هذا الحبيب 191 – السيرة النبوية العطرة (( استسلام اليهود ، وقدوم جعفر بن ابي طالب من الحبشة لخيبر ، ورملة بنت ابي سفيان ام للمؤمنين ))
_____________
طلب اليهود أن يتفاوضوا مع النبي صلى الله عليه وسلم
و أرسل زعيمهم {{ كنانة بن الربيع بن ابي الحقيق }}
وكان من نسل هارون اخو نبي الله {{ موسى عليه السلام }} لذلك كان عندهم معظماً
ومن قبله ابن عمه {{ حيي بن اخطب }} كان من نسل هارون ايضاً
وكنانة هذا الآن له زوجة اسمها {{ صفية بنت حيي بن الأخطب }}
التي ستصبح فيما بعد أم للمؤمنين رضي الله عنها
[[ وسأجعل ذكر زواجها من النبي صلى الله عليه وسلم في جزء مخصص إن شاء الله ]]
___________
فلما علم كنانة أن النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه لن يهزموا ولن ينصرفوا قبل أن ينتصروا
أرسل {{كنانة بن الربيع }} زعيم خيبر الى النبي صلى الله عليه وسلم من طرفه رجل يهودي
يقول له :_ اعطني الآمان اكلمك
فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم الأمان
فنزل كنانة
وهم يعلمون ان النبي لا يغدر
[[ أما هم لو أعطوك ألف ألف أمان ، أياك ثم أياك أن تأمنهم ، فإنه لا أمان لهم ]]
فنزل كنانة ومعه رهط من يهود ، وعرض الصلح
فقال النبي صلى الله عليه وسلم :_ كنت قد عرضت هذا عليكم من قبل ودعوتكم الى {{ لا إله إلا الله }} فأبيتم
فأما الصلح الآن فعلى شروطي انا ، لا على شروطكم أنتم
_________
ودار حوار طويل مع النبي صلى الله عليه وسلم
وفي النهاية تم الإتفاق على شروط {{ الإستسلام }} وليس شروط {{ الصلح }} كما يقول البعض
وكان الاتفاق هو
١_ حقن دماء اليهود
٢_ وعلى أن يخرجوا من خيبر بنسائهم وأبنائهم فقط بملابسهم فقط
٣_ أن يتركوا ورائهم كل أموالهم وسلاحهم وديارهم
٤_ وأن يركبوا دواب دون الخيل تحملهم الى خارج خيبر
ثم قال له النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك
{{ على أن لا تخفوا شيئاً من من أموالكم }}
فإذا كتمت منه شيئاً [[ أي إذا أخفيت شيئاً من المال ]]
أستبيح بها دمك ، وبرئت منكم ذمة الله و ذمة رسوله
[[ أي يجوز للنبي صلى الله عليه وسلم في هذه المعاهدة اذا أخفوا اليهود أي شيء من الأموال أو السلاح، فيجوز للنبي أن يقتلهم عقابا لهم على هذا الإخفاء]]
____________
ورضي {{ كنانة }} زعيم خيبر بهذه الشروط
وشهد رجال من قومه
ورجال من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، على هذا {{ الصلح }}
وفتح كنانة ابواب الحصون
وطلب منه النبي صلى الله عليه وسلم ان يسلم له :_
١_ الصفراء [[ كل شيء اسمه ذهب ]]
٢_ والبيضاء [[ كل شيء اسمه فضة ، لأن الاموال لم تكن اوراق كما نعرفها اليوم ، أموالهم كانت الذهب والفضة ]]
٣_ والخف والكراع [[ الخيل والإبل وما يتبعها من الانعام ]]
٤_ والحلقة [[ السلاح ]]
واخذ كنانة يقدم للنبي صلى الله عليه وسلم، ما بأيدهم من ذهب ، وفضة ، وسلاح
فلما انتهى قال له النبي صلى الله عليه وسلم
لم يبقى عندك شيء يا كنانة ؟؟
قال :_ لا
قال :_ فإن أخفيتني شيء لا تنسى ، برئت منك ذمة الله و ذمة رسوله ، وكنت مباح الدم
قال:_ نعم
فضحك النبي صلى الله عليه وسلم
وقال :_ يا ابن الربيع ، هنالك اشياء كثيرة تخفيها ، وما أزال على قولي وصلحي ، لا تبقي شيئاً ، وابرء ذمتك ، فإن لم تصدقني هدرت دمك
قال :_ نعم
فنظر النبي صلى الله عليه وسلم فيه
وقال :_ أتممت ولم يبقى عندك شيء ؟؟
قال:_ نعم
فصاح النبي صلى الله عليه وسلم به صيحة
{{ ارعدت فرائصه }}
صاح به :_ يا ابن الربيع !!!! إنك لمستخفٌ بأمر السماء ، إن أطلعني الله على شيء أخفيته ، أهدرت دمك
قال:_نعم
اللهم صلِ وسلم وبارك على سيدنا وحبيبنا محمد ❤
القائل فيه ربنا
{{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ }}
[[ وفي كلمة العالمين يدخل اليهود المغضوب عليهم ، فهذه الكلمة في اللغة جمع الجمع مفردها عالم وجمعها عوالم و{{ العالمين }} جمع الجمع ، فدخل فيها كل خلق الله جميعاً وبما فيها الطير والدواب واليهود المغضوب عليهم ، دخلوا في هذه الكلمة فلهم نصيب من رحمة النبي صلى الله عليه وسلم، هو لا يريد أن يسفك دمه ]]
قال له مرة اخرى
:_يا ابن الربيع ، إن اطلعني الله الآن على شيء كتمته ، واخفيته ، استبحت به دمك
قال له :_ نعم
قال :_ اني ممهلك ومذكرك وسائلك ، أين {{ مسك }} حيي بن اخطب ؟؟
___________
نقف هنا ولا بد لي ان أوضح لكم هذا الأمر
ما هو المسك ؟؟
كانت اليهود ومازالت ، من قبل ومن بعد ، والى يومنا هذا ، والى أن يرث الله الارض ومن عليها {{ احرص الناس }}
على المال ، وأشهر الناس بجمع المال
وكان قبل ان يسلم الانصار في المدينة وقبل أن يهاجر النبي إليها
كانت {{ الأوس والخزرج }} قد اتفقوا على أن يتوجوا عليهم ملك
وهو رأس المنافقين {{ عبدالله بن ابي سلول }}
واخذوا يجهزون له {{ تاجاً }} لكي يلبسه ، وكان من عادة العرب أن يضعوا في التاج للملك أو الامير {{ درة }} في وسط التاج بين عينيه تكون ثمينة
فلم يجدوا تلك{{ الدرة }} إلا عند اليهود
فطلبوها منهم فغالوا في ثمنها [[ أي رفعوا سعرها ]] وذلك لمعرفتهم ، أن كل أهل يثرب لا يملكون ثمنها
فكانت اليهود وما زالوا يستحكمون بالعرب
وكانوا العرب ، اذا حصلت عندهم مناسبة
ويريدون أن يلبسوا كما تلبس النساء في المناسبات الحُليِّ والذهب
كانوا لا يبعيونها لهم بيع ، بل يؤجرونهم أياها تأجير
[[ كيف بدلة العروس اليوم تؤجر ، هكذا تماماً ]]
يغالون بالثمن فيضطر العربي ، أن يستأجرها
[[ يعني نقضي فيها هالمناسبة ونرجعها ]]
فكان {{ حيي بن اخطب }} سيد بني {{ النضير }}
يجمع هذه المجوهرات والقطع الثمينة لايضعها في صندوق يضعها في مسك شاة
[[ وهو بلغتنا جلد الخاروف بعد أن ينظف ، يخاط ويجعل مخزن للمال ، ولنتخيل جلد الخاروف اذا ملئ من هذه المجهورات كم يكون ثمنه ؟؟ ]]
ثم صغر مسك الشاة ، وماعاد يتسع للمجوهرات
فصنع حيي له {{ مسك من ثور }}
فأصبح جلد الثور كله وعاء يضع فيه المجوهرات
ثم صغر مسك الثور ولم يعد يتسع لهذه المجوهرات
فصنع له{{ مسك جمل }} من جلد جمل
وعندما اجلاهم النبي صلى الله عليه وسلم {{ لبني النضير}}عن المدينة المنورة
قلنا انه سمح لهم ان يحملوا
اموالهم ، ومجوهراتهم معهم ، ومنعهم من حمل السلاح
وكان هذا {{ المسك }} الذي جمعه اليهود الذي فيه مجوهراتهم الثمينة والنادرة عند {{ حيي }} لانه كان زعيمهم ، وسمح النبي صلى الله عليه وسلم ، لحيي عندما أجلاهم ان يأخذ مسكه معه ، وذهب حيي لخيبر ، واقام هناك وجاء مع الاحزاب ، وقتل مع من قتلوا بني قريظة [[ ذكرت لكم قصته ]]
والنبي صلى الله عليه وسلم
يعلم ان هذا {{ المسك }} الذي مع حيي مملوء بالمجوهرات والذهب والفضة والاحجار الكريمة ، ولكن سمح له النبي صلى الله عليه وسلم ، بحمله معه الى خيبر
_____________
لذلك سأل النبي صلى الله عليه وسلم {{ كنانة }} زعيم خيبر
فقال له :_اين مسك حيي بن اخطب ؟؟
فضحك وقال :_ تعلم يا أبا القاسم ، ما حل بنا من ترحال ونزول وهجرة ،و لقد أنُفق ذلك كله
فقال له النبي :_ يا كنانة !! الوقت قريب
[[ يعني قبل سنتين انا اجليتكم من المدينة ]]
:_الوقت قريب !! ولا يمكن أن ينفق هذا المال في هذه المدة
فإن اطلعني الله عن مكانه واستخرجته انا ، استبيح به دمك ؟؟
قال: _ نعم
فغضب النبي صلى الله عليه وسلم
وقال :_ قُم يا علي ، قُم يا ابن العوام [[ أي الزبير بن العوام ]]
إنطلقا الى دار كنانة ، فإذا دخلت باب بستانه
فعد {{ ٤ }} نخلات عن يمينك ، ثم احفر تحت الخامسة
فأتياني بالمسك
{{ صلوا على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم }}
فقاما وانطلقا الى دار كنانة
فعد علي والزبير بن العوام
[[ نخلة اثنتان ثلاثة اربعة ]]
فحفروا تحت الخامسة ، وما هو إلا شبرٌ من تراب فإذا هو {{ المسك }} مملوء بالمجوهرات
فحملاه وأتيا به
فوضعاه بين يدي الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
وقال النبي لكنانة :_ ماهذا يا كنانة ؟!!
ألم يكن هذه {{ المسك }} تحت النخلة الخامسة على يدك اليمنى اذا دخلت بستانك ؟؟
قال :_ اجل يا أبا القاسم [[ وكعادة الاندال اخذ يتوسل ويستجير ، وأن يغفر له الذلة ، واأن يصفح عنه ]]
فقال له النبي :_ كنت قد امهلتك كثيراً ، ولكنك أستخففت بأمر السماء
وانت تعلم كما كان يعلم {{حيي بن اخطب }} من قبلك اني نبي ، وأن النبي يوحى إليه
قم يا محمد بن مسلمة فأضرب عنقه
لماذا محمد بن مسلمة ؟؟
لان اخوه {{محمود بن مسلمة }} الذي استشهد عندما القوا عليه اليهود حجر من فوق الحصن ذكرته لكم
فقام ليأخذ ثأر أخيه
قام ابن مسلمة رضي الله عنه وضرب عنقه
[[ كما نصت شروط الصلح تماما ، وسبيت زوجته وهي السيدة صفية بن حي بن أخطب والتي تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك ]]
وكانت هذه الهزيمة من أكبر هزائم اليهود في تاريخهم ، كما كانت من أعظم انتصارات المسلمين
وكان عدد قتلى اليهود في هذه المعركة {{ ٩٣ }}
بينما شهداء المسلمين كانوا {{ ١٦ }}
_____________
ولكن اليهود بعد المعاهدة ، وبعد أن بدؤا الخروج من خيبر والتوجه ناحية الشام
جاءوا الى النبي صلى الله عليه وسلم
وقالوا :_ يا محمد، دعنا نكون في هذه الأرض نصلحها ونقوم عليها، فنحن أعلم بها منكم
فأستحسن النبي صلى الله عليه وسلم رأيهم و وافق عليه
لأنه يعلم أن المسلمين لايستطيعون القيام على هذه الأرض، لأن ارض خيبر كبيرة، وبعيدة عن المدينة
فأعطى النبي صلى الله عليه وسلم ، أرض خيبر لليهود على أن يكون لهم من الزرع النصف وللمسلمون النصف
وعين {{ عبد الله بن رواحة }} حتى يقوم بتقدير الزروع ومحاسبة اليهود عليها
ولذلك بعد فتح {{ خيبر }}
تحسنت كثيرا الظروف الإقتصادية في المدينة
لأن {{ خيبر }} كانت من أغنى البلاد في الجزيرة في الزراعة، وكان في منطقة {{ الكتيبة }} وحدها {{ ٤٠ ألف نخلة }}
يقول {{ عبد الله بن عمر }} ما شبعنا حتى فتحنا خيبر
ولكن شرط عليهم النبي صلى الله عليه وسلم
ان المسلمين يخرجون اليهود من خيبر متى شاءوا
قال {{ على أنَّا إذا شئنا أن نخرجكم أخرجناكم }}
لماذا اشترط عليهم النبي صلى الله عليه وسلم هذا الشرط ؟؟
متى قلنا لكم اخرجوه من خيبر تخرجون
لأن النبي أصبح عنده قاعدة وهي
{{ يهود وعهود ضدان لايجتمعان أبداً أبداً أبداً }}
فكان هذا الشرط هاما جدا لأن اليهود معروفون بالغدر والخيانة ونقض العهود
فكان لابد من اشعارهم بأن وجودهم مهدد حتى يخافوا من أن يغدروا بالمسلمين
وقد قام بطردهم بالفعل بعد ذلك في خلافة {{ عمر بن الخطاب }} بعد أن غدروا في عهده
ارسل ابنه {{ عبدالله بن عمر }} إليهم ليحصي له موسم خيبر فسحروه
[[ لا يتسع المقام لذكر تلك الحادثة ]] ليس لهم عهد ولا ذمة ، ليتنا نفهم
______________
جلس صلى الله عليه وسلم يقسم غنائم {{ خيبر }}
وبينما هو يقسم صلى الله عليه وسلم ، وقد نشر أصحابه حرساً حول الحصون
وإذا برجل يجري ويقول :_ يا رسول الله هذا{{ جعفر بن ابي طالب }} قد اقبل من الحبشة
[[ جعفر بن ابي طالب ، اخو علي بن ابي طالب رضي الله عنهما ، الذي هاجر للحبشة وناقش النجاشي ثم اسلم على يديه ، بقي هو والمسلمون في الحبشة والآن رجعوا ، واستشهد بعد عام وبضعة اشهر في غزوة مؤتة وسنأتي على ذكرها إن شاءالله ]]
:_ يا رسول الله هذا{{ جعفر بن ابي طالب }} قد اقبل من الحبشة
قال النبي :_جعفر !!!! يا مرحباً
فقام النبي صلى الله عليه وسلم ، وترك القسمة ، وكان يلبس إزارا ورداء ، كما يلبس المحرم
يقول الصحابة :_ فمن فرحته قام وألقى ردائه ، وأخذ يهرول بالإزار فقط [[ يعني نصفه الاعلى عاري ]] حتى اذا وقع نظره عليه
قال:_ مرحبا بمن أشبه خَلقي و خُلقي
[[ وكان أشد الناس شبها بالنبي صلى الله عليه وسلم ]]
قال :_مرحبا بمن أشبه خَلقي و خُلقي ، وأيمَّ الله
[[ وأيمَّ الله قسم ، وقل أن يقسم النبي بمثل هذا القسم كان يقول {{ والذي نفسه بيده }} اما هنا تعظيما ليمينه ]]
قال :_ وأيمَّ الله ، لا أدري بأيهما أنا أشد فرحاً
بقدوم جعفر أم بفتح خيبر؟
[[ فجعل فرحته بقدوم جعفر يعدل فتح خيبر ]]
ثم أعتنقه صلى الله عليه وسلم ، وقبل بين عينيه
[[ هنا بعض العلماء استدل على استحباب المعانقة
والبعض قال إنها مكروهة ، وقالوا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن {{ المعاكمة }} أي المعانقة ، وقالوا ربما عانق جعفر قبل أن يكون نهي عنها
ولما قدم سفيان بن عيينة ، الى الإمام مالك
فرح بقدومه و صافحه الإمام مالك
وقال له:_ لولا أنها بدعة لعانقتك
فقال له سفيان: _قد عانق من هو خير منك ومني [[ اي النبي عانق جعفر ]]
قال مالك: _ تعني جعفر بن أبي طالب؟
قال :_نعم
قال: _ ذلك حبيب خاص ليس بعام [[ أي حالة خاصة ]]
فقال له سفيان:_ ما عم جعفرا يعمنا، وما يخصه يخصنا
[[ يعني مافي في دين الله وشرعه حالات خاصة ]]
هكذا كان اختلاف العلماء ، لكل مجتهد احترامه وتقديره
[[ مش مثل أيامنا شوي وبنضرب بعض ، ونكفر بعض ونحقد على بعض ونتحزب ]]
__________
فرحب النبي صلى الله عليه وسلم به ، وبمن معه من اصحابه ثم اجلسهم حوله
وقال :_مالذي اقدمكم الى خيبر ؟
فقال جعفر :_ قدمنا المدينة من ثلاث ايام ، فعلمنا ان رسول الله في خيبر ، فلم نبت ليلة واحدة حتى لحقنا بك
وكان مع جعفر وفد من النجاشي ، فقام صلى الله عليه وسلم
يخدمهم بنفسه [[ كما نفعل مع الضيف نكرمه ونقدم له الضيافة ]]
فقال له أصحابه:_ نحن نكفيك يا رسول الله [[ نحن نخدمهم ونضيفهم عنك ]]
فقال:_ إنهم كانوا لأصحابنا مكرمين ، وإني أحب أن أكافئهم
[[ ألم يكرم النجاشي المسلمون عنده وذكرناها ، وهذه اخلاق نبينا صلى الله عليه وسلم كان لا ينسى من قدم له المعروف ]]
وجلس يحدثهم صلى الله عليه وسلم
قال:_ ألا تخبروني بأعجب شيء رأيتم بأرض الحبشة؟
[[ اهل الحبشة على النصرانية فهم اهل كتاب ]]
فقال شباب منهم:_ يا رسول الله بينما نحن جلوس إذ مرت بنا عجوز من عجائزهم وعلى رأسها قلة فيها ماء
[[ عجوز حاملة جرة فخار على راسها ]]
فمرت بصبي فدفعها
فوقعت على ركبتيها فانكسرت قلتها [[ انكسرت الفخارة ]]
فلما قامت التفتت إليه
قالت:_ سوف تعلم يا غدر
إذا وضع الله الكرسي ، وجمع الأولين والآخرين ، وتكلمت الأيدي والأرجل بما كانوا يكسبون
فستعلم أمري وأمرك عنده [[ أي عند الله ]]
فقال صلى الله عليه وسلم :_ صدقت كيف يقدس الله قوما [[ أي يكون لهم قدسية وتعظيم عند الله ]]
كيف يقدس الله قوما ، لا يأخذ لضعيفهم من قويهم
_________
وكان من جملة من قدم معهم من بلاد الحبشة {{ رملة بنت أبي سفيان }} ابوها سيد قريش و المكناة {{ أم حبيبة }}
لم تاتي مع الرجال الى خيبر بقيت في المدينة
وكان قد عقد عليها النبي صلى الله عليه وسلم ، وهي في الحبشة
و{{ أم حبيبة }} رضي الله عنها كانت قد اسلمت وخالفت اهلها وتبعت دين الاسلام
فكانت ممن هاجر {{ الهجرة الثانية }} للحبشة مع زوجها عبدالله بن جحش وكانت حامل
و وضعت حملها بالحبشة ، فوضعت انثى وسمتها {{حبيبة }}وبها تكنى {{ ام حبيبة }}
عندما وضعت حملها ، واستقروا بالحبشة وعلموا أن {{ النجاشي }} قد اسلم
ركبت الشياطين رأس زوجها {{ عبدالله بن جحش }}وارتد عن الإسلام هناك ، وتنصر
وبقيت هي على إسلامها
فماهي الا ايام وشهور ابتلاه الله بمرض فأهلكه فمات نصرانيا
فأصيبت{{ رملة }} بمصابين
وبلغ امرها رسول الله صلى الله عليه وسلم
المصاب الأول
أنها اسلمت وعادت أباها وقومها وهجرة مكة
والمصاب الثاني
أن زوجها الذي تعلقت به وهاجرت معه تنصر ومات ، فأصبحت {{ ارملة }} وابنتها {{ يتيمة }}
فما موقف نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم والذي قال فيه ربه {{ وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ }}
تصوروا حال {{ ام حبيبة }} وهي بالحبشة غريبة أرملة بنتها يتيمة و تنصر زوجها ثم مات
ماذا تصنع ترجع الى مكة ؟
أين ستقيم ؟؟ في دار ابيها {{ ابو سفيان }} اشد رجل عداوة لرسول الله
أين تذهب ؟؟ وماذا تفعل ؟؟
فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم ، ارسل إلى النجاشي ملك الحبشة ليزوجها منه
ويقول له النبي صلى الله عليه وسلم
وكلتك نفسي[[ يعني انت يا نجاشي نائباً عن محمد رسول الله بهذا الزواج ]]
وكلتك نفسي بخطبة {{ رملة بنت ابي سفيان }} من اقرب رحم إليها
[[ اي انظر من المهاجرين اقرب رحم لها اخطبها لي منه ]]
وطار النجاشي فرحاً ، ان يكون هو وكيل النبي يمثله بهذا الزواج
فأرسل الى المهاجرين فحضروا
فقال :_من اقربكم رحماً بأم حبيبة بنت ابي سفيان ؟؟
فقام رجل اسمه {{ خالد بن سعيد رضي الله عنه }}
فقال له النجاشي :_ إن رسول الله صلى الله عليه قد وكلني ان اخطب رملة له
وأن أتم الزواج هنا [[ اي العقد في الحبشة ]]
فأرسل الى ام المؤمنين {{ ام حبيبة}} جارية من جواري النجاشي
فطرقت عليها الباب [[ وكانت قد اعتزلت الناس المسكينة ليس لها احد ]]
ففتحت
فقالت لها :_ إن الملك قد ارسلني اليك [[ اي النجاشي ]]
ويقول لك:_ إن رسول الله ، قد كتب إليه أن يزوجك منه
فلم تستوعب {{ ام حبيبة }} الخبر !!!
قالت :_ أعيدي ما قلتي
فأعادت الجارية
قالت : _ أحقاً ما تقولين ؟رسول الله يخطبني ؟؟
قالت :_ نعم
فقالت :_ استحلفك بالله انت واثقة مما تقولين ، رسول الله الذي في المدينة يخطبني انا ؟ !!!
قالت:_ نعم وقد ارسلني الملك إليك لتحضري عقد الزواج
فقالت لها:_ بشرهُ الله بالخير
ومن شدة فرحتها خلعت {{ ام حبيبة }} ما معها من اساور من فضة واعتطهم للجارية
وتم العقد وامهرها النجاشي من ماله نيابة عن النبي صلى الله عليه وسلم {{ ٤٠٠ دينار ذهبية }} مبلغ كبير
ثم قام النجاشي وأمر بأن تصنع لهم وليمة
قال لهم النجاشي :_
اجلسوا، فإن من سنن الأنبياء ، إذا تزوجوا أن يؤكل طعام على التزويج ، فدعا بطعام فأكلوا
[[واصبحت ام حبيبة أم للمؤمنين وزوج لرسول الله ]]
ثم رجعت الجارية التي بشرتها واعطتها المهر
فقالت لها ام حبيبة رضي الله عنها :_
لم يكن لدي مال عندما بشرتني لأعطيك ، ام الآن فخذي واعطتها {{ ٥٠ }} دينار من المهر
قالت لها الجارية :_ لا إن الملك امرني أن أرُجع لك ما اعطيتني اياها [[ فلم تأخذ منها المال وارجعت لها اساور الفضة التي اخذتها ]]
وقالت :_وقد أمر الملك نساءه أن يبعثن إليك بكل ما عندهن من العطر وعنبر و حلي
ثم قالت الجارية :_ ولكن أريد منك حاجة يا {{ أم حبيبة }}
قالت :_ ما حاجتك ؟؟
قالت: حاجتي إليك أن تقرئي رسول الله صلى الله عليه وسلم مني السلام ، وتعلميه أني قد اتبعت دينه
تقول السيدة ام حبيبة :_ وكانت تلك الجارية كلما دخلت علي تقول لا تنسي حاجتي إليك ، أن تقرئي رسول الله السلام
ولما سمع ابوها {{ابو سفيان }} بهذا الزواج سُرا بما فعله النبي صلى الله عليه وسلم مع ابنته
ورجعت أم المؤمنين {{ ام حبيبة }} مع جعفر الى المدينة
ولما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من {{ خيبر }} بنى بها
تقول السيدة {{ أم حبيبة }}
وأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم ، كيف كانت الخطبة وما فعلت معي جارية النجاشي وأقرأته منها السلام
تقول :_ فتبسم صلى الله عليه وسلم
وقال:_ وعليها السلام ورحمة الله وبركاته
اللهم إن أم حبيبة قد أوصلت سلام الجارية لرسول الله
ونحن من امته ونحبه ونتشوق لرؤياه
وليس لنا إلا انت يا الله ، ومطلع علينا وعلى نبيك بلغ نبينا صلى الله عليه وسلم منا السلام الآن ، واخبره أننا في شوق للقاءه وشفاعته واننا عكفنا على دراسة سيرته وذابت قلوبنا بمحبته ولم نراه
يتبع إن شاء الله {{ اليهود يضعون السم في طعام رسول الله في خيبر }}