هذا الحبيب 204  – السيرة النبوية العطرة (( معركة مؤتة ))

هذا الحبيب 204  - السيرة النبوية العطرة (( معركة مؤتة ))

هذا الحبيب 204  – السيرة النبوية العطرة (( معركة مؤتة ))
___________
وصلت جيوش العدو ، أمواج بشرية هائلة تنساب الى أرض المعركة، والمسلمون واقفون ثابتين كالجبال
وجاءت ساعة الصفر
وأعطى {{ زيد بن حارثة}} رضي الله عنه اشارة البدء الى أصحابه
وانطلق {{ زيد بن حارثة }} كالسهم صوب جيوش الأعداء وهو يحمل الراية، وانطلق معه المسلمون وقد ارتفعت صيحات التكبير
واستمر القتال طوال اليوم، ولم يتراجع المسلمون، وانما وقفوا كالجبال أمام طوفان قوات التحالف الرومانية العربية وكان صمود وأداء المسلمون في المعركة
مفاجأة بالنسبة لقوات العدو، فقد كانوا يتوقعون ألا تستمر هذه المعركة سوى ساعات ثم يتم ابادة الجيش المسلم بالكامل
ولكنهم فوجئوا أن المسلمون يقاتلون بشراسة وشجاعة لم يشهدوا مثلها
[[ وكل التاريخ يشهد أن المسلمون في الحروب أنهم أشجع المقاتلين على الاطلاق حبهم للشهادة اشد من حب أعدائهم للحياة وماسبب ذلك إلا الايمان وقلوبهم المعلقة بالله]]
وحاولوا تطويق المسلمين ، واعتقدوا أنه أمر سهل لتفوقهم في العدد الكبير
ولكن المسلمون لم يمكنوهم من ذلك، ونجحت خطة القائد {{زيد بن حارثة }} في الاستفادة من جغرافية أرض مؤتة
فلم يتمكن الروم من تطويق الجيش المسلم
__________
وركز الروم هجومهم على القائد حامل اللواء
{{زيد بن حارثة }} ومزقته رماح الروم ،وهو مقبلاً عليهم كالأسد حتى قتل شهيدا رضي الله عنه
وعدوا الجراح في جسده بعد ذلك فوجدوها أكثر من {{ ٩٠ }}
جرحا ، ما بين ضربة سيف وطعنة رمح ورمية سهم
__________
وأخذ الراية {{جعفر بن أبي طالب }} وكان عمره {{ ٣٣ }} عاما
وتكالب عليه الرومان ، وأصيب عشرات الإصابات ما بين ضربة سيف، وطعنه رمح، ورمية سهم، وهو لا يتوقف عن القتال
[[وكان من عادة الجيوش قديما انهم يعتبرون الراية هي رمز بقائهم فإذا سقط اللواء كانت هزيمة معنوية ]]
فمازال يقاتل حتى تمكن أحد الروم من قطع يده التي يحمل بها اللواء ، فترك سيفه الذي يقاتل به، وأمسك اللواء بيده الأخرى
أي أنه يدفع حياته ثمنا لعدم سقوط لواء رسول الله على الأرض، فقطعوا يده الأخر
[[ طبعا لم تقطع يده من الكتف ، قطعت من المرفق ]]
فحمل اللواء بعضديه، ثم مات شهيداً رضي الله عنه
يقول عبد الله بن عمر في حديث {{ رواه البخاري }}
وقفت على جعفر يومئذ وهو قتيل، فعددتُ به خمسين، بين طعنةٍ وضربة، ليس منها شيءٌ في دبره
[[يعني لم تكن به اصابة واحدة في ظهره ، فهو لم يعطي ظهره للعدو ولو للحظة واحدة حتى قتل ]]
وأثاب الله تعالى {{جعفر }}عن قطع يديه بجانحين يطير بهما في الجنة
يقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
{{ رأيت جعفر بن أبي طالب يطير في الجنة }}
ولذلك لقب {{جعفر بن ابي طالب}} بجعفر الطيار
_________
واخذ اللواء {{عبد الله بن رواحة }}
ولكنه تردد قليلا
[[ اي حديث كان في نفسه أتقدم ؟؟ اتراجع ؟؟ هذا التردد لم يشعر به احد ، ولكن الله عزوجل اطلع نبيه صلى الله عليه وسلم عن هذا التردد وهو في المدينة المنورة ]]
ولكنه تخلص من تردده سريعا
فخاطب عبدالله بن رواحة نفسه في ابيات شعر قائلاً
أقسمت يا نفس لتنزلنه … راضية او مكرهنة
إذا أجمع الناس وشدوا الرنه …مالي أراك تكرهين الجنه
[[ الشهيد اذا قتل اين يذهب ؟؟ للجنة ، انتِ يا نفس كرهانة الجنة عاجبتك الدنيا كثير يعني ]]
فردد ابيات من الشعر يؤدب نفسه فيها ويشجعها
ونزل من على فرسه ليقطع باب التراجع، وحمل الراية، وقاتل حتى قتل شهيداً رضي الله عنه
_________
وهكذا استشهد الأمراء الثلاثة الذين عينهم النبي صلى الله عليه وسلم
وبقي الجيش بلا قائد
فأسرع أحد الأنصار وهو {{ ثابت بن ارقم}} وكان ممن شهد بدرا
فأخذ اللواء وتراجع به للخلف قليلا ، وزرعه في الارض ليتجمع الناس حوله
ونادى بأعلى صوته إليك اللواء يا {{ ابن الوليد }}
فقال له خالد بن الوليد :_ أنت أحق به مني
فقال ثابت:_ خذه يا خالد فوالله ما أخذته إلا لك
ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم اذا أصيب عبدالله بن رواحة يصطلح الناس على رجل ، هل تصطلحون على خالد
فقال الناس :_ نعم
فأخذ اللواء خالد
حمل خالد الراية، وعادت الروح المعنوية المرتفعة للمسلمين بعد أن كانت قد بدأت بالتأثر نتيجة استشهاد الأمراء الثلاثة
__________
نرجع الى المدينة المنورة حيث الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم هناك في مسجده بين أصحابه
وقد كشف الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم في المدينة ما يحدث في أرض المعركة
نظر الصحابة لوجه النبي صلى الله عليه وسلم فوجدوه محزوناً
وإذا بالمصطفى صلى الله عليه وسلم يرفع راسه للأفق ، وهو ينظر لأرض المعركة
ثم يقول لأصحابه :_لقد لقي إخوانكم عدوهم اليوم
[[ بث حي مباشر ينظر ويتكلم ]]
أخذ الراية زيد فأصيب
ثم أخذها جعفر ، فقطعت يده التي يحمل بها اللواء ، فترك سيفه الذي يقاتل به، وأمسك اللواء بيده الأخرى
فقطعت يده الاخرى فأخذ اللواء بعضديه ، فأصيب
ثم أخذ اللواء بن رواحة وتردد قليلا ثم أستنزل نفسه
[[استنزل عندما قال الشعر لنفسه اقسمت عليك لتنزلنه ، سبحان من يوحي اليه ويطلعه سبحانك ربي ما اجمل دينك وما اجمل نبيك ]]
ثم استعبر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ، أي غلبته دموعه واخذت عيناه تذرفان الدمع
ثم قال :_ ثم أخذ اللواء سيف من سيوف الله تبارك وتعالى ففتح الله على يديه
[[فمن يومئذ سمي خالد سيف الله ]]
لم يهزم في أي معركة مع أنه خاض {{ ١٠٠ }} معركة رضي الله عنه
ولم يمت شهيدا وقال عند موته :_
{{ لقد شهدت مئة زحف أو زهاءها، وما في جسدي موضع شبر إلا وفيه ضربة بسيف أو رمية بسهم أو طعنة برمح، وها أنا ذا أموت على فراشي .. حتف أنفي، كما يموت البعير فلا نامت أعين الجبناء }}
أتدرون لما لم يمت شهيدا خالد ؟؟
لأنه الملقب {{ بسيف الله }} وسيف الله لا ينكسر رضي الله عنه وارضاه
_________
يقول صلى الله عليه وسلم :_ لقد رفعوا إلي في الجنة على سرر من ذهب ، فرأيت في سرير عبدالله بن رواحة
{{ أزْوِرَاراً }} عن سرير صاحبيه
[[ اي اقل درجة هذا التردد جعل انتقاص عن سريري صاحبيه ]]
فقال الصحابة: عم هذا ؟
فقال صلى الله عليه وسلم :_ وتردد عبد الله بعض التردد ثم مضى فقُتِل ولم يُعقّب
_________
أخذ اللواء {{ خالد بن الوليد }}
ماذا صنع خالد رضي الله عن خالد
هذا القائد المحنك التي عجزت النساء {{ ان يلدن مثل خالد }}
رأى كثرة العدو ، ومن المحال أن نهزمهم ، ثم نلحقهم ثم نغنم منهم مع انهم غنموا وسنذكر ذلك
فلما جاء الليل وتحاجز الفريقان
وبات الرومان يتحدثون عن شجاعة المسلمون واستبسالهم وكان اليوم الأول
من القتال في صالح المسلمون تماما فقد ثبتوا أمام الرومان، وأفشلوا خططهم في تطويق المسلمون، وكان عدد قتلى الرومان أكبر من قتلى المسلمين
اتدرون كم كان عدد الشهداء من المسلمين في مؤتة؟؟
كان عددهم {{ ١٢ }} شهيد
أما عدد قتلى الروم جاء في كتاب {{فقه السيرة }} عددهم كان مالا يحصي احد
وقيل بعد الفتوحات الاسلامية ودخول الناس في دين الله اخبر العرب الصحابة أن عدد قتلاهم كان في مؤتة فوق {{ ٣ آلاف }}
طبعا اغلب القتلى من العرب [[ لأن العرب كانوا اذناب للروم والفرس كل ما تصير معركة يجعلوا العرب بالمقدمة يذبحوا بعض وما اكثر الغنم عند العرب فخار يكسر بعضه هكذا العربي من غير عقيدة في كل زمان في اي حرب يكونوا في الواجهة ]]
فكان قرر {{خالد بن الوليد}} أن ينسحب بالجيش، لأن المسلمون وان كانوا قد حققوا تفوقا في اليوم الأول، فليس هناك احتمال لتحقيق النصر الكامل، ولا يمكن مثلا تعقب الروم والتوغل داخل الأراضي الرومانية بهذا الجيش الصغير
__________
وهنا اخذ يفكر خالد
لو انسحب المسلمون من أمام الرومان بطريقة طبيعية، فلابد أنهم سيلحقوا بهم وستكون مجزرة حقيقية يباد فيها الجيش بأكمله
فوضع {{خالد }} خطة انسحاب محكمة أراد بها ايهام الجيش الرومي ان انسحاب المسلمون هو خدعة
يريد بها استدراج الجيش الرومي، فلا يلحقوا بهم وبذلك ينجو بالجيش المسلم بلا خسائر
___________
فوضع {{خالد بن الوليد}} أعظم خطة انسحاب في التاريخ
ولتنفيذ هذه الخطة قام {{خالد بن الوليد}} رضي الله عنه
بالخطوات التالية
{{ أولا }}
جعل الخيل طوال الليل تجري في أرض المعركة لتثير الغبار الكثيف
وصاحب ذلك اصوات تكبير المسلمين، فيُخيل للرومان أن هناك مددا لا ينقطع طوال الليل يصل الى المسلمين
__________
{{ثانيا }}
عندما جاء الصباح جعل في خلف الجيش وعلى مسافة بعيدة منه مجموعة من الجنود خلف أحد التلال
فأختار {{ ١٠٠ فارس }}
وقال :_ قفوا خلف هذا التل {{ تل مؤتة }} فإذا طلعت الشمس تأتوني عشرة ، عشرة ، وكل عشرة معهم لواء
تضربون الارض بالخيل وتثيرون الغبار
[[ ليشعر الرومان بالمدد المستمر الذي يأتي للمسلمين ]]
فٱذا هدأت الغبار تتقدم عشرة ، يضربون الارض بالخيل وهكذا عشرة عشرة
________
{{ثالثا }}
قام بتغيير ترتيب الجيش
فجعل الميمنة ميسرة والميسرة ميمنة
وجعل المقدمة مؤخرة والمؤخرة مقدمة
__________
وحين رأى الرومان الجيش في الصباح، ورأوا الرايات والوجوه والهيئة قد تغيرت، أيقنوا أن هناك مددا قد جاء للمسلمين
نتيجة ذلك انهارت معنويات الروح وساد فيهم الرعب والارتباك
ولسان حالهم يقول [[ اذا كان هذا العدد الصغير قد فعل بنا الأفاعيل، فماذا بعد أن يصل اليهم هذا المدد الكبير ؟]]
وفي ذلك الوقت وأثناء ارتباك الروم قام خالد بهجوم قوي وقتلوا الكثير من الروم
ومن شدة القتال تكسرت في يد {{خالد بن الوليد}} وحده تسعة أسياف
يقول خالد :_ فصبرت معي صفيحة لي يمانية
[[ والصفيحة هو سيف عريض يصل الى ٨ سم يكون ثقيلا ولكن يتحمل المقاومة الكسر والصدمات ]]
يقول خالد كسرت في يده تسعة اسياف
هذه السيوف التي كسرت كان يقتل فيها أرانب ؟؟
كان يكسر فيها روسهم ، رضي الله عنه
___________
وفي ذلك الوقت وقبل أن يعيد الروم ترتيب صفوفهم
أعطى خالد قادته الإشارة بالارتداد الى الخلف
كما اتفق معهم ، فأخذ الجيش يغادر أرض المعركة بكل هدوء وثقة وانضباط
وكان خالد يجول بفرسه بين الجيش ليشرف على عملية الإنسحاب
وشاهد الرومان المسلمون وهم يرتدون الى الخلف بعد الهجوم الكاسح الذي قاموا به
وبعد أن شاهدوا ما اعتقدوا أنه مدد يصل الى الجيش المسلم، فأيقنوا أن هذا الإنسحاب مكيدة يريد بها المسلمون استدراج الجيش الرومي الى أحد الكمائن
وهم يعرفون أن العرب يجيدون {{الكر والفر والكمائن}} في الحرب فخافوا من تتبع المسلمين، وأصدر القادة الروم أوامرهم بعدم تعقب المسلمون
وهكذا نجحت خطة {{ خالد }} وخدعته العسكري الباهرة، وعاد الجيش المسلم الى المدينة سالما
يتبع إن شاء الله