للعودة
ولكن قبل أن يتحرك الجيش وصل اليهم
{{معبد بن أبي معبد }} وتعمد أن يخاطب ابو سفيان
___________
فأستقبله ابو سفيان
[[وهكذا كانت العرب تتلقط الاخبار من الركبان ، لأنه مافي تلفونات ولا اعلام ]]
أراد ابو سفيان أن يعلم اخبار المدينة، و ما هو موقف اهل المدينة [[ لأن أكثر الشهداء في أحد كانوا من الأنصار كما ذكرنا ]]
فقال أبو سفيان :_ هذا معبد وعنده الخبر ، ما وراءك يا معبد ؟
قال :_ورائي ما يسوؤك أبا سفيان
قال :_ ويحك ماذا تعني ؟!!
[[ ولم يكن يعلم ابو سفيان ، ان معبد قلبه وروحه مع رسول الله ]]
فقال معبد :_ تركت محمداً وأصحابه قد خرجوا لطلبكم في جمع لم أر مثله قط ، يتحرقون عليكم تحرقا
قد اجتمع معه من كان تخلف عنه بالأمس من الأوس والخزرج ، وتعاهدوا على أن لا يرجعوا حتى يلقوكم فيثأروا
[[ أي يأخذوا ثأرهم منكم ]]وغضبوا لقومهم غضبا شديدا، وندموا على ما فعلوا ، فيهم من الحنق شيء لم أر مثله قط
[[ الحنق الغيظ الشديد يعني مخنوقين من الغيظ مستلحمين عليكم ]]
طبعا معبد ، هول وكبر له الموضوع
قال أبو سفيان: _ ويلك ما تقول ؟ والله لقد أجمعنا الكرة عليهم لنستأصلهم‏
[[ نحن مجتمعين عشان نرجعلهم ]]
قال معبد: _ لا تفعل أبا سفيان فإني ناصح ، ومما خلع قلبي عندما رأيتهم نظمت لهم شعراً
[[ اي من المنظر الذي رأيت نظمت بهم شعراً ،اصف الحال التي هم بها ]]
قال ابو سفيان :_ أسمعني ماذا قلت ؟؟
[[ والعرب كان لسانهم ينطق الشعر فوراً ، ولا يحتاجوا لدراسة الشعر ونرجع لمعاني الكلمات ، فأنظروا الى شعره أبن الوقت اخذ يرتجز شعراً لابي سفيان يهول له جيش النبي صلى الله عليه وسلم ]]
فقال {{ معبد }} ولقد أسلم فيما بعد نقول رضي الله عنه
____________
قال :_{{ كادت تهد من الأصوات راحلتي }}
يعني من صوت السلاح والجيش الذي مع محمد راحلتي كانت رح تسقط على الارض

{{ كادت تهد من الأصوات راحلتي ، إذ سالت الأرض بالجرد الأبابيل }}

يعني لم أرى الارض ، ولم أرى لونها ، من كثرة الجيش الذي خرج مع محمد و غطاها [[ والجرد الأبابيل ]] وصف الخيل ، لما يكون عدد الخيل كثير جدا يسمى جرد ابابيل

{{ تردى بأسدٍ كرام لا تنابلةٍ }}
تردى أي تجري خيولهم نحوكم ، كأنهم اسود من سرعتهم وتوحشهم عليكم ، لا تنابلة وكلمة تنبل بنعرفها

{{ تردى بأسد كرام لا تنابلة ، عند اللقاء ولا ميل معازيل }}
يعني مش مايلين مش عارفين يركبوا الخيل ولا معزولين السلاح ، مدججين بالسلاح

{{ فظُلت عدواً أظن الأرض مائلةً }}
اي اسرعت بالهرب ومن كثر السرعة والخوف منهم ، وانا هارب اشوف الارض مايلة ، مش عارف وين امشي منهم خفت يفكروني واحد منكم [[ أي من جيش قريش ]]

{{ لما سموا برئيس غير مخذول }}
اي قائدهم محمد على رأسهم غير مخذول الجميع يتبادر لطاعته وأمره

{{ فقلت : ويل أبن حربٍ من لقائكمُ }}
يعني ويل ابو سفيان [[ لان ابو سفيان من بني حرب ]]
قلت لما شفتهم يا ويله ابو سفيان منكم بكرة

{{ إذا تغطمطت البطحاء بالجيل }}
اي هذه الصحراء البطحاء، غدا اذا تغطمطت [[ اي تغطت كلها بالجيل ]]
ومعنى الجيل اسم للناس ، اي الجيل اللي بعده جيل
يعني هذا الجيل اللي خرج مع محمد غير الجيل اللي بتعرفه من قبل
وكأن محمد اخرج لكم جيل جديد لم تعرفه العرب كلها

{{ إني نذير لأهل البسل ضاحية }}
اي اسرعت لأنذركم [[ اهل البسل ]] وصف كانت توصف به قريش لانهم اهل الحرم

{{ إني نذير لأهل البسل ضاحية ،لكل ذي إربة منهم ومعقولِ }}
اي اسرعت انذر قريش واتكلم مع زعمائها وعقلائها
لكي اخبركم ان هذا محمد واصحابه ورائكم اهربوا ، فورا

{{ من جيش أحمد لا وخش تنابلة ، وليس يوصف ما أنذرت بالقيل }}
اياك تفكر يا ابو سفيان كل هذا الوصف اللي ذكرته حكي فاضي و مبالغة وبهارات
[[ اللي نعرفها اليوم يعني بلغتنا مش اعلام عربي تبعنا اليوم الكاذب ]]
وليس يوصف ما أنذرت بالقيل [[ اي انه حق وستراه بعينك الآن يا ابو سفيان ]]
___________
ففزع ابو سفيان وارتجف قلبه
قال :_ ويلك اين هم الآن ؟؟
قال:_ والله ما أرى أن ترحل حتى ترى نواصي خيلهم قد أقبلت [[ اهربوا بسرعة ]]
وكان الشعر هو الوسيلة الاعلامية القوية بين العرب في ذلك الوقت
وبالفعل خارت عزائم قريش وقرروا العودة سريعا الى مكة
___________
فهربت قريش
وفي الطريق أراد ابو سفيان ان يخوف المسلمين كي لا يلحقوا بهم
فمر به ركب من قبيلة {{ عبد القيس }} يريد المدينة
فقال‏:‏ _هل أنتم مبلغون عني محمداً رسالة، وأوقر لكم راحلتكم هذه زبيبا إذا أتيتم إلى مكة ‏؟‏
قالوا‏:‏ _نعم‏
قال‏:_ فأبلغوا محمداً أنا قد أجمعنا الكرة ، لنستأصله ونستأصل أصحابه
_________
فلما مر ركب {{ عبد القيس }} بالنبي صلى الله عليه وسلم ، أخبروه برسالة ابو سفيان
أن جيش قريش في الطريق اليهم ليستأصلهم
ولكن هذا لم يؤثر في المسلمين، بل زادهم ايمانا وثباتا وتوكلًا على الله تعالى
فقال النبي صلى الله عليه وسلم لم سمع ما قالوا
قال :_ حسبنا الله ونعم الوكيل
فقال الصحابة من خلفه : _ حسبنا الله ونعم الوكيل
فامتدح الله تعالى هذا الموقف الرائع الفريد من المسلمين فقال تعالى
{{ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ }}
____________
انصراف أبي سفيان ومن معه خائفين
وظفر النبي صلى الله عليه وسلم ، منهم برجل اسمه {{ عزة الشاعر }}
اتذكرونه ؟ ذكرت قصته لما وقع اسير في بدر
وكان فقير
قال :_يا محمد أقلني وامنن علي ، ودعني لبناتي، وأعطيك عهدا أن لا أعود لمثل ما فعلت
وأخذ عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، عهدا أن لا يقاتله ولا يكثر عليه جمعا ولا يظاهر عليه أحدا
فنقض العهد ، وخرج مع قريش لأحد ، وصار يستنفر الناس ويحرضهم على قتاله بأشعاره
هرب ابو سفيان مع قريش وتركوه نائم تحت شجرة
فأمسك به الصحابة
فلما جيء به للنبي صلى الله عليه وسلم
قال: _ يا محمد أقلني وامنن علي ، ودعني لبناتي ، وأعطيك عهدا أن لا أعود لمثل ما فعلت
فقال:_ لا والله لا تمسح عارضيك بمكة ، تقول خدعت محمدا مرتين
لا يلدغ المؤمن من حجر مرتين ، فأمر النبي بضرب عنقه
__________
بقي المسلمون في {{ حمراء الأسد }} ثلاثة أيام
ثم عادوا الى المدينة
وقد حققت هذه الغزوة كل أهدافها التي ارادها ، الرسول صلى الله عليه وسلم
١- تخويف قريش وتراجعها عن مهاجمة المدينة
٢- اعادة بعض الهيبة للدولة الإسلامية بعد أحد
٣- رفع الروح المعنوية لجيش المسلمين بعد أحد
___________
هل رأيتم ؟؟
هذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم النبي القائد
وهؤلاء هم أصحابه خرجوا في اليوم التالي مباشرة لمعركة أحد ، وهم مثخنين بالجراح
لنعرف كيف كانت تلك ، الشخصيات المؤمنة الصلبة
الذي تم تربيتها على يد النبي صلى الله عليه وسلم ، في زمن قياسي
تلك الشخصيات التي استطاع النبي صلى الله عليه وسلم أن يغير بها وجه التاريخ
فكنا نحن وانتم ثمرة هذه الشخصيات ، أوصلوا لنا مفتاح الجنة ومفتاح الفوز والنجاة ، فنطقنا
{{ لا إله إلا الله ، محمد رسول الله }}
هذه هي السيرة ، التي غفلت عنها الأمة ، فمن عرف السيرة استقام قلبه وسمت روحه ، فكانت عبادته لله على بصيرة
وفهم عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم
وكان أقرب الى الله ورسوله
يتبع إن شاء الله