هذا الحبيب 166 – السيرة النبوية العطرة – حادثة الإفك – كاملة
__________
رجع المسلمون من غزوة {{ بني المصطلق }}
ودخل المنافقون المدينة بعد فضيحتهم ، ونزول القرآن في شأنهم
وكانت قلوبهم ممتلئة بالغيظ ، والحقد على الإسلام والمسلمين
و بمجرد دخولهم المدينة ، افتعلوا مشكلة جديدة حاولوا بها أن ينفثوا عن أحقادهم تجاه المسلمين
وتجاه النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذه الحادثة هي التي أطلق عليها القرآن العظيم {{ الأفك }} واستغرق الحديث عنها في كتاب الله صفحة كاملة
والإفك هو الكذب والافتراء ، وهو أشد أنواع الكذب
___________
ولكي لا استبق الأحداث
كانت آيات {{ الحجاب }} قد نزلت قبل أشهر
بزواج النبي صلى الله عليه وسلم من ابنة عمته {{زينب بنت جحش}} مطلقة زيد بن حارثة ، وسنأتي على هذا بالتفصيل فهذه الحادثة التي سأذكرها كانت بعد فرض الحجاب فعندما فرضت آيات {{ الحجاب }} اصبحنّ امهات المؤمنين محجبات لا يرهنّ احد
____________
كانت السيدة عائشة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة {{ بني المُصْطَلق }} كما ذكرنا
وفي طريق العودة ، وبعد أن اقترب الجيش من المدينة، وقف الجيش في أحد الأماكن ليستريح وكان ذلك في الليل
وذهبت السيدة {{ عائشة }} لتقضي حاجتها
[[ تقضي حاجتها ، أظنها كلمة معروفة ]]
خرجت تقضي حاجتها في العراء
[[وأمهات المؤمنين اشد الناس حياء ]] فابتعدت عن الجيش حتى تتمكن من قضاء حاجتها
وعندما عادت وجدت أنها قد فقدت عقد لها
كانت قد أعطتها لها أمها عند زواجها
وكان العقد ثمين به حجر من العقيق ، ومصنوع في بلد في اليمن اسمها {{ ظفار }} كانت مشهورة بصناعة العقود
كان من اغلى الأنواع ، واحبه للنساء ، فعز عليها العقد
فعادت السيدة عائشة مرة أخرى الى المكان الذي كانت فيه لتبحث عن العقد
وتأخرت السيدة {{ عائشة }} بعض الوقت
والوقت كان في الليل
وبدأ الجيش يتحرك
وجاء الذين يحملون هودجها ، فحملوا الهودج
[[ والهودج هو غرفة صغيرة من الخشب توضع فوق الجمل وتركب فيه المرأة حتى لا يراها أحد ]]
حملوا الهودج ، ووضعوه على بعيرها
وهم يعتقدون أن السيدة عائشة بداخل الهودج
[[ لأنها رضي الله عنها كانت في ذلك الوقت خفيفة الوزن جدا ]]
قام القوم وارتحلوا
[[ لان النبي صلى الله عليه وسلم كما قلنا تعجل بهم ليشغلهم عن فتنة المنافق وحديثه {{ ابن ابي سلول }} وهذا قبل دخولهم المدينة ]]
عادت السيدة عائشة فوجدت الجيش قد تحرك
فخافت أن تسير خلف الجيش ، فتفقد طريقها وكان الوقت ليلاً
فجلست مكانها
وقالت في نفسها :_ أن الرسول صلى الله عليه وسلم ، عندما يكتشف عدم وجودها ، فسيعود مرة أخرى
خاصة أنه صلى الله عليه وسلم ، كان من عادته أن يسير بجوار بعيرها ، ويتحدث إليها
ثم غلبتها عيناها فنامت في مكانها
_______
في ذلك الوقت كان أحد الصحابة واسمه {{ صفوان بن المعطل }}
يسير خلف الجيش متأخرا عنه
وكان {{ صفوان }} من خيرة الصحابة
[[شهد بدر وقد استشهد بعد ذلك في أحد الغزوات في خلافة عمر]]
وكانت هذه هي عادة العرب في ذلك الوقت ، أن يسير أحد افراد الجيش [[أصحاب الخبرة في طرق الصحراء ]] خلف الجيش
حتى اذا وقع أي شيء من متاع الجيش أخذه معه
فكان {{صفوان }} لا يسير بالليل ، وإنما يسير في الصباح حتى يظهر له ما وقع من الجيش
تقدم {{ صفوان }} مع طلوع الصبح
فرأى سواد انسان من بعيد
فأقترب فوجد السيدة {{ عائشة }} نائمة، فأراد أن يوقظها
فأسترجع
[[ مش استرجع يعني رجع لورا ]]
استرجع أي قال :_ إنا لله وإنا إليه راجعون
قالها بصوت مرتفع ، فاستيقظت وغطت وجهها بجلبابها
قالت عائشة فيما رواه الشيخان في صحيحهما
[[يعني البخاري ومسلم ]]
قالت
{{وكان صفوان بن المعطل السلمي من وراء الجيش فأصبح عند منزلي فرأى سواد إنسان نائم فعرفني حين رآني وكان رآني قبل الحجاب فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمرت وجهي بجلبابي }}
وهذا من الأدلة على أن من شروط حجاب المرأة تغطية الوجه ، وسأذكر مناسبة فرض {{ الحجاب }} بالتفصيل بأذن الله ، وكيف فرض الله الحجاب ، بايات قرآنية واضحة واحاديث صحيحة من البخاري ومسلم
_____________
فلما رأت السيدة عائشة صفوان ، واستيقظت من نومها وغطت وجهها بجلبابها
أناخ {{ صفوان }} راحلته[[ أي أبركها أو أجلسها ]]
ووضع رجله على ساق البعير
وركبت عليه السيدة عائشة
وأنطلق {{ صفوان }} يقود الراحلة
[[ الجمل خلفه عليه السيدة عائشة، وهو يسير أمام الجمل، حتى وصلا الى الجيش في وقت وصوله الى المدينة ]]
_____________
تقول السيدة عائشة:_ والله ما كلمني كلمة واحدة
ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه
[[ لم يكن بينهما أي كلام ، ولا حتى سألها ما الذي خلفك عن الجيش ، أو ما الذي حدث، ولم تسمع منه غير كلمة واحدة {{إنا لله وإنا إليه راجعون }} وهو ليس حديثا موجها اليها، وانما ذكر لله تعالى بقصد أن يوقظها من نومها ]]
_____________
انطلق {{ صفوان }} بالسيدة عائشة حتى وصلا الى الجيش، وشاهد المسلمون السيدة {{عائشة}} على راحلتها يقودها
صفوان
هنا كان رأس النفاق {{ عبد الله بن أبي بن سلول}} يمتلئ قلبه غيظ من النبي صلى الله عليه وسلم
فقبل قليل امسك ابنه {{عبدالله رضي الله عنه }} ناقته واناخها وشهر السيف في وجهه ، ومنعه من دخول المدينة حتى يأذن له رسول الله [[ وقد ذكرناها بالتفصيل في الجزء السابق ]]
وقام يصرخ ويقول :_ لأنا أذل من الصبية ، لأنا أذل من النساء ، ليت امي لم تلدني ، ليت امي لم تلدني
فلما نظر إليهما وجدها فرصة[[ أن يلهي الناس عن امره ]]
فقال كالمتجاهل وهذه اساليب المنافقين
قال للمنافقين حوله
قال: _من هذه ؟ !!
قالوا له :_ عائشة زوج النبي
قال :_ زوجة نبيكم ؟؟ !!!!! [[ اسلوب المنافقين متعجب ]]
ومن هذا الذي معها صفوان ؟ !!!!
هل باتت ليلة كاملة مع رجل لا تعرفه ؟ ثم اقبلت في وقت الظهر ؟؟
ثم تحول بحديثه عن الزنا وبشاعته
هو لم يوجه اتهام مباشر ولم يذكر أسماء
[[وهذا من خبث المنافق ، مثل بعض الناس هالأيام، فلانة ما بدي احكي عليها بس بقول الله يعافينا الله يرحمنا برحمته هكذا اسلوب المنافقين لا يتكلم يجعل عقل من امامه هو الذي يتكلم]]
وسمع حديثه أصحابه المنافقون
فأخذوا يرددون هذا الكلام في المدينة بالتلميح دون التصريح [[ حتى لا يؤخذ عليهم أي شيء]]
فكان المنافقون لذلك في حالة خوف شديد ، وفي حالة غيظ وحقد شديد في نفس الوقت
فقد فضحهم القرآن
ولذلك تحدثوا في هذا الأمر وهو {{ حديث الإفك }} كثيرا لينفثوا عن حقدهم وغيظهم، ولكن تلميحا لا تصريحا
_____________
اما النبي صلى الله عليه وسلم ، عندما وضعوا هودج عائشة فلم يجدها
وكان مهموم لذلك
يقول :_ أين عائشة ؟ !!
لما حضرت عائشة اخبرت النبي صلى الله عليه وسلم خبرها فقبل النبي الأمر ، وليس فيه ما يضر
دخلت عائشة بيتها
[[ولان الطقس كان شتاء ونامت بالعراء ، وركبت على جمل بلا هودج مرضت ولزمت الفراش ، رحمة من الله بها ، مرضت حتى لا تسمع حديث احد منهم ]]
مرضت بسبب السفر ، وظلت مريضة شهرا كاملا
والناس في المدينة يتحدثون عنها وهي لا تعلم شيئاً
__________
ولكن الذي لاحظته أن الرسول صلى الله عليه وسلم
كان اذا دخل عليها ، فانه صلى الله عليه وسلم ، لا يتلطف لها كما اعتاد أن يفعل كلما كانت مريضة
[[ وكان اذا مرض أزواجه صلى الله عليه وسلم يظهر لهنَّ منه عطفاً وحناناً ]]
فكان صلى الله عليه وسلم يقول مثلا اذا مرضت عائشة
يدخل عليها ويسألها ، كيف {{ عويش}} يدلعها في مرضها
ولكن في ذلك الوقت كان اذا دخل عليها يقول لمن حولها من النساء
– كَيْفَ تِيكُمْ ؟؟
[[ تيكم اسم اشارة مؤنث باللغة العربية كيف تيكم ؟ اي كيف حال هذه المرأة ، شو اخبارها ]]
ولا يزيد عن ذلك كلمة واحدة ، – كَيْفَ تِيكُمْ ؟؟
تقول عائشة :_انكرت هذه الكلمة، وقلت في نفسي لعله همه أمر {{ بن سلول والمنافقين }} ولم أدري ان الناس كانوا يتحدثون عني نهائياً
__________
ظلت السيدة عائشة مريضة [[ كما ذكرنا شهرا كاملا ]]
وكل المدينة تتحدث عن هذا الأمر
وكان هذا الموقف من أشد الابتلاءات التي مر بها
صلى الله عليه وسلم
لأنه يطعن في شرفه ، وهذا من أشد الأمور على أي رجل ليس هذا فحسب
بل يطعن صلى الله عليه وسلم في أحب زوجاته اليه
وابنة أقرب أصدقائه
وكل ذلك في وقت هو أحرج لحظات الدعوة الإسلامية
لأنه في ذلك الوقت كانت الأخبار تصل الى المدينة بأن القبائل تتجمع لغزو المدينة، وهي التي عرفت {{ بغزوة الأحزاب}} التي سنتحدث عنها ان شاء الله تعالى
_____________
اقتربت السيدة عائشة من الشفاء
ودخلت في دور النقاهة
فخرجت لقضاء حاجتها مع أحد النساء من المهاجرين من قرابتها واسمها {{ أم مسطح }}
مسطح ولدها يكون ابن {{ خالة ابو بكر }}
وبينما هما في الطريق عثرت {{ أم مسطح }} في مُرطها
_________
ما هو المُرط ؟؟
عثرت في مُرطها
اي أطراف ثوبها المتدلية على الارض اسمه {{ مرط }}
يعني دعست على ثوبها من طوله، لان النساء كانت يرخينَّ الثوب ويسموه ذيلاً تجره ورائها
فلما نهى النبي صلى الله عليه وسلم ، عن إطالة الثوب واعتبره من الكبرياء ، وما زاد عن الكعبين فهو في النار
قامت ام سلمة ام المؤمنين
وقالت :_ بأبي وامي يا رسول الله ، ماذا تصنع النساء ؟؟[[ يعني يقصروا ثيابهم مثل الرجال ]]
ماذا تصنع النساء ؟؟
قال:_ أرخينَّ شبراً [[ يعني زيادة بالثوب للمرأة للأرض شبر ]]
قالت ام سلمة :_ تظهر رؤوس اقدامنا عند السير يا رسول الله [[ يعني طرف اصابعها لما تمشي الشبر ما بيغطيها ]]
قال :_ ارخينه ذراعاً ولا يزيد [[يعني زيادة عن طولها بيجر من الثوب دراع ]]
هل سمعتم يا خير أمة
للأسف هذا الدراع اللي للأرض كانوا يجروه الصحابيات ، بحجم فستان بعض المسلمات من بنات اليوم ، لان كل لباسها بالصيف دراع وربع من القماش
اللهم اهدينا واهديهم الى صراط المستقيم
_____________
عثرت {{ ام مسطح }} في مُرطها أي ثوبها
فقالت: _ تعس مسطح [[ كعادة النساء يا بتدعي على حالها يا على اولادها ]]
فتعجبت السيدة عائشة وقالت لها:_
بئس ما قلتِ يا خالة !!!!
أتسبين رجلاً شهد بدراً ؟؟!!
[[ وعائشة لا تعلم بما يتحدث الناس عنها بشيء ]]
قالت لها ام مسطح :_ يا هُنتاه
[[ يعني يا مسكينة يلي ما معك خبر شي ]]
يا هُنتاه أولم تسمعي ؟؟ !!!!!
[[ كانت ام مسطح تتوقع أن تتحدث اليها السيدة عائشة عن هذا الأمر، ولكنها وجدتها لا تتحدث فيها ، فأرادت أن تفتح الموضوع بقولها تعس مسطح ]]
قالت عائشة:_ وما قال الناس ؟
فأخبرتها {{ أم مسطح }} بكل ما يقوله الناس عنها، وبكل ما خاضوا فيه طوال شهر كامل
فذهلت
ولم تستطع أمنا {{عائشة }} أن تقضي حاجتها من هول ما سمعته
فعادت الى بيتها
تقول السيدة عائشة :_فانفجرت بالبكاء فبكيت بقيت ليلي واليوم الثاني، والليلة التي بعدها
ما توقف دمعي ، لم أذق الطعام ، ولم أقوم من فراشي
وازددت مرضا على مرضي
فدخل النبي صلى الله عليه وسلم ، و وجدني ابكي
فلم يسألني عن سبب بكائي
فما زاد عن قوله كيف تيكم ؟
فوثبت وقلت :_يا رسول الله أتأذن لي أن آتي ابوي ؟؟
[[ يعني ازور اهلي كانت السيدة عائشة تريد أن تتأكد من الكلام الذي قالته {{ أم مسطح }}وفي نفس الوقت تريد أن يتمسك بها الرسول صلى الله عليه وسلم ]]
ولكنها رضي الله عنها ،فوجئت بالرسول صلى الله عليه وسلم يقول لها:
– لا عليكِ
[[يعني لا مانع ، ومن هنا نعلم ان المرأة لا يحق لها ان تخرج من بيتها إلا بأذن صريح من الزوج، فلم تخرج عائشة حتى استأذنت من زوجها رسول الله ، مش طلعت واخبرته على الواتساب ]]
___________
ذهبت السيدة {{عائشة}} الى بيت أبيها {{أبو بكر الصديق}} وقالت لأمها
:_ يا أماه ما يتحدث الناس ؟؟
فقالت لها أمها {{ أم رومان }}
قالت :_ يا بنية هوني عليك [[ طولي بالك يا بنتي لا تفكري بكلام الناس ]]
فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة [[ أي جميلة ]]
عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا كثرن عليها
[[ ونسبة المكيدة للضرائر ، وليس للضرائر فيها يد ]]
تأكدت السيدة {{عائشة }} من المعلومة، فأغشى عليها، فلما أفاقت ظلت طوال الليل تبكي وزاد عليها المرض
____________
كان النبي صلى الله عليه وسلم في كرب
ربما أكثر من السيدة عائشة
لأنه يطعن في شرفه
فأخذ يستشير اقرب الناس إليه من اصحابه
واستشار في ذلك
{{ زيد بن حارثة }} رضي الله عنه
فقال زيد:_ يا رسول الله ، أهلك ، أهلك، ما علمنا عنهم الا خيرا
ثم استشار {{علي رضي الله عنه }}
فقال علي :_يا رسول الله لم يضيق الله عليك ، والنساء سِواها كثير ، [[ بمعنى طلقها وتزوج غيرها ]] ولكن اسأل الجارية {{ بريرة }}
[[ رأي علي رضي الله عنه كان هو تطليق السيدة {{ عائشة}} ليس لأنها قد وقعت في هذا الأمر، ولكن لإنهاء هذه المشكلة المعلقة منذ شهر، والمدينة تتعرض لخطر الأحزاب ،مش وقتها هالمشكلة المدينة في خطر
ثم تراجع عن هذا الاقتراح، وأشار على النبي صلى الله عليه وسلم بأن يستجوب الخادمة التي في البيت مع {{عائشة }}فإن كان هناك أي شيء فلابد أن تعلمه هذه الجارية ]]
فدعا النبي صلى الله عليه وسلم الخادمة ، وكان اسمها {{ بريرة }}
فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم :_
أي بريرة أصدقِ الله ورسوله
هل رأيتِ من شيء يريبك ؟؟
[[ يعني شفتي شي ما عجبك بعائشة ، بتشكي فيها بشي ]]
فقالت:_ لا والذي بعثك بالحق والله ، إن عائشة أطيب من الذهب
و أما {{عمر بن الخطاب رضي الله عنه المؤيد بالصواب ، وكم اتشوق ليوم القيامة حتى اعانق عمر اسمعوا ماذا قال }}
قال :_ألم تخبرنا يا رسول الله أن جبريل اتاك بقطعة من سرقة [[ اي قطعة حرير ]] وفيها صورة عائشة
وقال لك :_ هذه زوجك في الدنيا و الاخرة
يأمرك الله بالزواج منها ؟؟ !!!
قال له النبي :_ بلى
قال :_ إذن يا رسول الله ، إن الله لا يختار لك {{ زانية }}
وانا احكم أنها بريئة
وان تنزل العقوبة بكل من أتهمها
___________
النبي صلى الله عليه وسلم واثق ببراءتها ، ولم يكن رأي عمر اشد صواب من رسول الله ، ولكن رسول الله قدوة لأمة كاملة الى قيام الساعة
لذلك كان يريد حجة ، وهذا خير دليل على صدق النبوة فالمصيبة تدور في بيت النبوة{{ اربعين ليلة وقاربت الخمسين }} جبريل لم يأتي
والنبي ممكن أن يُظهر برأتها بحديث واحد من عنده ، ولكنه النبي الذي قال عنه الله
{{وما ينطق عن الهوى }} يريد دليل يواجه به المنافقين لأن المسألة تمسه مباشرة
______________
قام الرسول صلى الله عليه وسلم ، وخطب في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
{{ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِ بَيْتِي، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا مَعِي}}
ومعنى من يعذرني مِنْ رَجُلٍ
[[يعني من ينصرني على هذا الرجل وهو( عبد الله بن ابي بن سلول ) الذي كان سببا في هذه الفتنة ]]
وقد قلنا من قبل أن مشكلة {{عبد الله بن أبي}} أن له مكانة كبيرة في المدينة، وخاصة عند قومه من الخزرج
فقام سعد بن معاذ سيد الأوس وقال:
– يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا أَعْذِرُكَ مِنْهُ، إِنْ كَانَ مِنْ الْأَوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنْ الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ
[[ سعد بن معاذ رضي الله عنه يعلم ان الانصار فريقين اوس وخزرج فلزم الأدب مع الايمان ،انا امون على عشيرتي اضرب عنقه الساعة ، اما الخزرج فلهم سيد وهو سعد بن عبادة لذلك قال سعد وإن كان من اخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك ]]
فقام {{ سعد بن عبادة }}
[[ وهو رجل صالح وصحابي جليل ولكن غلبته الحمية ]]
فقال لِسَعْدٍ:
– كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَا تَقْتُلُهُ وَلَا تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ
فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ [[ ابن عم سعد بن معاذ ]] فَقَالَ:
– كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنْ الْمُنَافِقِينَ
هنا
قام الأوس والخزرج،
وسل {{سعد بن معاذ }} سيفه
وكاد أن يقع قتال بين الأوس والخزرج [[كادت أن تقع حرب أهلية بين الأوس والخزرج ]]
وهو ما كان يريده ويسعى اليه اليهود والمنافقون ، ودائما هذا هو هدف أعداء الأمة
كل ذلك صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر
وأخذ يهدئ الناس حتى هدئوا وسكتوا جميعا
ونزل الرسول صلى الله عليه وسلم من على المنبر واجماً حزيناً مهموماً [[ فداك أبي وأمي يا رسول الله ]]
______________
وباتت السيدة {{عائشة }} ليلة ثانية تبكي ، ثم دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم
تقول عائشة وعندي ابواي [[ اي ابو بكر اوامها ]]
وعندي امرأة من الانصار ، استأذنت وجلست معي تبكي
[[ اي تساعدني بالبكاء ]]
تقول عائشة :_ لا أعرفها ولا انساها لها
[[ جبرت خاطرها ما نسيتها عائشة لها في هذه المواقف لا ينسى الانسان من يجبر خاطره ]]
دخل النبي صلى الله عليه وسلم وجلس إليها
[[ وكانت هذه هي أول مرة يجلس اليها منذ بدأ الناس حديث الإفك ]]
ثم حمد الله واثنى عليه
وقال :_ يا عائشة فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا
فإن كنت بريئة فسيبرئك الله
وإن كنت ألممتِ بذنب ، فأستغفري الله وتوبي إليه
فإن العبد إذا اعترف بذنبه ، ثم تاب الى الله ، تاب الله عليه
تقول عائشة :_
فلما قال لها النبي صلى الله عليه وسلم ذلك
توقفت عن البكاء
[[وكانت في بكاء لا ينقطع منذ يومين وليلتين ]]
فلم أدري ما اقول
ثم نظرت لأبيها أبي بكر وقالت :_
أجِب رسول الله
فقال ابو بكر :_ ما أدري ما اقول لرسول الله ؟
فالتفتت الى امها
قالت :_ أجِيبي رسول الله
فقالت امها :_ ما أدري ما اقول لرسول الله ؟
فقالت السيدة عائشة:
والله لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في انفسكم وصدقتم به [[ يعني انتوا من داخلكم مصدقين الكلام ]]
فلئن قلت لكم إني بريئة ، والله يعلم أني بريئة ، لا تصدقوني
ولئن اعترفت لكم بأمر ، والله يعلم أني منه بريئة ، لتصدقني
والله ما أجد لكم مثلاً إلا قول أبي يوسف
[[ تقول عائشة غاب عني اسم {{ يعقوب }} فقلت ابي يوسف ]]
قَالَ {{فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ }}
تقول ثم جهشت بالبكاء وأدرت وجهي للحائط
ورسول الله جالس على فراشي
___________
وصدق الله العظيم الكريم الرحيم ذو الجلال والإكرام ❤
الذي قال
{{أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ }}
ألم شديد في نفس عائشة
وفي نفس النبي صلى الله عليه وسلم
ونفس ابويها
ولكن ما المخرج ؟؟
انحبس الوحي والنبي صلى الله عليه وسلم يريد شيء يستند عليه
فلما أدارت وجهها للحائط وجهشت بالبكاء الشديد
تقول :_فهبط الوحي على رسول الله
فوالله ما كنت اظن أن ينزل في شأني قرآن يتلى به الى قيام الساعة ، لأنا احقر في نفسي ، أن ينزل الله بي قران ولكني كنت أظن أن يرى رسول الله رؤيا صادقة تبرئني
___________
فهبط الوحي ، وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم يجهد جهداً شديدا وغشيه ما غشيه من نزول الوحي ، واخذ جبينه يتصبب عرقاً
فلما سري عنه [[ أي ذهب الوحي ]] وإن عرقه ليتساقط من جبينه ، كانه الدُر واللؤلؤ
ابتسم في وجه عائشة وضحك
فكان اول كلمة قالها :_ أبشري يا عائشة فقد برَّأكِ الله
تقول عائشة :_فوثبت امي
وقالت :_ قومي بنية ، فأشكري رسول الله
فقالت السيدة عائشة:_ والله لا أقوم إليه ولا أشكره ولا أشكر إلا الله الذي أنزل براءتي
فخرت على الفور {{ ساجدة لله }}
[[ وهنا كان سنة سجود الشكر لله تعالى ،لان النبي صلى الله عليه وسلم اقره ]]
وأخذ رسول الله صلى الله عليه بيد السيدة {{عائشة}} فانتزعت السيدة عائشة ، يدها فنهرها {{ أبو بكر }}
[[ يعني من باب دلع الزوجة على زوجها انا زعلانة اتركني ]]
_______
ثم تلى قوله تعالى
وهذه بعض الآيات مما نزل من سورة النور
{{ إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ *لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ }}
لا بد ان ابين بحق من نزلت هذه الآية
{{ لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ }}
ابو ايوب الانصاري من خيار الصحابة
[[وقد نزل النبي صلى الله عليه وسلم ضيف في بيته في اول يوم دخل المدينة يوم الهجرة ذكرناها بالتفصيل ]]
ابو ايوب الانصاري رضي الله عنه صحابي جليل
وهو آخر من مات من الصحابة وهو من الانصار
لم يتكلم بهذا الامر ، وكان يأتي بيته مهموماً ويخرج منه مهموماً بسبب {{حادثة الإفك }}
وزوجته امرأة صالحة أيضا
فقالت له ليلة[[ كعادة النساء لما تضع راسها على المخدة ، تبلش حكي مع زوجها قبل النوم ]]
يا ابا ايوب !!!
قال :_ نعم
قالت :_ أما سمعت ما يقولون الناس بعائشة ؟؟
قال :_ وماذا يقولون ؟؟
قالت :_ أوما سمعت ؟ !!!
قال :_ سمعت ذلك الكذب كله
وصرخ بها
وقال :_ام ايوب !!!!! [[ هكذا فلتكن الرجال ]]
ام ايوب !!!!! وقد احمرت عينه وارتفع صوته
فقالت وهي خائفة من صوته
:_ نعم
قال :_ أكنتِ فاعلة ما يقوله الناس [[ يعني انت بتزني ]]
فنفضت ثوبها [[ كعادة النساء انا ؟ !!!! لا اعوذ بالله ]]
قالت :_معاذ الله ورب البيت
فقال لها :_ والله إن عائشة خيرٌ منك واطهر
{{ لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ }}
____________
نزلت آيات من سورة النور تناولت هذه القضية الهامة، وهي قضية اتهام الناس في شرفهم بالباطل
ووضعت لذلك عقابا دنيويا رادعا
وهو الجلد ثمانين جلدة
وطبق هذا العقاب بالفعل في ثلاثة من الذين ثبت بالفعل تناولهم هذا الأمر بكلمات صريحة واضحة لا تأويل فيها وهم
١- مسطح بن أثاثة
٢- حسان بن ثابت
٣- حمنة بنت جحش
أما {{عبد الله بن أبي بن سلول}} فلم يطبق عليه الحد
[[لأنه كما ذكرنا من خبثه الشرير لم يتكلم في هذا الأمر بكلمات صريحة بل كان يقول ، أما سمعتم ما قيل عن {{ عائشة }}قيل كذا وكذا، ثم يتحدث عن بشاعة الزنا، وهكذا]]
ولكن توعده الله تعالى هو أصحابه من المنافقين بالعذاب الشديد يوم القيامة، فقال تعالى ((وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ)) أي الذي كبر الأمر فله يوم القيامة عذاب عظيم
أسمعتم ؟؟ الأمر ليس بالسهل ابداً
اياكم واعراض الناس
يتبع ان شاء الله