على خُطى الرَّسول ﷺ ٢٠ – حتى ينظرَ إلى وجوه المومسات!

على خُطى الرَّسول ﷺ ٢٠ - حتى ينظرَ إلى وجوه المومسات!

على خُطى الرَّسول ﷺ ٢٠
حتى ينظرَ إلى وجوه المومسات!

كان جُريج رجلاً عابداً، فاتخذ صومعه يعبدُ الله فيها، فأتته أمه وهو يصلي، فقالت: يا جُريج
فقال: يا رب أمي وصلاتي! فأقبل على صلاته، فانصرفتْ أمه
فلما كان الغد جاءته وهو يصلي، فنادت يا جُريج
فقال: يا رب أمي وصلاتي! فأقبل على صلاته، فانصرفتْ أمه
وفي اليوم الثالث تكرر المشهد بالحرف، فغضبتْ أمه، ودعتْ عليه فقالت: اللهمَّ لا تمته حتى ينظر إلى وجوه المومسات!

ثم إن بني إسرائيل تذكروا جُريجَ وعبادته، فعرضتْ بغيُّ من بغايا بني إسرائيل عليهم أن تراوده عن نفسه، فقبلوا، فجاءته، فلم يلتفت إليها!
فذهبتْ خائبة حتى وجدتْ راعياً، فأمكنته من نفسها، فحملتْ منه، ولما ولدتْ جاءتْ إليهم وقالت: هذا ابن جُريج!
فذهبوا إليه فضربوه، وهدموا صومعته، فلما علم بافتراء البغي عليه قال: دعوني أصلي!
فلما صلى، نادى بالغلام الرضيع، فلما جيء به قال له من أبوك؟
فقال: فلان الراعي!
فأقبلوا على جُريج يقبلونه ويعتذرون منه، وعرضوا عليه أن يبنوا له صومعته من ذهب، فرفضَ وقال: لا، أعيدوها من طين كما كانتْ!

هذه قصة ثرية قصَّها النبيُّ صلى الله عليه وسلم على أصحابه، ولو أردنا أن نستخرج منها عشرات الدروس لكان قليلاً عليها، ولكن لفتني فيها نقطة واحدة أحببتُ أن أقف عندها ألا وهي دعاء الأبوين على أولادهما!

القدر موكل بالمنطق، وعلى الأبوين أن يمسكا لسانهما عند الدعاء بالشر على أولادهما مخافة أن يوافق دعاؤهما ساعة استجابة، ولاتَ حين مندم!
المُشاهد عياناً أن الأم لعاطفتها وسرعة غضبها وملازمتها الأبناء أكثر من الأب هي أكثر دعاءً عليهم، فتجدها تدعو على ولد بعدم التوفيق، وعلى بنتٍ بكسر القلب، وعلى آخر بالفضيحة، وعلى أخرى بأن ينتقم الله منها، وهي حين تدعو فهي تدعو بلسانها لا بقلبها، ولكن اللسان بندقية قاتلة إن وجد ساعة إستجابة، فأمسكوا ألسنتكم يرحمكم الله، ولا تدعو على أولادكم بل ادعوا لهم!

رأى عمر بن الخطاب شيخاً كبيراً في السِّن يده مشلولة فسأله عنها
فقال: هذا بدعاء أبي عليَّ في الجاهلية
فقال عمر: هذا دعاء الآباء في الجاهلية فكيف في الإسلام!

وكان الزمخشري مقطوع الرِّجل، فسُئل عن ذلك
فقال: بدعاء أمي عليَّ! ذلك أني كنتُ في صِباي أمسكتُ عصفوراً وربطه بخيط في رجله، فشددتها فانقطعتْ!
فتألمتْ أمي وقالت: قطع الله رجلكَ كما قطعتَ رجله
فلما كبرتُ، وكنتُ في سفرٍ إلى بُخاري لطلب العلم، سقطتُ عن الدابة، فانخلعتْ رجلي، ووجبَ قطعها!

أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطرية