هذا الحبيب 254 – السيرة النبوية العطرة (( الأيام التي تسبق وفاته صلى الله عليه وسلم ))
__________
__________
رجع صلى الله عليه وسلم من مكة بعد {{ حجة الوداع }} الى مديتنه صلى الله عليه وسلم
بعد أن ودع القبائل العربية التي جاءت للحج معه
فلما وصل للمدينة من بعيد ، ونظر لبساتينها
ورأى تلالها
قال صلى الله عليه وسلم :_ الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر
لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، آيبون تائبون عابدون، ساجدون لربنا حامدون
لا إله إلا الله وحده ، صدق وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده
{{حديث متفق عليه واللفظ للبخاري}}
ويقول أصحاب السير ورواة الحديث
:_ ما قفل صلى الله عليه وسلم راجعاً من سفر ، ونظر للمدينة إلا حث النبي صلى الله عليه وسلم دابته [[ اي اسرع بالدخول ]]
وقال :_ هذه طابة وهذه طيبة ثم يكبر الله عزوجل ويذكر فضل الله عليه يوم الأحزاب [[ يوم الخندق ]]
لا إله إلا الله وحده ، صدق وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده [[ ويرددها الصحابة من بعده]]
________
البعض ممكن يخطر في باله سؤال ؟؟
مضت على غزوة الخندق سنوات ، وفتحت مكة ، وكثير ممن كانوا مشركين يوم الأحزاب قد دخلوا بالإسلام
ومازال النبي صلى الله عليه وسلم يردد في كل موقف
{{وهزم الاحزاب وحده }}
وهناك كثير من أصحابه كانوا مع المشركين ، ومن ضمنهم
{{خالد بن الوليد }} الذي حاصر المدينة مع المشركين يومها وغيره الكثير ممن أسلموا بعد ذلك
فعندما يقول النبي {{ وهزم الاحزاب وحده }}
أليس في ذلك تجريح ولمز لبعض الصحابة فهم كانوا من الاحزاب ؟؟
اولاً يجب ان نعرف أن الدين فوق ذلك كله
فهو أعتراف لله بالفضل اولاً وصدق عبودية ، وذكر مواطن لا يكون فيها اللجوء إلا لله
الاسلام لا يعرف مجاملات الأشخاص على حساب الدين هذه قاعدة
و {{ السيرة للتأسي لا للتسلي }}
لماذا نقف عند كل حدث ونعلق عليه ؟؟ حتى نصحح تعامل بعضنا مع بعض
كم واحد منا يجامل الآخر وعلى حساب الدين ؟؟
يقول بلسانه ما لا ليس يريده في قلبه ، وذلك لكسب مرضاة بعض الناس ، أو تجنباً لسخط بعض الناس
فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول على سمعهم
{{ وهزم الأحزاب وحده }}
فإن كانوا مؤمنين حقاً ، فإنهم سيدينون لله بفضله عليهم أن هزمهم من غير أن يقتلوا على أيد الصحابة ، ثم هداهم للطريق المستقيم ولم يموتوا على كفرهم ، فلقد هزمهم بالريح
فقوله {{ وهزم الاحزاب وحده }} فيه فضل على الصحابة الذين كانوا مع الاحزاب أن هداهم الله لدينه قبل أن يموتوا على كفرهم
وليس فيه لمز ولا عتاب ولا تجريح
__________
ثم دخل صلى الله عليه وسلم مدينته واستقبله من كان فيها
ولما استقر بمدينته وكانت قد قرأت تلك {{ الأرهصات }} في حجته بأنه مودعاً أمته
فلم يبقى إلا اياماً من عمره صلى الله عليه وسلم
فلقد شعر صلى الله عليه وسلم ، أن ايامه في عد تنازلي
[[ ففاجأ أصحابه ببرنامج جديد لحياته في المدينة
في تعليمهم ومجالستهم وقيام الليل والصيام ]]
__________
فأستحضر الصحابة احوال النبي صلى الله عليه وسلم
بأنها تختلف عن باقي أيامه التي مضت فقد كثف عبادته صلى الله عليه وسلم من صيام وقيام ، ولقد قام ليلة بأكملها مع أن الله قسم له صلاة الليل
فقال {{ قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً }}
تقول السيدة عائشة :_ قام ليلةً لم يبرح الصلاة فيها ، يطيل السجود حتى كان الفجر
ثم قام الليلة التي بعدها حتى كان الفجر ، ثم قام الليلة التي بعدها حتى كان الفجر
فتورمت ركبتاه صلى الله عليه وسلم وهو يطيل السجود
تقول السيدة عائشة :_ كان سجوده بمقدار ما يقرأ احدكم خمسين آية [[ وهو يسبح الله ويتضرع إليه ]]
فقالت له عائشة :_ يا رسول الله تطيل بهذا القيام وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر
قال :_ يا عائشة أفلا اكون عبداً شكورا
[[ اذا كان نبينا صلى الله عليه وسلم قدغفر له ما تقدم وما تأخر و لا ذنب له ، ولكن هذا مزيد رفعة وتكريم و المخاطب النبي والمراد امته من بعده ]]
_______
وصام صلى الله عليه وسلم وصالاً
[[ الوصال لا يعني كصيام ايام رمضان يوما بعد يوم لا ]]
فلقد اصبح صائماً فلما أذن المغرب لم يفطر ، ومضى ليله صائماً واستقبل يومه الثاني صائم
ودخل المغرب ولم يفطر ، ومضى ليله صائم ، ودخل اليوم الثالث صائم
وشاع الخبر من بيوت ازواجه ان النبي صلى الله عليه وسلم قد أمضى صائماً ثلاثة أيام بلياليها لم يفطر
فأخذ اصحابه يواصلون فلما علم بحالهم
قال :_ بلغني بأنكم تواصلون الصيام … لا تفعلوا
قالوا :_ قد بلغنا ان رسول الله يفعل
قال :_ وأيكم مثلي أبيت يطعمني ربي ويسقين
_________
وأخذ صلى الله عليه وسلم يكثف في جلوسه مع اصحابه كالمودع لهم ويبشرهم
ويقول لهم :_ لقد عرضت لي الجنة في حائط بني فلان [[والحائط يعني البستان ]]
وأخذت أنظر فيها ، حتى دنت ثمارها مني وهممت أن اقطف قطفاً من ثمارها ، وأضعه لكم في المسجد ، فما زلتم تأكلون منه حتى ينفخ في الصور
[[ لان ثمار الجنة لا تنفذ ]]
قال :_ ولكني أبيت لأن ذلك طعام أهل الجنة
[[ لان ممكن يكون من يأتي للمسجد من المنافقين فلا يحل له أن يأكلوا من طعام الجنة ]]
قال :_ وبينا أنا أنظر [[ اي بينما أنا انظر بلغتنا اليوم لأن العرب كانت تختصر من بلاغة اللغة ]]
قال :_ وبينا أنا انظر في الجنة إذ سمعت قرع نعلٍ
فقلت :_ من هذا ؟؟ فإذا هو بلال !!
[[ سمع قرع نعال بلال وهو يمشي في الجنة ]]
ثم ألتفت الى بلال وقال :_ يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة ؟؟
فبكى بلال
و قال :_ يا رسول الله لا أعلم لي مزيد عمل أو فضل
[[ بلال الذي عذب على رمال مكة الملتهبة من أجل هذا الدين وهو يقول أحدٌ أحد ، يقول لا اعلم لي مزيد فضل ]]
غير أني يا رسول الله ما أحدثت إلا توضأت
[[ الحدث معناه نقض الوضوء ]] ولا توضأت إلا صليت
[[فكان دائم الطهر وفي كل طهر صلاة ]]
فقال له النبي :_ هو بذا يا بلال
[[ أي هذا هو سببه ]]
فأخذ الصحابة يقلدون بلال فلا ينقض وضوء أحدهم إلا توضأ وركع لله ركعتين
________
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:_ رأيت قصراً عظيماً يلفت الأنظار
فقلت :_ لمن هذا ؟!!
فقيل لي :_ هو لعمر [[ أي عمر بن الخطاب ]]
قال :_ ورايت جاريةً تتوضأ في صحنه
[[ ولا وضوء ولا صلاة في الجنة معنى تتوضأ أي تغتسل وتتنظف ]]
قال فهممت انا أنظر فيه [[ أي في ذلك القصر أجول النظر فيه ]]
فتذكرت غيرة {{عمر بن الخطاب}} فصرفت نظري
فجهش عمر بالبكاء
وقال :_ أمنك وعليك أغار يا رسول الله ؟
وهكذا ما زال صلى الله عليه وسلم يحدثهم و يبشرهم ، فعلم الصحابة أنه يودعهم صلى الله عليه وسلم
يتبع إن شاء الله …..