في قصصهم عِبرة ٢٦ – ذكاءُ “قورش”!

في قصصهم عِبرة ٢٦ - ذكاءُ "قورش"!

في قصصهم عِبرة ٢٦
ذكاءُ “قورش”!

في القرنِ الخامسِ قبل الميلاد، كتبَ “هيرودتس” كتابه “التواريخ”، وكان ممَّا جاءَ فيه:
فكَّرَ “قورش” بالوسيلةِ التي يُقنعُ فيها الفُرس بالثورة، فاهتدى أخيراً إلى طريقةٍ عبقرية! كتبَ على ورقةٍ أن جدَّه “استاجيس” الملك الضعيف الذي يحكمُ صورياً لصالح “الميديين” المُحتلين، قد عيَّنه ليقود الجيش!
وجمعَ الناس، وقرأَ عليهم الأمر الملكي المزعوم، ثم طلبَ منهم أن يعودوا في الغدِ ومع كلِّ واحدٍ منهم منجلاً!
أطاعَ الناسُ الأمر، وحضروا صباحاً والمناجلُ في أيديهم، فأصدرَ “قورش” أمره لهم أن يقوموا بتنظيفِ هذه البُقعةِ الشاسعةِ من الأرضِ من الأشواك، والأشجارِ الشائكة، قبل حلول المساء، فتمَّ له ذلك!
عندئذٍ أصدرَ “قورش” أمره التالي: على الجميعِ أن يعودوا في الغد، بعد أن يستحِموا ويلبسوا أجمل ثيابهم!
جمعَ “قورش” كل ما لدى أبيه من خِراف، وبقر، وماعز، وذبحها استعداداً لإكرامِ الجيشِ الفارسي بوليمةٍ ضخمة! وعندما أكلوا وشربوا، سألهم: أي شيءٍ تُفضلون: شقاءُ الأمس، أم متعةُ اليوم؟
فقالوا بصوتٍ واحدٍ: بل مُتعة اليوم!
فقالَ لهم: لن تتمتعوا قبل أن تُحاربوا، خوضوا الحرب، وأعدُكم أن تكونَ حياتكم بعدها سلسلة من الترفِ والعظمة!
وهكذا أقنعَ الفُرسَ بخوضِ حربٍ شرسةٍ ضد “الميديين” المحتلين، انتهتْ بنصرٍ ساحقٍ، ومنذ ذلكَ الحين صاروا سادةً لآسيا!

ابحثْ عن القائدِ أولاً، القائدُ الماهرُ يبرعُ ولو قادَ فريقاً ليس ماهراً، لأنه يعرف كيف يستخرجُ الطاقاتِ الدفينةِ فيهم، والقائدُ الفاشلُ يُخفقُ ولو قادَ فريقاً من المَهَرَةِ لأنه سيقتلُ فيهم روح المبادرةِ والرغبة في العمل!

سألَ أبو جعفر المنصور أحد حُكماء بني أُميَّة عن سببِ زوالِ دولتهم، فقالَ له: أمورٌ كبيرةٌ أوليناها للصِغار، وأمورٌ صغيرةٌ أوليناها للكِبار!

وكانَ الإسكندرُ المقدوني يقول: جيشٌ من الخِراف يقوده أسد، أفضل من جيشٍ من الأُسود يقوده خروف!

قبل البحثِ عن طاقمِ السفينةِ، ابحثوا عن القبطان!
وقبل البحثِ عن موظفي الوزارة، ابحثوا عن الوزير!
مديرُ المدرسةِ أهم شخص فيها وإن لم يدخل الفصل، وقائدُ الجيشِ أهم مقاتل فيه وإن لم يشترك في المعارك!
المشكلةُ دوماً ليستْ في قِلةِ المواردِ وإنما في سوءِ الإِدارة!

+
أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطرية