هذا الحبيب 214 – السيرة النبوية العطرة (( الذين أهدر دمائهم ، يوم فتح مكة )) الجزء الثالث والاخير
_________
_________
وكان ممن اهدر دمه
{{ الحويرث بن نقيد }}
وكان {{ الحويرث }} من أشد قريشا ايذاءا للمسلمين، واشترك مع رجل آخر من أهل مكة وهو {{ هبار بن الأسود }} في محاولة منع السيدة {{ زينب }} بنت النبي صلى الله عليه وسلم من الهجرة، وأخذوا ينخسون الجمل الذي كانت تركبه، حتى سقطت على صخرة، وكانت حامل فسقط جنينها، ولم تزل مريضة حتى ماتت
فلما كان فتح مكة تعلق بأستار الكعبة فقتله {{ علي بن ابي طالب}} رضي الله عنه
____________
{{ هبار بن الأسود }}
وأما {{ هبار }} كان كذلك من أشد قريش ايذاءا للمسلمين، وهو الذي اشترك مع {{ الحويرث بن نقيد}} في اعتراض طريق السيدة {{زينب }} ونخس جملها وسقطت وكان ذلك سببا في موتها بعد ذلك
وقيل أنه ضربها بالرمح فسقطت من على الجمل على صخرة، وكانت حاملا فألقت ما في بطنها وأهراقت الدماء، ولم يزل بها مرضها ذلك حتى ماتت
فكان ممن أهدر دمه يوم فتح مكة
فلما علم {{ هبار }} أنه مهدور الدم هرب واختفى حتى عاد صلى الله عليه وسلم الى المدينة
ثم دخل يوما على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مسجده
فقال الصحابة:_ يا رسول الله هذا هبار بن الأسود !
فقال النبي:_ قد رأيته
[[وأراد بعض الصحابة القيام اليه ليقتلوه كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم ]]
فأشار اليهم الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم أن يجلسوا
ثم وقف {{ هبار }}أمام النبي صلى الله عليه وسلم
وقال:_ السلامُ عليك يا رسول الله، إني أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنك رسول الله، لقد هربتُ منك في البلاد يا رسول الله، وأردتُ اللحوق بالأعاجم، ثم ذكرت فضلك وبرّك وصَفحك عمّن جهل عليك، فاصفح عن جهلي وعما كان يبلغك عني، فإني مقرٌ بسوأتي معترف بذنبي
يقول الصحابة، وأخذ {{هبار}} يعتذر ويعتذر
فأطرق النبي صلى الله عليه وسلم رأسه حياءا من كثرة اعتذار هبار
وبكى صلى الله عليه وسلم [[ لانه يعتبر قاتل بنته ، تخيلوا الموقف ]]
هذا الذي قال الله تعالى فيه {{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ }}
فماذا كان موقفه صلى الله عليه وسلم من قاتل بنته
رفع رأسه وقد بكى حتى ابتلت لحيته
وقال :_ اللهم إني عفوت عن هبار فأعفو عنه
{هذا حبيب الله ، هذا المصطفى ، هذا لربِ العالمين حبيب }
:_يا هبار عفوت عنك، وقد أحسن الله إليك حيث هداك إلى الإسلام، والإسلام يجب ما كان قبله
___________
{{ كعب بن زهير }}
و كان من أكبر شعراء العرب، وكان يهجو النبي صلى الله عليه وسلم بشعره وينشره بين العرب ويطعن في عرض النبي صلى الله عليه وسلم [[ أي في اهل بيته ]]
وكان الشعر كما قلنا من قبل هو [[الوسيلة الإعلامية الوحيدة والمؤثرة جدا عند العرب ]]
فلما بلغه أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أهدر دمه، هرب من مكة، ثم قدم على الرسول صلى الله عليه وسلم وهو في المدينة
و كان لكعب اخ مسلماً فأخذ يراسله
فأرسل له اخوه ، ويلك ادخل على رسول مسلماً فإن رسول الله لا يقتل مسلما
فجاء {{ كعب }} للمدينة ونزل عند رجل صديق له يعرفه
قال له :_ ابيت عندك الليلة حتى تدخل بي على محمد في صلاة الفجر ، كي لا يراني احد فإني مهدور الدم
فأمنه الرجل حتى أتى به الى المسجد في صلاة الفجر
فلما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم ، من صلاته واستدار واعطى ظهره للقبلة و و جه لأصحابه
تقدم {{ كعب }} بين الصفوف ودنى من رسول الله صلى الله عليه وسلم والوقت ظلمة
فقال كعب :_ يا رسول الله إن {{كعب بن زهير }} الشاعر المهدور دمه ، يريد ان يأتيك مسلما تائبا
فهل اذا جئت به أمنته وقبلت اسلامه ؟؟
فقال له النبي :_ إن جاء مسلماً قبلناه
فقال كعب :_ ها انا بين يديك اشهد أن لا إله إلا الله وأشهد انك رسول الله
فقال النبي صلى الله عليه وسلم :_ انت كعب ؟!!
