هذا الحبيب 201  – السيرة النبوية العطرة (( أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث ))

هذا الحبيب 201  - السيرة النبوية العطرة (( أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث ))

هذا الحبيب 201  – السيرة النبوية العطرة (( أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث ))
__________
توقفنا في السيرة عند انتهاء النبي صلى الله عليه وسلم من عمرة {{ القضاء ))
وبقي هو و أصحابه في مكة ثلاث أيام
فجاء {{ العباس }} عم النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم الثالث للنبي صلى الله عليه وسلم
وحدثه عن اخت زوجته ام الفضل [[ زوجة العباس اسمها ام الفضل ]]
لها اخت اسمها {{ برة }} وغيّرَ النبي صلى الله عليه وسلم اسمها بعد ذلك وسماها {{ ميمونة }}
ولكن في ذلك الوقت كان اسمها {{ برة بنت الحارث }}
__________
كانت قد اسلمت وزوجها بقي مشرك ، فلم تستطع الهجرة وكانت تكتم ايمانها
ومات زوجها خلال هذه الاعوام ، وكان عمرها {{ ٢٦ عام }}
فلجأت لبيت {{ العباس }} لانه زوج اختها ، والعباس كان في مكة مقيم يكتم ايمانه
فجاء العباس وحدث النبي صلى الله عليه وسلم عن برة
قال :_ يا رسول  الله إن برة اخت ام الفضل [[ اي اخت زوجته]]
امرأة تكتم ايمانها وهي الآن أيِّم [[ اي لا زوج لها ]] تريد صحبتك للمدينة او تأذن لها بالهجرة
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم وقد استشف هذه الرسالة
وهو صاحب الفراسة الكاملة
وهو القائل لنا {{ اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله تعالى }}
قال له النبي :_ بل خيرٌ من ذلك يا عباس
إذهب إليها يا علي وقل لها ان رسول الله يخطبك لنفسه
فجاءها علي رضي الله عنه واخبرها أن النبي صلى الله عليه وسلم يخطبها لنفسه
وكانت تركب على بعير ، فلما سمعت الخبر فرحت فرحاً شديداً
وقالت: _البعير وما عليه لله ولرسوله
[[ يعني هي تريد أن تتزوجه بلا صداق اي مهر ]]
_________
واقر الله عزوجل هذا الزواج
فشروط النكاح في الإسلام اربعة
١_ قبول وأيجاب [[ يعني موافقة الزوجين ]]
٢_المهر
٣_ ولي أمر للزوجة
٤_شهود
إذا فقد إحدى هذه الشروط الاربعة فالنكاح يكون {{باطل غير شرعي }}
و هنا لا يوجد مهر لميمونة
وليس لها ولي فجعل النبي وليها العباس
فأنزل الله مقراً هذا الزواج
قال الله تعالى
{{ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ }}
والآية شهادة لها رضي الله عنها بالإيمان
وقوله تعالى {{ إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ }}
يعني بغير صداق
وقوله تعالى
{{ خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ }}
يعني هذه خصوصية فقط للنبي صلى الله عليه وسلم وليس لأحد من أمته أن يتزوج امرأة بغير ولي ولا صداق
تكملت الآيات من سورة الاحزاب
{{ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا }}
[[يعني نحن فرضنا المهر ونحن فرضنا عدد النساء اربعة
ولكن هذه خصيصة لك يا رسول الله ولا ينبغي لأحد من أمتك ان يتزوج امرأة من غير ولي امر ولا مهر ، لكي لا يكون عليك حرج ،ولن اطيل بالشرح سنأتي على التفصيل في جزء مخصص ، نتاول فيه ذكر ازواج النبي بالتفصيل وماذا حدث بينهم والايات التي نزلت بحقهم وكيف هجرهم النبي صلى الله عليه وسلم شهرا كاملا ]]
___________
تزوج النبي صلى الله عليه وسلم ، من السيدة {{ ميمونة }}
وكما قلنا كان اسمها {{ برة }}
فبعد زواج النبي صلى الله عليه وسلم منها سماها {{ ميمونة }}
لأن الزواج وقع في مناسبة ميمونة [[أي مباركة وهي العمرة]] وكانت السيدة {{ ميمونة }} هي آخر من تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم
_______
و{{ ميمونة بنت الحارث }} رضي الله عنها ، كانت من قبيلة عزيزة قوية، وهي قبيلة {{ بني هلال }}
وقد تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم ، تأليفاً لقلوب قبيلتها، بل تأليفا لقلوب قريش أيضا
لأنها كانت ترتبط بصلات نسب مع كثير من سادة وأشراف قريش
[[ وقد ذكرنا من قبل أن الزواج بين البطون والقبائل المختلفة كانت وسيلة لتأليف القلوب والتقارب بين البطون والقبائل المختلفة]]
وبالفعل بعد ذلك الزواج دخلت قبيلة {{ بني هلال}} في الإسلام تباعاً
وأسلم بعض أقاربها مثل ابن أختها {{ خالد بن الوليد }} سيف الله المسلول رضي الله عنه ، خالته تكون السيدة ميمونة
فهذا الزواج ترك اثر في نفس {{ خالد }} فأسلم خالد بعدها بشهر واحد
وتم النكاح [[ اي العقد ]] وليس البناء [[ اي الدخول ]]
_________
وانقضت الأيام الثلاثة التي اتفقت قريش مع النبي صلى الله عليه وسلم
وهي أن يؤدي المسلمين فيها العمرة ثم يخرجوا من مكة فجاء الى النبي صلى الله عليه وسلم {{ سهيل بن عمرو }}ومعه رجال من قريش
جاء الى خيامهم في {{ الابطح }}
فوقف وقال :_ يا محمد قد أنتهت زيارتك فأرحل عنا
[[ يطلبون منه الخروج ]]
فنظر إليه صلى الله عليه وسلم ، مسالماً متبسماً مشرق الوجه
وقال :_ يا سهيل وما عليك لو زدت فيها بعض اليوم
[[ يعني بقيت هذا اليوم بس ]]
فلقد تزوجت من بنت الحارث ، فماعليكم لو أعرست بين أظهركم ، وصنعنا لكم طعاماً ، فحضرتموه وشاركتمونا أياه
فرد عليه في جفاء
:_ لا حاجة لنا في طعامك فأخرج من أرضنا ، وأعرس حيث شئت وفارق بلادنا
[[ فلم يطق سعد بن عبادة هذا الجفاء للنبي صلى الله عليه وسلم ]]
فغضب سعد ، و وثب قائماً في وجه سهيل
وقال :_ لا أمك لك ، يخرج من بلدك ؟؟
والله ليست ارضك ولا أرض آبائك، انها ارض الله الحرام وبلده ومسقط رأسه ، والله لا يخرج منها الا طائعا راضياً
فأشار النبي صلى الله عليه وسلم الى سعد ، أن أسكت وأشار اليه ان اجلس
ثم ابتسم لسهيل مرة اخرى
صلى الله عليه وسلم صاحب الخلق العظيم
فأبتسم مرة اخرى مخاطباً سعد ، وسهيل يسمع
قال: _ يا سعد لا تؤذي قوماً زارونا في رحالنا ، من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليكرم ضيفه
[[ اعتبر قدومهم الى الخيام ضيوف والضيف لا يهان ]]
ثم نظر لسهيل
وقال له :_ حباً وكرامةً يا سهيل
قم يا ابا رافع فأذن بالرحيل
فقام ابو رافع ، ونادى بالناس بالرحيل
وقال النبي لسهيل:_ ولكن تأذنوا لابي رافع أن يبقى الى المساء ، حتى يخرج بابنت الحارث [[ أي السيدة ميمونة ]]
________
وامر أصحابه ان لا تغيب شمس ذلك اليوم ، ورجل من اصحابه في مكة
فأتى الى منطقة اسمها {{ سرف }} وهي قريبة من التنعيم ما يعرفه الناس اليوم [[ مسجد السيدة عائشة ]]
فنزل في سرف وضرب خيامه بها
وانتظر قدوم ابا رافع بأم المؤمنين {{ ميمونة بنت الحارث }}
وبنى بها صلى الله عليه وسلم في {{ سرف }}
وعاشت ام المؤمنين ميمونة الى عهد امير المؤمنين عمر
وعندما شعرت بأقتراب أجلها
قالت :_ اي بني امير المؤمنين [[ لان ازواج النبي امهات المؤمنين ]]
أرى ان أجلي قد دنى ، وإني احب أن ادفن في البقعة التي بنى بها عليٌَ النبي صلى الله عليه وسلم [[اي في سرف ]] فما عليك لو حملتني الى هناك ففاضت روحي في سرف ودفنت هناك ؟؟
قال عمر :_ السمع والطاعة يا ام المؤمنين
فأمر عمر ان تجهز وتحمل الى {{ سرف }} مع رجال
وضربوا لها خيمة في نفس البقعة التي ضربت خيمة الزواج فيها واقاموا من حولها
وتوفت هناك فدفنت في مكان ما تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بالتمام ، وقبرها اليوم معروف ويزار
[[وانت داخل لمكة قبل ان تصل التنعيم على يدك اليمين ، جدار طويل مدهون بالابيض في سرف مقابله محطة بنزين هناك قبر ام المؤمنين ميمونة بنت الحارث خاتمة امهات المؤمنين ]]
__________
ومما حدث في {{ عمرة القضاء }}
اثناء رحيل النبي صلى الله عليه وسلم من مكة
تبع المسلمون فتاة صغيرة وهي {{ عُمارة بنت حمزة بن عبدالمطلب }}
ابوها حمزة سيد الشهداء واسد الله ورسوله
[[عندما هاجر حمزة لم تكن زوجته قد اسلمت ، فلم تتبعه وكان له منها ابنة واحدة ]]
وبما ان كنيته {{ ابا عمارة }} اشتهر هذا الاسم على ابنته ، فكانوا يقولون لها {{ عُمارة }} ولكن اسمها الحقيقي
{{ امامة بنت حمزة }}
عندما علمت ان النبي صلى الله عليه وسلم سيخرج
خرجت و وقفت له بالطريق ونادت بأعلى صوتها للنبي صلى الله عليه وسلم
:_ يا عم يا عم
[[ لان ابوها حمزة رضي الله عنه هو اخو النبي بالرضاعة ، فقد ارضعتهما ثويبة جارية ابو لهب التي اعتقها عمه ابو لهب يوم بشرته بولادة النبي صلى الله عليه وسلم ،
فكانت ثويبة قد ارضعت حمزة وارضعت سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو عمها ]]
خرجت و وقفت له بالطريق ونادت بأعلى صوتها
:_ يا عم يا عم
فسمعها علي فتناولها {{علي بن أبي طالب}} من يدها، وهو ابن عمها بعد ان استأذن النبي صلى الله عليه وسلم
وقال علي :_ علامَ نترك بنت عمنا يتيمة بين أظهر المشركين ؟؟
وذهب بها الى فاطمة وقال لها :_ دونك ابنةَ عمكِ
[[ بمعنى خذي بنت عمك اعتني بها وكانت عُمارة صبية لكن دون سن التمييز يعني تجاوزت السابعة ولكن دون سن البلوغ ،لم تبلغ بعد ]]
كانت تقيم في {{ مكة }} مع أمها {{سلمى بنت عميس}} وكانت أمها مسلمة
ولكن لاشك أن {{عمارة}} هذه الطفلة كانت تعاني وهي تقيم بين المشركين في مكة
لأنها ابنة {{ حمزة}} الذي قتل كثير من قريش في {{بدر}} وفي {{احد}} فهم يرون فيها ابنة من قتل منهم
و ايضا {{قريش}} هي التي قتلت أباها في {{احد}} فهي تراهم الذين قتلوا أباها
_________
ولكن بعد أن أخذها {{علي بن أبي طالب }} رضي الله عنه ، و و وصلوا المدينة المنورة
اختصم في كفالة {{ عمارة }}
١_ جعفر بن أبي طالب [[ شقيق علي الأكبر ]]
٢_ وزيد بن حارثة
٣_ وعلي بن أبي طالب
الكل يريد أن تكون في بيته
فقال جعفر :_ ابنة عمي وخالتها تحتي
[[ اي خالة البنت زوجتي ، وكانت خالتها {{أسماء بنت عميس}} زوجة لجعفر بن أبي طالب ]]
وقال زيد بن حارثة :_ ابنة أخي
[[لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان قد آخى بين زيد بن حارثة وبين حمزة بن ابي طالب ]]
وقال علي :_أنا أخذتُها ، وهي ابنةُ عمي
____________
ولننظر الآن الى الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
انظروا الى صاحب الخلق العظيم ، والمشرع الحكيم كيف ارضى كل واحد ، وكيف اختار للفتاة اين تكون
فقال لعلي:_ أنت مني وأنا منك
وقال لزيد :_ أنت أخونا ومولانا
ثم قال لجعفر: _ إنك أشبهت خَلفي وخُلقي
[[ فأثنى على الثلاثة ]]
ثم قال :_ أما الفتاة او الجارية [[ الشك من راوي الحديث وليس مني ذكروا اللفظين واللفظ في البخاري ]]
قال :_ اما الفتاة او الجارية ، فإنها لخالتها وإن الخالة بمنزلة الام
[[ ولم يقل لهم هي لجعفر فنسبها لخالتها ]]
فالخالة بمنزلة الام كما ان العمة بمنزلة الوالد
ففاز بها جعفر ومالبث جعفر بعد اشهر حتى استشهد في {{مؤتة }} التي سنأتي على ذكرها
___
وهكذا قضى النبي صلى الله عليه وسلم ، بأن تكون عند {{جعفر بن أبي طالب }} لأن جعفر متزوج من خالتها
فالأولى أن الذي يتولى رعايتها هو خالتها
كما أن {{جعفر }} لا يحل لها لأنه متزوج من خالتها
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم {{ إن المرأة لا تنكح على عمتها ولا على خالتها }}
ومن هنا أخذ الفقهاء من ذلك‏
{{ أن الخالة مقدمة في الحضانة على سائر الأقارب بعد الأبوين‏ }}
وكان أول شيء فعلته {{ عمارة }} عندما عادت الى المدينة، أن سألت عن قبر أبيها، وذهبت الى قبر أبيها لزيارته
__________
وهكذا كان الصحابة يتنافسون على كفالة اليتيم
وكانت الكفالة حقيقية
ليست بأن يدفع لليتيم [[ ٢٠ دينار او ٥٠ او ١٠٠ بالشهر ، لا لا ، هو صحيح كله خير ومأجورين عليه ، ولكن ليست هذه الكفالة الحقيقية في الاسلام ]]
الكفالة الحقيقية الكاملة هي أن يكون اليتيم في بيتك
ومع أبنائك، فينشأ نشأة طبيعية، كما نشأ النبي صلى الله عليه وسلم
ولذلك لم نجد في الإسلام {{ دور للأيتام }} على كثرة الأيتام في زمن النبي صلى الله عليه وسلم
لأن حركة الجهاد كانت كبيرة وكان هناك الكثير من الشهداء، ولكن كانوا لا يتركون امراة مات عنها زوجها بلا زواج
لأنه لم تكن هناك مشكلة عند النساء في تعدد الزوجات
[[ لم يكن اعلام الدجال الذي غسل عقول النساء وتلاعب فيها حتى اصبحنا كالغرب تماما ، وايضا لم يكن الرجال في ذلك الوقت كبعض رجال اليوم تقودهم الشهوة العمياء ، لا الحكمة والرجولة ]]
فكانوا يتنافسون كما رأينا على كفالة اليتيم
ونصيحة لكل إنسان يملك القدرة على أن يكفل يتيم في بيته
فوالله الذي لا إله هو ، ستختلف حياتك كلها في وجوده بينكم وانت تعامله كأحد أفراد اسرتك ، سترى الخيرات والبركات والرحمات تتنزل عليك صباً من السماء ، وسترى التوفيق والنجاح في كل أمور حياتك
هذا في الدنيا أما في الآخرة فحدث ولا حرج
__________
وترك النبي صلى الله عليه وسلم مكة وقد ظهرت عزة المسلمين وقوتهم أمام قريش وأمام كل العرب
وارتفعت أسهم المسلمين الى السماء
حتى ان البعض قال :_ أن {{عمرة القضاء}} كانت البذرة أو تهيئة الأرض لفتح مكة بعد هذا التاريخ بعشرة شهور فقط
يتبع إن شاء الله ….