هذا الحبيب  – 143 – معركة أحد

هذا الحبيب  - 143 - معركة أحد

هذا الحبيب  – 143 – معركة أحد
_____________
في صباح يوم السبت {{ ٧ شوال }}
من السنة {{ الثالثة من الهجرة }}
وأصبح الجيشان يرى بعضهم البعض، ثم أذن بلال للصلاة ، وصلى النبي صلى الله عليه وسلم الصبح بالمسلمين
ثم خطب فيهم ، وحثهم على الجهاد والصبر في القتال ، واخذ صلى الله عليه وسلم يبث في الصحابة روح الحماسة والبسالة
_____________
ننتقل لجيش قريش على الجانب الآخر
كان أبو سفيان يحاول تعبئة جيش قريش ، وقال لحملة اللواء من بني {{ عبد الدار }}
قال :_يا بني عبد الدار ! قد وليتم لواءنا يوم بدر، فأصابنا ما قد رأيتم
وإنما يؤتى الناس من قبل راياتهم
[[ أي الراية اذا سقطت يعني الهزيمة ، ويوم بدر كنتم يا بني عبد الدار تحملونها وقد سقطت منكم وهزمنا ]]
فإما أن تكفونا لواءنا، وإما أن تخلوا بيننا وبينه فنكفيكموه‏
[[ يعني بلغتنا مش قد هالحمل لا تحملوها ]]
ونجح {{ أبو سفيان }} في استفزاز بني عبد الدار، فغضبوا عندما قال لهم ذلك أشد الغضب
وقالوا :_نحن نسلم إليك لواءنا ‏؟‏ ستعلم إذا التقينا كيف نصنع !
واخذوا يقسمون ، أن لا يسقط اللواء من يدهم ، ولن يفروا
لأن بثبات اللواء يثبت الجيش ، وبسوقطه يعني سوقطهم وهزيمتهم
_____________
ورغم عدد قريش الكبير
حاول ابو سفيان ان يعمل فتنة في صفوف المسلمين
فأقترب من جيش المسلمين ونادى
يا معشر الأوس والخزرج ، خلوا بيننا وبين بني عمنا وننصرف عنكم ، فلا حاجة لنا الى قتالكم
فقام الصحابة من الانصار و شتموه ولعنوه
وقامت نساء قريش تقودهن {{ هند بنت عتبة }} بدورهن في تحريض قريش ، فأخذن يتجولن بين الصفوف ، وهن يضربن الدفوف ، وينشدن الشعر
وتقول هند
نحن بنات طارق ** نمشي على النمارق
مشى القطا النوازق ** والمسك في المفارق
والدر في المخانق ** إن تقبلوا نعانق
ونفرش النمارق ** أو تدبروا نفارق
فراق غير وامق
___________
فسمعها النبي صلى الله عليه وسلم
فقال :_ اللهم أنت حسبي ، بك أصول ، وبك أحول
أصبحت المعركة على الأبواب
فكان أول وقود للمعركة حين خرج رجل من قريش اسمه {{ طلحة بن أبي طلحة}} يدعو الى المبارزة وهو راكب على جمل
وكان من أقوى فرسان قريش ، وحامل لوائهم ، كان جبار عنيد من أهل قريش
وقال :_ من يبارز ؟؟؟
فلم يخرج إليه أحد وساد صمت شديد
فوثب إليه {{ الزبير بن العوام }} رضي الله عنه وارضاها ، وكان شجاعا طويلا
[[وقد ذكرنا أن المسلمون خرجوا مشي على أقدامهم ليس معهم إلا فرس واحد كان يركبه النبي صلى الله عليه وسلم ]]
فخرج الزبير على قدميه
والرجل على بعيره ، فوثب الزبير من الارض وثبة واحدة فجلس معه على بعيره
ثم أخذ سكينه عن جانبه ، وأمسك برأسه ونحره بها
فلما رأى النبي ما فعله الزبير
قال :_ الله اكبر الله اكبر
فقال الصحابة من خلفه :_ الله أكبر
فقال النبي صلى الله عليه وسلم {{ إن لكل نبي حواري وإن حواري الزبير بن عوام }}
[[ الحواري هو الشخص المقرب اي من خاصتي ]]
والذي نفسي بيده ، لو لم يبرز له الزبير لبرزت له انا
كبر المسلمون
لم يمهله {{ الزبير}} في وثبة واحدة نحره على بعيره
و بسقوط {{طلحة بن أبي طلحة }} قتيلًا وتكبير المسلمين، بدأ القتال بين الفريقين ، واشتعلت نيران المعركة في كل نقطة من ميدان القتال
______________
وانطلق المسلمون خلال جنود المشركين كالسيل
وهم يصيحون {{ أَمِت أَمِت }} وكان هذا هو شعارهم يوم أحد
[[وهو دعاء لله تعالى بانزال الموت في صفوف الكفار]]
بينما كان شعار المشركين وصياحهم
{{ يا للعزى يا لهبل }}
انطلق المسلمون خلال جنود المشركين كالسيل
قاتل المسلمون بقوة وضراوة وشراسة
وكان ثقل المعركة في أولها يدور حول لواء المشركين ، والذي كان يحمله {{ بنو عبد الدار }}
فبعد سقوط قائدهم {{طلحة بن أبي طلحة }} في المبارزة، سقط اللواء
فحمله أخوه {{ عثمان بن أبي طلحة}}
فجاء إليه {{حمزة بن عبد المطلب }}وضربه ضربة بترت يده مع كتفه حتى وصلت الى سرته
فرجع حمزة
وهو يقول :_أنا ابن ساقي الحجيج
[[ يعني ابوه عبد المطلب جد النبي كان يسقي الحجيج ]]
____________
ثم رفع لواء قريش {{ أبو سعد بن أبي طلحة }}
فأخذ {{ سعد بن ابي وقاص }} قوصه ورماه بسهم
فوقع السهم في حنجرته ، فمات من فوره
_____________
ثم رفع اللواء {{ مُسافع بن طلحة بن أبي طلحة }}
فرماه {{ عاصم بن ثابت }} بسهم فقتله
____________
ثم رفع اللواء {{ كِلاب بن طلحة بن أبي طلحة}}
فانقض عليه {{الزبير بن العوام }}
وقاتله حتى قتله
____________
هكذا حتى قتل من بني عبد الدار {{ ١٠ }}
ولم يبق منهم أحد يحمل اللواء
فتقدم غلام لهم حبشي، اسمه {{ صواب }}فقاتل عن اللواء حتى قتل
هكذا سقط لواء المشركين على الأرض من بداية المعركة
ولم يبق أحد يحمله
فبقي ساقطاً
واستبشر النبي صلى الله عليه وسلم واستبشر المسلمون، بينما انهارت معنويات جيش قريش ، وتفرقوا في كتائب متباعدة
________
كان من أبرز المقاتلين في ذلك اليوم الفارس القوي
{{ أبو دجانة }}
قبل بدء المعركة
امسك النبي صلى الله عليه وسلم بسيف
وقال :_من يأخذ هذا السيف بحقه ؟؟
فقام إليه علي بن أبي طالب
قال :_ انا يا رسول الله [[ فلم يعطه النبي السيف ]]
ثم قال النبي : _من يأخذ هذا السيف بحقه ؟؟
فقام الزبير بن العوام
قال :_ أنا يا رسول الله [[ فلم يعطه ]]
وقام عمر بن الخطاب ايضا
فلم يعطهم النبي صلى الله عليه وسلم السيف
حتى قام إليه {{ أبو دجانة }}
وقال :_ وما حقه يا رسول الله ‏؟‏
[[ هكذا عرف ابو دجانة قصد النبي ، فهو يشترط من يأخذه بحقه قام اليه رجال يقولون انا، اما ابو داجانة قال ماحقه يا رسول الله قبل ان يقول انا ]]
قال‏:‏ ‏_ ‏أن تضرب به وجوه العدو حتى ينحني [[ يتطعج ]] قال‏:‏_ أنا آخذه بحقه يا رسول الله، فأعطاه إياه
فلما بدأت المعركة
يقول الزبير بن العوام: _ وجدت في نفسي حين سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم السيف فمنعنيه
وأعطاه أبا دجانة
وقلت في نفسي:‏_ أنا ابن صفية عمته ، ومن قريش ، وقد طلبته قبله فآتاه إياه وتركني ، والله لأنظرن ما يصنع ‏؟‏
[[ يريد ان يراقب و يرى ماذا سيفعل ابو دجانة بالسيف ]]
يقول الزبير :_فاتبعته
فأخرج عصابة له حمراء فعصب بها رأسه
فقالت الأنصار:‏ _أخرج أبو دجانة عصابة الموت
[[ اهل المدينة يعرفون ابو دجانة اذا أراد ان يبلي بلاء حسن بالحرب وكانت لهم حروب من قبل الاسلام ، كان يعصب رأسه عصابة حمراء ]]
عصب ابو دجانة العصابة على راسه
وأخذ يمشي على رؤوس اصابع قدميه ، وهو يتبختر بين الصفوف ويهز سيف النبي في يده
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم
{{إنها لمشيةٌ يبغضها الله ورسوله، لو لم تكن في هذا الموطن }}
[[ أي لو غير هذا الموطن هذا المشية يكرهها الله ورسوله أما في هذا الموطن لا بأس تتبختر على اعداء الله ]]
الزبير يراقب ابو داجانة ماذا سيفعل ؟؟
يقول الزبير :_ كنت لا أبرحه [[ أي لا افارقه ]]
اكون بجانبه أقاتل ، ولكن لا أبتعد عنه حتى أرى صنيعه
فأبلى بلاءً حسناً فكان يهد الناس في سيفه هداً كأن السيف في يده منجل يحصد به قريش حصداً
يقول الزبير :_فغفلت عنه فألتفت إليه فلم أجده ،
[[ابو دجانة لم يغب ولكن عصابته الحمراء قد سقطت فظن انه غاب ، ففي المعركة لا ترى الوجوه ، الغبار في كل مكان والرجال مدججون بالسلاح لم يرى الزبير العصابة الحمراء فظن ان ابو دجانة ليس في الساحة ]]
قال الزبير :_فأقبل رجل من قريش ذا هيبة ضخم الجثة ، وهو ينادي
ويقول :_ أين محمد ؟؟
دلوني عليه؟؟
لا نجوت إذا نجا
فقلت في نفسي اين ابو دجانة ليرى هذا ؟؟
قال :_ فلما دنى تلقاه رجل من المسلمين فعلاه بالسيف على عاتقه حتى قصه بين فخذيه [[ يعني قصه بالسيف من رقبته الى بين الفخذين ]]
يقول الزبير :_ فقلت من هذا ؟؟
ليتني أعرفه وليت ابو دجانة يراه
[[ حديث نفس حتى لو تكلم به مع قعقعت السيوف هل يسمع احد احد ؟؟ ]]
قال:_ فما راعني إلا والرجل يلتفت إلي ويكشف اللثام عن وجهه
ويقول :_ انا ابو دجانة يا زبير !!!!!
____________
إنها القلوب يا عباد الله ، لم يتكلم الزبير انها القلوب المبصرة المؤمنة
هؤلاء هم رجال الله الذي قال عنهم الله
{{ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا }}
أقسم برب السموات والارض أن اليوم في امة محمد في زماننا ، وممن يقرأون السيرة ، رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه
ولكن اللهم فك الأغلال عنا ، اللهم فك الاغلال عنا
اللهم فك القيود عنا

___________
كشف اللثام عن وجهه
وقال انا ابو دجانة :_ يا زبير هل وفيت السيف حقه يا زبير
قال الزبير :_اللهم نعم
فلما بدأ القتال جعل لا يلقي أحد الا قتله، وكان اذا كل السيف ، حده بالحجارة [[ يعني كان يسن السيف بالحجارة ]]
فلم يزل يضرب به العدو حتى انحنى كأنه منجل
ثم أمعن في الصفوف حتى خلص الى نسوة قريش
وفيهم {{ هند بن عتبة }} تحمس الجيش وتحاول ان تجهز على الجريح من المسلمين وهو لا يدري بها
فلما حمل عليها بالسيف وأصبح عند مفرق راسها
قالت هند : _يا ويلاه وصرخت
فانصرف عنها {{ أبو دجانة }}
فقال الزبير لابي دجانة
لقد أعجبني امرك كله إلا أنك لم تقتل المرأة !!!
قال ابو دجانة :_ يا زبير عندما علوتها بالسيف صرخت
وقالت :_ واااا آل صخر
واذا هي هند بنت عتبة زوجة ابو سفيان [[وابو سفيان اسمه صخر بن حرب ]]
صرخت وقالت :_ وااا آل صخر
فلم يجبها احد فكرهت اأن أقتل بسيف رسول امرأة لا ناصر لها
[[هل سمع ذلك دعاة حقوق الانسان ومكارم الاخلاق نحن اصحاب مكارم الاخلاق ، وحقوق الانسان منذ بزغ فينا نور الاسلام والحمد لله ]]
____________
وكان من أبطال هذا اليوم أيضا {{ علي بن أبي طالب }} وقتل كثير من المشركين، وبعد المعركة أعطى سيفه لزوجته السيدة فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم
وقال لها اغسليه من الدماء فقد صدقني اليوم
_____________
وكان أبرز أبطال هذا اليوم أيضاً
أسد الله وأسد رسوله {{حمزة بن عبد المطلب }} والذي اندفع في قلب جيش المشركين كالأسد الهائج
يقاتل بسيفين
ودخل في قلب جيش العدو مغامرة منقطعة النظير
وكان {{حمزة }} يعلم نفسه بريشة نعامة يضعها على صدره وكان يدعو أبطال قريش لقتاله فيفرون منه

[[ وقد قلنا أن هناك عبد حبشي خرج فقط ليقتل حمزة وقد وعده سيده جبير بن مطعم أن يعتقه ان نجح في قتل حمزة وقلنا أنه قد اختار وحشي لأن عنده مهارة خاصة جدا في رمي الحراب، ولأنه يعلم أنه لا يستطيع أحد أن يقتل حمزة في مبارزة، ولا يمكن أن يقتل الا اذا رمي بحربة من مكان بعيد ]]
يقول وحشي وقد أسلم فيما بعد
جاء الجبير
وقال لي :_أترى ذلك الرجل على صدره ريشة نعام ، إنه حمزة
يقول وحشي :_ فنظرت إليه فكأنه جمل أورق
[[ يعني ضخم بين الناس كأنه جمل ، وأروق يعني الجمل الرمادي اللون، والمقصود بذلك كثرة ما حول حمزة من غبار ]]
يقول وحشي
فأخذت أراقب حمزة
فتقدم رجل من قريش ، يريد أن يقتل النبي
يصرخ ويقول :_ أين محمد دلوني عليه ؟؟
فتلقاه حمزة ثم أشاح إليه بسيفه ، فظننت انه قد أخطئه ثم مضى حمزة
[[ يعني رفع حمزة السيف ونزله ، فأعتقد وحشي ان حمزة ما ضربه بالسيف وضل ماشي حمزة ]]
يقول وحشي :_فماهي الا لحظة ، وانا انظر للرجل واقف ، ثم سقط راسه ، وسقط جسده
واذا بحمزة كان قد قص رأسه
[[ من قوة الضربة وسرعتها مضى السيف ما بين الرأس والجسد وبقي الجسد ثابت مكانه ، فسقط الرأس في جهة والجسد في جهة ولم يتوقف حمزة ]]
يقول وحشي :_ فهبته [[ خفت منه ]] كان يهد الناس بسيفه هداً، ما يقوم له أحد الا قسمه بالسيف
وسمعت حمزة يقول لأحدهم
هلم إِلي يا ابن مُقطعة البُظور
[[ وكان رجل من قريش ، أمه معروفة تختتن النساء في مكة ]]
فتقدم إليه حمزة فقتله
فأخذت أهرب منه حتى اختبأت خلف شجرة وكانت معي حربتي
حتى إذا أستمكنت منه ، هززت حربتي حتى رضيت عنها
أرسلتها فوقعت في بطنه وخرجت من ظهره
وقام متجه نحوي فلم يستطع
يقول وحشي: _فلما مات أتيته وأخذت حربتي ثم رجعت الى العسكر فقعدت فيه ، ولم يكن لي بغيره حاجة، وإنما قتلته لأعتق ، فلما قدمت مكة عتقت
وظل {{وحشي}} بعد ذلك نادماً طوال حياته على قتل {{حمزة }} فلما كانت حروب الردة اشترك فيها ، وقتل {{مسيلمة الكذاب }}
وقال : _ قتلت خير الناس وشر الناس
يتبع ان شاء الله