على خُطى الرَّسول ﷺ ٢٩
إذاً تُكفى همُّكَ!
جاءَ أُبيُّ بن كعب إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم وقال له: يا رسول الله إني أُكثرُ الصلاةَ عليكَ فكم أجعلُ لكَ من صلاتي؟
فقال له: ما شئتَ
فقال أُبيُّ: الرُّبع؟
فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ما شئتَ، وإن زدتَ فهو خيرٌ لكَ!
فقال: النِّصفُ؟
فقال له: ما شئتَ، فإن زدتَ فهو خيرٌ لكَ!
فقال: فالثلثين؟
فقال له: ما شئتَ، وإن زدتَ فهو خيرٌ لكَ!
فقال أُبيُّ: أجعل صلاتي كلها لك
فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم: إذاً تُكفى همُّكَ ويغفرُ ذنْبكَ!
غايتان عظيمتان يسعى إليهما المسلم في حياته، واحدة للدنيا وواحدة للآخرة:
فأما التي للدنيا فهي أن يعيش سعيداً بلا همٍّ ولا غم
وأما التي للآخرة فهي أن يغفر الله تعالى له ذنوبه
وهاتان الغايتان العظيمتان مكفولتان بكثرة الصلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
وما أجمل ابن عطاء السكندري حين قال:
من فاته كثرة الصيام والقيام فليشغل نفسه بالصلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فإنكَ لو فعلتَ في عمركَ كل الطاعات، ثم صلى الله عليكَ صلاةً واحدة، رجحتْ تلكَ الصلاة الواحدة على كل ما عملته في عمركَ من جميع الطاعات، لأنك تُصلى على قدر وسعك، وهو سبحانه يُصلى عليكَ على قدر ربوبيته!
ومن فوائد الصلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم جلاء الهموم، وغفران الذنوب، ورقَّة في القلب، وراحة في الصدر، وإجابة للدعاء، وشفاء للأمراض، واستحقاق الشفاعة، وطردٌ للفقر، وطهارة للروح، وتثبيت عن نزع الروح، ونور في القبر، وجواز على الصراط، وبعد كل هذا جنة عرضها السماوات والأرض بإذن الله!
ومن طريف ما قرأتُ في هذا الباب، يقول العلامة ولد الددو إن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من بر الوالدين، وأي بر أعظم من أن يُقال للنبي صلى الله عليه وسلم لقد صلَّى عليكَ فلان بن فلان، فيذكرون له اسم والديك عنده!
أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطرية