هذا الحبيب 215  – السيرة النبوية العطرة (( الطريق الى حنين ))

هذا الحبيب 215  - السيرة النبوية العطرة (( الطريق الى حنين ))

هذا الحبيب 215  – السيرة النبوية العطرة (( الطريق الى حنين ))
_________
لم يمر على فتح مكة في {{ ٢٠ }} رمضان من السنة الثامنة من الهجرة، أيام قليلة حتى وصل للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم أن {{ هوازن }} قد اجتمعت لحرب المسلمين
فمن هي قبيلة هوازن ؟
ولماذا اجتمعت على حرب النبي صلى الله عليه وسلم ؟
قبيلة {{ هوازن }} هي واحدة من أكبر وأشرس قبائل الجزيرة العربية
وهي تضم عددا كبيرا جد من القبائل
وأكبر هذه القبائل هي {{ بنو نصر }}
و{{ بنو سعد }} اتذكرون بني سعد ؟؟
هم الذين استرضع الرسول صلى الله عليه وسلم فيهم عند {{ حليمة السعدية }}
ثم قبيلة {{ ثقيف }} وهي أكبر قبائل {{ هوازن }}
وكانت أغلب قبائل {{ هوازن}} في الشمال الشرقي من مكة، على بعد حوالي {{ ٢٠ }} كم من مكة
بينما قبيلة {{ ثقيف }} وحدها اتخذت مدينة {{ الطائف}} في الجنوب الشرقي من مكة
__________
وكانت {{ ثقيف }} من أكبر وأقوى قبائل الجزيرة
وكانت مدينة {{ الطائف}} هي المدينة الثانية في الجزيرة بعد {{ مكة}} حتى أن الله تعالى ذكر قول الكفار {{ وَقَالُوا لَوْلاَ نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ }}
وكانوا يقصدون بالقريتين {{ مكة والطائف}}
وكان في {{الطائف}} صنم اللات، وهو كما قلنا من أشهر أصنام العرب، وأحد أطراف الثالوث اللإهي {{اللات والعزى ومناة }}
وكانت هذه القبائل من {{ هوازن }} كما هو حال العرب في كل مكان في الجزيرة العربية تعيش حياة التفرق والتنافر والإقتتال فيما بينها، ولم يحدث أبدا أن توحدت في كيان واحد سواء سياسيا أو عسكريا
[[ هكذا العرب من غير دين ، من المستحيل ان يتفقوا ]]
فلما رأت {{ هوزان وثقيف }} ان مكة فتحت وان الكثير من قريش اسلموا
[[ حسبوها مثل ما نحكي اليوم ايش ضل بعد مكة ؟ الطائف إذن سيأتينا محمدا فاتحا يوم من الايام ، إذن علينا أن نباغته وهو في مكة ]]
__________
تجمعت كل قبائل {{ هوازن}} في جيش واحد، وتحت قيادة واحدة لحرب النبي صلى الله عليه وسلم
وكان قائد هذا التحالف من قبائل {{ هوازن }}
هو {{ مالك بن عوف النصري }} وكان شابا لم يبلغ {{ ٣٠ }} من عمره
ولكنه كان من أشهر فرسان الجزيرة، وكان معروف بخططه العسكرية المميزة
وكان ايضا شاعرا وخطيبا مفوها، وله قدرة فائقة على حشد الناس والتأثير عليهم
________
وبالفعل استطاع {{ مالك بن عوف}} أن يجمع كل قبائل {{هوازن}} في جيش واحد تحت قيادته
وهذا أمر لم يحدث من قبل كما قلنا في تاريخ {{ هوازن }} وهذا يدل على مدى كفائته في حشد الناس والتأثير عليهم واستطاع أن يجمع تحت قيادته {{ ثقيف}} ومعروف أن {{ثقيف}} هي أعظم قبائل {{ هوازن}} وأكثرها عددا وأقواها جيشا
ومع ذلك قبلت {{ ثقيف }}أن تسير تحت راية {{ مالك بن عوف }}
وهذا يدل أيضا على شدة شعور {{ هوازن}} بالخطر
واستطاع {{ مالك بن عوف }} أن يحشد من {{ هوازن }} أكثر من {{ ٢٥ ألف مقاتل }}
وهذا أكبر رقم يُجمع في معركة واحدة في تاريخ العرب حتى ذلك الوقت
_______
وقبل أن يخرج {{ مالك بن عوف }}
ماذا فعل ؟؟
أمر {{ هوزان }} بأن يأخذوا معهم الى أرض القتال
{{ النساء والأطفال والأنعام والأموال وكل ما يمتلكوه}} فتوضع خلف الجيش، وذلك لتحفيز الجيش على القتال، ويستميت الرجل منهم في الدفاع عن نسائهم وأطفالهم وأموالهم
_________
وكان قد خرج مع الجيش أحد شيوخ {{ هوازن }} المخضرمين عسكريا وهو {{ دريد بن الصمة }}
وكان عمره أكثر من {{ ١٢٠ }} سنة
وقيل أنه خاض {{ ١٠٠ }} معركة لم يهزم في واحدة منها وقد خرج على راحلة في هودج صغير ليس للحرب ولكن ليأخذوا المشورة والرأي منه
وقالوا له: _ لا نخالفك في أمر تراه
___________
وسار الجيش حتى نزل وادي {{ أوطاس}} وعلى بعد حوالي
{{ ٥٠ كم }} من مكة
[[ يعني مسيرة يوم تقريبا من مكة]]
وكان {{ دريد }} أعمى فقال لمن حوله:_ بأي وادٍ أنتم ؟؟
قالوا: – بأوطاس
فقال:- نعم مجال الخيل، لا حَزْنٌ ضَرِسٌ ولا سَهْلٌ دَهِسٌ
[[ يعني هذا الوادي أفضل مكان للخيل والحرب والقتال والكر والفر لأنه ليس {{حَزْنٌ ضَرِسٌ}} يعني الأرض ليست صلبة غليظة فيصعب عيها المشي {{ولا سَهْلٌ دَهِسٌ}} يعني ليست لينة جدا فيثقل فيها المشي ]]
ثم قال دريد :_ ما لي أسمع رغاء البعير، ونهاق الحمير ، وبكاء الصغير ؟
قالوا له :_ لقد اصطحب {{ مالك بن عوف }} مع الجيش أموالهم ونساءهم وأبناءهم
فقال‏:‏ – أين مالك ‏؟‏
فجاء اليه {{ مالك بن عوف }}
فقال له دريد :- يا مالك، إنك قد أصبحت رئيس قومك، وإن هذا يوم كائن له ما بعده من الأيام
ما لي أسمع رغاء البعير، ونهاق الحمير، وبكاء الصغير ‏؟‏
قال له :- لقد اصطحبت مع الناس أموالهم وأبناءهم ونساءهم
قال ‏:‏ – ولما ذاك ‏؟‏
قال ‏:‏ – أردت أن أجعل خلف كل رجل منهم أهله وماله ، ليقاتل عنهم
فأخرج دريد صوتا من فمه كالصوت الذي يخرجه الرعاة للغنم
وقال‏:‏ – راعي ضأن والله ‏!‏
[[ أي أنت لا تنفع إلا أن تكون راعيا للغنم، ولا تصلح للقيادة العسكرية ]]
راعي ضأن والله، وهل يرد المنهزم شيء ‏؟‏
إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه ، وإن كانت عليك فضحت في أهلك ومالك ‏فأخرج بالمقاتلة فقط
ثم قال له:- إنك تقاتل رجلا كريما، قد أوطأ العرب، وخافته العجم، وأجلى اليهود
[[ يعني انت مفكر محمد صلى الله عليه وسلم رجل عادي هذا الذي قاتل العرب وانتصر عليهم ، وهابه هرقل والروم وسحق اليهود في ديارهم ]]
_________
ولكن {{ مالك بن عوف }} أصر على رأيه
وقال له:- والله لا أطيعك، إنك قد كبرت وضعف رأيك
فقام دريد يخاطب الناس:_
يا معشر هوازن، والله ما هذا لكم برأي، إن هذا فاضحكم في عورتكم [[ يقصد نسائهم ]] وممكِّن منكم عدوكم، ولاحق بحصن ثقيف وتارككم، فانصرفوا واتركوه
وكادت أن تتأثر {{هوازن}} برأي دريد
ولكن {{ مالك بن عوف}} كما قلنا كان خطيبا مفوها، وله قدرة على التأثير على الناس، فسل سيفه وقام
وهو يقول: – والله لتطيعُنَّني يا معشر هوازن أو لأتكِئنَّ على هذا السيف حتى يخرج من ظهري [[ يعني يا تسمعوا كلامي يا بقتل نفسي ، وابحثوا لكم عن قائد غيري ]]
فأطاعت {{ هوازن }} مالك بن عوف
ولم يلتفت أحد الى رأي الخبير العسكري {{ دريد بن الصمة }}
________
ومع ذلك كان رأي {{ مالك بن عوف }} ليس رأيا احمق
والسبب
لان مالك يعلم أن المسلمون يقاتلون رغبة في الشهادة، وهذا شيء لا تعرفه العرب
وقد كان العرب في الجاهلية لا يؤمنون بيوم القيامة، ولا بثواب ولا بعقاب بعد الموت
قال تعالى مخبرا عنهم {{ وَقَالُوا مَا هِيَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا }}
فأراد {{ مالك بن عوف }} أن يعوض بذلك التصرف هذا التفاوت الكبير بين الروح المعنوية بين الجيشين
أيضا بعض العرب كانت تفعل ذلك، فهو لم يفعل شيء لم يفعله أحد من العرب من قبل
يتبع إن شاء الله