في قصصهم عِبرة ٢٤
الثيرانُ والضفادع!
يروي “إيسوب”، فيلسوفُ الإغريقِ الشهير، في كتابه “خُرافات” أنَّ ثورين قررا أن يكون بينهما نِزال ومبارزة، يَحظى فيها الثورُ الفائزُ على أجملِ بقرةٍ في القطيع، وتكونُ له السيادة على الحقلِ بأكمله.
وقبلَ أن يبدأَ النِّزالُ قالتْ ضفدعة: يا لتعسنا نحن!
فقالتْ لها ضفدعة تقفُ بجوارها: وما شأننا نحن بهذا النِزال؟
فقالتْ لها: إذا انتهتْ المُبارزة سيُنفى الثورُ الخاسرُ من مرجِهِ الأخضر، ويأتي إلينا ليأكل من القصبِ في المُستنقع، ويدوس علينا بأظلافه، ويسحقنا ضفدعاً بعد ضفدع، ولن يكونَ مهرُ البقرةِ العروس في النهاية إلا لحمنا ودمنا!
وتحققتْ نُبوءة الضفدعة، لقد انسحبَ الثورُ المهزومُ ليُخفي عارَ هزيمته، إلى موطنِ الضفادعِ الآمنة، وراحَ يسحقُها في كلِّ ساعة!
المساكينُ دوماً يدفعون ثمنَ صراعِ الأقوياءِ الذي هو أساساً صراعٌ على النفوذ! يُخيَّلُ إليَّ أن العقلَ البشري لا يستطيع أن يملكَ مدفعاً دون أن يُفكرَ كيف يجعلُ مناطقَ سيطرته ونفوذه حيث تستطيعُ نيرانُ مدفعيته أن تصل!
ولكن لو أردنا أن نُخرِجَ مفهومَ أن البسطاء دوماً يدفعون الثمنَ من عباءةِ السياسةِ والصراعاتِ إلى عباءةِ الحياةِ العاديةِ لصحَّ ذلكَ قطعاً!
في الطلاقِ مثلاً الخاسر الأكبر هُم الأبناء، وللأسف هُم الطرف الذي لم يخُضْ صراعَ شخصين راشدين، ولكنهم أكثر الأطرافِ تضرُّراً، رغم أنهم أشبه بجمهورِ كرةِ القدمِ الذي شاهدَ مباراةً بين فريقين ثم كان عليه أن يتحملَ نتائجَ لعبٍ سيّءٍ لم يشتركوا به!
+
أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطرية