على خُطى الرَّسول ﷺ ٢١ – استوِ يا سواد!

على خُطى الرَّسول ﷺ ٢١ - استوِ يا سواد!

على خُطى الرَّسول ﷺ ٢١
استوِ يا سواد!

لما كانت غزوة بدر، اصطفَّ المسلمون لمواجهة عدوَّهم، وتفقَّدَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم صفوف جيشه وفي يده عصاً يعْدِلُ بها اعوجاج الصفوف، فمرَّ بسواد بن غزيّة وكان خارجاً عن الصَّف، فطعنه بالعصا في بطنه وقال له: استوِ يا سَواد!
فقالَ سوادُ: يا رسول الله قد أوجعتني، وقد بعثكَ اللهُ بالحق والعدل، فأقِدْني/ اجعلني اقتصُّ منكَ!
فكشفَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن بطنه وقال له: اِستقِدْ يا سواد
فاعتنقه سوادٌ وقبَّل بطنه
فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ما حملكَ على هذا يا سواد
فقال: يا رسول الله، قد حضرَ ما ترى، فأردتُ إن أنا قُتلتُ أن يكون آخر عهدي من الدنيا أن يمسَّ جلدي جلدكَ!
فدعا النبيُّ صلى الله عليه وسلم بخيرٍ، وقال له: استوِ يا سواد!

إلى هذه الدرجة كان الصحابة يحبون النبيِّ صلى الله عليه وسلم، بل وأكثر من هذه الدرجة وهذه بعض صور حبهم له بأبي هو وأمي
كان الصحابي الجليل أبو محذورة لا يحلقُ شعره، لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قد مسح يوماً على رأسه، كان يكره أن يحلق شعراً مسته يد النبي صلى الله عليه وسلم!

ويوم بدر أراد النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يسمعَ رأي الأنصار قبل الحرب، لأنهم وعدوه أن يدافعوا عنه في المدينة، وها هم خارجها الآن، فقال له سعد بن معاذ: يا رسول الله أموالنا بين يديكَ، خُذ منها ما شئتَ، ودع منها ما شئتَ. وما أخذته كان أحبَّ إلينا مما تركته لنا، ولو استعرضت بنا البحر لخضناه معكَ ما تخلَّفَ منا أحد، إنا واللهِ لَصبرٌ في الحرب، صدق عند اللقاء، فامضِ بنا حيثُ أمركَ الله!

ويوم أُحد أقام الصحابة سياجاً بأجسادهم حول النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وقام أبو طلحة بين يديه كي لا يصيبه سهم، وقال له: نحري دون نحركَ يا رسول الله!

وعندما أخبرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أبا بكرٍ بأنه قد أُذِنَ له بالهجرة، قال له أبو بكر: الصحبة يا رسول الله.
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: الصحبة يا أبا بكر
فبكى أبو بكر، حتى قالت عائشة فيما بعد: فواللهِ ما علمتُ قط قبل ذلكَ اليوم أن أحداً يبكي من الفرح حتى رأيتُ أبا بكرٍ يبكي يومئذٍ.
وفي طريق الهجرة كان يسير مرةً خلفه ومرةً أمامه، فسأله النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن ذلك. فقال: أذكرُ الطلبَ/ ما يأتي من الخلف فأمشي خلفكَ، وأذكرُ الرصد/ المترصد من الأمام فأمشي أمامك!

وسأل النبيُّ صلى الله عليه وسلم ثوبان: ما غيَّرَ لونكَ
فقال: يا رسول الله ما بي مرضٌ ولا وجع، غير أني إذا لم أركَ استوحشتُ حتى ألقاكَ!

والصحابيات كُنَّ في حبه كالصحابة بل أشد، فهذه أم عمارة يقول النبيُّ صلى الله عليه وسلم عنها يوم أحد: لم ألتفتُ إلا ووجدتها تُقاتل دوني!

ويوم أُحدٍ جاءت امرأة من بني دينار تتفقدُ أهلها، فقيل لها أن أباها وأخاها وزوجها قد استشهدوا جميعاً!
فقالت: وما فعلَ رسول الله؟
قالوا: هو بخير
فقالت: أروني أنظر إليه، حتى إذا رأته قالت له: كل مصيبةٍ بعدكَ جلل/ صغيرة يا رسول الله!

أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطرية