هذا الحبيب 179  – السيرة النبوية العطرة (( سرية محمد بن مسلمة ))

هذا الحبيب 179  - السيرة النبوية العطرة (( سرية محمد بن مسلمة ))

هذا الحبيب 179  – السيرة النبوية العطرة (( سرية محمد بن مسلمة ))
___________
نحن الآن في العام السادس من الهجرة
ويسمى هذا العام {{ عام السرايا }}
أرسل فيه النبي صلى الله عليه وسلم في {{ ١١ شهر }} فقط
{{ ١٦ سرية }}
وخرج بنفسه صلى الله عليه وسلم قيل مرتين وقيل ثلاث
يعني بمعدل كل {{ ٢٠ يوم }} كان هناك سرية
وهو أكبر عدد من السرايا في سنة واحدة
ووقعت في بعض هذه السرايا بعض المصادمات
ووقع بعض القتلى والجرحى
بينما لم يقع في بعضها أي مصادمات
وكان الهدف من هذه السرايا هو تخويف الأعراب والأعداء الذين لم يستكينوا بعد ولم يتأدبوا
شرع صلى الله عليه وسلم بهذه السرايا
بتأديب بعض القبائل العربية {{حول المدينة }} الذين شاركوا جيش الاحزاب ، في غزو المدينة
صلوات ربي وسلامه عليك يا حبيبي يا رسول الله
{{ نبي ، وإمام ، وقدوة ، وعبادة لله ، ورحمة ، وزوج ، واب وقيادة فذة لم يُرى مثله من قبل ولا من بعد }}
أراد ان يؤدب بعض القبائل الذين شاركوا الأحزاب حتى لا يفكروا مرة ثانية بالإقتراب من المدينة
قائد بكل ما تعنيه الكلمة من معنى
نذكر بعضها فقط للأستفادة من الدروس والعبر ، للننتقل بعد ذلك الى {{ صلح الحديبية }}
____________
سرية {{ محمد بن مسلمة}} الى {{ بني القرطاء }}
أرسل النبي صلى الله عليه وسلم {{ محمد بن مسلمة }}
في {{ ٣٠ راكباً }}
الى بني القرطاء
فلما أغاروا عليهم هربوا ، فأخذوا إبلهم و مواشيهم
وعف {{ محمد بن مسلمة }} رضي الله عنه عن نسائهم فلم يأخذ النساء والذرية سبايا
وكانت من اكبر الغنائم التي غنمها المسلمون
ثم رجعوا الى المدينة
__________
وفي طريق العودة
رأى {{ محمد بن مسلمة }} راكب يعدو في الطريق
[[ فظن انه من الرجال الذين فروا من القوم ]]
فأنطلق المسلمون نحوه واخذوه اسيراً
والصحابة لا يعرفونه
وهذا الرجل لم يعرفهم عن نفسه ، ولم يكلمهم
والسبب
لأنه كان عند العرب قديماً [[ أقول كان ، وكان فعل ماضي ]]
كان عند العرب عزة نفس ، لا يقبلون الذل ابداً ، {{ كان }}
فلم يُعرَّف القوم عن نفسه
وهذا الرجل اسمه {{ ثمامة بن أثال }} سيد بني حينفة من أهل {{ اليمامة }} الذي من قومه خرج {{ مسيلمة الكذاب }}
أسروه والصحابة لايعرفونه
__________
فلما قدموا به المدينة ليس معهم اسرى غيره
فعندما رآه النبي صلى الله عليه وسلم عرفه
فقال لاصحابه :_ أتدرون من الرجل ؟
قالوا :_ لا يا رسول الله
فقال لهم :_ هذا {{ ثمامة بن أثال }} سيد بني حنيفة فأحسنوا إليه
فربط الصحابة {{ ثمامة }} في أحد سواري المسجد
ودخل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أحد بيوته
وقال لأهله:_ اجمعوا ما كان عندكم من طعام فأبعثوا به إليه
وأحسن إليه النبي صلى الله عليه وسلم
ثم مر به صلى الله عليه وسلم
وقال له :_ ماذا عندك يا ثمامة ؟
فقال ثمامة :_ عندي خيراً يا محمد
إن تقتلني تقتل ذا دمٍ [[ يعني ان قتلتني انا سيد القوم سيأتي قومي لأخذ الثأر ]]
وإن تُنعم تُنعم على شاكر [[ يعني ان تنعمت علي وتركتني ستجدني شاكر لمعروفك ]]
وإن كنت تريد المال فسل منه ما شئت [[ لأنه سيد قومه ومعه من المال الكثير أطلب اللي بدك ياه مثل ما نقول اليوم شك مفتوح بس اطلب ]]
________
فتركه النبي صلى الله عليه وسلم ومضى ولم يكلمه
في اليوم الثاني مر من عنده
وقال له :_ ماذا عندك يا ثمامة ؟
فقال ثمامة :_ عندي خيراً يا محمد ، إن تقتلني تقتل ذا دمٍ ،
وإن تُنعم تُنعم على شاكر ،وإن كنت تريد المال فسل منه ما شئت
______
فتركه النبي صلى الله عليه وسلم ومضى ولم يكلمه
في اليوم الثالث مر من عنده
وقال له :_ ماذا عندك يا ثمامة ؟
فقال ثمامة :_ لك عندي ما قلته لك بالأمس

[[ حبيبي يا رسول الله ، تركه هكذا عن قصد في المسجد ثلاثة ايام حتى يسمع بلال وهو يأذن الله اكبر الله اكبر ، ويرى المسلمون كيف يحضرون للصلاة وعند الفجر ، ويسمع القران من النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي بهم ، وكيف يتعاملون مع بعضهم البعض بالحب والود والرحمة، وحتى يسمع حديث وكلام النبي صلى الله عليه وسلم عن الله عزوجل وجماله وعظمته ورحمته ، وعن حقيقة هذه الدنيا ]]
قال :_ لك عندي ما قلته لك بالأمس
فقال لأصحابه :_ أطلقوا ثمامة
[[ هكذا دون أن يطلب منه فداء ، مع أن ثمامة كان قد عرض أن يدفع فداء كبيرا عن نفسه، وكل ذلك كان طمعا في اسلام ثمامة ]]
________
فلما أطلقوا [[ ثمامة ]]
ذهب قريبا من المسجد ، ودخل بين النخيل والاشجار واغتسل
ثم دخل الى المسجد و وقف في وسط المسجد
والنبي صلى الله عليه وسلم بين اصحابه
وقال :_ يا محمد {{ صلى الله عليه وسلم }}
يامحمد !!
والله ما كان على الأرض كلها ، وجهٌ أبغضَ إليَّ من وجهك
فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إلي
يا محمد !!
والله ما كان على الأرض كلها دين أبغض إليَّ من دينك
فأصبح دينك أحب الدين كله إليَّ
يا محمد !!!
والله ما كان من بلد أبغض إليَّ من بلدك
فأصبح بلدك أحب البلاد إليَّ
وإني يا محمد
أعلن أمام الجميع غير مكره ولا حانث
أني {{ أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله }}
ففرح النبي صلى الله عليه وسلم بإسلامه
[[ لأنه سيد قومه والناس تتبع اسيادهم ]]
_________
وامر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ، أن يقرؤوه القران ويفقهوه بالدين
فلما قضى اياماً
قال للنبي صلى الله عليه وسلم
قال :_ يا رسول الله إن خيلك أخذتني ، وأنا أريد العمرة
[[ يعني عندما اسرني اصحابك كنت ذاهباً للعمرة ]]
فماذا ترى ؟
اتأذن لي الآن في العمرة ؟؟
فأذن له الرسول صلى الله عليه وسلم ، ودعا له بخير
فأنطلق {{ ثمامة }} سيد بني حنيفة لأداء العمرة
فدخل مكة
ورفع صوته بالتلبية
[[ولم يفعلها احد من المسلمين قبله فكان اول من اعتمر ورفع صوته بالتلبية جهرا ثمامة رضي الله عنه ، سعد بن معاذ رضي الله عنه اعتمر قبله سرا وقد ذكرتها لكم عندما رآه ابو جهل ]]
رفع صوته على مسمع قريش
فتركوه حتى انتهى من عمرته طاف وسعى ، فأخذوه
وقالت له قريش :_ يا ثمامة صبوت ؟؟
قال :_ لا ، بل أسلمت مع محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم
قالوا :_ وجئت تغيظنا بتلبية محمد
قدموه فلتضرب عنقه
فقام رجل من قريش
وقال :_ ويحكم !!!!
أنسيتم أنه سيد {{ بني حنيفة }} ؟؟
ومن أين تأتيكم الحبوب وأعلاف ماشيتكم ؟؟
ومن اين تأتيكم كذا وكذا ؟؟
[[فأخذ يعد لهم خيرات اليمامة التي كانت تأتيهم في رحلة الشتاء و الصيف ]]
فتوقفوا عن عقوبته
ولكنه وقف {{ ثمامة }} في صحن الكعبة معلناً وهو يقسم بالله
فقال :_ لا والله وأقسم برب هذا البيت ، لا يأتيكم حبة حنطة حتى يأذن فيها النبي صلى الله عليه وسلم
وخرج من عندهم
________
وبر في قسمه
ومنع قومه من اليمامة أن يرسلوا لقريش شيء
ولايأذنوا لتاجرٍ في مكة ان يدخل اليمامة على الإطلاق
[[وكانت اليمامة ريف مكة ]]
منع قومه وأمرهم بمقاطعة قريش
فكان أول من قام {{ بالمقاطعة الإقتصادية }} في الاسلام
حتى جهدت قريش ، وضاقت احوال مكة بهذه المقاطعة
ثم كتبت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، يسألونه بأرحامهم أن يكتب إلى {{ ثمامة }}
أن يسمح بارسال المواد الغذائية الى مكة
فأرسل ابو سفيان رسالة الى النبي صلى الله عليه وسلم
يقول فيها
يا محمد
تزعم أن الله أرسلك رحمة للعالمين ، وإنك تأمر لصلة الرحم
فما رأينا من رحمتك الا السيف
وها انت تقطع ارحامك في مكة
فإن رجل من أصحابك ، قد منعهم قوتهم فجاع العيال وهلك الكبار
__________
ومن كرم اخلاقه صلى الله عليه وسلم
ارسل الى {{ ثمامة}} أن لا يمنع من خيرات اليمامة عن مكة شيء ، وأن تبقى الأمور على ما كانت عليه قبل اسلامه
[[ هذا بالرغم من أن قريش كانت قد حاصرت المسلمين في شعب أبي طالب ثلاثة سنوات كاملة ، حتى كان المسلمون يأكلون أوراق الشجر أتذكرون ؟؟ وحتى قال أحد الصحابة كنا نبعر كما يبعر البعير ولكن لم يرضى النبي صلى عليه وسلم أن تجوع قريش وأن يجوع الشيوخ والنساء والأطفال
كانت هناك حربا اقتصادية يشنها النبي على قريش صحيح ولكن عن طريق التعرض لعير قريش ، ولكن هذه الحرب الإقتصادية كانت تصيب قريش في أموالها ولا تصيبها في طعامها ]]
____________
فلما رأى ثمامة خُلق النبي صلى الله عليه وسلم مع قريش
الذين تحزبوا وجمعوا له {{ الأحزب }} بالأمس القريب
وكيف يعاملهم النبي صلى الله عليه وسلم
قام {{ ثمامة }}
ودعا قومه الى الاسلام ، فأسلموا
وكما قال الشافعي رحمه الله
{{ أحسن إلى الأحرار تملك رقابهم ، فخير تجارات الكرام اكتسابها ، ولا تمشين في منكب الأرض فاخراً ، فعما قليل يحتويك ترابها }}
فلما أسلم قوم ثمامة رضي الله عنه
قام شاعر {{ بني حنيفة }} معتزا بأسلام سيده {{ ثمامة }} الذي كان اول من رفع صوته بالتلبية في مكة
وقال :_
ومنا الذي لبى بمكة معلناً … برغم أبي سفيان في الأشهر الحرمِ
________
هذا كله من خلق النبي صلى الله عليه وسلم
قال تعالى
{{ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ }}
وحتى لا يظن البعض أن ما قام به النبي صلى الله عليه وسلم ، يدل على ضعف المسلمين
لنأخذ الجانب الآخر
فالإسلام جاء ووضع الأمور في مواضعها
فالرحمة والكرم …. في موضع
والشدة والبطش … في موضع
فبعد اشهر من اسلام {{ ثمامة }}
شاع الخبر بين العرب كيف أحسن النبي إليه ، وظنوا أن المسلمين بلغتنا اليوم [[ طيبين بينضحك عليهم بكلمتين وايش ما عملت معهم ، يعفو ويصفحوا ]]
__________
جاء رجال من{{ عُكَل وعُرَينة }} اسمهم هكذا بضم العين
جاء رجال من هذه القبيلتين
واعلنوا اسلامهم في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وبايعوه على السمع والطاعة
فلما نظر فيهم النبي صلى الله عليه وسلم وجدهم مصفرة وجوههم ، ضعاف نحال ، لا يناسبهم جو المدينة
فأمر أن يلحقوا بأبل الصدقة
[[ وأبل الصدقة ترعى خارج المدينة في الهواء الطلق ]]
وأمرهم ان يشربوا من ألبان تلك الإبل
وان يغتسلوا من بولها
[[ وكان بها شفاء ، بفراسة النبي صلى الله عليه وسلم عرف أن الداء الذي فيهم لا يطرده إلا بول الإبل وحليبها فكانوا يشربوا من لبنها ويغتسلوا من بولها ]]
حتى إذا عافهم الله وقوية اجسادهم [[وكان عددهم بضعة عشر ]]
فلما تعافوا وقوية اجسادهم
أعتدوا على راعي الابل [[ وهو من المسلمين من المدينة ]]
وليتهم قتلوه ، بل مثلوا به
فسملوا عينيه بشوك طويل [[ يعني خلعوا عيونه ]]
ومثلوا به مثلة قبيحة
قطعوا يده ، ورجله ، وقلعوا عينيه ، وغرزوا الشوك في لسانه
ثم ألقوه في الحرة
[[وشرحنا معنى الحرة في غزوة الاحزاب فالمدينة يحيط بها حرتين وهي صخور بركانية سوداء ليس فيها شجر ]]
ألقوه في الحرة ، وهو مثقل بالجراح حتى مات
واخذوا {{ أبل الصدقة }} كلها وارتدوا عن الاسلام ، وهربوا
__________
فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك
أرسل خلفهم رجل من الصحابة
عداء لا يُسبق ، ورامياً لا يُخطأ اسمه
{{ كرز بن جابر الفهري }} رضي الله عنه وارسل معه {{ ٢٠ }}من الصحابة
وأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يلحق بهم ، و أن يردهم الى المدينة احياء ولا يقتلهم
_______
فأدركوهم في الطريق و أحاطوا بهم ، وأسروهم ، وربطوهم وأردفوهم على الخيل حتى قدموا بهم المدينة
وانظروا ماذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم
وهو المشرع لنا عن ربه ، ليعلمنا
اين تكون الرحمة ومحاسن الأخلاق ؟؟
واين تكون الشدة والبطش ؟؟
حتى نتعلم
كيف نعامل المفسدين في الارض
وكيف نعامل الضعفاء فينا
وكيف نكرم اصحاب الخلق الحسن
و نضع الأمورفي موازينها فليس كل الناس {{ سواء }} في المعاملة
كما قال الشاعر
{{ إذا أنت أكرمت الكريم ملكته وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا }}
فماذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم ؟؟
________
أمر أن تسمل أعينهم كما سملوا عين الراعي
[[ فحميت المسامير على النار وقلعت اعينهم ]]
ثم أمر أن تقطع ، أيديهم وأرجلهم من خلاف
[[ تقطع اليد اليمنى والقدم اليسرى ]]
ثم امر ان يلقوا في الحرة
واخذوا يطلبون الماء من شدة العطش فأمر النبي ان لا يسقوا حتى يموتوا …. فماتوا عطاشا
فأنزل الله على نبيه مؤيداً لفعله
{{ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ }}
فلم يسمل النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك عينا

إما قتل او تقطع ايديهم وارجلهم من خلاف او ينفوا من الارض
كل مفسد حسب جرمه
فعلم العرب حول المدينة ، أن عند محمد رسول الله
١_ الكرم والرحمة في موضعه
٢_ والشدة والبطش في موضعه
وان محمد صلى الله عليه وسلم ، لا يعامل الناس كلهم بمعاملة واحدة ، فكل إنسان يعامل حسب فعله
يتبع إن شاء الله