هذا الحبيب 202 – السيرة النبوية العطرة (( اسلام خالد بن الوليد ، وعثمان بن طلحة ، وعمرو بن العاص رضي الله عنهم ))
_____________
أول حدث في شهر {{صفر }} في السنة الثامنة من الهجرة كان اسلام ثلاثة من عمالقة قريش وهم
١_خالد بن الوليد [[ فارس قريش ]]
٢_عمرو بن العاص [[ وهو من أحكم وأدهى العرب وكان يسمونه داهية العرب ]]
٣_ عثمان بن طلحة [[ من وجوه أهل مكة ]]
_____________
وهذا الحدث من أعظم الأحداث ، ونصر من أكبر انتصارات الإسلام
ونقطة فارقة في التاريخ الإسلامي
وقد أسلم الثلاثة ليس في شهر واحد فقط ، ولكن في يوم واحد
وعندما أسلموا قال النبي صلى الله عليه وسلم
{{رمتكم مكة بأفلاذ كبدها }}
_____________
لماذا تأخر إسلام {{ خالد بن الوليد }} رضي الله عنه ، الملقب بسيف الله المسلول
عندما أوحي الى النبي صلى الله عليه وسلم في مكة كان خالد شاباً عمره {{ ٢٧ عام }}
وعندما أسلم كان عمره {{ ٤٧ عام }}
بقي خالد {{٢٠ عام }} كاملة يرفض الإسلام ويحارب المسلمين، حتى أسلم في أول السنة الثامنة من الهجرة
___________
وكان سبب رفضه وعداوته للإسلام طوال هذه الفترة
أنه من بيت يكره الإسلام
فأبوه هو {{الوليد بن المغيرة }} سيد {{ بني مخزوم }} أحد بطون قريش، ومن أغنى أغنياء قريش، ومن أشد قريش عدواة للنبي صلى الله عليه و سلم لدرجة أنها نزلت فيه عشرون آية في سورة المدثر وقد ذكرناها ، فنزل في ابوه
قال تعالى
{{ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا * وَبَنِينَ شُهُودًا * وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا * ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ * كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا * سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا * إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ * فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ * سَأُصْلِيهِ سَقَرَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ * لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ * عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ }}
نزلت هذه الايات في حق ابوه {{ الوليد بن المغيرة }}
وسبب آخر لتأخر اسلام {{خالد بن الوليد}}
هو أن خالد كان من زعماء مكة، وله مكانته في قريش، ومكانته المرموقة في العرب
ومكانته في الجيش المكي فهو قائد فرسان قريش، وهي أهم كتيبة في الجيش، فكان {{ خالد }} يخشى على مكانته أن تضيع اذا دخل في الإسلام
___________
وكان اسباب إسلام {{خالد بن الوليد}} كثيرة
تذكرون
في صلح الحديبية قبل هذا التاريخ بعام تقريبا ، عندما خرج {{خالد }} على رأس جيش مكة لاعتراض المسلمين الذين جائوا لأداء العمرة
ووقف خالد بجيش مكة أمام المسلمين ثم جائت صلاة الظهر، فوقف المسلمون يصلون
وشاهد {{خالد }} المسلمون وهم يصلون ويسجدون ووجدها فرصة سانحة لمهاجمة المسلمين وهم في صلاتهم، فسأل من حوله:_هل سيصلي المسلمين مثل هذه الصلاة مرة أخرى ؟
فقال له بعضهم: _ نعم إن لهم صلاة بعد هذه [[ اي صلاة العصر ]] أحب إليهم من أموالهم وأبنائهم
فجهز {{خالد بن الوليد}} جيش مكة للإنقضاض على المسلمين في صلاة العصر
ولكن في ذلك الوقت نزل جبريل بتشريع صلاة الخوف ووقف النبي صلى الله عليه وسلم ، يصلي بالمسلمين صلاة الخوف لأول مرة
فقام وصلى خلفه نصف الجيش، والنصف الثاني من الجيش وقف خلف المسلمون لحراستهم، وأتم النبي صلى الله عليه وسلم صلاة ركعتين ثم وهو في التشهد سلم الجيش وانصرف ووقف للحراسة، ثم جاء النصف الثاني الذي كان يقوم بمهمة الحراسة فصلى مع الرسول صلى الله عليه وسلم
ولما رأى {{خالد بن الوليد}} ذلك قال كلمة عجيبة
قال: _إن القوم ممنوعون
[[ أي أن الله تعالى يمنع ويحمي هؤلاء ]]
_____________
وكانت {{عمرة القضاء }} قد تركت أثراً آخر بعد خروجه منها صلى الله عليه وسلم
قلنا ان النبي صلى والله عليه وسلم ،قد خرج مهاجراً من مكة يصحبه رجل واحد من اصحابه و هو {{ ابو بكر الصديق }}وفي جنح الظلام واتجه متخفيا الى غار حراء
قال تعالى {{ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا }}
وها هو يرجع اليوم إليها بأقرار من قريش
وتخلي قريش له مكة ، فلا يشاركه بالطواف مشرك ، ولا يصادفهم في طرقاتهم احد حتى لا يستفزهم
وبيوت قريش مغلقة ، من أراد أن يبقى في داره أغلق عليه باب داره
ومن أراد ان يخرج ، خرج الى شعاب الجبال
مكة كلها يدخلها النبي صلى الله عليه وسلم في وضح النهار
محرماً ملبياً مكبراً يتطوف بالبيت
وحول البيت آلهتهم التي طالما سفه احلام من يعبدها بنص القران الكريم ، ورجالات قريش تنظر إليه
فحرك هذا المشهد تفكير العقلاء منهم وذوي الرأي
امثال {{خالد بن الوليد }} و{{عثمان بن طلحة }} وغيرهما
وقد ترك في نفوسهم حيرة
هذا الرجل الذي خرج قبل {{ ٧سنين }} في جنح الظلام يعود الآن في وضح النهار وحوله {{ ٢٠٠٠ رجل }} محرمين يطفون ويعلنون دينهم علانية في مكة
ولا يستطيع احد أن يعارضهم
ما سر هذا الرجل ؟!!
لقد قاتلناه مراراً ، فأنتصر علينا ، وها هو قد طاف في الكعبة مع اولئك العبيد ، الذين كنا نستهين بهم ونعذبهم في مكة ، تعلو اصواتهم بالتلبية والتكبير
من أين يستمد قوته هذا الرجل ؟!!!!
وها هي قريش قد أذعنت له ، فأكل العرب واليهود معاً بالامس قضى على آخر اليهود في {{ خيبر }}
واليوم يدخل مكة عنوة في وضح النهار
ما سر هذا الرجل ؟!!
________
يقول خالد :_ قلت في نفسي لم تعد مكة دار إقامة لي لعله يأتي في كل عام فيعتمر ويحج ، ولعل أمره بظهر على قريش
ففكرت أن أغادر مكة الى {{الحبشة }}فتذكرت ان ملك الحبشة النجاشي قد دخل في دينه
فقلت :_ اخرج الى قيصر الروم !!
فتذكرت ان {{ قيصر }} سيعرض علي النصرانية وادخل في دينه ما دمت في حماه ، فأترك دين قومي واكون هنالك موالي للعجم فأفقد قومي وعشيرتي
أين أذهب ؟؟
وبينما انا كذلك في تلك الحيرة
قلت :_ اغلق باب داري علي ، وانظر الى ما يصير إليه أمر محمد
واذا بقارع يقرع الباب علي ويسلمني رسالة من اخي الوليد
وكان لخالد اخ اسمه {{ الوليد بن الوليد بن المغيرة }}
شقيق خالد
وكان قد أسلم بعد بدر ، وبحث {{الوليد}} عن أخيه {{خالد}} فلم يجده
كان قد خرج مع قريش و ترك مكة للمسلمين ثلاثة ايام، فترك له {{الوليد بن الوليد }} رسالة قال فيها
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد: _فإني لم أرى أعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام وعقلك عقلك يا خالد
[[ يعني انا اعرف انك عاقل وحكيم يا اخي ]]
ومثل الإسلام لا يجهله أحد؟
[[ اي هذا الاسلام بتعاليمه لايجهله عاقل وانت من العقلاء يا خالد ]]
وقد سألني رسول الله صلى الله عليه وسلم عنك ، ونحن بمكة وقال: _ أين خالد ؟؟
فقلت: _يأتي الله به مسلماً إن شاء الله
فقال:_ ما مثل خالد يجهل الإسلام
[[يعني لا يعقل مثل عقلية خالد ورجاحت عقله يجهل الاسلام ]]
ولو كان جعل نكايته وجَدَّهُ مع المسلمين على المشركين لكان خيراً له ، ولقدَّمناهُ على غيره
[[يعني قوته وحنكته في القتال لو جعلها على اعداء الله لكان خير له ]]
فاستدرك يا أخي ما قد فاتك من مواطن صالحة
يقول خالد:_ فلما قرأت كتابه زدت رغبة في الإسلام، وسرني سؤال رسول الله صلى الله عليه وسلم عني
وقوله {{ما مثل خالد يجهل الاسلام }}
وانظروا الى حكمة رسول الله صلى الله عليه وسلم
هو يعلم أن {{ خالد}} يخشى على مكانته في جيش مكة فهو يريد أن يطمئنه من هذه الناحية، وأنه اذا دخل في الإسلام فلن يكون تابعاً ، بل سيظل قائداً
_________
اهتز قلب {{ خالد }} بهذه الرسالة رجل أعاديه وأقاتله ونلت منه ما نلت يوم أحد
ثم يثني علي ويقول {{ما مثل خالد يجهل الاسلام }} فيشهد برجاحة عقلي !!!!
قال :_ فهزتني مقالته ، وجعلتني أقُلب الأمور رأساً على عقب
واقول :_ لقد قاتلته مراراً ، وانا لا أدافع عن عقيدة ولا حتى أدري لما اقاتله ؟؟
لماذا لا ادخل في دينه ؟؟
واخذت أفكر واتدبر أمري ، فنمت ليلتي تلك
ورأيت في المنام كأني في بلاد ضيقة جدبة فخرجت إلى بلاد خضراء واسعة ، فيها المياه تتدفق
فلما صحوت قلت :_ إنها رؤيا ، لأن صدقت فإني خارج من دين قريش الى دين محمد
___________
وهنا كان قرار خالد بن الوليد {{ سيف الله المسلول }} رضي الله عنه وارضاه ، أن يدخل الإسلام
ولكن قبل هجرة خالد
اراد {{خالد }} ألا يهاجر وحده
يقول خالد:_ قلت من أصاحب معي الى الرسول صلى الله عليه وسلم ؟؟
[[فخالد شخصية ايجابية، ويريد أن يقدم شيئا للإسلام في أول لحظات اسلامه، حتى قبل أن يهاجر وقبل أن يقابل الرسول صلى الله عليه وسلم ]]
يقول خالد :_ فذهبت الى صديقي {{صفوان بن أمية}} وعرضت عليه أن يدخل في الإسلام وأن يهاجر معي
فقال له صفوان وقد انكر عليه اشد الانكار
قال :_والآت لو لم يبقَ غيري من قريش لما اتبعته
[[يعني لو اسلمت قريش كلها إلا أنا ما اتبعت دين محمد]]
يقول خالد
قلت في نفسي :_رجل قُتل أباه وأخاه يوم بدر ، فأعذره فيما يعتقد ، فتركته وانصرفت عنه
ثم ذهبت الى صديقي {{عكرمة بن أبي جهل}} وعرضت عليه أن يسلم وأن يهاجر معي
فقال له عكرمة، وكان اشد انكاراً من صفوان
:_ لو لم يبقَ غيري من قريش لما اتبعته
فقلت :_وهذا اعذره ايضا لقد قتل , اباه يوم بدر ، ومازال يحمل عار ابيه ابو جهل
يقول خالد :_ فمضيت وقلت لا أكلم أحداً ، حتى لا يفشوا أمري في مكة فيسخر مني اهل مكة
__________
يقول خالد :_وبينما أنا في طريقي ، لا أريد أن أكلم احداً لقيني {{عثمان بن طلحة}}
اتذكرون هذا الرجل ؟؟
[[عندما هاجرت ام سلمة ، فلم يتركها تهاجر وحدها وخرج ماشياً على قدميه حتى أوصلها وابنها المدينة المنورة ، ثم رجع ، وذكرناها في السيرة الجزء ١٠٣ وقلنا أن له سابقة خير فهداه الله للإسلام ]]
قال :_لقيني {{عثمان بن طلحة}}
يقول خالد:_ فقلت هذا اشد انكاراً من الذين قبله
فإن كان {{صفوان }} قتل أباه وأخاه
و{{عكرمة }} قتل اباه
فهذا {{ عثمان }} فقد قتل ابوه ، وعمه ، واخوته الاربعة يوم احد على يد اصحاب محمد
فهو أشد عداوة لمحمد ودينه من غيره ، فلا افضح امري بين يديه
فلما لقيني{{ عثمان}} سلم علي وسلمت عليه ثم اخذت اناقشه في أمر محمد وقريش
واقول له:_ ألا ترى أن أمر محمداً ، قد علا علوا منكراً [[ اي غريبا ]] فما أصبحنا يا عثمان إلا بمنزلة ثعلب في جحر لو صب فيه ذنوب من ماء لخرج
[[ اي اصبحنا ضعاف جدا امام محمد وصحبه ]]
قال فأنصت إلي تماماً
وقال عثمان :_و هو كذلك يا خالد
فقلت له:_ ألم يستقم الميسم [[ اي تبين الطريق وظهر الحق ]]
فما علينا لو دخلنا في دين محمد يا عثمان ؟؟
فقال عثمان:_ هذا ما عزمت ان أحدثك به والله
[[سبحان الله الذين اختارهم كانوا اشد انكارا ،والذي خشي ان يحدثه كان هو الموافق ]]
قال :_هذا ما عزمت ان أحدثك به ، والله لقد طاب المنسم يا خالد ، فعلامَ نكابر ؟؟
_________
فاستجاب له {{عثمان بن طلحة}} واتفق الإثنان على الخروج من مكة وتواعدا
وخرجا الى المدينة المنورة لإعلان اسلامهما بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وفي الطريق الى المدينة
قابل {{ خالد بن الوليد }} و {{ عثمان بن طلحة }}
رجل في الطريق وهو
{{ عمرو بن العاص }} كان هو الآخر متوجها من مكة الى المدينة ليعلن أسلامه
الآن ننتقل مع {{عمرو بن العاص }} رضي الله عنه ونرى مالذي جعل عمرو بن العاص يدخل الإسلام وعلى يد من اسلم
ثم نرجع الى خالد وعثمان وعمرو
وماذا حدث عندما تقابلوا في الطريق
_________
{{ عمرو بن العاص }} رضي الله عنه
تأخر في إسلامه
مثل {{خالد بن الوليد}} ظل {{عمرو بن العاص}} عشرون عاما منذ البعثة وحتى بداية السنة الثامنة من الهجرة رافضا ومعاديا للإسلام
وكان سبب رفضه للإسلام طوال هذه الفترة
أنه من بيت يكره الإسلام ، فأبوه {{ العاص بن وائل }}
كان من اشد أعداء النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان شديد الإيذاء للرسول صلى الله عليه وسلم في مكة قبل هجرة النبي
وهو الذي كان يقول عن النبي صلى الله عليه وسلم بعد موت ولده أنه {{ أبتر }}
فنزل فيه قول الله تعالى {{ إن شانئك هو الأبتر }}
ومن شدة ايذائه للنبي صلى الله عليه وسلم
دعا عليه النبي فقال {{ اللهم سلط عليه شوكة من أشواك الأرض }}
فدخلت شوكة في قدمه، فتورمت قدمه
ولم يستطع أن يتحرك وأصبح طريح الفراش، وذهب ابنه {{عمرو بن العاص }} الى {{ الطائف }} ليأتي بطبيب، ولكنه مات قبل أن يصل اليه
اذن {{عمرو بن العاص}} من بيت يكره الإسلام كراهية شديدة جدا
وسبب آخر لتأخر اسلام {{عمرو بن العاص}} وهو أن له مكانة كبيرة في قريش ، بل وفي الجزيرة كلها، ولذلك فهو يخشى على ضياع هذه المكانة اذا اتبع النبي صلى الله عليه وسلم ودخل في الإسلام
__________
كيف أسلم ؟؟
بعد غزوة {{ الأحزاب}} رأى {{عمرو بن العاص }}
بحنكته السياسية أن الأمور ستتجه بعد ذلك لصالح المسلمين لأن كل أعداء المسلمين تحالفوا ، ولم يستطيعوا أن يفعلوا شيئا
ولكن مع ذلك لم يكن {{عمرو بن العاص }} متقبلًا لفكرة أن يدخل في الإسلام
وكان شديد الكراهية للرسول صلى الله عليه وسلم فأخذ قرارا غريبا وهو {{ أن يترك مكة ويهاجر الى الحبشة }}
والقصة يرويها {{عمرو بن العاص}} نفسه، والقصة في البخاري ومسلم وغيرهما
_______
يقول :_عمرو بن العاص
أنه تحدث الى رجال من قريش كانوا يرون رأيي
[[ يعني مجموعة من رجال قريش كانوا يقتنعون بأي شيء يقوله، ويسمعون كلامه وينفذون ما يقوله ]]
فقلت لهم:_ إني أرى أمر محمد يعلوا علواً منكرًا
وأني أرى ان نلحق بالنجاشي، فلئن نكون تحت يديه أحب إلينا من أن نكون تحت يدي محمد
وكان {{عمرو بن العاص}} صديقاً للنجاشي
وانظروا الى مدى كراهية {{عمرو بن العاص}} للنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت
يقول عمرو بن العاص :_ ولم يكن أحد أشد كراهية لرسول الله مني
يقول عمرو بن العاص لأصحابه :_ وإن ظهر قومنا فنحن مَن قد عرفوا، فلن يأتينا منهم إلا خيراً
[[ أي لو انتصرت قريش على المسلمين فيمكن أن نعود الى مكة، ومكانتنا محفوظة في مكة ]]
وإن ظهر محمد كان النجاشي بيننا وبينه [[ هذا عمرو بن العاص الذي كان يسمى بداهية العرب إن ظهر محمد فهذا النجاشي يتدخل ويقوم بصلح بيننا ]]
فقال أصحابه:_ إن هذا لهو الرأي
فقال لهم عمرو: _ فاجمعوا له ما نهدي اليه
[[ يعني ساعدوني نجمع للنجاشي الهدايا ]]
يقول عمرو:_ وكان أحب ما يهدى اليه من أرض العرب هو الأدم [[ أي الجلود المدبوغة ]] فجمعوا له جلودا كثيرة، ثم توجهوا الى الحبشة
___________
فلما ذهب {{عمرو بن العاص}} الى النجاشي
وجد عنده {{عمرو بن أمية الضمري}} تذكرون هذا الاسم الذي حمل الرسالة من النبي صلى الله عليه وسلم للنجاشي كان النبي صلى الله عليه وسلم
قد أرسل {{عمرو بن أمية}} الى النجاشي يطلب منه أن يرسل {{جعفر بن أبي طالب}} ومن بقي من المسلمين في الحبشة الى المدينة
[[ الرسالة التي زوجه فيها رملة بنت ابي سفيان هل تذكرونها
ذكرنها بالتفصيل ]]
ففكر {{عمرو بن العاص }} أن يدخل الى النجاشي ويطلب منه أن يسلمه {{عمرو بن أمية الضمري }} ويقتله
وبذلك يكون قد صنع شيئا لقريش يرفع بها مكانته في مكة مع أن {{عمرو بن العاص}} حاول قديما منذ {{ ١٥ عام }}
في السنة الخامسة من البعثة أن يسلم له النجاشي المسلمون الذين هاجروا الى الحبشة
ولكن النجاشي رفض رفضا قاطعا
_________
يقول عمرو بن العاص :_ فدخلت عليه، وسجدت له كما كنت أصنع
فقال: – مرحبا بصديقي، أهديت الي من بلادك شيئا
قال عمرو: – نعم أيها الملك، قد أهديت لك أُدُماً كثيراً، ثم قدمه اليه فأعجبه
يقول عمرو :_ فلما رأيت نفسه قد طابت
قلت له :_ أيها الملك، إني قد رأيت رجلاً خرج من عندك، وهو رسول رجل عدو لنا ، فأعطنيه لأقتله ، فإنه قد أصاب من أشرافنا وأعزتنا
قال عمرو: _فغضب النجاشي غضباً ، لم أرى النجاشي قد غضب مثله من قبل ، حتى كاد الدم أن يتفجر في وجهه
ثم مد يده فضربني بها على انفي ضربة ظننت أنه قد كسره، وخلعه من مكانه
فتدفق الدم على ثيابي ، ورأيت من الذل والمهانة مالم أرى ومالم أتوقع !!!
فوددت لو انشقت لي الأرض فدخلت فيها خوفا منه
[[ترضوا على النجاشي اصحمة فوالله إن له مواقف في الاسلام أثلجت صدر نبينا وصدورنا ، رضي الله عنه وارضاه ]]
ثم قلت له: _ أيها الملك ، والله لو ظننت أنك تكره هذا ويغضبك ما سألتكه
فقال النجاشي :_ يا عمرو أتسألني أن أعطيك رسول رجل يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى لتقتله ؟!
[[وكان اهل الكتاب يطلقون على جبريل الناموس الأكبر، ولذلك قال ورقة بن نوفل للسيدة خديجة إنه ليأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى ]]
قال عمرو: – أيها الملك ، أكذاك هو ؟ اتشهد له ذلك ؟؟
قال النجاشي :_ أي ورب محمد وعيسى وموسى يأتيه الناموس الاكبر الذي كان يأتي موسى
وإنه رسول من عند الله ، ويحك يا عمرو، أطعني واتبعه، فإنه والله لعلى الحق ، وليظهرن على من خالفه ، كما ظهر موسى على فرعون وجنده
في هذه اللحظة نزلت الهداية من {{ الله الرحمن الرحيم اللطيف الودود الجميل سبحانه ما اعظمه واجمله سبحانه ما ارحمه والله والله والله لوعرف المسلمون ، الله حق معرفته لذابت قلوبهم بمحبته والاشتياق للنظر لوجه الكريم }}
نزلت الهداية من الله على قلب {{عمرو بن العاص }} ولا شك أن ذلك نتيجة تراكمات ومشاهدات واستنتاجات كثيرة في حياة {{عمرو بن العاص}} في تلك اللحظة كان عمرو يفكر ويبحث عن الحق صدقاً
قال عمرو للنجاشي: _ايها الملك ألا خلوت بي ؟؟
قال النجاشي :_ حبا وكرامة
يقول عمرو :_ فلما خلوت به
قلت له :_ أتبايعني له على الإسلام ؟
قال: – نعم
فبسط النجاشي يده، فبايعه {{عمرو بن العاص}} على الإسلام ، فأسلم هذا الصحابي الجليل رضي الله عنه
الذي فتحت مصر على يده وفلسطين وله أجر كل من اسلم من مصر و فلسطين منذ ذلك اليوم ليومنا هذا ، هو والنجاشي رضي الله عنهما
[[ولذلك من الألغاز التي تقال كثيرا في المسابقات ، من هو الصحابي الذي أسلم على يد تابعي ، لان النجاشي يعتبر تابعي لم يرى الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ]]
__________
ثم خرج {{عمرو بن العاص}} على أصحابه
ولم يخبرهم بشيء مما حدث، ولم يخبرهم باسلامه، وبقي في مكة كاتما اسلامه بضعة شهور حتى أعد نفسه للهجرة، ثم خرج من مكة سرا واتجه الى المدينة ليعلن اسلامه بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم
خرج {{عمرو بن العاص}} من مكة سرا واتجه الى المدينة ليعلن اسلامه ، وتقابل في الطريق مع خالد وعثمان
__________
نرجع الى خالد بن الوليد ، وعثمان بن طلحة
قلنا أنهم لقياه في الطريق [[ اي عمرو بن العاص ]]
فسلما عليه
وقالا له :_مالذي اخرجك [[ وين رايح ]]وعهدنا بك في الحبشة ؟؟
قال عمرو :_ مالذي اخرجكما انتما ؟؟
يقول خالد :_ فعلمت أنه يقصد هدفاً ولكنه يراوغ
قال خالد بن الوليد: _ والله لقد استقام المَنسِمُ يا عمرو
[[يعني اتضح الأمر ولم يعد فيه لبس وشك ما ضل في مجال للمجاملات ]]
وان الرجل لنبي ، أذهب والله معنا فأسلم ، فحتى متى؟
قال عمرو: _ فأنا والله ما جئت إلا للإسلام . وقص عليهم ما حدث معه مع النجاشي وانه اسلم على يده
قال خالد:_ فسررنا به , وانطلقنا ركباً ثلاثة ، نقطع الطريق
حتى وصلنا اطراف المدينة
_________
فجلسنا نستريح ونبدل ثيابنا ، ونجهز انفسنا لمقابلة رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول خالد :_فما ادهشني !!! إلا واخي الوليد يأتي مسرعاً إلينا
ويقول :_أسرع يا خالد , فرسول الله في انتظاركم في المسجد
{{صلوا على الحبيب ، صلوا عليه قلبكم يطيب ، صلوا عليه وسلموا تسليما ، هذا رسول الله هذا المصطفى هذا لرب العالمين حبيبُ }}
أسرع يا خالد ، فرسول الله في انتظاركم في المسجد
قلت :_ رسول الله ينتظرنا ؟ !!
لم نرسل له أحد يعلمه بقدومنا !!!
قلت :_ من أخبره ؟؟
قال :_ آتاه جبريل واخبره أنكم أتيتم مسلمين طائعين ، وقد فرحنا بإسلامكم
هيا اسرعوا ، انه ينتظركم في المسجد منذ ساعة
قال :_ فأسرعنا الخطى الى مسجده
حتى اذا وقفنا بباب المسجد ، ونظرنا إليه
نظر إلينا {{ مشرق الوجه مبتسماً ضاحكاً ]]
وقام إلينا مسروراً واستقبلنا وعانقنا
وهو يقول :_ مرحباً بأخواننا ، مرحباً بأخواننا
يقول خالد :_فجلست بين يديه ، وبايعته على الاسلام
وقلت له :_ يا رسول الله اغفرلي تلك المواقف التي وقفتها عليك
واخذت سيفي من عنقي ، و وضعته بين يديه
وقلت :_ وهذا اقدمه لك
فوضع يده على كتفي وابتسم في وجهي
وقال:_ يا خالد الاسلام يهدم ما قبله , واحتفظ بسيفك هذا واجعله معنا بدل أن كان علينا
ثم تقدم عثمان بن طلحة وبايع النبي صلى الله عليه وسلم
________
ثم تقدم عمرو بن العاص
وقال للنبي صلى الله عليه وسلم :- ابسط يمينك فأبايعك
فبسط النبي صلى الله عليه وسلم يده ، فقبض عمرو يده فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:- مالك يا عمرو ؟
قال عمرو: _ أردت أن أشترط
قال له النبي :_تشترط ماذا ؟
قال عمرو: _أشترط أن يغفر لي
فقال له الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم :_ يا عمرو
أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله
__________
وعندما احتضر {{عمرو بن العاص }} حول وجهه الى الجدار وأخذ يبكي بكاءا مرا
فجعل ابنه يقول له:_ يا أبتاه أما بشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا وكذا
فأقبل عليه {{عمرو بن العاص}} بوجهه
وقال: _إني قد كنت على أطباق ثلاث
قد رأيتني وما أحد أشد بغضاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم مني
ولا أحب إلي الا أن أستمكن منه فأقتله ، فلو مت على تلك الحال لكنت من أهل النار .
فلما جعل الله الإسلام في قلبي ، ما كان أحد أحب إلي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا أجل في عيني منه ، وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالا له
ولو سئلتني أن أصفه لك ما أطقت ؛ لأني لم أكن أملأ عيني منه ، ولو مت على تلك الحال لرجوت أن أكون من أهل الجنة.
كان اسلام {{عمرو بن العاص}} اضافة كبيرة الى المسلمين وقد كان {{من أحكم وأدهى العرب}}
وهو الذي فتح مصر وفلسطين
وقال عنه النبي صلى الله عليه وسلم كلمات لم يقلها لأحد غيره
قال صلى الله عليه وسلم في حقه {{ أسلم الناس ، وآمن عمرو بن العاص }} رضي الله عنه وارضاه
________
وكان اسلام {{خالد}} اضافة هائلة الى قوة المسلمين، وكان له دورا رئيسيا في حروب الردة التي حفظت كيان الدولة الإسلامية
ثم فتح العراق والشام ، وهزم الفرس والروم
وهو من القادة النادرين في التاريخ الذين لم يهزموا في أي معركة، مع أنه اشترك في أكثر من {{ ١٠٠ معركة }}
وقال عنه عمر بن الخطاب :_
{{ عجزت النساء أن يلدن مثل خالد }}
وقال عنه أصدقائه وأعدائه
{{ الرجل الذي لا ينام ولا يترك أحدا ينام }}
رضي الله عن صحابة رسول الله اجمعين
يتبع ان شاء الله