فوثب رجل من الانصار ليضرب عنقه فأشار له النبي ان اجلس
فقام {{ كعب بن زهير }} يقول شعر [[ وهذا ليس غريب على العرب قديما البلاغة النطق بالشعر في المنشط والمكره في السرور وفي الغضب في الفرح والحزن والشعر يكون ابن الوقت لا يحتاج ورقة وقلم ويجلس طول الليل يفكر ويكتب ]]
أنشد قصيدته المعروفة، والتي عرفت باسم قصيدة {{البردة }} والتي أولها
بانَتْ سُعادُ فَقَلْبي اليَوْمَ مَتْبولُ
والقصيدة طويلة
فلما وصل الى البيت الذي قال فيها:
{{ إنَّ الرَّسُولَ لَنورٌ يُسْتَضاءُ بِهِ مُهَنَّدٌ مِنْ سُيوفِ اللهِ مَسْلُولُ}}
فلما وصل إلى هذا البيت
قام صاحب الخلق العظيم ، الذي علمنا {{ من صنع لكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئوه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه }}
فخلع صلى الله عليه وسلم بردته [[ اي العباءة التي يلبسها
وهي عباءة مخططة كان يلتحف بها ]] واعطاه اياها واسلم كعب ولم يهدر دمه
_______
وهذه العباءة بقيت عند كعب ولما كان {{ معاوية }} في زمن خلافته عرض على {{ كعب بن زهير }} عشرة آلاف درهم ليأخذها منه
فرفض {{ كعب}} وقال:_ ما كنت لأؤثر بثوب رسول الله الذي أعطانيه أحدا
فلما مات {{ كعب}} بعث معاوية إلى ورثته {{ ٢٠ ألف }} وأشتراها منهم
وظلت هذه البردة الشريفة عند السلاطين
حتى وصل سعرها {{ الف الف دينار ذهبية }} يعني كم اليوم بلغتنا {{ مليون ليرة ذهبية }}
فكانوا يلبسونها في الأعياد، ليأخذ السلطان بها قلوب الناس [[ ان السلطان يلبس عباءة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ]]
وقيل أنها فقدت في وقعة التتار، وقيل أنها لا زالت موجودة في أحد المتاحف في اسطنبول
وهذه البردة غير {{بردة البوصيري }} والتي هي أشهر قصائد المدح النبوي
__________
اذن كما رأينا أهدر الرسول صلى الله عليه وسلم بعد فتح مكة دماء {{ ١٥ }}
لم يقتل منهم سوى {{ ٤ }} فقط
بينما عفا النبي صلى الله عليه وسلم عن بقيتهم، وهؤلاء الذين قتلوا، قتلوا قصاصا لأنهم قتلوا من المسلمين
_________
وفي أثناء اقامة النبي صلى الله عليه وسلم ، في مكة وصل اليه أن عدد كبير من قبائل {{ هوازن }} قد اجتمعت لأول مرة في تاريخها لحرب المسلمين
وقبائل {{ هوازن }} من القبائل القوية المتغطرسة والتي رفضت أن تستسلم وأن تخضع للنبي صلى الله عليه وسلم
فاجتمعت هذه القبائل في جيش كبير، وجعلت لها قائدا واحدا وهو {{ مالك ابن عوف النَّصْري }}
وخرج هذا الجيش واتجه الى مكة لحرب النبي صلى الله عليه وسلم
يتبع إن شاء الله .. غزوة حنين